تركيا تستبعد إخراجها من مشروع المقاتلة الأميركية «إف 35»

أكدت أن طياريها المتدربين عليها لا يزالون في الولايات المتحدة

TT

تركيا تستبعد إخراجها من مشروع المقاتلة الأميركية «إف 35»

اعتبرت تركيا أنه لا يمكن إخراجها تماما من مشروع مشترك، يشرف عليه حلف شمال الأطلسي (ناتو) لإنتاج وتطوير المقاتلة الأميركية «إف 35»، وذلك على خلفية شرائها منظومة الدفاع الجوي الصاروخية الروسية «إس 400».
وقال وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو في مؤتمر صحافي مع وزيرة خارجية سيراليون نبيلة تونيس في أنقرة أمس، إن إخراج أنقرة من مشروع المقاتلة الأميركية «أمر غير وارد». مضيفا أن الطيارين الأتراك، الذين أرسلتهم بلاده للتدريب على المقاتلة الأميركية، لا يزالون في الولايات المتحدة.
وكانت الإدارة الأميركية قد أعلنت إخراج تركيا من برنامج مقاتلات «إف 35» الأميركية، بعدما تلقت الشهر الماضي أجزاء من المنظومة الدفاعية الروسية، التي تعد واحدة من أكثر منظومات الدفاع الجوي تطورا في العالم، والمملوكة للحكومة الروسية. ورد الرئيس التركي رجب طيب إردوغان على الخطوة الأميركية بأن بلاده ستتوجه لشراء مقاتلات من مكان آخر، إذا لم تسمح لها الولايات المتحدة بشراء مقاتلاتها «إف 35».
وقال وزير الدفاع التركي خلوصي أكار الثلاثاء الماضي إن أنقرة ستتسلم معدات البطارية الثانية من منظومة الدفاع الصاروخي الروسية «إس 400» من روسيا، خلال أغسطس (آب) الجاري أو سبتمبر (أيلول) المقبل. وتلقت تركيا في 12 من يوليو (تموز) الماضي، عبر جسر جوي مع روسيا، معدات البطارية الأولى من منظومة الدفاع الصاروخي الروسية، التي أثارت جدلا شديدا مع الولايات المتحدة. كما ذكرت تقارير أن السلطات التركية تدرس إمكانية شراء طائرات مقاتلة روسية، متعددة المهام من طراز «سو 35»، بعد قرار واشنطن إبعادها من مشروع إنتاج وتطوير المقاتلات الأميركية «إف 35».
وسبق أن صرح سيرغي تشيميزوف، رئيس اتحاد شركات «روستيخ» الروسية للصناعات العسكرية، بأن روسيا على استعداد لتوريد مقاتلات «سو 35» متعددة المهام إلى تركيا، إذا أعربت الأخيرة عن رغبتها في ذلك.
في السياق ذاته، حذرت مجلة «ناشيونال إنتيرست» الأميركية، أمس، من ارتماء تركيا في أحضان روسيا حال فرضت الولايات المتحدة عقوبات اقتصادية عليها لشرائها صواريخ «إس 400». ورأت أن العقوبات لن تؤدي إلى خضوع تركيا، خاصة بعد أن مضت قدماً في صفقة الصواريخ، وهددت بأنها ستتخذ إجراءات انتقامية في حال تعرضها لعقوبات. مشيرة إلى أن تركيا ستعاني كثيراً من أي عقوبات أميركية شديدة، نتيجة المصاعب الاقتصادية التي تواجهها، وتراجع عملتها (الليرة التركية) بنحو 40 في المائة في العامين الماضيين.
وأضافت المجلة في تقريرها أن «إخراج تركيا من برنامج تصنيع المقاتلة الأميركية «إف 35»، ردّاً على شرائها صواريخ «إس 400» كان ردّاً مناسباً من قبل واشنطن. لكن تركيا قد تعتبر قيام الإدارة الأميركية باستهداف اقتصادها بعقوبات مشددة بسبب مشتريات عسكرية بأنه خطوة غير متناسبة وعدائية».
ولم يقرر الرئيس الأميركي دونالد ترمب بعد ما إذا كانت عقوبات قانون «مكافحة أعداء أميركا بالعقوبات» (كاتسا) ستطبق على تركيا. لكن وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو قال إن «هناك مزيداً من العقوبات، التي يمكن فرضها، لكن الأمر الذي نوده فعلاً هو ألا يتم تفعيل منظومة (إس 400)... (هذا هو هدفنا)». لافتا إلى أن واشنطن «طلبت هذا الأمر من تركيا مراراً وتكراراً. وهذا ما تحدثنا به مع الأتراك طوال أشهر. فقد قلنا لهم بكل بساطة: هذا لا يتوافق مع مقاتلات (إف 35)».
وأظهر ترمب موقفاً متردداً بشأن فرض عقوبات على تركيا في أكثر من مناسبة، حتى عند إعلان واشنطن عن بدء إخراج تركيا من برنامج إنتاج «إف 35». وألقى باللوم على إدارة أوباما في هذا الشأن، مشيراً إلى أنها المسؤولة عن عدم بيع تركيا لمنظومة الدفاع الجوي الأميركية «باتريوت». فيما قالت وزارة الخارجية الأميركية إنه لا وجود لجدول زمني لفرض عقوبات محتملة ضد تركيا بسبب شرائها أسلحة روسية.
وذكرت المجلة الأميركية أنه «من المرجح أن يثير أي قرار بفرض عقوبات اقتصادية من قبل الإدارة الأميركية غضب تركيا، ويدفعها إلى الرد، فيما سيشكل أيضاً حافزاً لأنقرة للتقارب أكثر وأكثر مع روسيا ودول أخرى منافسة للولايات المتحدة».
واعتبر التقرير أن قوة العقوبات الأميركية ليست في العقوبات نفسها، بل في «التعهد برفع تلك العقوبات». مشيراً إلى أن عملية رفع العقوبات في الولايات المتحدة تعتبر بطيئة جدّاً، وأن عليها أن تسعى إلى تغيير نظام العقوبات لتسريع أي قرار برفعها.
كما رأى التقرير أنه «ينبغي أن يشكل النزاع الحالي مع تركيا حافزاً للإدارة الأميركية، للسعي إلى إصلاح نظام العقوبات من أجل أن يكون أكثر فاعلية، ويعطي النتائج المرجوة».



غروندبرغ في صنعاء لحض الحوثيين على السلام وإطلاق المعتقلين

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

غروندبرغ في صنعاء لحض الحوثيين على السلام وإطلاق المعتقلين

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

بعد غياب عن صنعاء دام أكثر من 18 شهراً وصل المبعوث الأممي هانس غروندبرغ إلى العاصمة اليمنية المختطفة، الاثنين، في سياق جهوده لحض الحوثيين على السلام وإطلاق سراح الموظفين الأمميين والعاملين الإنسانيين في المنظمات الدولية والمحلية.

وجاءت الزيارة بعد أن اختتم المبعوث الأممي نقاشات في مسقط، مع مسؤولين عمانيين، وشملت محمد عبد السلام المتحدث الرسمي باسم الجماعة الحوثية وكبير مفاوضيها، أملاً في إحداث اختراق في جدار الأزمة اليمنية التي تجمدت المساعي لحلها عقب انخراط الجماعة في التصعيد الإقليمي المرتبط بالحرب في غزة ومهاجمة السفن في البحر الأحمر وخليج عدن.

وفي بيان صادر عن مكتب غروندبرغ، أفاد بأنه وصل إلى صنعاء عقب اجتماعاته في مسقط، في إطار جهوده المستمرة لحث الحوثيين على اتخاذ إجراءات ملموسة وجوهرية لدفع عملية السلام إلى الأمام.

وأضاف البيان أن الزيارة جزء من جهود المبعوث لدعم إطلاق سراح المعتقلين تعسفياً من موظفي الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية والمجتمع المدني والبعثات الدبلوماسية.

صورة خلال زيارة غروندبرغ إلى صنعاء قبل أكثر من 18 شهراً (الأمم المتحدة)

وأوضح غروندبرغ أنه يخطط «لعقد سلسلة من الاجتماعات الوطنية والإقليمية في الأيام المقبلة في إطار جهود الوساطة التي يبذلها».

وكان المبعوث الأممي اختتم زيارة إلى مسقط، التقى خلالها بوكيل وزارة الخارجية وعدد من كبار المسؤولين العمانيين، وناقش معهم «الجهود المتضافرة لتعزيز السلام في اليمن».

كما التقى المتحدث باسم الحوثيين، وحضه (بحسب ما صدر عن مكتبه) على «اتخاذ إجراءات ملموسة لتمهيد الطريق لعملية سياسية»، مع تشديده على أهمية «خفض التصعيد، بما في ذلك الإفراج الفوري وغير المشروط عن المعتقلين من موظفي الأمم المتحدة والمجتمع المدني والبعثات الدبلوماسية باعتباره أمراً ضرورياً لإظهار الالتزام بجهود السلام».

قناعة أممية

وعلى الرغم من التحديات العديدة التي يواجهها المبعوث الأممي هانس غروندبرغ، فإنه لا يزال متمسكاً بقناعته بأن تحقيق السلام الدائم في اليمن لا يمكن أن يتم إلا من خلال المشاركة المستمرة والمركزة في القضايا الجوهرية مثل الاقتصاد، ووقف إطلاق النار على مستوى البلاد، وعملية سياسية شاملة.

وكانت أحدث إحاطة للمبعوث أمام مجلس الأمن ركزت على اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، مع التأكيد على أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام ليس أمراً مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وأشار غروندبرغ في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

الحوثيون اعتقلوا عشرات الموظفين الأمميين والعاملين في المنظمات الدولية والمحلية بتهم التجسس (إ.ب.أ)

وقال إن العشرات بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

يشار إلى أن اليمنيين كانوا يتطلعون في آخر 2023 إلى حدوث انفراجة في مسار السلام بعد موافقة الحوثيين والحكومة الشرعية على خريطة طريق توسطت فيها السعودية وعمان، إلا أن هذه الآمال تبددت مع تصعيد الحوثيين وشن هجماتهم ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن.

ويحّمل مجلس القيادة الرئاسي اليمني، الجماعة المدعومة من إيران مسؤولية تعطيل مسار السلام ويقول رئيس المجلس رشاد العليمي إنه ليس لدى الجماعة سوى «الحرب والدمار بوصفهما خياراً صفرياً».