بكين تستعين باللغة ضد المتظاهرين في هونغ كونغ

أدخلت مصطلحاً جديداً إلى قاموس الألفية الثالثة بتصنيفها الاحتجاجات بـ«العمل القريب من الإرهاب»

TT

بكين تستعين باللغة ضد المتظاهرين في هونغ كونغ

أدخلت الحكومة الصينية مصطلحا جديدا إلى قاموس الألفية الثالثة بتصنيفها الاحتجاجات، التي أفضت إلى الإخلال بحركة مطار هونغ كونغ، بالعمل «القريب من الإرهاب».
فقد رأى مكتب شؤون هونغ كونغ وماكاو أن المظاهرات والاعتصامات، التي نظمها معارضو مشروع قانون يقضي بترحيل المدانين أمام محاكم المنطقة الإدارية الخاصة إلى سجون البر الصيني: «أعمالا قريبة من الإرهاب»، بعدما انهال المتظاهرون بالضرب على شخص اشتبهوا بأنه مخبر للشرطة، وهاجموا شرطيا وانتزعوا هراوته، ما حمله على رفع مسدسه في وجه المهاجمين، وهو ما أثّر سلبا على تعاطف الرأي العام المحلي مع قضيتهم.
لا ينبغي للبساطة الظاهرة في البيان الرسمي الصيني أن تحوّل الأنظار عن تعقيد مضمونه، الذي لا يقل عن كونه مدخلا إلى متاهة من التعريفات والمصطلحات، التي ستفيد بكين في سياق قمعها لحركة الاحتجاج. فالإرهاب في اللغة السياسية الصينية يتجاوز استخدام العنف ضد المدنيين، أو لتحقيق تغيير في السلطة والمجتمع ليصل إلى تهديد الاستقرار، ونشر بذور الفوضى، وهذه من المحرمات وفق منظومة القيم، التي تبناها الحزب الشيوعي الصيني الحاكم بعدما استعادها من الإرث «الآسيوي»، الذي أعاد قادة بكين اكتشافه. وبديهي أن الدولة سترد على «الأعمال القريبة من الإرهاب» المذكورة في البيان، باللجوء إلى «أعمال قريبة من الحرب على الإرهاب».
ما يهم هنا هو سهولة انضواء «الأعمال القريبة من الإرهاب»، كمصطلح في قائمة تزداد اتساعا من التعابير المستخدمة في الفضاء السياسي والإعلامي، والتي لا تعدم إمكانات تأصيلها المعرفي والمفهومي، والمساهمة في رسم الآفاق التي يتحرك نحوها العالم المعاصر.
فقبل ثلاثة أعوام اعتمد قاموس أكسفورد عبارة «ما بعد الحقيقة» كجملة العام 2016 بعد «الارتفاع الصاروخي» في استخدامها ضمن الأجواء، التي أحاطت بالاستفتاء على خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي «بريكست»، والحملة الانتخابية الرئاسية الأميركية. و«ما بعد الحقيقة» تشير إلى تضاؤل دور الحقائق الموضوعية في صنع الرأي العام لمصلحة المشاعر والعواطف والأحكام المسبقة، التي تكتسب الأهمية ذاتها التي تكتسبها الحقيقة المجردة.
وذهبت كيليان كونواي، مستشارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب، إلى وصف أرقام كاذبة قدمها المتحدث الأسبق باسم البيت الأبيض شون سبايسر عن أعداد المشاركين في احتفال تنصيب ترمب، بأنها «وقائع بديلة»، حيث يجوز - بحسب منطق كونواي - تزوير المعطى الموضوعي، وهو في هذه الحالة عدد البشر، الذين شاركوا في تجمع معيّن، إذا صب التزوير هذا في خدمة غاية سياسية، كتعزيز مكانة الرئيس الجديد. وبذلك تساهم «الوقائع البديلة» في تكريس «ما بعد حقيقة» جديدة، يجوز تسويقها بين جمهور قليل الاطّلاع على تفاصيل الحدث المطلوب تغطيته.
وعلى هذا النحو يسير تضخيم أعداد المهاجرين من أفريقيا وآسيا إلى أوروبا ومن أميركا اللاتينية إلى الولايات المتحدة، واتهامهم «باجتياح» المجتمعات الغربية - على ما ورد في بيان الإرهابي الذي نفذ هجوم إلباسو قبل نحو أسبوعين - ونشر الجريمة والمخدرات والانحطاط العام على ما يردد أنصار اليمين الشعبوي والمتطرف ليل نهار.
وتغذي مناخات استباحة الحقيقة والموضوعية، والاستخدام السهل للأكاذيب كأدوات في الدعاية السياسية، وهو ما يحمل الكثير من الشبه بأعمال «البروباغندا»، التي صُنفت فنا من فنون الأنظمة الشمولية، قدرات القوى الساعية إلى الانفلات من كل أنواع الرقابة المجتمعية، التي يفترض أن تخضع لها إذا كانت الديمقراطية هي مرجعها السياسي.
حالة هونغ كونغ الاستثنائية، حيث تعيش الديمقراطية في «المنطقة الإدارية الخاصة» تحت مظلة شمولية الحزب الواحد الحاكم في البر الصيني، قد تكون الأخصب في توليد المفارقات بين نهجين متعارضين تعارضا عميقا. وإذا كانت القوى الديمقراطية في هونغ كونغ أضعف كثيرا من أن تخوض مواجهة مفتوحة مع مؤيدي تعزيز العلاقات مع بكين، ناهيك عن التصدي للصين ذاتها، إلا أن الاحتجاجات المتقطعة في الإقليم منذ سنوات، والتي تتمحور حول العلاقة مع الصين، ورغبة هذه في الاستحواذ على المزيد من النفوذ في هونغ كونغ، تفسر لجوء بكين إلى نوع من البهلوانيات اللغوية على طريقة «أعمال قريبة من الإرهاب». فهي لا تملك إثباتا دامغا على سلوك المتظاهرين المسلك الإرهابي في المطار، ولا تستطيع بالتالي، تبرير العنف، الذي قد تلجأ إليه سلطات هونغ كونغ. لكنها في الوقت عينه لا تطيق ترك الأمور على غاربها بين أيدي المحتجين والمتظاهرين. وهنا تدخل اللغة كمنجد ومنقذ من الواقع الموسوم بالحيرة والارتباك، لتصوغ المخرج اللفظي الممهد للفعل المادي: «الأعمال القريبة من الإرهاب» كتمهيد لشن حرب على الإرهاب إذا لزم الأمر.



الأمطار الغزيرة تقطع الكهرباء عن آلاف الأستراليين

شجرة سقطت جراء الأحوال الجوية السيئة في فايف دوك بسيدني (إ.ب.أ)
شجرة سقطت جراء الأحوال الجوية السيئة في فايف دوك بسيدني (إ.ب.أ)
TT

الأمطار الغزيرة تقطع الكهرباء عن آلاف الأستراليين

شجرة سقطت جراء الأحوال الجوية السيئة في فايف دوك بسيدني (إ.ب.أ)
شجرة سقطت جراء الأحوال الجوية السيئة في فايف دوك بسيدني (إ.ب.أ)

انقطعت الكهرباء عن عشرات الآلاف من الأشخاص في ولاية نيو ساوث ويلز الأسترالية اليوم (السبت) بعد أن جلب نظام ضغط منخفض رياحاً مدمرة وأمطاراً غزيرة، مما أثار تحذيرات من حدوث فيضانات، وفقاً لوكالة «رويترز».

وقالت شركة الكهرباء «أوسجريد» على موقعها الإلكتروني صباح اليوم إن الكهرباء انقطعت عن نحو 28 ألف شخص في سيدني، عاصمة الولاية وأكبر مدينة في أستراليا، كما انقطعت الكهرباء عن 15 ألف شخص في مدينة نيوكاسل القريبة ومنطقة هانتر.

وكشف جهاز خدمات الطوارئ بالولاية على موقعه الإلكتروني أنه تلقى ألفين و825 اتصالاً طلباً للمساعدة منذ أمس (الجمعة)، معظمها يتعلق بأشجار متساقطة وممتلكات تضررت بسبب الرياح.

وذكرت هيئة الأرصاد الجوية في البلاد أن تحذيرات من الفيضانات والرياح المدمرة والأمطار الغزيرة صدرت في العديد من أجزاء الولاية، مضيفة أن من المحتمل أن تهب رياح تصل سرعتها إلى 100 كيلومتر في الساعة فوق المناطق الجبلية.

وأشارت وسائل إعلام محلية إلى أن هذه التحذيرات تأتي بعد أن تسببت العواصف في الأسبوع الماضي في سقوط الأشجار وخطوط الكهرباء وتركت 200 ألف شخص من دون كهرباء في نيو ساوث ويلز.