التجارب السينمائية الأولى لشباب المخرجين تمثل مصر في المهرجانات العالمية

بتكاليف منخفضة وإنتاج مستقل

لقطة من فيلم «بعلم الوصول»
لقطة من فيلم «بعلم الوصول»
TT

التجارب السينمائية الأولى لشباب المخرجين تمثل مصر في المهرجانات العالمية

لقطة من فيلم «بعلم الوصول»
لقطة من فيلم «بعلم الوصول»

استطاعت الأفلام المستقلة في مصر خلال السنوات الأخيرة، تحقيق إنجازات كبيرة، بعد مشاركتها في عدد من المهرجانات العالمية الكبرى، وتمثيل مصر بها، رغم أن معظمها يعد أولى تجارب هؤلاء المخرجين في عالم الأفلام الروائية الطويلة، على غرار أفلام «يوم الدين» للمخرج أبو بكر شوقي، الذي شارك العام الماضي في المسابقة الرسمية لمهرجان كان 2018. وفيلم «أخضر يابس» الذي شارك في مسابقة سينما الحاضر بمهرجان لوكارنو عام 2017. وهذا العام جاء فيلم «بعلم الوصول» ليواصل المسيرة بالمشاركة في مسابقة «اكتشافات» بمهرجان تورونتو سبتمبر (أيلول) المقبل. لكن هذه التجارب تظل فردية، وتقل درجة الاهتمام بها مع مرور الوقت. «الشرق الأوسط» استمعت إلى صناع هذه التجارب، لتقييم أوضاع السينما المستقلة في مصر في الفترة الحالية.
دينا إمام منتجة فيلم «يوم الدين»، تقول لـ«الشرق الأوسط»: «إن المخرج الذي يصنع فيلماً من أمواله الخاصة أو بالبحث عن تمويل من صناديق سينمائية ومهرجانات، هو نوع خاص من المخرجين يستخدم الإبداع في تجاوز عقبات الميزانيات المنخفضة، ولا يستخدم المال في علاج المشكلات. هؤلاء لا يصنعون أفلامهم بهدف المشاركة في مهرجانات وحصد الجوائز، ليصبحوا مشاهير، وإنما يصنعونها لأنهم صادقين في تقديم أفكارهم، دون البحث عن استعادة الأموال التي أنفقت، ومن هنا يتحقق النجاح».
وأوضحت دينا إمام، أن عدم وجود منتجين متحمسين أو جهات تدعم هذه التجارب ينهي مشوار كثير من مخرجي السينما المستقلة، فالدعم في مصر منحصر بين ما يقدمه مهرجاني «الجونة» و«القاهرة» السينمائيين، بالإضافة إلى مؤسسة ساويرس الثقافية، وذلك بعد أن توقف الدعم الذي كانت تقدمه وزارة الثقافة، والذي ينتظر السينمائيون الشباب عودته لمساعدتهم في تنفيذ تجاربهم، خاصة أن مجرد حصول مخرج على جائزة محلية أو دولية تساعده في الحصول على جوائز أخرى لاستكمال فيلمه.
ولفتت إلى أن المخرجين المستقلين ربما يقدموا تجاربهم الأولى من أموالهم الخاصة، لكنهم بالتأكيد لن يستطيعوا الاستمرار بهذا الشكل، وبالتالي يجب أن يكون هناك منتجون مؤمنون بأفكار مخرجي ومؤلفي السينما المستقلة، ويخوضون معهم التجربة بكل ما تحمله من مخاطرة، لأن المخرجين الشباب يتعطلون سنوات بسبب عدم وجود ميزانية تساعدهم في صناعة أفلامهم.
أما المخرج محمد حماد، صاحب تجربة «أخضر يابس» فإنه يصف الفرحة الحالية بمشاركة جيل من صناع الأفلام بالمهرجانات الدولية بـ«الأمر البائس»، لأن البعض ينسى بذلك أن فرحة مشابهة صاحبت جيل المخرج الراحل أسامة فوزي بعد مشاركته بفيلمي «عفاريت الأسفلت» و«جنة الشياطين» في مسابقة مهرجان لوكارنو، وكذلك المخرج عاطف حتاتة الذي شارك بفيلمه الرائع «الأبواب المغلقة» في مسابقة آفاق بمهرجان فينيسيا، وأمثلة أخرى كثيرة، مشدداً على أن وصول هؤلاء المخرجين بأفلامهم إلى منصات دولية لم يمكن مخرجاً مثل أسامة فوزي من إنجاز فيلمه قبل أن يرحل، وكذلك الحال بالنسبة لعاطف حتاتة الذي لم يستطع إنجاز فيلمه الثاني حتى الآن، والمثير أن البعض يأتي بعد سنوات يتساءل أين ذهب هذا الجيل الرائع من المخرجين.
ويوجد بمصر ثلاثة أشكال فقط لإنتاج الأفلام، الأول يعتمد على تمويل الدولة، ممثلة في منح وزارة الثقافة، وهذا الشكل مُعطل في الوقت الحالي، والثاني؛ يعتمد على دعم وتمويل خارجي كان في الغالب يحصل عليه المخرج من صناديق مثل «إنجاز»، و«سند» والتي توقفت ولم يتبق منها سوى منح مهرجاني «القاهرة» و«الجونة» وهي ضعيفة، لا يمكن الاعتماد عليها لأنها لا تغطي إلا جزءاً بسيطاً من ميزانية الأفلام، الأمر الذي يهدد هذه النوعية من الأفلام بالانقراض، أما الشكل الثالث وفق ما يقوله حماد فإنه السينما التجارية التقليدية التي يقوم فيها المخرج والمؤلف بمخاطبة المنتج وليس الجمهور.
وأضاف حماد: «افتقاد التنوع والاختلاف في الإنتاج السينمائي يؤدي بشكل بديهي إلى افتقاد الجودة، ويضاف إلى ما سبق أزمة التوزيع الذي تحكمه وجهة نظر أحادية الاتجاه لا تعترف بأي تجربة سينمائية مغايرة، فتقابل الأفلام المستقلة عادة بالرفض بل ومن الممكن أن تحاربها حتى وإن لاقت نجاحاً جماهيرياً».
وأعلن مهرجان تورونتو الدولي أخيراً عن مشاركة فيلم «بعلم الوصول» في مسابقة اكتشافات، بمهرجان «تورونتو»، وهو أول تجربة سينمائية للمخرج المصري هشام صقر.
الناقد السينمائي محمود عبد الشكور يقول لـ«الشرق الأوسط»، إن «الأفلام المستقلة حتى الآن لم تستطع أن تتطور لمنظومة إنتاجية وتوزيعية توازي السينما السائدة، وذلك منذ بدايتها مع التجارب الأولى للمخرج إبراهيم البطوطي (إيثاكي) و(عين شمس)، وكذلك أحمد عبد الله بـ(هليوبوليس) و(ميكروفون)».
وأضاف أن «الأفلام التي تمثل السينما المصرية في المهرجانات الدولية، جميعها للأسف مبادرات فردية، قائمة على رغبة صناعها في تقديم سينما مختلفة وسط هذا الكم الهائل من الأفلام التجارية، مطالباً بأن يكون للسينما المستقلة مساحات في العرض وتقديم نجومها ومخرجيها، كما هو الحال في أميركا التي صنعت لهذا النوع من الأفلام مهرجاناً خاصاً هو (صندانس)، بالإضافة إلى قنوات تعرضها».
ورغم امتلاك وزارة الثقافة المصرية موارد مالية تمكنها من دعم هذه التجارب، فإنه لا تتوفر لديها إرادة لتحقيق ذلك، وفق عبد الشكور الذي قال إنه من الطبيعي أن يحصل شباب السينمائيين الواعدين على دعم من الدولة المصرية بدلاً من البحث عن تمويل لتجاربهم في الخارج، خاصة أن ميزانيات أفلامهم منخفضة جداً، وتعتمد بشكل أساسي على الفكر وليس المال».



نوران أبو طالب لـ«الشرق الأوسط»: لا أسعى لتقليد أحد

نوران أول مطربة عربية تغني في حفل منظمة الفاو ({الشرق الأوسط})
نوران أول مطربة عربية تغني في حفل منظمة الفاو ({الشرق الأوسط})
TT

نوران أبو طالب لـ«الشرق الأوسط»: لا أسعى لتقليد أحد

نوران أول مطربة عربية تغني في حفل منظمة الفاو ({الشرق الأوسط})
نوران أول مطربة عربية تغني في حفل منظمة الفاو ({الشرق الأوسط})

أكدت المطربة المصرية نوران أبو طالب أنها تحمست كثيراً لفكرة تقديم «ميدلي» من أغاني الأفلام في حفل افتتاح مهرجان «الجونة السينمائي» الذي شاركت فيه بالغناء مع المطربين محمد الشرنوبي وهنا يسري، مؤكدة أنها تتطلع لدخول مجال التمثيل وتقديم أعمال موسيقية في السينما.

وأضافت في حوارها مع «الشرق الأوسط» أنها بدأت كمطربة بإعادة أغنيات معروفة، واختارت أغنية «شبابيك»، كما أن الفنان محمد منير دعاها لتغني معه الأغنية، وأشارت إلى أنها تعمل بشكل مستقل مع فرقتها بعدما رفضت احتكار بعض شركات الإنتاج، وتجمع نوران بين الغناء وتأليف وتلحين بعض أغنياتها، وتؤكد أنها لا تسعى لتقليد نجوم الأغنية العربية.

نوران والفنان محمد الشرنوبي في حفل افتتاح مهرجان الجونة ({الشرق الأوسط})

وتقول عن حفل افتتاح مهرجان الجونة: «تحمست له لأنني من محبي أغاني الأفلام وتترات المسلسلات التي تظل في وجدان الناس رغم مرور السنوات، كما أن المُلحن ماهر الملاخ أعدّ الموسيقى بشكل لطيف، وقدمنا عرضاً موسيقياً متكاملاً مع الراقصين؛ لمحاكاة المشاهد الدرامية التي تخللت الغناء».

وتلفت نوران إلى أن أول أغنية خاصة بها كانت «تتر» مسلسل «علامة استفهام» الذي عُرض في رمضان 2019، وقامت هي بوضع ألحانها مع الموسيقي سامر جورج، كما غنت تتر مسلسلين آخرين هما «بيت فرح» و«كل يوم».

تكتب وتلحن بعض أغنياتها لكنها لاتحتكر موهبتها ({الشرق الأوسط})

وتؤكد المطربة الشابة أن «الموسيقى والشعر والمسرح كان لها حضور كبير في بيتنا منذ طفولتي، بتأثير والدتي الدكتورة نسرين رشدي عميدة معهد الكونسرفتوار حالياً، ووالدي الدكتور أسامة أبو طالب رئيس البيت الفني للمسرح الأسبق»، وتضيف: «أراد والدي أن يوجهني للشعر والموسيقى، وقال لي (جربي أن تلحني أحد الدواوين)، وكان عمري 9 سنوات حيث قمت بتلحين عدة قصائد من ديوان للشاعر سيد حجاب».

ورغم دراستها القانون، فإنها كانت تدرس أيضاً الموسيقى طوال الوقت؛ فدرست آلة العود وتعرفت على موسيقيي الفرق المستقلة، وتقول: «في لحظة شعرت أنني لا بد أن أغني، كان ذلك بتشجيع من موسيقيين كبار مثل الراحل صلاح عرام، وراجح داود ويحيى خليل وفتحي سلامة، كما كانت والدتي تشجعني لكنها لم تتوقع أن أحترفه».

عندما غنت شبابيك مع المطرب محمد منير ({الشرق الأوسط})

بدأت نوران الغناء بإعادة تقديم أغنيات مطربين آخرين ولكن بشكل مختلف، وكانت أول أغنية تقدمها هي «شبابيك» لمحمد منير التي تراها «أغنية حزينة جداً لكن موسيقاها بها قدر من الحماس»، وقد عرفها الجمهور من خلالها ونشرتها على حسابها بـ«فيسبوك»، وسمعها المطرب الكبير محمد منير فدعاها لتشاركه غناءها في حفل عُرض «أونلاين» خلال جائحة «كوفيد 19».

وتشير نوران إلى أن أحدث أغنياتها المصورة التي طرحتها عبر مختلف المواقع الموسيقية «ليلة» هي من كتبت كلماتها، وقبلها قدمت أغنية «في ظروف تانية»، وأنها سجلت 8 أغانٍ تنوي طرحها ضمن ألبوم، خصوصاً بعد نجاح ألبوم أنغام والمطرب «تو ليت» اللذين طرحا أخيراً عبر «السوشيال ميديا»، مما يشجع لعودة فكرة الألبوم مجدداً، وفق قولها.

الموسيقى والشعر والمسرح كان لها حضور كبير في بيتنا منذ طفولتي

نوران أبو طالب

وقدمت نوران حفلات عدة بالأوبرا ومكتبة الإسكندرية ومسارح الجامعة الأميركية، كما غنت قبل أيام في روما خلال حفل المنتدى السنوي لمنظمة «الفاو» كأول مصرية وعربية تقدم أغنية المنتدى، وتقول عن ذلك: «سعدت جداً بهذا الحفل وقدمت خلاله أغنية حماسية للشباب الذين جاءوا من مختلف بلدان العالم وتضمنت جزءاً بالعربية وآخر بالإنجليزية، وأحدثت صدى أسعدني»، كما أحيت حفلات بالدنمارك والأردن والبحرين، وأكدت أنه «من المهم لكل مغنٍ أن يكون له تواجد على الأرض بين الجمهور».

وكونت المطربة المصرية فرقة موسيقية تضم 5 عازفين، وتوضح أنها «لا تعتبر فرقتها مجرد موسيقيين يصاحبونها بل هم جزء مما تقدمه».

جديدي أغنية «كان لك معايا» وستطرح على جميع المنصات الموسيقية

نوران أبو طالب

وعن خوضها تجربة تلحين بعض أغنياتها تقول: «وجدت نفسي أرغب في خوض هذه التجربة، وقد شجعني عليها موسيقيون لديهم خبرة مثل سامر جورج وهاني بدير ومصطفى سعيد، خصوصاً أن التلحين اختلف عما كان عليه في الماضي، حين كان المطرب يذهب للملحن ويبحث لديه عن أغان جديدة، الآن هناك فنانون يجمعون بين الغناء والتلحين، وفي الفرق المستقلة بعض المطربات يضعن ألحانهن، سواء في مصر أو العالم العربي، لكنني أيضاً أحب التعامل مع ملحنين آخرين».

تؤكد نوران اعتزازها بأنها قدمت أعمالاً تشبهها لكنها قد تتغير في أي وقت؛ لأن الإنسان نفسه يتغير، كما تعتز بأنها لم تسع لتقليد أحد ولم تقدم أي أغنية لإحداث «فرقعة»، مؤكدة: «لدي مشروعي الفني الذي أشعر بالمسؤولية تجاهه، لأنني أتعامل مع تجربتي بشكل مستقل».

وكشفت المطربة المصرية عن طرحها أغاني جديدة من بينها «كان لك معايا» من كلمات مصطفى ناصر وألحان تيام، وستطرحها على كل المنصات الموسيقية، كما تخوض تجربة التمثيل عبر أعمال تختار من بينها، مشددة على «ضرورة عودة العروض المسرحية الموسيقية وكذلك الأفلام الغنائية».