مصالحة بعبدا صُنعت في لبنان... وبري لعب دوراً في ولادتها

TT

مصالحة بعبدا صُنعت في لبنان... وبري لعب دوراً في ولادتها

كشف مصدر وزاري واكب عن كثب الاتصالات السياسية التي كانت وراء تسريع انعقاد لقاء المصالحة والمصارحة في بعبدا، أن اللقاء الذي رعاه رئيس الجمهورية ميشال عون، تميّز بانسجام وتناغم غير مسبوقين بين عون ورئيسي المجلس النيابي نبيه بري والحكومة سعد الحريري. وقال إن تفاهمهم شكّل شبكة أمان سياسية وأمنية ضغطت في اتجاه تحقيق المصالحة بين رئيسي «الحزب التقدمي الاشتراكي» وليد جنبلاط و«الديمقراطي اللبناني» النائب طلال أرسلان وإنما من موقع الاختلاف السياسي بينهما.
ولفت المصدر الوزاري لـ«الشرق الأوسط» إلى أن ما تردّد فور انعقاد لقاء المصالحة بأن البيان الذي صدر عن السفارة الأميركية في بيروت حول حادثة قبرشمون دفع في اتجاه إسقاط الذرائع السياسية والأمنية التي كانت تحول دون عقده، لا يعكس الأسباب الكامنة التي سرّعت في انعقاده وأولها التأزّم الاقتصادي الذي بلغ ذروته مع استمرار تعطيل جلسات مجلس الوزراء، ناهيك بالتداعيات السلبية المترتبة على خفض التصنيف الائتماني للبنان المرتقب صدوره في الأسبوع المقبل.
وقال إن أركان الدولة استشعروا الخطر الداهم في حال تعذّر تأمين انتظام مؤسسات الدولة وإداراتها، ورأى أن لبنان بدأ يقترب من وضع مأساوي لا تُحمد عقباه.
وأكد المصدر الوزاري أنه تقرر إعادة الاعتبار لاقتراح الرئيس بري القائل بإعطاء الأولوية للمصالحة السياسية لأن من دونها ستأخذ مجلس الوزراء حتماً إلى الانفجار من الداخل. وقال إن رئيس الجمهورية أبدى تجاوباً للسير في هذا الاقتراح المدعوم بلا شروط من الحريري وعلى بياض من «حزب الله» وبطبيعة الحال من جنبلاط وحزب «القوات اللبنانية».
وأضاف أن تعويم اقتراح بري بدأ باتصال أجراه الحريري برئيس الجمهورية أبلغه فيه أنه ليس في وارد دعوة مجلس الوزراء للانعقاد في ظل تصاعد المواقف «الحربجية» وارتفاع منسوب الاحتقان، وأن انعقاده سيؤدي إلى انفجار الوضع السياسي وربما خروجه عن دائرة السيطرة.
وعلمت «الشرق الأوسط» أن عون لم يعترض على ما نقله إليه الحريري، بل أبدى مرونة وانفتاحاً، ما شجّعه على التواصل مع بري الذي بادر إلى الاتصال برئيس الجمهورية متمنّياً عليه أن يكون الراعي لتحقيق المصالحة الدرزية - الدرزية، وهذا ما كان قد اقترحه بعد أيام على حصول حادثة قبرشمون. وقال المصدر الوزاري إن عون تجاوب مع بري، لافتاً إلى أن القرار الذي اتُّخذ بوضع المصالحة على نار حامية يستند بالدرجة الأولى إلى تقديرهم المشترك بأن البلد على حافة الانهيار وأنه لا بد من إحداث صدمة من شأنها أن تنقله من مرحلة الاقتراب من الخطر إلى مرحلة جديدة تقود إلى إنقاذه، وهذا لن يتحقق إلا بتوفير معالجة سياسية لحادثة قبرشمون.
وأكد أن بري الذي بقي على تواصل مع الحريري خاض مفاوضات ماراثونية مع جنبلاط انتهت بموافقته على التوجّه إلى بعبدا للمشاركة في لقاء المصالحة والمصارحة. وقال إن رئيس المجلس كان على تواصل مع قيادة «حزب الله» التي أثنت على تجاوب عون وتولّت إقناع أرسلان بالانضمام إليها.
لكن أرسلان تريّث في إعطاء جوابه النهائي إلى ظهر أول من أمس، ويعود السبب إلى أنه أجرى تقويماً للنتائج السياسية المرجوّة من اللقاء، إضافة إلى أنه رغب في الحصول على تطمينات وضمانات.
ورداً على سؤال، قال المصدر الوزاري إنه يشهد للرئيس بري اتّباعه سياسة النَّفس الطويل التي كانت وراء توفيره الولادة الطبيعية للمصالحة التي رعاها عون ودعمها الحريري وجاءت صناعتها لبنانية بامتياز، بغية إعطاء البلد فرصة للخروج من التأزّم السياسي وطي صفحة تعطيل الحكومة ومعاودتها لرفع مستوى إنتاجيتها كمدخل لإبعاد الخطر الاقتصادي ولو على مراحل.
ونوّه المصدر الوزاري بموقف عون في لقاء المصالحة، وقال إنه حرص على مقاربة الأمور ومنها الحساسة والدقيقة بمرونة وانفتاح بعيداً عن التصادم، وكذلك الحال بالنسبة إلى الحريري باعتبار أن حكومته هي المستفيدة الأولى من إعادة تفعيلها، خصوصاً أن لقاء المصالحة وإن كان سياسياً فإن اللقاء الاقتصادي والمالي الذي سبقه يُفترض أن يؤسس لانطلاقة الحكومة بلا أي تردّد للتعويض عن الأضرار التي مني بها البلد من جراء تعطيل جلسات مجلس الوزراء.
ويعترف المصدر الوزاري بأن الرئيس نبيه بري لعب دوراً محورياً للوصول بلقاء المصالحة إلى نتائج أولاها أنه أنهى الاشتباك السياسي بين جنبلاط من جهة وبين عون ومن خلاله «التيار الوطني الحر» وأرسلان من جهة ثانية، وفتح الباب أمام احتمال بدء حوار بلا تشنّج بين هذه الأطراف ولو من موقع الاختلاف.
وكشف أن بري تولى وبتأييد من عون والحريري مقاربة نقاط الاختلاف وعمل على تقريب وجهات النظر، وهذا ما أسهم في تغييب كل أشكال التوتر. وقال: «لا يمكننا أن نتجاهل الدور الإيجابي لـ(حزب الله) من خلال تواصله مع بري وإبقائه على اتصالاته مفتوحة بكل من عون وأرسلان.
وفي تقويمه للمسار العام للنتائج التي أسفر عنها اللقاء قال إن جنبلاط خرج من بعبدا وفي جعبته تطمينات تمثّلت في صرف النظر عن إحالة حادثة قبرشمون إلى المجلس العدلي أو طرحها للتصويت في مجلس الوزراء كما كان يصر أرسلان.
كما أن جنبلاط سجّل تقدّماً في كسب المتردّدين في البيت الدرزي الذين وقفوا إلى جانبه باعتبار أنه مستهدَف سياسياً وأمنياً، في مقابل حصول عون على مكسب يتعلق بإدخال أرسلان في المعادلة الدرزية كواحد من الثنائية في وجه رئيس «التقدمي» مع فارق في الأحجام والنفوذ أيضاً، خصوصاً أن الحملات التي تعرّض لها لم تكن كما يتصوّر خصومه لمصلحة أرسلان الذي صرف النظر عن مطالبته بإحالة حادثة قبرشمون إلى المجلس العدلي.
لذلك، فإن المصالحة نقلت لبنان من دائرة الخطر إلى بداية إنقاذه، شرط الحفاظ على المفاعيل السياسية والأمنية التي انتهت إليها، كما أنها أعادت الاستقرار السياسي ولو إلى حدوده الدنيا على أمل أن يصار إلى تثبيته بإعطاء فرصة للحكومة لتفعيل عملها وزيادة إنتاجيتها. وعليه، يقول المصدر الوزاري إن المصالحة قد تفتح الباب للعمل من أجل ترسيخ التهدئة الأمنية في الجبل، وتحديداً داخل «البيت الدرزي»، ولم يكن من باب الصدفة قيام جنبلاط بعد لقاء المصالحة بجولة في بلدة قبرشمون من دون أن ترافقه «همروجة» مدجّجة بالسلاح، خصوصاً أنه ليس من هواة المواكب المسلحة.



الحوثيون يتبنّون هجمات بالمسيّرات ضد أهداف إسرائيلية

صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
TT

الحوثيون يتبنّون هجمات بالمسيّرات ضد أهداف إسرائيلية

صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)

تبنت الجماعة الحوثية المدعومة من إيران هجمات جديدة بالطائرات المسيّرة ضد أهداف إسرائيلية، الجمعة، إلى جانب تبنّى هجمات بالاشتراك مع فصائل عراقية موالية لطهران، دون أن يعلق الجيش الإسرائيلي على الفور بخصوص آثار هذه العمليات.

وتشن الجماعة المدعومة من إيران منذ أكثر من عام هجمات ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، فضلاً عن إطلاق الصواريخ والمسيّرات باتجاه إسرائيل تحت مزاعم نصرة الفلسطينيين في غزة.

صاروخ أطلقه الحوثيون باتجاه إسرائيل من نوع «فلسطين 2» (إعلام حوثي)

وخلال حشد حوثي في ميدان السبعين بصنعاء، الجمعة، ادعى المتحدث العسكري باسم الجماعة يحيى سريع أن قوات جماعته نفذت عمليتين عسكريتين استهدفت الأولى هدفاً عسكرياً في عسقلان، فيما استهدفت الثانية هدفاً في تل أبيب.

وزعم المتحدث الحوثي أن العمليتين تم تنفيذهما بطائرتين مسيّرتين تمكنتا من تجاوز المنظومات الاعتراضية والوصول إلى هدفيهما.

إلى ذلك، قال سريع إن قوات جماعته نفذت بالاشتراك مع ما وصفها بـ«المقاومة الإسلامية في العراق» عمليةً عسكريةً ضد أهداف حيوية جنوب إسرائيل، وذلك بعدد من الطائرات المسيّرة، زاعماً أن العملية حققت أهدافها بنجاح.

وتوعد المتحدث الحوثي بالاستمرار في تنفيذ الهجمات ضد إسرائيل حتى توقف الحرب على غزة ورفع الحصار عنها.

19 صاروخاً ومسيّرة

في أحدث خطبة لزعيم الجماعة عبد الملك الحوثي، الخميس، قال إن جماعته أطلقت باتجاه إسرائيل خلال أسبوع 19 صاروخاً باليستياً ومجنحاً وطائرة مسيّرة، زاعماً أنها استهدفت تل أبيب وأسدود وعسقلان.

كما ادعى الحوثي استهداف خمس سفن أميركية في خليج عدن، منها: بارجتان حربيتان، وهدد بالاستمرار في الهجمات، وقال إن جماعته نجحت في تدريب وتعبئة أكثر من 600 ألف شخص للقتال خلال أكثر من عام.

من آثار مسيّرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في جنوب تل أبيب الاثنين الماضي (أ.ف.ب)

وتبنّى الحوثيون على امتداد أكثر من عام إطلاق مئات الصواريخ والطائرات المسيّرة باتجاه إسرائيل، لكن لم يكن لها أي تأثير هجومي، باستثناء مسيّرة قتلت شخصاً بعد انفجارها بشقة في تل أبيب يوم 19 يوليو (تموز) الماضي.

واستدعت هذه الهجمات من إسرائيل الرد في 20 يوليو الماضي، مستهدفة مستودعات للوقود في ميناء الحديدة، وهو ما أدى إلى مقتل 6 أشخاص، وإصابة نحو 80 آخرين.

وتكرّرت الضربات الإسرائيلية في 29 سبتمبر (أيلول) الماضي، ضد مستودعات للوقود في كل من الحديدة ورأس عيسى. كما استهدفت محطتي توليد كهرباء في الحديدة، بالإضافة إلى مطار المدينة الخارج عن الخدمة منذ سنوات. وأسفرت هذه الغارات عن مقتل 4 أشخاص، وإصابة نحو 30 شخصاً، وفق ما أقر به الحوثيون.

أحدث الهجمات

أعلن الجيش الإسرائيلي، الاثنين الماضي، أن طائرة مسيّرة، يعتقد أنها انطلقت من اليمن، أصابت مبنى في جنوب تل أبيب، وفق ما نقلته وسائل إعلام غربية.

وقالت القناة «13» الإسرائيلية: «ضربت طائرة مسيّرة الطابق الـ15 من مبنى سكني في يفنه، ولحق دمار كبير بشقتين»، مشيرة إلى وصول قوات كبيرة إلى المكان.

وأفاد الجيش الإسرائيلي بورود «تقارير عن سقوط هدف جوي مشبوه في منطقة مدينة يفنه. ولم يتم تفعيل أي تحذير». وقالت نجمة داود الحمراء إنه لم تقع إصابات.

وأشارت قوات الإطفاء والإنقاذ، التي وصلت إلى مكان الحادث، إلى وقوع أضرار جسيمة في شقتين. كما نقل موقع «0404» الإسرائيلي اليوم عن متحدث باسم الجيش الإسرائيلي قوله: «يبدو أن الطائرة المسيّرة التي أصابت مبنى في يفنه قد انطلقت من اليمن»، مشيراً إلى أنه يجري التحقيق في الحادث.

مدمرة أميركية في البحر الأحمر تطلق صاروخاً ضد أهداف حوثية (رويترز)

وعلى صعيد الهجمات البحرية، كانت القيادة المركزية الأميركية أعلنت في بيان، الثلاثاء، الماضي، أنّ سفينتين عسكريّتين أميركيّتين صدّتا هجوماً شنّه الحوثيون بواسطة طائرات من دون طيّار وصاروخ كروز، وذلك في أثناء حراستهما ثلاث سفن تجارية في خليج عدن.

وقال البيان إن «المدمّرتين أحبطتا هجمات شُنّت بطائرات من دون طيار وبصاروخ كروز مضاد للسفن، لتضمنا بذلك سلامتهما وأفرادهما، وكذلك سلامة السفن المدنية وأطقمها».

وأوضح البيان أنّ «المدمرتين كانتا ترافقان ثلاث سفن تجارية تابعة للولايات المتحدة»، مشيراً إلى عدم وقوع إصابات أو إلحاق أضرار بأيّ سفن.

يشار إلى أن الهجمات الحوثية في البحر الأحمر أدت منذ 19 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023 إلى غرق سفينتين وقرصنة ثالثة، كما أدت إلى مقتل 3 بحارة وإصابة آخرين في هجوم ضد سفينة ليبيرية.

وفي حين تبنى زعيم الحوثيين مهاجمة أكثر من 211 سفينة منذ بدء التصعيد، كانت الولايات المتحدة ومعها بريطانيا في أربع مرات على الأقل، نفذت منذ 12 يناير (كانون الثاني) الماضي أكثر من 800 غارة على أهداف للجماعة أملاً في الحد من قدرتها على تنفيذ الهجمات البحرية.