السيستاني يؤيد تدخلا دوليا مشروطا لمحاربة «داعش»

دعا المرجع الشيعي الأعلى في العراق آية الله علي السيستاني إلى أهمية حشد الجهد الدولي لمحاربة تمدد «داعش»، فيما طالب بأن يكون هذا التدخل مشروطا في العراق لكي لا يتحول إلى ذريعة لتدخل أميركي جديد ومساس بالسيادة الوطنية. وقال ممثل السيستاني في كربلاء أثناء صلاة الجمعة أمس إن «تمدد تنظيم داعش الإرهابي إلى أكثر من دولة وبشاعة جرائمه التي لا يستثني أحدا منها يستدعيان مشاركة دولية في الحرب عليه»، داعيا إلى «معالجة المناشئ الفكرية والثقافية للإرهابيين وقطع منابع دعم وإعلام أنشطتهم وإيقاف تأثيرها».
وأضاف الكربلائي أن «على القيادات السياسية العراقية الحذر والوعي وعدم جعل المساعدات الخارجية للعراق في الحرب ضد الإرهاب مدخلا للمساس بالقرار العراقي وأن لا تكون ذريعة للهيمنة على مجريات الأحداث فيه خصوصا المجريات العسكرية الميدانية». وأوضح أنه يتوجب «الحفاظ على سيادة واستقلالية القرار العراقي، حتى وإن كان بحاجة إلى مساعدة الأشقاء والأصدقاء في حربه ضد الإرهاب»، مشيرا إلى أن «الحاجة إلى التعاون الدولي في محاربة الإرهاب لا تعني عدم قدرة العراق وقواته المسلحة على ذلك».
وأكد السيستاني أن «الجهد العسكري وإن كان مؤثرا، فإنه ليس كافيا للقضاء على الإرهاب وفكره المتطرف الذي يقصي الآخر ولا يقبل التعايش السلمي ويحلل دماء الآخرين»، مطالبا: «الأجهزة الأمنية والعسكرية بالإسراع ودعم ونصرة أهالي ناحية الضلوعية وفك الحصار عنهم ومنع استباحة هذه الناحية من قبل الإرهابيين». كما دعا إلى «ضرورة تعزيز معنويات قوات الجيش العراقي والمتطوعين والتأكيد على أنهم هم الأساس في هذه الحرب وأن أي جهد آخر هو عامل مساعد لتحقيق النصر»، موضحا أن «المجاميع الإرهابية بدأت تتبع طرقا جديدة في عملياتها بهدف إرباك القوات الأمنية، كما حصل أمس في مدينة الكاظمية، ولا بد من وضع خطط أمنية فاعلة لجميع المدن وعدم الاقتصار على المناطق الساخنة». ويأتي موقف السيستاني، الذي غالبا ما يكون له تأثير في الداخل، بعد مؤتمري جدة بالمملكة العربية السعودية وباريس بفرنسا، واللذين حشدا الدعم الدولي ضد تنظيم داعش. كما يجيء موقفه بعد اتخاذ عدد من القوى والفصائل الشيعية ومنها منظمة بدر وعصائب أهل الحق وكتائب حزب الله والتيار الصدري موقفا رافضا للتدخل الأجنبي في العراق وهو الموقف الذي ينظر إليه العديد من المراقبين السياسيين في العاصمة العراقية بغداد بأنه جاء على أثر إصرار الولايات المتحدة الأميركية على عدم دعوة إيران إلى المشاركة في الحشد الدولي وهو يكاد يكون نقطة الخلاف الوحيدة بين واشنطن وبغداد. من جانبه أكد رئيس المركز العراقي للتنمية الإعلامية والخبير في شؤون المرجعية الشيعية عدنان السراج في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «المخاوف التي عبر عنها عدد من الفصائل والقوى السياسية الشيعية إنما يأتي في سياق الخوف من إمكانية أن تكون الحرب ضد (داعش) بمثابة ذريعة لاحتلال العراق ثانية وهو ما يعني العودة إلى المربع الأول خصوصا أن العراق نال سيادته كاملة وخرج من بنود الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة».
وأضاف السراج أن «ما تعلنه الولايات المتحدة من أنها سوف تستمر في توجيه الضربات الجوية ضد مواقع تنظيم داعش لن يكون كافيا لحسم المعركة دون تدخل بري وهو ما يعني أن هناك إمكانية لتدخل بري في وقت لاحق على الرغم من الإعلان الأميركي أنه لن يكون هناك مثل هذا التدخل» لافتا إلى أن «الأميركان بدأوا أول الأمر بالاهتمام بالقضايا الإنسانية ومن ثم حماية الأقليات ومن بعدها تسليح الأكراد ومن بعدها وسعوا نطاق ضرباتهم جوا باتجاه بغداد والمناطق الغربية من البلاد كما أن أوباما عين منسقا للعمليات ضد (داعش) كان من كبار الجنرالات الذين أسهموا عام 2006 في تأسيس الصحوات العشائرية».
وأشار إلى أن «الغموض الذي يلف الاستراتيجية الأميركية يستدعي القلق من أوساط كثيرة وهو ما حدا بالمرجعية الدينية أن توضح ذلك بحيث يتعين على الحكومة العراقية الانتباه إلى هذه القضية والتعامل بحذر مع هذا الدعم مع أهميته بالتأكيد من منطلق أن القضاء على (داعش) يتطلب مواجهة عالمية». في هذا السياق أعلنت فرنسا أن طائراتها شنت غارات داخل العراق أمس الجمعة للمرة الأولى منذ تعهدت بالانضمام إلى الحملة العسكرية على متشددي تنظيم داعش الذين سيطروا على أجزاء من البلاد. وقال بيان من مكتب الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند: «هذا الصباح في الساعة 9:40 صباحا (07:40 بتوقيت غرينتش) شنت طائرات رافال أول هجوم على مستودع إمدادات تابع للإرهابيين». وكانت الرئاسات الثلاث في العراق عقدت مساء أول من أمس اجتماعا في مقر رئيس الجمهورية فؤاد معصوم جرى فيه التأكيد على أن العراق يرحب «بالدعم الدولي لمواجهة (داعش) على أن لا يؤثر ذلك على سيادة العراق ووحدته، وبالاتفاق مع الحكومة العراقية ولا يربط العراق بتكتلات سياسية إقليمية أو دولية».