تعزيزات مكثفة للإسرائيليين في القدس بالتزامن مع عيد الأضحى

منظمة التحرير والجامعة العربية تحذران

TT

تعزيزات مكثفة للإسرائيليين في القدس بالتزامن مع عيد الأضحى

دفعت الشرطة الإسرائيلية بتعزيزات مكثفة إلى مدينة القدس، أمس، استعداداً لعيد الأضحى الذي يتزامن مع إحياء اليهود «ذكرى خراب الهيكل». وعززت إسرائيل من قواتها في المدينة، وتحديداً في البلدة القديمة التي تحولت إلى ثكنة عسكرية.
واعتاد اليهود في هذه الذكرى من كل عام، دخول الأقصى بأعداد كبيرة، لكن المسلمين أجلوا صلاة العيد في الأقصى ساعة كاملة في سبيل التصدي لمقتحمي المكان، وهو الأمر الذي ينبئ بتوترات كبيرة محتملة إذا سمح لليهود بدخول المسجد.
وأوصى المستوى الأمني الإسرائيلي بأن يتم حظر دخول اليهود إلى الأقصى اليوم تجنباً للتوتر المحتمل، لكن القرار النهائي سيتخذه المستوى السياسي الإسرائيلي صباح اليوم.
وفي حالة مماثلة وقعت في وقت سابق من هذا العام، تزامنت الأيام الأخيرة من شهر رمضان المبارك مع المسيرة اليهودية في شوارع البلدة القديمة، وعندها تبنى المستوى السياسي الإسرائيلي قرار قائد شرطة منطقة القدس، وسمح لليهود بدخول باحة الأقصى، مما أدى إلى مواجهات مع المصلين المسلمين.
واعتبر بعض المتشددين اليهود إمكانية منع دخولهم في مثل هذا اليوم إلى الأقصى، «رضوخاً لاحتكار الفلسطينيين للموقع».
وعمم رجال دين ومرجعيات ومسؤولون دعوات لتأدية صلاة عيد حاشدة في باحة الأقصى، وذلك رداً على دعوات منظمات يهودية متشددة بالتوجه إلى «جبل الهيكل» من أجل «الانتقام لمقتل الجندي دفير سوريك».
وقررت دائرة الأوقاف الإسلامية في مدينة القدس إغلاق جميع مساجد المدينة لأداء صلاة عيد الأضحى في المسجد الأقصى، كما قررت تأجيل موعد الصلاة إلى السابعة والنصف بدلاً من السادسة ونصف.
وقالت «الأوقاف» في بيان لها إن الهدف من هذه الخطوات هو التصدي ومنع اقتحام المستوطنين للمسجد الأقصى.
وأوضح خطيب المسجد الأقصى، رئيس الهيئة الإسلامية العليا، أن صلاة العيد في المسجد الأقصى ستكون الساعة 7:30 بهدف أن يكون الأقصى عامراً في هذا الوقت حتى وقت العصر، بهدف منع قطعان المستوطنين من تدنيس المسجد الأقصى في ظل مزاعم بأن هناك ما يسمى بخراب الهيكل. وأضاف أن «فتح أبواب الأقصى من قبل الاحتلال الإسرائيلي للمستوطنين، هو حالة شاذة ومرفوضة وغريبة».
وحذرت منظمة التحرير والجامعة العربية من اقتحام الأقصى اليوم.
وقالت المنظمة إن مثل هكذا قرار يمس عقيدة كل المسلمين باعتباره اعتداء على حرمات الله في يوم من الأيام المقدسة وانتهاكاً لكل القوانين والأعراف والاتفاقيات الدولية، التي نصت على احترام العقائد والشرائع السماوية.
وأضافت أن على المجتمع الدولي تطبيق القرارات الدولية والتصدي لكل من يخترقها، ومنع عواقب لا تحمد عقباها في حال نفذت سلطات الاحتلال مخططها اليوم الأحد في الأقصى.
ودعت أبناء شعبنا إلى شد الرحال للمسجد الأقصى أول أيام عيد الأضحى، وإغلاق المساجد وإقامة صلاة العيد فيه.
كما أكد الأمين العام المساعد لشؤون فلسطين والأراضي العربية المحتلة سعيد أبو علي، أن التخطيط والاستعدادات الإسرائيلية الجارية لاقتحام الأقصى، تشكل تهديداً حقيقياً للحرم القدسي وتحتم ضرورة اتخاذ مواقف عربية وإسلامية ودولية أشد حزماً وصلابة لمجابهة خطورة الموقف والتهديد الإسرائيلي الوشيك والمتمثل بقرار واستعداد الجماعات المتطرفة والمستوطنين اقتحام باحات الحرم وتدنيس الأقصى اليوم الأحد الذي يصادف أول أيام الأضحى المبارك بحماية شرطة وجيش الاحتلال بذريعة ذكرى ما يسمى «خراب الهيكل».
وأضاف أبو علي في تصريح للوكالة الرسمية الفلسطينية، أنه «في ظل ما يتعرض له الحرم القدسي من تهديدات في الأيام الأخيرة وما تتعرض له القدس من استيطان، وتهويد متواصل ومكثف، وآخرها دعوة المستوطنين لاقتحام (الأقصى) أول أيام العيد، مشيراً إلى أن ذلك التحدي الصعب لمشاعر المسلمين في المكان والزمان والعدوان على حقوقهم ومقدساتهم وفِي مقدمتهم الشعب الفلسطيني وأبناء الأمة العربية كافة، يمثل تحدياً لإرادة المجتمع الدولي بأسره وانتهاكاً لقواعد القانون الدولي وقرارات الشرعية الدولية مما يستدعي اتخاذ التدابير اللازمة لمنعه والتصدي له.
وقال الأمين العام المساعد، إن الجامعة العربية تدين بشدة هذه الممارسات الإسرائيلية والعدوانية المستهترة بالقانون والقيم الإنسانية، مضيفاً أن تلك الممارسات المعبرة عن الإرهاب الرسمي المنظم التي لا شك في كونها جرائم تتطلب المساءلة، محذراً من تداعيات هذه السياسة والممارسات الإسرائيلية خاصة التي تستهدف القدس والمقدسات الإسلامية والمسيحية فيها وانعكاساتها على أمن واستقرار المنطقة وإشعالها فتيل الحرب الدينية.
وأكد الأمين العام المساعد، ضرورة أن يتحمل المجتمع الدولي مسؤولياته إزاء هذا التهديد المستمر والمتصاعد وما يتركه هذا الاستخفاف الإسرائيلي لمبادئ القانون الدولي وهذا الصلف والتحدي لإرادة المجتمع الدولي من نتائج، وإذ تعبر الأمانة العامة للجامعة العربية عن اعتزازها بنضال وصمود المقدسيين والفلسطينيين في دفاعهم البطولي عن القدس والمقدسات، مؤكدة استمرار الدعم العربي لهذا الصمود.



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.