نتنياهو يتعهد ضمان السيادة الإسرائيلية على الضفة الغربية

الجامعة العربية تدين القرار الإسرائيلي بناء وحدات استيطانية جديدة

TT

نتنياهو يتعهد ضمان السيادة الإسرائيلية على الضفة الغربية

تعهد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، أمس، بالدفع نحو ضمان السيادة الإسرائيلية على «جميع أنحاء الضفة الغربية» فيما بدا رداً أولياً على قتل جندي إسرائيلي بالقرب من بيت لحم. وفي غضون ذلك، أدانت جامعة الدول العربية القرار الإسرائيلي إقامة 2300 وحدة استيطانية جديدة بالضفة الغربية، وقال الأمين العام المساعد لشؤون فلسطين والأراضي العربية المحتلة بالجامعة سعيد أبو علي، أمس، إن القرار الجديد «يأتي في سياق الهجمة الاستيطانية المتسارعة بصورة غير مسبوقة في الأرض الفلسطينية المحتلة، بما فيها القدس، والذي يشكل انتهاكاً جسيماً لقواعد القانون الدولي وقرارات الشرعية الدولية والإمعان الإسرائيلي في تقويض أسس حل الدولتين المُعبِّر عن الشرعية وإرادة المجتمع الدولي».
وقال نتنياهو، وهو يضع حجر أساس لـ650 وحدة استيطانية جديدة في مستوطنة «بيت إيل»: إن «منفذي الهجمات يأتون ليدمروا، ونحن نأتي لنبني. تعهدنا ببناء مئات الوحدات السكنية، واليوم نقوم بذلك لأننا تعهدنا ولأن مهمتنا هي إقامة دولة إسرائيل في بلدنا ضمان سيادتنا في وطننا التاريخي. نعلم أننا نحصّل دولة إسرائيل بواسطة المعاناة». وجاءت تعهدات نتنياهو بفرض السيادة على الضفة الغربية بعدما كان قد تعهد قبل انتخابات أبريل (نيسان) بفرض القانون الإسرائيلي في جميع مستوطنات الضفة الغربية. وشارك في تدشين الحي الاستيطاني الجديد، رئيس المجلس الإقليمي الاستيطاني «بيت إيل» شاي ألون، ووزير الهجرة والاستيعاب، يوآف غالانت الذي قال: «ردنا على العمليات هو البناء والتوسع الاستيطاني».
وخطوة نتنياهو جاءت بعد يوم من إدانات أوروبية ودولية وعربية واسعة لدفع حكومته خططاً لبناء 2304 وحدات استيطانية جديدة في الضفة الغربية. كما أدانت السلطة الفلسطينية التغول الاستيطاني. وقال أبو علي، في تصريح صحافي، إن هذه السلسلة من الانتهاكات الخطيرة والعدوان الإسرائيلي المتواصل على الشعب الفلسطيني -وجوداً وحقوقاً- يأتي في ظل دعم أميركي مطلق، مشيراً إلى أنه بات يشكل اختباراً حقيقياً لجدية المجتمع الدولي وحرصه على حماية قراراته وتطبيقها بتحميل سلطات الاحتلال الإسرائيلي لمسؤولياتها أمام أجهزة ومؤسسات العدالة الدولية بما فيها الجنايات الدولية. وأكد دعم الجامعة العربية وأعضائها المتواصل لصمود وحقوق الشعب الفلسطيني، وأهمية قيام المنظمات والمؤسسات الدولية في إطار الأمم المتحدة بدورها ومسؤولياتها لوقف هذه الجرائم الإسرائيلية المستمرة وإنفاذ القرارات الدولية ذات الصلة بتوفير الحماية اللازمة.
من جانبها، وصفت عضوة اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية حنان عشراوي، أمس، قيام نتنياهو بوضع حجر الأساس لحي جديد في مستوطنة بيت إيل يشمل بناء 650 وحدة استيطانية، بأنه «سلوك استعماري للمستوطن نتنياهو يأتي في سياق الدعاية للانتخابات الإسرائيلية المقبلة التي تجري دائماً بين القوى المتطرفة والمعادية للسلام على حساب حقوق وحياة ومقدرات شعبنا». وأضافت: «هذا التصاعد الاستيطاني في الضفة الغربية المحتلة يؤكد طبيعة وشكل حكومات دولة الاحتلال المتعاقبة الاستعمارية والتوسعية التي تقوم على التطهير العرقي والتهجير القسري وسرقة الأرض والموارد والممتلكات وتحدي القانون الدولي وقرارات الشرعية الدولية، وتعزيز وجود المستوطنين المتطرفين وفرض إسرائيل الكبرى على فلسطين التاريخية». وأشارت عشراوي إلى أن بناء هذا الحي الجديد يأتي بغطاء أميركي سياسي وقانوني ومالي، باعتبار هذه المستوطنة تلقت دعماً من السفير الأميركي في إسرائيل ديفيد فريدمان، ومن جاريد كوشنر، صهر الرئيس الأميركي دونالد ترمب، اللذين تبرعا لها بهدف تعزيز الاستيطان فيها على حساب أراضٍ فلسطينية مغتصبة. ولفتت عشراوي إلى أن التصعيد الاستيطاني يأتي في أعقاب إدانة دول العالم بما فيها الاتحاد الأوروبي وبريطانيا وتركيا لمصادقة ما تسمى لجنة التخطيط والبناء التابعة للإدارة المدنية الإسرائيلية على بناء 2304 وحدات استيطانية في مناطق الضفة الغربية المحتلة. وقالت: «إن هذه الجرائم تؤكد الحاجة إلى تبني المجتمع الدولي لبرنامج عقابي وخطوات فاعلة لمحاسبة ومساءلة إسرائيل عن تنصلها وانتهاكها للقانونين الدولي والإنساني».
كما أدانت وزارة الخارجية الفلسطينية بأشد العبارات الزيارة الاستفزازية التي قام بها نتنياهو لمستوطنة «بيت إيل» المقامة على أراضي المواطنين شرق البيرة ووضعه حجر الأساس لحي استيطاني جديد في المستوطنة. واستنكرت الوزارة الدعوات الاستعمارية العنصرية التي أطلقها أركان اليمين الحاكم في إسرائيل سواء لفرض القانون الإسرائيلي على الضفة الغربية المحتلة، أو لضم مناطق «ج» أو لضم المستوطنات تحت حجج وذرائع مختلفة وواهية. وحذّرت الخارجية بشدة من مخاطر وتداعيات هذه الدعوات لما لها من انعكاسات على تدمير ما تبقى من فرص تحقيق السلام على أساس حل الدولتين.
وأكدت أن تحقيق السلام العادل والشامل هو المفتاح الحقيقي لتحقيق الأمن والاستقرار للجميع، مطالبةً المجتمع الدولي وفي مقدمته مجلس الأمن والدول الأعضاء فيه بالتعامل بمنتهى الجدية مع تلك الدعوات، وإدانتها باعتبارها اعتداءً صريحاً على قرارات الأمم المتحدة والقانون الدولي، واتفاقيات جنيف، وانقلاباً على الاتفاقيات الموقّعة. وقالت الخارجية: «إن عدم محاسبة سلطات الاحتلال على انتهاكاتها وجرائمها الاستيطانية ودعواتها العنصرية بات يوفر الغطاء والحصانة لدولة الاحتلال ومؤسساتها، لارتكاب المزيد من الجرائم والانتهاكات بحق شعبنا وأرضه ومقدساته وممتلكاته، كما أن الانحياز الأميركي الكامل للاحتلال وعدم اتخاذ مجلس الأمن إجراءات وتدابير قانونية لتوفير الحماية الدولية لشعبنا وأرضنا، يشجع سلطات الاحتلال على التمادي بتعميق نظام الفصل العنصري في فلسطين المحتلة، ويُفقِد الأمم المتحدة ما تبقى من مصداقيتها».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».