بابا الأقباط: لا يوجد انقسام داخل «المجمع المقدس»

حذر الشباب المصري من «السوشيال ميديا» ودعاهم للابتعاد عن «الأصوات المشككة»

TT

بابا الأقباط: لا يوجد انقسام داخل «المجمع المقدس»

أكد البابا تواضروس الثاني، بابا الإسكندرية، وبطريرك الكرازة المرقسية، أنه «لا يوجد أي انقسام داخل (المجمع المقدس) بالكنيسة القبطية الأرثوذكسية بمصر حول قضية التعليم»، مضيفاً خلال عظته الأسبوعية من الكاتدرائية المرقسية بالإسكندرية أمس، أن «جميع أعضاء (المجمع المقدس) لديهم مسؤولية كاملة داخل المجمع؛ لكن الاختلاف في الآراء أمر طبيعي، وهناك مناقشات كثيرة، وطرح وجهات نظر متعددة لاتخاذ القرار المناسب»، كاشفاً عن أن «الأبرشيات المختلفة تمتاز بالتكافل فيما بينها، بحيث تمنح الكنائس الغنية الأخرى الفقيرة، وبعض الأبرشيات تمنح (عشورها) للأبرشية الفقيرة».
وفي مارس (آذار) الماضي، أثارت إشاعات انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي تتعلق بتحركات بعض أعضاء «المجمع المقدس» لعزل البابا تواضروس الثاني، استهجان الأقباط؛ مما دعا لجنة «شؤون الأبرشيات» بالمجمع حينها، لتأكيد محبتها واعتزازها بالبابا تواضروس. وقال القس بولس حليم، المتحدث باسم الكنيسة القبطية المصرية، حينها أيضاً، إن «الجدل الذي حدث على مواقع التواصل بشأن عزل البابا (كلام غير واقعي وكلام مرسل)».
من جهته، قال تواضروس الثاني، خلال عظته الأسبوعية أمس، إن «هدفي خدمة الكنيسة والأقباط، وإنني إذا ركزت في كل هجوم أتعرض له، فلن أستطيع التركيز في عملي»، جاء ذلك خلال رده على سؤال أحد الشباب، الذين حضروا عظته، عن السر في عمله رغم تعرضه لهجوم شديد على «السوشيال ميديا» ومواقع «التواصل الاجتماعي»، مضيفاً: «لا يوجد سر، فهدفنا هو الخدمة، وهذه هي وظيفتنا، وإذا ركزنا في كل شيء، فلن نخلص، والوقت قصير».
ويرى مراقبون أن «مواقع التواصل الاجتماعي سبق أن روجت أكاذيب وإشاعات ضد البابا، تعلقت بسياسات الانفتاح على الكنائس الأخرى، وتمكين النساء من بعض المناصب غير الدينية بالكنيسة، وهو ما تم نفيه بعد ذلك».
يشار إلى أن الكاتدرائية المرقسية بالإسكندرية، تقيم على مدار أيام صوم السيدة العذراء عظات يومية، بمشاركة عدد من أحبار الكنيسة، وجاءت عظة البابا أمس، تحت عنوان «العذراء مريم نموذج خدمة ناجح».
وفي مجمل إجابته عن سؤال حول عدم التعليق على أي قرار يصدره. أكد البابا تواضروس الثاني: «ليس كُل ما يُعمل يُقال، ويجب أن يكون الشباب لديهم الثقة الكاملة وألا يستمعوا لأصوات التشكيك»، مخاطبا الشباب بقوله: «أعرف أننا نخدم بروح الله، وفي قلبنا مخافة الله، وذات يوم سنقف أمام الله نُقدم حساب أعمالنا»، محذراً الشباب من سوء استخدام «السوشيال ميديا» وضياع الوقت عليها، داعياً الشباب «للانتباه من عدم إضاعة الوقت على (السوشيال ميديا) وترشيد الاستخدام».
وفي أغسطس (آب) عام 2018، قرر البابا تواضروس الثاني، طي صفحته الرسمية على «فيسبوك»، معلناً عن ذلك بتدوينة أخيرة نشرها على صفحته، وذلك بعد ساعات من وضع الكنيسة القبطية الأرثوذكسية ضوابط جديدة على «الرهبنة» داخل الأديرة.
وقال بابا الأقباط حينها في تدوينته الأخيرة على «فيسبوك»، إن «الوقت أثمن عطية يعطيها الله لنا يومياً، ويجب أن نحسن استخدامها، والمسيحي يجب أن يقدس وقته، والراهب يترك كل شيء لتصير الحياة كلها مقدسة للرب»، مضيفاً: «ضياع الوقت في الاهتمام بمواقع التواصل الاجتماعي، صار مضيعة للعمر والحياة والنقاوة».
وأكد البابا تواضروس في عظته الأسبوعية أمس، أن «كُل الكنائس المسيحية حول العالم تريد الوحدة»، مشيراً إلى أن «الكنيسة القبطية الأرثوذكسية ليست وحدها التي تريد الوحدة... فالوحدة بين الكنائس قائمة على وحدة الإيمان»، موضحاً أنه «حتى الآن ما زالت المناقشات قائمة ولم تنته إلى قرار بعد». في غضون ذلك، قال بابا الأقباط، إنه «لا يوجد قانون لمنع الملابس غير اللائقة داخل الكنيسة، وإن الإنسان يجب أن يخشى الله دون قانون»، موضحاً في الوقت ذاته أن «الإسكندرية أصبحت مدينة مُتسعة، ولذلك تم تقسيمها إلى 4 مناطق رعوية، تضم عددا كبيرا من الكهنة، يترأسهم أحد الأساقفة»، مشدداً على حياة الخدمة الصادقة؛ قائلاً إن «الفهلوة - على حد تعبير البابا - لا تصلح للخدمة، ويجب العمل الأمين للخادم الناجح».



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».