مودي يعتبر إلغاء الحكم الذاتي لكشمير تحريراً لها من «الإرهاب»

نيودلهي دعت إسلام آباد للتراجع عن إجراءاتها... واعتبرت قرارتها حول الإقليم شأناً داخلياً

قوات الأمن الهندية في شوارع العاصمة سريناغار في كشمير (إ.ب.أ)
قوات الأمن الهندية في شوارع العاصمة سريناغار في كشمير (إ.ب.أ)
TT

مودي يعتبر إلغاء الحكم الذاتي لكشمير تحريراً لها من «الإرهاب»

قوات الأمن الهندية في شوارع العاصمة سريناغار في كشمير (إ.ب.أ)
قوات الأمن الهندية في شوارع العاصمة سريناغار في كشمير (إ.ب.أ)

تصاعد التوتر والحرب الكلامية بين الهند وباكستان بعد طرد باكستان السفير الهندي لديها وتقليص التمثيل الدبلوماسي بين البلدين، على خلفية قرار نيودلهي إلغاء مادة الحكم الذاتي في الجزء الذي تديره من كشمير، فيما عمّت المظاهرات المدن في القسم الذي تديره باكستان من الإقليم المتنازع عليه. ومنعت الحكومة الباكستانية شاحنات هندية محملة بالبضائع من المرور عبر أراضيها، وعلقت التجارة الثنائية، ما يشكل إجراء رمزياً، إذ تبقى المبادلات محدودة بين البلدين اللذين دارت بينهما 3 حروب، اثنتان منها بشأن كشمير.
وقالت نيودلهي، أمس (الخميس)، إن كشمير «شأن داخلي». وأكدت وزارة الخارجية، في بيان، أن «الأحداث الأخيرة المرتبطة بالمادة 370 (من الدستور) هي شأن داخلي هندي بالكامل»، منددة بـ«تحركات أحادية» اتخذتها باكستان. وتابعت الحكومة الهندية أن «النية خلف هذه الإجراءات هي بوضوح أن يقدموا للعالم صورة مقلقة لعلاقاتنا الثنائية... وما قالته باكستان من أسباب لا يستند إلى الحقائق على الأرض، والتطورات الأخيرة المتعلقة بإلغاء المادة 370 من الدستور الهندي هي مسألة داخلية».
وأعلن رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي، أمس (الخميس) أنّ بلاده ألغت الحكم الذاتي للشطر الذي تسيطر عليه من كشمير لتحرير الإقليم الذي تتنازع السيادة عليه مع باكستان من «الإرهاب». وقال مودي، في خطاب إلى الأمّة بثّه التلفزيون، وهو أول تعليق له على قرار حكومته الهندوسية القومية تجريد هذه المنطقة من وضعها الخاص: «أيها الأصدقاء، لديّ قناعة تامّة بأنّنا سنتمكّن من خلال هذا النظام من تحرير جامو وكشمير من الإرهاب والنزعة الانفصالية».
الحكومة الباكستانية من جانبها، قالت إن الإجراءات الهندية مخالفة للقانون الدولي، وإن إقليم جامو وكشمير منطقة متنازع عليها حسب القانون الدولي. ووصف عمران خان في خطابه في البرلمان الباكستاني الإجراءات الهندية بأنها مخالفة لقرارات المحكمة العليا في الهند، وقرارات الأمم المتحدة، واتفاقيات جنيف. كما رفض الجيش الباكستاني الإجراءات الهندية مشدداً على أنه لم يعترف يوماً بشرعية السيطرة الهندية على كشمير أو جهود الهند لتقنينها من خلال إلغاء المادة 370 من الدستور الهندي.
وتخوّف وزير الخارجية الباكستاني من قيام الهند بتطهير عرقي وديني في كشمير من خلال إجبار الكشميريين على مغادرة الإقليم إلى مناطق أخرى أو إحضار هندوس للعيش في الإقليم. وحسب التقرير الوارد؛ فقد بدأ مئات من العمال من غير الكشميريين مغادرة القسم الهندي من الإقليم. واشتكى عمال من أن مشغليهم من الكشميريين توقفوا عن دفع أجورهم بعد فرض السلطات العسكرية الهندية إجراءات صارمة تمنع التنقل وتفرض حظر التجوال في المدن الكشميرية.
وشهدت منطقة كارجيل احتجاجات على قرار الحكومة الهندية فصل منطقة لداخ الواسعة عن إقليم كشمير، وقال المتظاهرون إن الحكومة الهندية تريد إيجاد ولاية جديدة يتمتع فيها الهندوس بأكثرية، فيما أشاد برلمانيون من لداخ بقرار الحكومة الهندية الذي يعطي منطقتهم صفة ولاية مستقلة، يكون فيها البوذيون هم الأكثرية.
وتشهد كشمير الهندية، الخميس، اليوم الرابع من الإغلاق التام وتبقى وسائل الاتصال مقطوعة فيها منذ مساء الأحد، فيما حظر على السكان التنقل والتجمع، وسط انتشار كثيف لقوات عسكرية وشبه عسكرية في الشوارع.
وأفادت الصحافة الهندية، الخميس، عن توقيف واعتقال أكثر من 500 شخص في الأيام الأخيرة في كشمير الهندية. وذكرت وكالة «برس تراست أوف إنديا» وصحيفة «إنديان إكسبرس» أن بين الـ560 شخصاً الذين وضعوا في مراكز اعتقال بعد توقيفهم أساتذة جامعيين ورجال أعمال وناشطين ومسؤولين سياسيين.
وطلبت وكالة الأمن الجوي الهندية من مطارات الهند تعزيز تدابيرها الأمنية، إثر التطورات في كشمير، محذرة بأن «الطيران المدني يشكل هدفاً سهلاً للهجمات الإرهابية».
وزار مستشار الأمن الوطني الهندي، أجيت دوفال، إقليم كشمير لتقييم الوضع الأمني فيه بعد قرارات الحكومة الأخيرة، وتقدم معارضون لسياسة مودي بالتماس للمحكمة الهندية العليا للطعن في قرار الحكومة الهندية. وقال عضو حزب المؤتمر الهندي تحسين بونوالا إنه يتوقع أن تستمع المحكمة العليا للالتماس الذي يطالب رفع حظر التجول والإجراءات المتشددة التي قامت بها الحكومة، بما فيها وقف الاتصالات وعمل شركات الهاتف الجوال والإنترنت والمحطات التلفزيونية في كشمير.
وفي سياق متصل؛ قامت الحكومة الباكستانية باعتقال مريم نواز شريف أثناء توجهها لزيارة والدها في سجن كوت لاخبوت قرب مدينة لاهور. وقالت هيئة مكافحة الفساد المالي إن على مريم نواز شريف أن تواجه تحقيقاً فيما يخص معملاً لتكرير السكر، لكنها تمكنت من الحصول على كفالة وعدم المثول أمام لجنة التحقيق وواصلت طريقها لزيارة والدها في السجن. لكن فريقاً من محققي هيئة مكافحة الفساد رافقوها ووضعوها رهن التحقيق والاعتقال في المقر الرئيسي للهيئة. وقال مسؤول رفض الكشف عن هويته إنه جرى احتجاز مريم نواز في سجن بمدينة لاهور شرق البلاد؛ حيث كانت قد أتت للقاء والدها، الذي يقضى عقوبة السجن 7 أعوام. وحسب مسؤول في الهيئة، فإن مريم نواز شريف ستمثل أمام قاضٍ اليوم (الجمعة).
وكان قد جرى انتخاب مريم لشغل منصب نائب رئيس حزب الرابطة الإسلامية - فرع نواز شريف. وقادت مريم مسيرات حاشدة لمطالبة حكومة رئيس الوزراء عمران خان بالإفراج عن والدها. ويذكر أن المحكمة العليا الباكستانية قد قضت بعزل شريف من منصبه عام 2017 بعد توجيه اتهامات بالفساد له، على خلفية وثائق بنما التي تم تسريبها عام 2016. وأدانت محكمة لمكافحة الفساد كلاً من شريف ومريم، وتم إلقاء القبض عليهما في يوليو (تموز) العام الماضي. ولكن محكمة عليا علّقت قرار الإدانة وقضت بالإفراج عن الاثنين. وتم توجيه اتهامات مختلفة لشريف مجدداً في ديسمبر (كانون الأول) الماضي، ما أدى إلى إعادته للسجن. وقال مسؤول إنه تم إلقاء القبض على مريم اليوم بعد توجيه اتهامات فساد جديدة لها. وقال حزبها إنه تم احتجازها لقيادتها مسيرات ضد الحكومة.



موسكو تلعب على التصعيد النووي في انتظار عودة ترمب إلى البيت الأبيض

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال اجتماع في موسكو 21 نوفمبر 2024 (رويترز)
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال اجتماع في موسكو 21 نوفمبر 2024 (رويترز)
TT

موسكو تلعب على التصعيد النووي في انتظار عودة ترمب إلى البيت الأبيض

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال اجتماع في موسكو 21 نوفمبر 2024 (رويترز)
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال اجتماع في موسكو 21 نوفمبر 2024 (رويترز)

يشكّل تحديث العقيدة النووية لروسيا الذي أعلنه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين مؤخراً، تحذيراً للغرب، وفتحاً ﻟ«نافذة استراتيجية» قبل دخول الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب البيت الأبيض، وفق تحليل لصحيفة «لوفيغارو» الفرنسية.

«إن تحديث العقيدة النووية الروسية يستبعد احتمال تعرّض الجيش الروسي للهزيمة في ساحة المعركة»، بيان صادر عن رئيس الاستخبارات الخارجية الروسية، سيرغي ناريتشكين، لا يمكن أن يكون بياناً عادياً، حسب «لوفيغارو». فمن الواضح، حسب هذا التصريح الموجه إلى الغربيين، أنه من غير المجدي محاولة هزيمة الجيش الروسي على الأرض، لأن الخيار النووي واقعي. هذه هي الرسالة الرئيسة التي بعث بها فلاديمير بوتين، الثلاثاء، عندما وقّع مرسوم تحديث العقيدة النووية الروسية المعتمد في عام 2020.

ويدرك الاستراتيجيون الجيوسياسيون الحقيقة الآتية جيداً: الردع هو مسألة غموض (فيما يتعلّق باندلاع حريق نووي) ومسألة تواصل. «وفي موسكو، يمكننا أن نرى بوضوح الذعر العالمي الذي يحدث في كل مرة يتم فيها نطق كلمة نووي. ولا يتردد فلاديمير بوتين في ذكر ذلك بانتظام، وفي كل مرة بالنتيجة المتوقعة»، حسب الصحيفة. ومرة أخرى يوم الثلاثاء، وبعد توقيع المرسوم الرئاسي، انتشرت موجة الصدمة من قمة مجموعة العشرين في كييف إلى بكين؛ حيث حثّت الحكومة الصينية التي كانت دائماً شديدة الحساسية تجاه مبادرات جيرانها في ما يتصل بالمسائل النووية، على «الهدوء» وضبط النفس. فالتأثير الخارق الذي تسعى روسيا إلى تحقيقه لا يرتبط بالجوهر، إذ إن العقيدة النووية الروسية الجديدة ليست ثورية مقارنة بالمبدأ السابق، بقدر ارتباطها بالتوقيت الذي اختارته موسكو لهذا الإعلان.

صورة نشرتها وزارة الدفاع الروسية في الأول من مارس 2024 اختبار إطلاق صاروخ باليستي عابر للقارات تابع لقوات الردع النووي في البلاد (أ.ف.ب)

العقيدة النووية الروسية

في سبتمبر (أيلول) الماضي، وفي حين شنّت قوات كييف في أغسطس (آب) توغلاً غير مسبوق في منطقة كورسك في الأراضي الروسية، رد فلاديمير بوتين بتحديد أنه يمكن استخدام الأسلحة النووية ضد دولة غير نووية تتلقى دعماً من دولة نووية، في إشارة واضحة إلى أوكرانيا والولايات المتحدة. لكن في نسخة 2020 من الميثاق النووي الروسي، احتفظت موسكو بإمكانية استخدام الأسلحة الذرية أولاً، لا سيما في حالة «العدوان الذي تم تنفيذه ضد روسيا بأسلحة تقليدية ذات طبيعة تهدّد وجود الدولة ذاته».

وجاء التعديل الثاني في العقيدة النووية الروسية، الثلاثاء الماضي، عندما سمحت واشنطن لكييف باستخدام الصواريخ بعيدة المدى: رئيس الكرملين يضع ختمه على العقيدة النووية الجديدة التي تنص على أن روسيا ستكون الآن قادرة على استخدام الأسلحة النووية «إذا تلقت معلومات موثوقة عن بدء هجوم جوي واسع النطاق عبر الحدود، عن طريق الطيران الاستراتيجي والتكتيكي وصواريخ كروز والطائرات من دون طيار والأسلحة التي تفوق سرعتها سرعة الصوت». وحسب المتخصصة في قضايا الردع في المعهد الفرنسي للعلاقات الدولية (إيفري)، هيلواز فايت، فإن هذا يعني توسيع شروط استخدام السلاح النووي الروسي.

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يصافح الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب خلال اجتماع على هامش قمة مجموعة العشرين في أوساكا باليابان 28 يونيو 2019 (رويترز)

انتظار عودة ترمب

لفترة طويلة، لاحظ صقور الاستراتيجية الجيوستراتيجية الروسية أن الردع الروسي تلاشى. وبالنسبة إليهم، فقد حان الوقت لموسكو لإعادة تأكيد خطوطها الحمراء من خلال «إعادة ترسيخ الخوف» من الأسلحة النووية، على حد تعبير سيرغي كاراجانوف، الخبير الذي يحظى باهتمام فلاديمير بوتين. ةمن هذا المنظار أيضاً، يرى هؤلاء المختصون اندلاع الحرب في أوكرانيا، في 24 فبراير (شباط) 2022، متحدثين عن «عدوان» من الغرب لم تكن الترسانة النووية الروسية قادرة على ردعه. بالنسبة إلى هؤلاء المتعصبين النوويين، ينبغي عدم حظر التصعيد، بل على العكس تماماً. ومن الناحية الرسمية، فإن العقيدة الروسية ليست واضحة في هذا الصدد. لا تزال نسخة 2020 من العقيدة النووية الروسية تستحضر «تصعيداً لخفض التصعيد» غامضاً، بما في ذلك استخدام الوسائل غير النووية.

وحسب قناة «رايبار» المقربة من الجيش الروسي على «تلغرام»، فإنه كان من الضروري إجراء تحديث لهذه العقيدة؛ لأن «التحذيرات الروسية الأخيرة لم تُؤخذ على محمل الجد».

ومن خلال محاولته إعادة ترسيخ الغموض في الردع، فإن فلاديمير بوتين سيسعى بالتالي إلى تثبيط الجهود الغربية لدعم أوكرانيا. وفي ظل حملة عسكرية مكلفة للغاية على الأرض، يرغب رئيس «الكرملين» في الاستفادة من الفترة الاستراتيجية الفاصلة بين نهاية إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن ووصول الرئيس المنتخب دونالد ترمب إلى البيت الأبيض، الذي يتوقع منه بوتين مبادرات سلام محتملة لإنهاء الحرب.

يسعى بوتين، وفق الباحثة في مؤسسة «كارنيغي»، تاتيانا ستانوفايا، لوضع الغرب أمام خيارين جذريين: «إذا كنت تريد حرباً نووية، فستحصل عليها»، أو «دعونا ننهي هذه الحرب بشروط روسيا».