عند ساعة ظهيرة اليوم الثالث من عيد الأضحى المبارك، كانت الشابة العشرينية عطاف النجيلي، القاطنة في مدينة خانيونس جنوب قطاع غزة، تتجهّز برفقة عدد من أصدقائها للانطلاق في مبادرة «لون» التي تهدف لإسعاد الأطفال في المناطق المهمشة وإدخال الفرح على قلوبهم بأساليب بسيطة، استخدم فيها المبادرون علب الألوان المخصص للرسم على الوجوه، والأزياء البهلوانية الزاهية الجاذبة للأطفال، إضافة لبعض الهدايا البسيطة التي حضّروها خلال الأيام الماضية.
«المبادرة انطلقت من خلال منشور وضعته على مواقع التواصل الاجتماعي، عرضت فيه على الأصدقاء فكرة تنفيذ فعاليات تستهدف الأطفال الفقراء، الذين يواجهون صعوبة في معايشة أجواء الفرح بالعيد»، تقول الشابة عطاف منسقة المبادرة في حديث لـ«الشرق الأوسط»، لافتة إلى أنّها وجدت صدى وتفاعلاً من عدة فنانين مبادرين، استعدوا للتّطوع وقدموا الإمكانات اللازمة لإنجاح الأنشطة التي توزّعت نقاط تنفيذها بين عدة أماكن واقعة في نطاق محافظة خانيونس.
داخل أسوار الحديقة العمومية نُفّذ جزء من المبادرة. هناك كان الأطفال يطلقون ضحكاتهم كلما شاهدوا أحدهم قد تزين وجهه برسمة تشبه ملامحها شخصية كرتونية أو غنائية معروفة، فتراهم يسارعون لطلب رسم ذات الشخصية من المبادرين، الذين كانوا حريصين على إضفاء الحب والألفة على جو الفعالية من خلال الانسجام مع المشاركين وتنفيذ كلّ رغباتهم.
على وقع أغنيات الطفولة والعيد تجمع عدد آخر من الصغار في زاوية من زوايا الحديقة وأخذوا يرقصون ويقفزون حول عدد من الشبان الذين ارتدوا أزياء المهرجين. ينتقلون بعد ذلك لمكانٍ آخر حيث الألعاب والأرجوحات التي يتناوبون على صعودها. تروي الطفلة منى وادي (11 سنة)، أنّها سعيدة جداً بهذا اليوم الذي احتفلت فيه بالعيد برفقة صديقاتها، كما أنّها عبرت عن فرحها بالفعالية الترفيهية التي وفرت لها مساحة للتفريغ النفسي.
طفلٌ يُدعى محمد يونس يبلغ من العمر (12 سنة) كان لافتاً طلبه من أحد الفنانين، «نقش اسم أمه على جبينه وخديه»، ولدى السؤال عن السّبب قال لـ«الشرق الأوسط»: «فقدت أمي قبل عدة أشهر بسبب مرضٍ في الرئة عانت منه لاستنشاقها الغازات السامة التي كان يطلقها جيش الاحتلال خلال العدوان الأخير على غزة عام 2014». متابعاً: «لا شيء أفضل من اسمها لأنقشه على جسدي، فهذا وفاء لها وإكرام لروحها».
جانب آخر من جوانب الفرح بالعيد الذي خلقته مبادرات شبابية ومجتمعية، كان في مخيم النصيرات وسط قطاع غزة، حيث نصبت «فرقة شموخ البادية» عند ساعات مساء ثالث أيام العيد، «الخيم البدوية وبيوت الشعر» واصطف الكثير من المواطنين في ساحة فسيحة داخل المخيم، وأدوا عروض «الدحية البدوية» والدبكة الشعبية على الأنغام التراثية العربية وأصوات «الناي واليرغول»، فيما برع آخرون في تنفيذ سباقات ركوب الخيل والجمال.
شمال قطاع غزة، تحديداً في مخيم جباليا الذي تعتبر كثافته السكانية عالية. بدأت مع إشراقة صباح يوم العيد الأول، مجموعة من الشباب بتركيب الأراجيح والألعاب داخل الشوارع العامة، في محاولة هادفة لخلق أجواء مختلفة لأطفال المخيم، الذين يعانون طول العام من غياب المتنزهات والأماكن الترفيهية.
إبراهيم حسين (24 سنة)، خريج جامعي منذ سنتين يعيش حالة البطالة كغيره من الشباب في القطاع، كان من بين الأشخاص الذين ساهموا في تنفيذ تلك الأنشطة، يذكر لـ«الشرق الأوسط»، أنّه يعمل برفقة غيره من الشباب على تغيير الصورة النمطية السائدة عند الأطفال، عن الحياة في غزة، مبيناً أنهم يلمسون من خلال نشاطاتهم شبه التطوعية تفاعلا جميلا عند الأطفال، ويختم كلامه قائلاً: «نحن سعداء لأنّنا نساهم في إدخال الفرح لقلوب الناس الذين سئموا تفاصيل الحياة والمعيشة الصعبة».
مبادرات شبابية لإدخال الفرح على قلوب أهل غزة خلال أيام العيد
شملت عدداً من الأماكن المهمشة والمكتظة بالسكان
مبادرات شبابية لإدخال الفرح على قلوب أهل غزة خلال أيام العيد
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة