عباس يؤكد لوفد من الكونغرس رفضه «إملاءات» واشنطن

اتفاق فلسطيني ـ أردني لتوفير النفط بدلاً عن شرائه من إسرائيل

الرئيس الفلسطيني خلال استقباله وفداً من أعضاء الحزب الديمقراطي في الكونغرس الأميركي أمس (وفا)
الرئيس الفلسطيني خلال استقباله وفداً من أعضاء الحزب الديمقراطي في الكونغرس الأميركي أمس (وفا)
TT

عباس يؤكد لوفد من الكونغرس رفضه «إملاءات» واشنطن

الرئيس الفلسطيني خلال استقباله وفداً من أعضاء الحزب الديمقراطي في الكونغرس الأميركي أمس (وفا)
الرئيس الفلسطيني خلال استقباله وفداً من أعضاء الحزب الديمقراطي في الكونغرس الأميركي أمس (وفا)

استقبل الرئيس الفلسطيني محمود عباس في مكتبه بمدينة رام الله، أمس، وفداً من أعضاء الحزب الديمقراطي في الكونغرس الأميركي، في ظل مقاطعته الإدارة الأميركية منذ ديسمبر (كانون الأول) 2017. وأكد عباس للوفد الأميركي، برئاسة رئيس الأغلبية في الكونغرس، ستيني هوير، على حل الدولتين وفقاً لقرارات الشرعية الدولية، ورفضه لـ«الإملاءات والقرارات الأميركية» المتعلقة بالقدس واللاجئين والحدود والأمن. وجدد عباس التأكيد على أن إسرائيل «لم تحترم الاتفاقات الثنائية الموقعة برعاية دولية، وتصر على تدميرها، الأمر الذي دفع القيادة الفلسطينية لاتخاذ قرار بوقف هذه الاتفاقيات».
من جانبهم، دعم أعضاء الوفد الأميركي حل الدولتين وتحقيق السلام، بينما أجاب عباس على أسئلة طرحها الوفد متعلقة بإمكانية تحقيق السلام بين الفلسطينيين وإسرائيل.
ويفترض أن لجنة شكلها عباس ويترأسها، ستجتمع لوضع خطة لوقف العمل بالاتفاقات الموقعة مع إسرائيل. وقررت اللجنة مواصلة عملها بعيداً عن وسائل الإعلام بهدف وضع خطة هادئة قابلة للتنفيذ. ولا يوجد سقف زمني لعمل اللجنة التي يفترض أن تقدم توصياتها لمنظمة التحرير. وبدأت اللجنة العمل لتنفيذ قرار اتخذه عباس نهاية الشهر الماضي بوقف العمل بجميع الاتفاقات مع إسرائيل، وذلك بعد أيام من عملية إسرائيلية تمثلت في هدم أكثر من 100 وحدة سكنية فلسطينية، في وادي الحمص شرقي القدس. وقال عباس حينها: «لن نرضخ للإملاءات وفرض الأمر الواقع على الأرض بالقوة الغاشمة؛ خصوصاً في القدس المحتلة، مضيفاً: «لا سلام ولا أمن ولا استقرار في منطقتنا وفي العالم، دون أن ينعم شعبنا بحقوقه كاملة». ويدور الحديث عن اتفاق أوسلو وملاحقه الأمنية والاقتصادية؛ لكن هذه ليست المرة الأولى التي تعلن فيها القيادة الفلسطينية قرارات من هذا النوع. وتبدو المسألة معقدة؛ لأن إسرائيل تتحكم في معظم مناحي حياة الفلسطينيين، مما يجعل تطبيق الفلسطينيين لقرارات استقلالهم صعبة ومحل شكوك. ويعني وقف العمل بالاتفاقات وقف التنسيق الأمني ووقف العمل ببروتوكول باريس الاقتصادي.
وتريد السلطة التخلص من التبعية الاقتصادية لإسرائيل، ولهذا الغرض وقعت الحكومتان الأردنية والفلسطينية، أمس، مذكرة تفاهم للتعاون في مجال توفير احتياجات السوق الفلسطينية من المشتقات النفطية من الأردن. وتستورد السلطة الآن الوقود من إسرائيل. ووقع المذكرة وزير المالية الفلسطيني شكري بشارة، ووزيرة الطاقة والثروة المعدنية الأردنية، هالة زواتي، بحضور رئيس سلطة الطاقة الفلسطينية، ظافر ملحم. وتنص المذكرة على تعاون البلدين في مجالات توفير احتياجات السوق الفلسطينية من المشتقات النفطية، من خلال شرائها من الشركات المرخصة في الأردن وتصديرها إلى فلسطين، وتخزين المشتقات النفطية في المرافق النفطية الأردنية، إضافة إلى مجالات التعاون في الطاقة.
وأكد بشارة على أهمية مذكرة التفاهم في تحديد معايير التعامل فيما يخص توفير احتياجات السوق الفلسطينية من المشتقات النفطية، مشيراً إلى أنها أمر حيوي ومهم للطرفين، وتأتي استكمالاً لأعمال اللجنة الفلسطينية الأردنية العليا المشتركة. وقال إن «المذكرة تأتي في إطار توثيق علاقات التعاون بين البلدين لخدمة مصالحهما الاقتصادية؛ خصوصاً أن سوق المشتقات النفطية في الأردن تعد متقدمة، والمذكرة لبنة أخرى في صرح العلاقات الأخوية التي تربط الأردن وفلسطين والشعبين الشقيقين، ومطلب مهم للطرفين سينعكس إيجاباً على شعبي البلدين، وسيتم تلمس نتائجه الإيجابية قريباً».
وقدر بشارة قيمة مستوردات دولة فلسطين من المشتقات النفطية سنوياً بمبلغ يتراوح ما بين 2.5 إلى 3 مليارات دولار، وأشار إلى أن سلطة الطاقة الفلسطينية تتابع بشكل حثيث موضوع رفع قدرة الربط الكهربائي مع الأردن، واصفاً المشروع بأنه تطور مهم «ننظر إليه ببالغ الأهمية» ويجسد رؤية الرئيس محمود عباس، والعاهل الأردني الملك عبد الله الثاني وحكومتي البلدين.
وقالت زواتي إن المذكرة تأتي تجسيداً لعلاقات التعاون الأخوي المتينة التي تربط البلدين، بما يخدم مصالح الشعبين الشقيقين، مشيدة بالتعاون الطاقي القائم بين الأردن وفلسطين. وأكدت أهمية تزويد فلسطين بالمشتقات النفطية لمساعدة الشعب الفلسطيني على تنويع مصادره من الطاقة، مبدية استعداد المملكة لتقديم خبراتها للجانب الفلسطيني؛ خصوصاً في مجال قطاع تسويق المشتقات النفطية.
وكان رئيس الوزراء الفلسطيني محمد أشتية، قد بحث الشهر الماضي في الأردن والعراق مسألة الانفكاك التدريجي عن الاحتلال، واتفق مع بغداد على الحصول على النفط العراقي وتكريره في الأردن، بينما أعلن العراق في وقت سابق عن استعداده لتقديم النفط العراقي للفلسطينيين.
وبحثت السلطة في وقت سابق استيراد النفط من الخارج ولم تنجح؛ لكن أشتية عاد وطرح الفكرة من جديد، وبحث الأمر مع المسؤولين الأردنيين والعراقيين. وتحتاج مثل هذه الخطة إلى موافقة إسرائيلية، مما يجعلها معقدة إلى حد ما. وتجد السلطة صعوبة في الاستقلال الاقتصادي، بسبب تحكم إسرائيل في معظم مناحي الحياة والموانئ والمطارات والحدود.



«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
TT

«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)

ما زال حزب «الجبهة الوطنية» المصري الجديد يثير انتقادات وتساؤلات بشأن برنامجه وأهدافه وطبيعة دوره السياسي في المرحلة المقبلة، خاصة مع تأكيد مؤسسيه أنهم «لن يكونوا في معسكر الموالاة أو في جانب المعارضة».

وكان حزب «الجبهة الوطنية» مثار جدل وتساؤلات في مصر، منذ الكشف عن اجتماعات تحضيرية بشأنه منتصف الشهر الماضي، انتهت بإعلان تدشينه في 30 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وتمحورت التساؤلات حول أسباب ظهوره في هذه المرحلة، وهل سيكون بديلاً لحزب الأغلبية في البرلمان المصري (مستقبل وطن)، لا سيما أن مصر مقبلة على انتخابات برلمانية نهاية العام الجاري.

هذه التساؤلات حاول اثنان من مؤسسي الحزب الإجابة عنها في أول ظهور إعلامي مساء السبت، ضمن برنامج «الحكاية» المذاع على قناة «إم بي سي»، وقال وكيل مؤسسي حزب «الجبهة الوطنية» ووزير الإسكان المصري السابق عاصم الجزار، إن «الحزب هو بيت خبرة هدفه إثراء الفكر وإعادة بناء الوعي المصري المعاصر»، مؤكداً أن الحزب «لا يسعى للأغلبية أو المغالبة، بل يستهدف التأثير النوعي وليس الكمي».

وأضاف: «هدفنا تشكيل تحالف من الأحزاب الوطنية القائمة، إذ لن نعمل وحدنا»، معلناً استعداد الحزب الجديد، الذي لا يزال يستكمل إجراءات تأسيسه رسمياً، للتحالف مع «أحزاب الأغلبية مستقبل وطن وحماة وطن والمعارضة والمستقلين أيضاً بهدف خدمة المصلحة الوطنية»، مستطرداً: «لن نكون أداة لتمرير قرارات، بل أداة للإقناع بها».

وشدد الجزار على أن «الحزب لا ينتمي لمعسكر الموالاة أو للمعارضة»، وإنما «نعمل لمصلحة الوطن».

وهو ما أكده رئيس «الهيئة العامة للاستعلامات» بمصر وعضو الهيئة التأسيسية لحزب «الجبهة الوطنية»، ضياء رشوان، الذي قال: «سنشكر الحكومة عندما تصيب ونعارضها عندما تخطئ»، مشيراً إلى أن «مصر ليس لها حزب حاكم حتى يكون هناك حديث عن موالاة ومعارضة».

الانتقادات الموجهة للحزب ارتبطت بتساؤلات حول دوره في ظل وجود نحو 87 حزباً سياسياً، وفق «الهيئة العامة للاستعلامات»، منها 14 حزباً ممثلاً في البرلمان الحالي، يتصدرها حزب «مستقبل وطن» بأغلبية 320 مقعداً، يليه حزب «الشعب الجمهور» بـ50 مقعداً، ثم حزب «الوفد» بـ39 مقعداً، وحزب «حماة الوطن» بـ27 مقعداً، وحزب «النور» الإسلامي بـ11 مقعداً، وحزب «المؤتمر» بـ8 مقاعد.

ورداً على سؤال للإعلامي عمرو أديب، خلال برنامج «الحكاية»، بشأن ما إذا كان الحزب «طامحاً للحكم ويأتي بوصفه بديلاً لحزب الأغلبية»، قال رشوان: «أي حزب سياسي يسعى للحكم، لكن من السذاجة أن نقول إن حزباً يعمل على إجراءات تأسيسه اليوم سيحصد الأغلبية بعد 8 أو 10 أشهر»، مشيراً إلى أن «الحزب لن يعيد تجارب (الهابطين من السماء)». واستطرد: «لن نسعى للأغلبية غداً، لكن قد يكون بعد غد».

وأضاف رشوان أن «الحزب يستهدف في الأساس إعادة بناء الحياة السياسية في مصر بعد فشل تجربة نظام الحزب الواحد في مصر منذ عام 1952»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إحياء تحالف 30 يونيو (حزيران)»، لافتاً إلى أن «التفكير فيه هو ثمرة للحوار الوطني الذي أثار زخماً سياسياً».

طوال ما يزيد على ساعة ونصف الساعة حاول الجزار ورشوان الإجابة عن التساؤلات المختلفة التي أثارها إعلان تدشين الحزب، والتأكيد على أنه «ليس سُلمة للوصول إلى البرلمان أو الوزارة»، وليس «بوابة للصعود»، كما شددا على أن «حزب الجبهة يضم أطيافاً متعددة وليس مقصوراً على لون سياسي واحد، وأنه يضم بين جنباته المعارضة».

وعقد حزب «الجبهة الوطنية» نحو 8 اجتماعات تحضيرية على مدار الأسابيع الماضي، وتعمل هيئته التأسيسية، التي تضم وزراء ونواباً ومسؤولين سابقين، حالياً على جمع التوكيلات الشعبية اللازمة لإطلاقه رسمياً.

ويستهدف الحزب، بحسب إفادة رسمية «تدشين أكبر تحالف سياسي لخوض الانتخابات البرلمانية المقبلة، عبر صياغة تفاهمات سياسية واسعة مع الأحزاب الموجودة»، إضافة إلى «لمّ الشمل السياسي في فترة لا تحتمل التشتت».

ومنذ إطلاق الحزب تم ربطه بـ«اتحاد القبائل والعائلات المصرية» ورئيسه رجل الأعمال إبراهيم العرجاني، حتى إن البعض قال إن «الحزب هو الأداة السياسية لاتحاد القبائل». وعزز هذه الأحاديث إعلان الهيئة التأسيسية التي ضمت رجل الأعمال عصام إبراهيم العرجاني.

وأرجع الجزار الربط بين الحزب والعرجاني إلى أن «الاجتماعات التحضيرية الأولى للحزب كانت تجري في مكتبه بمقر اتحاد القبائل؛ كونه أميناً عاماً للاتحاد»، مؤكداً أن «الحزب لا علاقة له باتحاد القبائل». وقال: «العرجاني واحد من عشرة رجال أعمال ساهموا في تمويل اللقاءات التحضيرية للحزب». وأضاف: «الحزب لا ينتمي لشخص أو لجهة بل لفكرة».

وحول انضمام عصام العرجاني للهيئة التأسيسية، قال رشوان إنه «موجود بصفته ممثلاً لسيناء، ووجوده جاء بترشيح من أهل سيناء أنفسهم».

وأكد رشوان أن «البعض قد يرى في الحزب اختراعاً لكتالوج جديد في الحياة السياسية، وهو كذلك»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إعادة بناء الحياة السياسية في مصر التي يقول الجميع إنها ليست على المستوى المأمول».

بينما قال الجزار: «نحن بيت خبرة يسعى لتقديم أفكار وحلول وكوادر للدولة، ونحتاج لكل من لديه القدرة على طرح حلول ولو جزئية لمشاكل المجتمع».

وأثارت تصريحات الجزار ورشوان ردود فعل متباينة، وسط تساؤلات مستمرة عن رؤية الحزب السياسية، التي أشار البعض إلى أنها «غير واضحة»، وهي تساؤلات يرى مراقبون أن حسمها مرتبط بالانتخابات البرلمانية المقبلة.

كما رأى آخرون أن الحزب لم يكن مستعداً بعد للظهور الإعلامي.

بينما أشار البعض إلى أن «الحزب ولد بمشاكل تتعلق بشعبية داعميه»، وأنه «لم يفلح في إقناع الناس بأنه ليس حزب موالاة».

وقال مستشار مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية الدكتور عمرو الشوبكي لـ«الشرق الأوسط» إن «الحزب قدم حتى الآن كلاماً عاماً دون تصور أو رؤية واضحة للإصلاح التدريجي»، موضحاً أنه «من حيث المبدأ من حق أي جماعة تأسيس حزب جديد».

وبينما أكد الشوبكي أن ما عرضه المسؤولون عن الحزب الجديد بشأن «عدم طموحه للحكم لا يختلف عن واقع الحياة السياسية في مصر الذي يترك للدولة تشكيل الحكومة»، مطالباً «بتفعيل دور الأحزاب في الحياة السياسية»، فالمشكلة على حد تعبيره «ليست في إنشاء حزب جديد، بل في المساحة المتاحة للأحزاب».