الخرطوم تغرق في بحور من الأمطار الغزيرة

انهيار مئات المنازل... وتحذيرات من كوارث بيئية وصحية

TT

الخرطوم تغرق في بحور من الأمطار الغزيرة

فقدت مئات الأسر السودانية المأوى، وتقطعت السبل بمئات المسافرين في الطرق السريعة، بسبب هطول أمطار غزيرة في أجزاء واسعة من البلاد، وتحوّلت بعض شوارع الخرطوم إلى بحيرات من المياه، التي اختلطت بسخام إطارات السيارات التي أحرقها الثوار إبان أشهر الثورة التي امتدت إلى عدة أشهر. وانهارت أعداد كبيرة من المنازل بشكل كامل أو جزئي، وتعذر وصول كثيرين إلى ذويهم في أنحاء البلاد، وهم في طريقهم لقضاء عطلة عيد الأضحى مع ذويهم، في وقت أصاب الشلل التام السلطات البلدية، المنوط بها مهام تصريف مياه الأمطار.
وعادت إلى العمل مبادرات طوعية شهيرة، مثل مبادرة «نفير»، وهي مبادرة شبابية تنشط عادة إبان الكوارث لمساعدة المتضررين وتوفير الخيام والاحتياجات المعيشية اليومية والصحية لهم. وغمرت مياه الأمطار مناطق كثيرة من الخرطوم، التي تعاني من مشكلة تصريف مزمنة لمياه الأمطار خلال فصل الخريف من كل عام، نظراً إلى هشاشة البنية التحتية لتصريف المياه منذ أيام الرئيس المخلوع عمر البشير. وبلغت حصيلة أولية للخسائر في الممتلكات، بحسب متطوعين في مبادرات المجتمع المدني، انهيار نحو 250 منزلاً انهياراً كلياً في أحياء السلمة، وعد حسين، وجنوب الحزام، وضواحي مدينة أم درمان، فيما تتزايد المخاوف من سقوط مزيد من المنازل لعدم تصريف المياه المحيطة بها، ودون التحسب لكوارث صحية وبيئية متوقعة، ولا يزال الحصر جارياً للمناطق المتضررة في العاصمة ومدن أخرى.
وجرفت السيول المصاحبة للأمطار عدة كيلومترات من الطريق الرئيس، الذي يربط غرب البلاد بوسطها، مروراً بولاية شمال كردفان، ما أدى إلى شلل تام لحركة السفريات الموسمية، من الوسط إلى الأطراف، أثناء أيام عيد الأضحى.
وعلِق مئات المواطنين في الطرق، ما اضطر السلطات إلى إخلائهم بواسطة مروحية وقوارب مطاطية، إثر كسر السيول الطريق عند منطقة وادي المخنزر، بالقرب من منطقة جبرة الشيخ، إلى الغرب من مدينة أم درمان.
واضطر والي ولاية شمال كردفان، الطيب كركساوي، إلى إصدار قرار بإغلاق الطريق المشيد حديثاً، ويطلق عليه «طريق الصادرات»، في المسافة بين مدينتي بارا وأم درمان، إلى ما بعد نهاية فصل الخريف، وإجراء المعالجات اللازمة للطريق. ورغم تحول شوارع الخرطوم إلى بحيرات فإن احتمالات هطول مزيد من الأمطار هي الأرجح، حسب ما أشارت إليه هيئة الأرصاد الجوية، التي دقّت أجراس الإنذار محذرة المواطنين، وطالبة منهم اتخاذ مزيد من التحوطات والتدابير لتقليل الخسائر في الأرواح والممتلكات.
من جانبه، استنفر «تجمع المهنيين السودانيين» لجان الثورة في الأحياء، مطلقاً مبادرة أسماها «نفير الخريف»، تهدف إلى توظيف الحماس الثوري لدى الشباب في مساعدة الأسر المتضررة ونضح المياه عن الطرقات والميادين والأحياء.
ودرج «تجمع المهنيين» طوال أشهر الثورة على دعوة الشباب للاحتجاج والتظاهر ضد نظام البشير، وكانت دعواته تلقى قبولاً كبيراً. وبعد توقيع «الوثيقة الدستورية»؛ يَهدُف «التجمع» إلى توظيف هذا القبول في إعادة بناء ما خرّبه نظام الرئيس المعزول، وأطلق حملة أسماها «نبنيهو» (أي، نبني السودان).
وناشدت لجان الأحياء في جنوب الحزام الأخضر، منظمات المجتمع المدني والجهات المختصة لمساعدة المتضررين من السيول والأمطار. وقالت، في بيان، إن الأوضاع كارثية، وإن معظم المنازل في الحي الغربي من منطقة «مايو» انهارت كلياً، وإن الانهيار يهدد كثيراً من المنازل الأخرى، إضافة إلى وقوع إصابات وسط المواطنين بسبب سقوط منازلهم على رؤوسهم. وأثناء ذلك؛ قامت مبادرة «نفير» - وهي مبادرة طوعية شبابية تكونت عام 2013 لمواجهة آثار السيول والأمطار التي اجتاحت أنحاء واسعة من البلاد آنذاك - بوضع خطة لعمل ميداني بحصر الخسائر في الممتلكات ومساعدة المتضررين في الخرطوم.
وقال عضو المبادرة، مصطفى أبو الريش، لـ«الشرق الأوسط»، إن الأولوية ستتولى تصريف المياه في أحياء جنوب الحزام، وهي الأكثر تضرراً، وستشكل فرقاً للطوارئ لتقدم الخدمات الصحية الضرورية، تحسباً لانتشار الأمراض المنقولة عبر الذباب والبعوض، بالإضافة إلى تقديم الأدوية والأغذية ومياه الشرب الصحية للمتضررين.



تقارير حقوقية توثّق انتهاكات الحوثيين في 3 محافظات يمنية

تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
TT

تقارير حقوقية توثّق انتهاكات الحوثيين في 3 محافظات يمنية

تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)

سلطت أحدث التقارير الحقوقية في اليمن الضوءَ على آلاف الانتهاكات التي ارتكبتها الجماعة الحوثية ضد المدنيين في 3 محافظات، هي العاصمة المختطفة صنعاء، والجوف، والحديدة، بما شملته تلك الانتهاكات من أعمال القمع والقتل والخطف والتجنيد والإخضاع القسري للتعبئة.

وفي هذا السياق، رصد مكتب حقوق الإنسان في صنعاء (حكومي) ارتكاب جماعة الحوثيين نحو 2500 انتهاك ضد المدنيين في صنعاء، خلال عامين.

بقايا منازل فجرها الحوثيون في اليمن انتقاماً من ملاكها (إكس)

وتنوّعت الانتهاكات التي طالت المدنيين في صنعاء بين القتل والاعتداء الجسدي والاختطافات والإخفاء القسري والتعذيب ونهب الممتلكات العامة والخاصة وتجنيد الأطفال والانتهاكات ضد المرأة والتهجير القسري وممارسات التطييف والتعسف الوظيفي والاعتداء على المؤسسات القضائية وانتهاك الحريات العامة والخاصة ونهب الرواتب والتضييق على الناس في سُبل العيش.

وناشد التقرير كل الهيئات والمنظمات الفاعلة المعنية بحقوق الإنسان باتخاذ مواقف حازمة، والضغط على الجماعة الحوثية لإيقاف انتهاكاتها ضد اليمنيين في صنعاء وكل المناطق تحت سيطرتها، والإفراج الفوري عن المخفيين قسراً.

11500 انتهاك

على صعيد الانتهاكات الحوثية المتكررة ضد السكان في محافظة الجوف اليمنية، وثق مكتب حقوق الإنسان في المحافظة (حكومي) ارتكاب الجماعة 11500 حالة انتهاك سُجلت خلال عام ضد سكان المحافظة، شمل بعضها 16 حالة قتل، و12 إصابة.

ورصد التقرير 7 حالات نهب حوثي لممتلكات خاصة وتجارية، و17 حالة اعتقال، و20 حالة اعتداء على أراضٍ ومنازل، و80 حالة تجنيد للقاصرين، أعمار بعضهم أقل من 15 عاماً.

عناصر حوثيون يستقلون سيارة عسكرية في صنعاء (أ.ف.ب)

وتطرق المكتب الحقوقي إلى وجود انتهاكات حوثية أخرى، تشمل حرمان الطلبة من التعليم، وتعطيل المراكز الصحية وحرمان الموظفين من حقوقهم وسرقة المساعدات الإغاثية والتلاعب بالاحتياجات الأساسية للمواطنين، وحالات تهجير ونزوح قسري، إلى جانب ارتكاب الجماعة اعتداءات متكررة ضد المناوئين لها، وأبناء القبائل بمناطق عدة في الجوف.

ودعا التقرير جميع الهيئات والمنظمات المحلية والدولية المعنية بحقوق الإنسان إلى إدانة هذه الممارسات بحق المدنيين.

وطالب المكتب الحقوقي في تقريره بضرورة تحمُّل تلك الجهات مسؤولياتها في مناصرة مثل هذه القضايا لدى المحافل الدولية، مثل مجلس حقوق الإنسان العالمي، وهيئات حقوق الإنسان المختلفة، وحشد الجهود الكفيلة باتخاذ موقف حاسم تجاه جماعة الحوثي التي تواصل انتهاكاتها بمختلف المناطق الخاضعة لسيطرتها.

انتهاكات في الحديدة

ولم يكن المدنيون في مديرية الدريهمي بمحافظة الحديدة الساحلية بمنأى عن الاستهداف الحوثي، فقد كشف مكتب حقوق الإنسان التابع للحكومة الشرعية عن تكثيف الجماعة ارتكاب مئات الانتهاكات ضد المدنيين، شمل بعضها التجنيد القسري وزراعة الألغام، والتعبئة الطائفية، والخطف، والتعذيب.

ووثق المكتب الحقوقي 609 حالات تجنيد لمراهقين دون سن 18 عاماً في الدريهمي خلال عام، مضافاً إليها عملية تجنيد آخرين من مختلف الأعمار، قبل أن تقوم الجماعة بإخضاعهم على دفعات لدورات عسكرية وتعبئة طائفية، بغية زرع أفكار تخدم أجنداتها، مستغلة بذلك ظروفهم المادية والمعيشية المتدهورة.

الجماعة الحوثية تتعمد إرهاب السكان لإخضاعهم بالقوة (إ.ب.أ)

وأشار المكتب الحكومي إلى قيام الجماعة بزراعة ألغام فردية وبحرية وعبوات خداعية على امتداد الشريط الساحلي بالمديرية، وفي مزارع المواطنين، ومراعي الأغنام، وحتى داخل البحر. لافتاً إلى تسبب الألغام العشوائية في إنهاء حياة كثير من المدنيين وممتلكاتهم، مع تداعيات طويلة الأمد ستظل تؤثر على اليمن لعقود.

وكشف التقرير عن خطف الجماعة الحوثية عدداً من السكان، وانتزاعها اعترافات منهم تحت التعذيب، بهدف نشر الخوف والرعب في أوساطهم.

ودعا مكتب حقوق الإنسان في مديرية الدريهمي المجتمع الدولي إلى التدخل العاجل لإيقاف الانتهاكات التي أنهكت المديرية وسكانها، مؤكداً استمراره في متابعة وتوثيق جميع الجرائم التي تواصل ارتكابها الجماعة.