هدنة طرابلس تصمد رغم اتهام الجيش للميليشيات بخرقها

حفتر يعزز سيطرته على الجنوب

TT

هدنة طرابلس تصمد رغم اتهام الجيش للميليشيات بخرقها

صمدت، نسبياً، أمس، الهدنة التي دعت إليها بعثة الأمم المتحدة في ليبيا بين «الجيش الوطني» بقيادة المشير خليفة حفتر، والقوات الموالية لحكومة «الوفاق» برئاسة فائز السراج، في العاصمة طرابلس، على الرغم من اتهامات متبادلة بين الطرفين بشأن انتهاك وقف إطلاق النار، حيث توقفت مجدداً حركة الملاحة الجوية في مطار معيتيقة الدولي، بعد تعرضه لقصف صاروخي، بينما ارتفع عدد ضحايا تفجير السيارة الملغومة التي استهدفت موكباً للبعثة الأممية في مدينة بنغازي شرق البلاد أول من أمس.
وسمع سكان في العاصمة طرابلس، بوضوح، أصوات المدفعية الثقيلة منذ صباح أمس، وأكد شهود عيان أن أصوات قذائف كانت تسمع بوضوح في منطقة طريق المطار القديم، جنوب طرابلس، وفقاً لما نقلته وكالة «الأناضول» التركية للأنباء، كما نقلت عن مصدر من حكومة السراج سقوط 4 قذائف على المطار.
بدورها، قالت إدارة مطار معيتيقة الدولي، في بيان مقتضب، إنه «للأسف مع صباح أول أيام عيد الأضحى المبارك، تعرض المطار للقصف، وتوقف الملاحة الجوية، لحين إشعار آخر»، ونشرت صورة فوتوغرافية تظهر آثار القصف بجانب إحدى الطائرات على مدرج المطار. وقال هشام بوشكيوات وكيل وزارة المواصلات بحكومة السراج، في تصريحات تلفزيونية، إن عدداً من القذائف سقطت على مهبط المطار، دون توضيح مصدرها.
وسجلت عملية «بركان الغضب»، التي تشنها القوات الموالية لحكومة السراج، ما وصفته بثاني خرق للهدنة من قبل «الجيش الوطني»، بعد استهداف مطار معيتيقة الدولي بقذائف صاروخية، ما أدّى إلى إيقاف حركة الملاحة الجوية.
كانت العملية قالت، في بيان لها، أمس، إن قوات الجيش قصفت عشوائياً بالقذائف الصاروخية منطقة سوق الجمعة صباح أول أيام العيد، ما أدى إلى إصابة ثلاثة مدنيين.
وزعم «لواء الصمود»، الذي يقوده صلاح بادي، المطلوب للعدالة دولياً ومحلياً، وينتمي إلى مدينة مصراتة في غرب البلاد، والموالي لحكومة السراج أيضاً، أن قوات «الجيش الوطني» انتهكت الهدنة عبر إطلاق قذائف «هاون»، لافتاً إلى ما وصفه بتحشيد مكثف في مدينة ترهونة.
وارتفع عدد ضحايا التفجير الإرهابي الذي استهدف فريقاً من بعثة الأمم المتحدة، مساء أول من أمس، بمنطقة الهواري غرب بنغازي في شرق ليبيا، إلى ثلاثة قتلى بعد وفاة الجريح كليف باك، من جامايكا، متأثراً بحروق من الدرجة الثالثة.
كان أحمد المسماري المتحدث باسم «الجيش الوطني»، قال إن اثنين من القتلى كانا من حرس بعثة الأمم المتحدة، وأضاف أن 10 أشخاص أصيبوا بينهم أطفال. بدوره دان الاتحاد الأوروبي، التفجير الذي وقع في بنغازي، معتبراً إيّاه «تطوراً مقلقاً للأزمة الليبية»، وقالت وزيرة الخارجية الأوروبية، فيديريكا موغيريني، في بيان، إنّه «من الضروري أن تمتثل جميع الأطراف الليبية للهدنة التي تفاوض عليها سلامة، وأن تعتمد على هذه الهدنة لتحقيق وقف دائم لإطلاق النار والعودة إلى المفاوضات السياسية».
وأعرب الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، عن إدانته للهجوم، وقال بيان أصدره ستيفان دوجاريك، المتحدث باسمه، إنه «يدعو السلطات الليبية ألا تدخر جهداً في تحديد مرتكبي هذا الهجوم، وتقديمهم إلى العدالة بسرعة»، كما حث جميع الأطراف على احترام الهدنة الإنسانية خلال عيد الأضحى، والعودة إلى طاولة المفاوضات للسعي نحو المستقبل السلمي الذي يستحقه الشعب الليبي. وعبر غسان سلامة رئيس البعثة الأممية، عن «الألم العميق لفقدان ثلاثة من موظفي البعثة الأممية عشية العيد»، وقال في تغريدة له عبر موقع «تويتر»: «أتمنى للجميع عيداً مباركاً هادئاً ملهماً لقيم التسامح والتواد، وهدنة حقيقية تدفعنا للتفكير بضرورة السلام، وبأحقية الحياة، وبسمو العدل والمصالحة».
كان سلامة قد اعتبر في بيان له مساء أول من أمس «أن هذا الهجوم الجبان يعد بمثابة تذكير قوي آخر بحاجة الليبيين الملحة لوقف الاقتتال بينهم، ووضع خلافاتهم جانباً، والعمل معاً من خلال الحوار، وليس العنف، لإنهاء النزاع في ليبيا».
بدوره، طالب مجلس النواب الليبي، وزارة الداخلية وجميع الأجهزة الأمنية بمدينة بنغازي، بتكثيف جهدها للوصول إلى أيادي الإرهاب والتطرف التي تحاول العبث بأمن المدينة وأهلها والمؤسسات الحكومية والبعثات الموجودة بها.
كما أعلنت الحكومة المؤقتة، التي تدير شرق البلاد برئاسة عبد الله الثني، شروعها في فتح تحقيق فوري عبر وزارة داخليتها وأجهزتها الأمنية لتتبع الجناة. وفي جنوب البلاد، عزز المشير خليفة حفتر القائد العام لـ«الجيش الوطني»، من سيطرته على مدينة مرزق، بينما أعلن المركز الإعلامي للجيش عن هروب ميليشيات «داعش» و«شورى بنغازي» و«القاعدة» وعصابات المرتزقة التشاديين من مرزق، بعد وصول وحدات من الجيش إلى المدينة لتأمينها، بناءً على تعليمات حفتر. وقالت شعبة الإعلام الحربي التابعة للجيش، إن وحداته العسكرية، التي قامت أمس بما وصفه بالتأمين الكامل للمدينة، اعتقلت 27 من المرتزقة، مشيرة إلى أن عمليات فرض القانون قائمة ومستمرّة إلى أن يأمن سكان المدينة.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.