طرفا الصراع في ليبيا يعلنان قبول الهدنة الأممية بمناسبة عيد الأضحى

وافق طرفا النزاع العسكري في العاصمة الليبية طرابلس على إبرام هدنة، برعاية بعثة الأمم المتحدة بمناسبة عيد الأضحى المبارك، حيث أعلن المشير خليفة حفتر، القائد العام لـ«الجيش الوطني»، وقف جميع العمليات العسكرية التي تخوضها قواته في ضواحي العاصمة طرابلس، وذلك بعد ساعات من إعلان حكومة «الوفاق»، التي يرأسها فائز السراج، قبولها هدنة مشروطة لوقف إطلاق النار.
وجاء موقف حفتر في بيان تلاه اللواء أحمد المسماري، المتحدث باسم قوات «الجيش الوطني» الليبي، خلال مؤتمر صحافي عقده أمس، تضمن الموافقة على «الهدنة الإنسانية»، التي دعت إليها الأمم المتحدة خلال عيد الأضحى، حسبما أعلنه في مؤتمر صحافي.
وقال المسماري إنه «تقديراً لما لهذه المناسبة من مكانة في نفوسنا، والتزاماً بتعاليم الإسلام السمحة، وتمكيناً لمواطنينا من الاحتفال بهذا العيد في ظروف هادئة، يعلن القائد العام للقوات المسلحة عن وقف جميع العمليات الحربية، التي يخوضها الجيش الوطني في ضواحي العاصمة طرابلس بدءاً من تاريخ اليوم (أمس) السبت، وحتى الاثنين».
وحذر حفتر في بيانه من أن رده «سيكون قاسياً وفورياً في جميع الجبهات ضد أي عمليات أو تحركات من أي طرف، تمثل خرقاً لهذه الهدنة». وقال إنه «يُطمئن الليبيين المتطلعين إلى يوم تحرير العاصمة بأن القوات المسلحة، بجميع صنوفها، في حالة استعداد تام للرد المناسب على كل من تسول له نفسه استغلال الهدنة لتحقيق أي مكسب ميداني، أو إلحاق الضرر بقواتنا المسلحة».
كانت حكومة السراج قد أعلنت مساء أول من أمس، موافقتها المشروطة على هدنة، تتضمن «مناطق الاشتباكات كافة، بحيث تتوقف تماماً الرماية المباشرة وغير المباشرة، أو أي تقدم للمواقع الحالية»، بالإضافة إلى «حظر نشاط الطيران وطيران الاستطلاع في الأجواء كافة، وفي القواعد الجوية كافة التي ينطلق منها».
كما تضمنت هذه الضوابط «عدم استغلال الهدنة لتحرك أي أرتال، أو القيام بأي تحشيد»، وأن «تتولى البعثة الأممية ضمان تنفيذ الهدنة ومراقبة أي خروقات».
ولم تتمكن قوات الجيش التي تتقدم منذ الرابع من شهر أبريل (نيسان) الماضي، صوب طرابلس، من تحطيم المقاومة الشرسة لقوات حكومة السراج، حيث تسببت المعارك التي دخلت شهرها الخامس في سقوط نحو 1100 قتيل، وإصابة 5762 بجروح بينهم مدنيون، فيما اقترب عدد النازحين من 120 ألف شخص، حسب وكالات الأمم المتحدة.
في غضون ذلك، أكدت مصادر طبية مقتل اثنين من موظفي الأمم المتحدة في انفجار سيارة ملغومة في مدينة بنغازي بشرق البلاد.
وقالت مصادر طبية وأمنية إن شخصين لقيا حتفهما، وأصيب ثمانية آخرون في انفجار سيارة مفخخة، استهدف موكباً تابعاً لبعثة الأمم المتحدة في منطقة الهواري غرب مدينة بنغازي.
وأظهرت قائمة بأسماء الضحايا في مستشفى بنغازي قتيلين يعملان لدى بعثة الأمم المتحدة في ليبيا، لكن لم يصدر على الفور أي تعقيب من البعثة.
ونقلت وكالة الأنباء الليبية، الموالية للجيش الوطني، عن مصدر أمني قوله إن أحد القتيلين مواطن ليبي من طرابلس، والآخر من جزر فيجي، فيما قال مصدر أمني آخر إنه تم تطويق المكان بالكامل، تحسباً لوقوع أي اختراق أمني.
وفى مدينة مرزق بجنوب البلاد، عبّرت بعثة الأمم المتحدة عن قلقها من استمرار أعمال العنف والقتل، وتأثيرها على سكان المدينة بعد أقل من أسبوع على مقتل أكثر من 40 شخصاً من المدنيين جراء قصف جوي. وقالت بهذا الخصوص: «لقد قامت الأمم المتحدة مع شركائها بمساعدة 2150 نازحاً من خلال تقديم الرعاية الصحية، والغذاء والمأوى والإجلاء الطبي للجرحى». ودعت البعثة الأممية «الجميع في مرزق إلى تبني مبادئ التسامح المتبادل، وتقديم مساعيها الحميدة للجمع بين الأطراف». وسقط أكثر من 40 قتيلاً، وأُصيب أكثر من 50 شخصاً جراء قصف جوي في مدينة مرزق، الأحد الماضي، اتهمت حكومة السراج قوات الجيش الوطني بالمسؤولية في تنفيذ القصف.
وكان «الجيش الوطني» قد أكد تنفيذه ضربات جوية استهدفت مواقع المعارضة التشادية في ضواحي مرزق، لكنه لم يشر صراحة إلى استهداف موقع يضم مدنيين.
وفرضت قوات الجيش الوطني سيطرتها على المدينة نهاية فبراير (شباط) الماضي، بعدما شهد جنوب ليبيا تصعيداً عسكرياً غير مسبوق، ويتهم الجيش الليبي المعارضة التشادية بمحاولة توسيع نفوذها في مدن الجنوب، كما يتهمها بنقل الأسلحة والاتجار بالبشر لتمويل عملياتها.