«الاشتراكي» يؤكد أن المصالحة في الجبل «ثابتة ومتماسكة»

TT

«الاشتراكي» يؤكد أن المصالحة في الجبل «ثابتة ومتماسكة»

طمأن مصدر نيابي في «الحزب التقدمي الاشتراكي» إلى أن المصالحة في الجبل «ثابتة ومتماسكة، وليست سطحية كما اعتبرها أحدهم يوم وضع حجر الأساس لمبنى تياره»، قائلاً لـ«الشرق الأوسط» إن «المصالحة هي الأساس الصلب بين الدروز والمسحيين بالمحبة والتوافق والتقاليد المشتركة، وليس بإثارة الأحقاد والضغائن».
وردّ المصدر على تصريحات بعض نواب «التيار الوطني الحر» بالتأكيد أن «المختارة (مقر رئيس الحزب وليد جنبلاط) أبوابها مفتوحة أمام الجميع»، مشدداً على أن «أبناء الجبل ليسوا قطاع طرق؛ بل حاول أحدهم أن يذكرنا بحروب الماضي العبثية، فكان رد الناس بالدفاع عن كرامتهم وشهدائهم وجرحاهم»، مضيفاً: «نحن طوينا صفحة الحرب ومشينا في (الطائف) مع البطريرك صفير و(القوات اللبنانية) و(الكتائب)... وغيرهم».
وكان التأزم السياسي في الجبل تلا حادثة الإشكال المسلح في قبر شمون في 30 يونيو (حزيران) الماضي، وهي حادثة يُنظر إليها على أنها «غيّرت النمط السياسي الذي كان سائداً في لبنان وقلبت المعادلات والاصطفافات السياسية».
وقال المصدر إن ما جرى من أحداث وتطورات ذكره ببداية الحرب في لبنان «يوم كانت توزع المهام والأدوار»، لكن يبدي ارتياحه للقاء المصارحة والمصالحة في قصر بعبدا الذي حصل عشية عيد الأضحى المبارك، لافتاً إلى أن زيارة جنبلاط بعد لقاء قصر بعبدا إلى منطقة قبر شمون «تحمل دلالات ورمزية ووفاء لأبناء هذه المنطقة العزيزة ولكل الجبل؛ حيث كان أبناء طائفة الموحدين الدروز ملتفين حول رئيس (الحزب التقدمي الاشتراكي)، وشعرنا عبر جولات في قرى وبلدات الجبل كوزراء ونواب (الحزب) و(اللقاء الديمقراطي) وأثناء معايدة مشايخ طائفة الموحدين الدروز، بمدى تقديرهم والتفافهم ودعمهم ومباركتهم لجنبلاط وللخطوات التي قمنا بها في سبيل الحفاظ على وحدة الجبل، وأيضاً على المصالحة التاريخية التي أرساها البطريرك الماروني نصر الله صفير ووليد جنبلاط و(القوات اللبنانية)... وسواهم».
وفي ظل القراءة للأحداث التي حصلت في الجبل، يشير المصدر إلى موقف رئيس «حزب القوات اللبنانية» سمير جعجع، و(الكتائب)، وكثير من الأحزاب والتيارات المسيحية، وموقف رئيس الحكومة سعد الحريري و«تيار المستقبل»، قائلاً: «تلك الوقفات كان لها دورها للتأكيد على أن روحية (14 آذار) السيادية والاستقلالية ما زالت قائمة، وأيضاً قطعت الطريق على الذين حاولوا أن يعتبروا أن ما حصل هو صراع درزي - مسيحي أو درزي - درزي، بينما الأمور كانت واضحة وتصب في خانة استهداف جنبلاط من قبل الفريق الممتد من (قصر المهاجرين) إلى حلفائهم في لبنان، لكن الأمور انتهت على خير، فالأسف على الذين سقطوا والشفاء العاجل للجرحى».
ودعا المصدر رداً على تصريحات بعض نواب تكتل «لبنان القوي» الذي يرأسه وزير الخارجية جبران باسيل؛ «هؤلاء لأن يتعظوا مما حصل ويقرأوا التوازنات، وليدعوا الناس تعش بأمن وسلام». وقال: «لن ندخل في مساجلات أو ردود، فنحن من احتكم للقضاء منذ اللحظة الأولى، ومن سلم المطلوبين في حادثة البساتين، ومن التزم بلقاء قصر بعبدا، ولكن ليكف هؤلاء عن هذا التهويل الذي لا يسمن ولا يغني ولا يعدو أنه فقاقيع صابون».
ويخلص المصدر مثنياً على «جهود (حكيم الجمهورية) ورجل الدولة، العالم بتوازنات هذا البلد، والضنين على أمنه واستقراره؛ أي الرئيس نبيه بري، الذي كان دوره الخير ومساعيه هي العامل الأساسي في الوصول إلى لقاء المصالحة والمصارحة الذي قد يؤسس لخطوات أخرى لاحقة تصب في خانة تحصين الجبل والبلد في مواجهة التحديات السياسية والاقتصادية».



سوء التغذية الحاد يرتفع بين الأمهات والأطفال اليمنيين

عيادة متنقلة لعلاج سوء التغذية في اليمن (الأمم المتحدة)
عيادة متنقلة لعلاج سوء التغذية في اليمن (الأمم المتحدة)
TT

سوء التغذية الحاد يرتفع بين الأمهات والأطفال اليمنيين

عيادة متنقلة لعلاج سوء التغذية في اليمن (الأمم المتحدة)
عيادة متنقلة لعلاج سوء التغذية في اليمن (الأمم المتحدة)

بينما خصصت الأمم المتحدة، حديثاً، نحو 5.4 مليون دولار لمعالجة سوء التغذية في 5 محافظات يمنية تقع مُعظمها تحت سيطرة الحوثيين، كشفت مصادر صحية عن ارتفاع مستوى سوء التغذية بمختلف أشكاله في أوساط الأمهات والأطفال دون الخامسة في عدة مناطق واقعة تحت سيطرة الانقلابيين.

وأكدت المصادر لـ«الشرق الأوسط»، أن القطاع الصحي سجل بغضون شهرين آلاف الإصابات الجديدة بسوء التغذية الحاد والوخيم في نحو 7 محافظات، أغلبها تحت السيطرة الحوثية، وهي محافظات صنعاء والحديدة وحجة وإب وريمة وعمران وتعز.

ملايين الأطفال في اليمن يعانون سوء التغذية والحرمان من اللقاحات (رويترز)

وعبَّرت المصادر ذاتها عن قلقها إزاء الارتفاع المستمر في معدلات سوء التغذية بين الأمهات والأطفال، مرجعةً ذلك إلى استمرار التدهور الاقتصادي والمعيشي الحادّ الذي تكابده مئات الآلاف من الأسر التي تعاني نقصاً حاداً في الغذاء، وانعداماً لأغلب الخدمات، بما فيها الصحية، وتوقف الرواتب واتساع رقعة الفقر والجوع والبطالة.

جاء هذا متزامناً مع تأكيد مشروع كويتي إغاثي أن ما يزيد على 8 ملايين طفل وامرأة حامل ومرضع، في نحو 13 محافظة يمنية، تم تسجيلهم مع بداية العام الحالي على أنهم مصابون بسوء التغذية وبحاجة إلى تدخلات غذائية وعلاجية عاجلة منقذة للحياة، والإشارة إلى أن هناك نحو 99 في المائة من الأسر اليمنية لا تتحمل تكلفة علاج أطفالهم من سوء التغذية.

عجز عن العلاج

يتحدث عصام محمد، أحد السكان في ريف صنعاء، عن إصابة اثنين من أولاده: مرام (8 أشهر)، وإياد (3 سنوات) بسوء التغذية الحاد، حيث يعجز حتى اللحظة عن تقديم العلاج لهما.

وقال عصام، وهو عامل بالأجر اليومي، لـ«الشرق الأوسط»، إن ابنته (مرام) تعاني من سوء التغذية منذ ولادتها، كما كانت تعاني زوجته أيضاً من المشكلة ذاتها أثناء فترة الحمل، إلى جانب مواجهتها صعوبة كبيرة أثناء الولادة، وذلك يعود (وفق قوله) إلى نقص حاد في الغذاء حُرِمت منه زوجته وأطفالها بالفترات السابقة، بسبب عدم تحصله على عمل يؤمِّن لهم لقمة العيش.

يمنية تحمل طفلة تعاني سوء تغذية تنتظر الحصول على مساعدات غذائية في صنعاء (إ.ب.أ)

وأكد عصام أنه وعائلته المكونة من 6 أفراد لا يزالون منذ عدة أشهر يتناولون وجبات طعام خفيفة ومتواضعة، منها «الخبز والشاي» أو «الخبز والزبادي» بعيداً عن تناول أي نوع من اللحوم، مُرجِعاً سبب هذا التدهور الغذائي الذي أصاب أفراد عائلته إلى عجزه عن إيجاد فرصة عمل لتأمين الغذاء الكافي لهم.

ويُعدّ سوء التغذية في اليمن من ضمن الأسباب الأولى المؤدية إلى وفاة الأمهات، والأطفال دون سن الخامسة، كما أن هذه المشكلة الصحية قد استفحلت كثيراً بسبب استمرار تدهور النظام الصحي وتوقف المساعدات الغذائية المنقذة للحياة، بالإضافة إلى عوامل أخرى، بحسب ما تؤكده التقارير الدولية.

ويفيد أحد العاملين الإغاثيين في صنعاء بأن عدداً كبيراً من الأطفال والنساء بمختلف المناطق تحت سيطرة الانقلابيين لا يزالون جراء الحرب المستمرة والممارسات الجائرة للجماعة محرومين من الضروريات الأساسية، بما في ذلك التغذية السليمة، والخدمات العلاجية، الأمر الذي ساعد بدرجة كبيرة في ارتفاع معدلات الإصابة بسوء التغذية الحاد والوخيم بين أوساطهم.

ويحذر العامل الإغاثي في حديثه لـ«الشرق الأوسط» من أن حياة الآلاف من الأطفال والنساء في اليمن باتت على المحك، لافتاً إلى أن الأغلبية منهم يعانون من مخاطر الإصابة بسوء التغذية، وهم بحاجة إلى تدخلات طارئة من قبيل ضمان الوصول إليهم وغيرهم، وتوفير الخدمات العلاجية ومختلف المساعدات، بما فيها الغذائية، لهم.

النساء اللائي يعانين من سوء التغذية في اليمن معرضات بشكل كبير لمخاطر الحمل والولادة (الأمم المتحدة)

ودفعت النساء والأطفال (وهم الأكثر ضعفاً) في اليمن طيلة الأعوام الماضية التي أعقبت الانقلاب والحرب الحوثية، أثماناً باهظة جراء شدة الفاقة والحرمان المستمر من أبسط الحقوق والاحتياجات الضرورية، مع تعرض كثير منهم للإصابة بأوبئة وأمراض مختلفة، وتعرضهم بصورة يومية لسلسلة انتهاكات وتعسفات حوثية.

انعدام الغذاء

أدى التدهور المستمر للأمن الغذائي لملايين اليمنيين إلى إعلان الأمم المتحدة عن تخصيص أكثر من خمسة ملايين دولار، لمعالجة تفاقم انعدام الأمن الغذائي في المديريات والمناطق الأكثر تضرراً في اليمن.

وقال مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية في اليمن (أوتشا) إنه تم إطلاق التخصيص الاحتياطي الأول للصندوق الإنساني لليمن بمبلغ 5.4 مليون دولار بهدف معالجة الارتفاع المتوقع في سوء التغذية نتيجة توقف توزيع المساعدات الغذائية على الأسر الضعيفة في 5 محافظات.

أسعار المواد الغذائية أصبحت باهظة الثمن بالنسبة للأسر الضعيفة في اليمن (الأمم المتحدة)

ويستهدف التخصيص توفير المساعدات الغذائية العاجلة والمنقذة للحياة لما مجموعه 267 ألف شخص في 34 مديرية تابعة لمحافظات الحديدة وحجة وريمة والضالع وتعز، حيث تُعدّ من المناطق ذات الأولوية التي تُظهِر أعلى تقارب في الاحتياجات بناءً على المؤشرات متعددة القطاعات.

وسيدعم هذا التخصيص توزيع إمدادات التغذية بقيمة 20 مليون دولار، المتوفرة بالفعل لدى «منظمة الأمم المتحدة للطفولة» و«برنامج الغذاء العالمي»، كما يأتي مكملاً لمنحة الاستجابة السريعة للصندوق المركزي لمواجهة الطوارئ البالغة 7 ملايين دولار، التي تم إطلاقها في مارس (آذار) الماضي، لكي يبدأ البرنامج عملية توزيع المساعدات الغذائية العامة، قبل موسم العجاف.

وطبقاً لبيانات المكتب الأممي، تُعد محافظة حجة اليمنية في مقدمة المحافظات المستهدفة حيث خصص لها 2.1 مليون دولار، تليها الحديدة بمليونَي دولار، ثم الضالع (503.2 ألف دولار)، وريمة (452.8 ألف دولار)، وتعز (374.3 ألف دولار). أما بالنسبة للمستفيدين فإن غالبيتهم من الأطفال وبعدد 129 ألف طفل من الجنسين، تليهم النساء بـ103.7 ألف، ثم الرجال 34.2 ألف.