التضخم البريطاني يتجاوز التوقعات

واشنطن ولندن تناقشان اتفاق «اليوم التالي لبريكست»

TT

التضخم البريطاني يتجاوز التوقعات

تشير الأرقام الرسمية إلى أن التضخم في بريطانيا قد ارتفع بشكل غير متوقع بأعلى من مستهدف بنك إنجلترا (المركزي البريطاني)، ولكن مع اقتراب موعد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، لا يوجد ضغط كبير على صانعي السياسة في البنك المركزي لرفع أسعار الفائدة.
وقال مكتب الإحصاءات الوطنية، الأربعاء، إن أسعار المستهلكين ارتفعت بنسبة 2.1 في المائة على أساس سنوي حتى نهاية يوليو (تموز) الماضي، بما يزيد على 2 في المائة في الشهر السابق... بينما كانت التوقعات في الأسواق تشير إلى انخفاض متواضع إلى 1.9 في المائة.
وساهمت أسعار الملابس والمشروبات الكحولية والأثاث في دعم معدل التضخم البريطاني في الشهر الماضي. وفي سياق منفصل زادت أسعار المنتجين في المملكة المتحدة بنحو 1.8 في المائة على أساس سنوي في يوليو، مقابل ارتفاع بنسبة 1.6 في المائة في يونيو (حزيران).
ويستهدف بنك إنجلترا معدلا للتضخم حول 2 في المائة، وبالتالي فإن الزيادة، في الظروف العادية، كان من شأنها أن تدفع بعض الأعضاء الأكثر تشددا في لجنة تقرير السياسة إلى المطالبة بزيادة تكاليف الاقتراض. ومع ذلك، ومع خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، المقرر في 31 أكتوبر (تشرين الأول) المقبل، تسود حالة من عدم اليقين، وينتظر البنك بتروٍّ مزيدا من التطورات من أجل مواءمة سياساته المالية.
وفي غضون ذلك، ووسط تنامي التحذيرات من مخاطر الانفصال البريطاني عن الاتحاد الأوروبي دون اتفاق، قال مسؤول بارز بالإدارة الأميركية إن بريطانيا والولايات المتحدة تناقشان «اتفاقا تجاريا جزئيا» من الممكن أن يدخل حيز النفاذ في الأول من نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل، بعد يوم واحد من الموعد المقرر لخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي.
وقال المسؤول الأميركي لشبكة «سي إن بي سي» الأميركية، إن مستشار الأمن القومي الأميركي جون بولتون، ووزيرة التجارة البريطانية ليز تروس، ناقشا احتمالية توقيع لندن وواشنطن على إعلان خريطة طريق من أجل التوصل إلى اتفاق تجاري خلال قمة مجموعة السبع المقررة في فرنسا الشهر الحالي. ولم تتطرق الشبكة إلى المزيد من التفاصيل حول ذلك.
وكان مستشار الأمن القومي الأميركي بولتون قد أكد في وقت سابق أن الولايات المتحدة ستؤيد بحماس خروجا من دون اتفاق من الاتحاد الأوروبي، إذا كان ذلك هو قرار الحكومة البريطانية. وأوضح أن بريطانيا والولايات المتحدة قد تتوصلان إلى اتفاقات للتجارة على أساس كل قطاع على حدة، وتتركان المجالات الأكثر صعوبة في علاقتهما التجارية، مثل الخدمات المالية، إلى مرحلة لاحقة، مضيفا أن الهدف النهائي هو «اتفاقية تجارية شاملة».
ويأتي التشجيع الأميركي لانفصال دون اتفاق، بينما حذر وزير المال البريطاني السابق فيليب هاموند الأربعاء رئيس الوزراء الجديد بوريس جونسون من أن بريكست بلا اتفاق سيشكل «خيانة» للتصويت الذي جرى في استفتاء 2016 لمصلحة الانفصال عن الاتحاد الأوروبي.
وفي مقال نشر في صحيفة «ذي تايمز» الأربعاء، كتب هاموند أن «بريكست بلا اتفاق سيكون خيانة لنتيجة استفتاء 2016». وأضاف أن «الادعاء بأن الناخبين صوتوا من أجل خروج من الاتحاد الأوروبي من دون اتفاق هو تمويه للحقيقة».
وخلال حملة الاستفتاء الذي صوت فيه 52 في المائة من البريطانيين مع الخروج من الاتحاد، لم تكن شروط هذا الانفصال مطروحة في النقاشات. لكن وزير المال السابق رأى أن جونسون يتبنى حاليا «موقفا مدمرا» لإعادة التفاوض ويدفع المملكة المتحدة في اتجاه خروج بلا اتفاق، بمطالبته «بسحب كامل» للفقرة المثيرة للجدل حول الحدود في آيرلندا، وليس بإدخال «تعديلات مطلوبة» عليها.
وتتفق توجهات هاموند مع تحذيرات سابقة لحاكم بنك إنجلترا، مارك كارني، الذي أكد مطلع الشهر الحالي أن بريكست من دون اتفاق سيسبب «صدمة فورية» للاقتصاد البريطاني.
وحذر كارني من أنه «لن يعود بإمكان بعض الشركات القيام بعملها وتحقيق أرباح» في حال حصل ذلك. وأضاف أنه في مثل تلك الحالة، سيتسبب انهيار الجنيه الإسترليني في ارتفاع أسعار السلع المستوردة مثل البنزين والمواد الغذائية فجأة، وأن ترتفع معدلات التضخم.
وقال كارني: «هناك بعض الشركات الكبيرة جدا في هذا البلد والمربحة جدا، ستصبح غير مربحة... وغير ذات جدوى اقتصادية» في حال بريكست من دون اتفاق، وأضاف: «يتعين اتخاذ قرارات صعبة جدا».



«الفيدرالي» على وشك خفض الفائدة مجدداً يوم الأربعاء

مبنى «الاحتياطي الفيدرالي» في واشنطن (رويترز)
مبنى «الاحتياطي الفيدرالي» في واشنطن (رويترز)
TT

«الفيدرالي» على وشك خفض الفائدة مجدداً يوم الأربعاء

مبنى «الاحتياطي الفيدرالي» في واشنطن (رويترز)
مبنى «الاحتياطي الفيدرالي» في واشنطن (رويترز)

من المتوقع على نطاق واسع أن يخفض بنك الاحتياطي الفيدرالي تكاليف الاقتراض خلال اجتماعه، يوم الأربعاء المقبل، مع احتمال أن يسلط المسؤولون الضوء على كيفية تأثير البيانات الاقتصادية الأخيرة على قراراتهم بشأن أسعار الفائدة في العام المقبل.

وتضع الأسواق المالية في الحسبان احتمالات بنسبة 97 في المائة أن يخفض بنك الاحتياطي الفيدرالي سعر الفائدة على الأموال الفيدرالية بمقدار ربع نقطة مئوية، ليصبح النطاق بين 4.25 في المائة و4.5 في المائة، وفقاً لأداة «فيد ووتش».

ومع ذلك، تضاءل مبرر بنك الاحتياطي الفيدرالي لخفض الفائدة مؤخراً بعد التقارير التي تشير إلى أن التضخم لا يزال مرتفعاً بشكل مستمر مقارنةً بالهدف السنوي لـ«الفيدرالي» البالغ 2 في المائة، في حين أن سوق العمل لا تزال قوية نسبياً. وكان البنك قد خفض أسعار الفائدة في سبتمبر (أيلول) ونوفمبر (تشرين الثاني) بعد أن أبقاها عند أعلى مستوى في عقدين طوال أكثر من عام، في محاولة للحد من التضخم المرتفع بعد الوباء.

ويؤثر سعر الأموال الفيدرالية بشكل مباشر على أسعار الفائدة المرتبطة ببطاقات الائتمان، وقروض السيارات، وقروض الأعمال. ومن المتوقع أن تكون أسعار الفائدة المرتفعة في الوقت الحالي عقبة أمام النشاط الاقتصادي، من خلال تقليص الاقتراض، مما يؤدي إلى تباطؤ الاقتصاد لتخفيف الضغوط التضخمية والحفاظ على الاستقرار المالي.

لكن مهمة بنك الاحتياطي الفيدرالي لا تقتصر فقط على مكافحة التضخم، بل تشمل أيضاً الحد من البطالة الشديدة. وفي وقت سابق من هذا الخريف، أدى تباطؤ سوق العمل إلى زيادة قلق مسؤولي البنك بشأن هذا الجزء من مهمتهم المزدوجة، مما دفعهم إلى خفض أسعار الفائدة بمقدار 50 نقطة أساس في سبتمبر. ورغم ذلك، تباطأ التوظيف، فيما تجنب أصحاب العمل تسريح العمال على نطاق واسع.

توقعات الخبراء بتخفيضات أقل في 2025

تدور الأسئلة المفتوحة في اجتماع الأربعاء حول كيفية موازنة بنك الاحتياطي الفيدرالي بين أولويتيه في مكافحة التضخم والحفاظ على سوق العمل، وكذلك ما سيقوله رئيس البنك جيروم باول، عن التوقعات المستقبلية في المؤتمر الصحفي الذي سيعقب الاجتماع. وبينما تبدو التحركات المتعلقة بأسعار الفائدة في الأسبوع المقبل شبه مؤكدة، فإن التخفيضات المستقبلية لا تزال غير واضحة.

وعندما قدم صناع السياسات في بنك الاحتياطي الفيدرالي آخر توقعاتهم الاقتصادية في سبتمبر، توقعوا خفض المعدل إلى نطاق يتراوح بين 3.25 في المائة و4.5 في المائة بحلول نهاية عام 2025، أي بتقليص بنسبة نقطة مئوية كاملة عن المستوى المتوقع في نهاية هذا العام.

وتوقع خبراء الاقتصاد في «ويلز فارغو» أن التوقعات الجديدة ستُظهر ثلاثة تخفيضات ربع نقطة فقط في عام 2025 بدلاً من أربعة، في حين توقع خبراء «دويتشه بنك» أن البنك سيُبقي على أسعار الفائدة ثابتة دون خفضها لمدة عام على الأقل. فيما تتوقع شركة «موديز أناليتيكس» خفض أسعار الفائدة مرتين في العام المقبل.

التغيير الرئاسي وتأثير التعريفات الجمركية

يشكّل التغيير في الإدارة الرئاسية تحدياً كبيراً في التنبؤ بمستقبل الاقتصاد، حيث يعتمد مسار التضخم والنمو الاقتصادي بشكل كبير على السياسات الاقتصادية للرئيس المقبل دونالد ترمب، خصوصاً فيما يتعلق بالتعريفات الجمركية الثقيلة التي تعهَّد بفرضها على الشركاء التجاريين للولايات المتحدة في أول يوم من رئاسته.

وتختلف توقعات خبراء الاقتصاد بشأن شدة تأثير هذه التعريفات، سواء كانت مجرد تكتيك تفاوضي أم ستؤدي إلى تأثيرات اقتصادية كبيرة. ويعتقد عديد من الخبراء أن التضخم قد يرتفع نتيجة لنقل التجار تكلفة التعريفات إلى المستهلكين.

من جهة أخرى، قد تتسبب التعريفات الجمركية في إضعاف الشركات الأميركية والنمو الاقتصادي، مما قد يضطر بنك الاحتياطي الفيدرالي إلى خفض أسعار الفائدة لدعم الشركات والحفاظ على سوق العمل. كما يواجه البنك تحدياً في فصل تأثيرات التعريفات الجمركية عن العوامل الأخرى التي تؤثر في التوظيف والتضخم.

وتزداد هذه القضايا غير المحسومة وتزيد من تعقيد حسابات بنك الاحتياطي الفيدرالي، مما قد يدفعه إلى اتباع نهج أكثر حذراً بشأن تخفيضات أسعار الفائدة في المستقبل. كما أشار مات كوليار من «موديز أناليتيكس» إلى أن التغيرات المحتملة في السياسة التجارية والمحلية تحت إدارة ترمب قد تضيف طبقة إضافية من عدم اليقين، مما يدعم الحاجة إلى نهج الانتظار والترقب من لجنة السوق المفتوحة الفيدرالية.