حزب الرابطة الإيطالية اليميني الشعبوي يتحضر لانتخابات مبكرة

يعمل على فك الائتلاف الحكومي مع ازدياد شعبيته ويفتح معركة مع الكنيسة

ماتيو سالفيني خلال مداولات داخل مجلس الشيوخ حول خط للسكك الحديدية يربط تورين مع ليون الفرنسية (رويترز)
ماتيو سالفيني خلال مداولات داخل مجلس الشيوخ حول خط للسكك الحديدية يربط تورين مع ليون الفرنسية (رويترز)
TT

حزب الرابطة الإيطالية اليميني الشعبوي يتحضر لانتخابات مبكرة

ماتيو سالفيني خلال مداولات داخل مجلس الشيوخ حول خط للسكك الحديدية يربط تورين مع ليون الفرنسية (رويترز)
ماتيو سالفيني خلال مداولات داخل مجلس الشيوخ حول خط للسكك الحديدية يربط تورين مع ليون الفرنسية (رويترز)

وضع زعيم حزب الرابطة اليميني المتطرف في إيطاليا وزير الداخلية نائب رئيس الحكومة ماتّيو سالفيني، الماكينة الانتخابية لحزبه في حال الجهوزية التامة منذ مطلع هذا الأسبوع استعداداً لما باتت الأوساط السياسية هنا تعتبره في باب اليقين، وهو سقوط حكومة كونتي الائتلافية في نهاية العطلة الصيفية، والذهاب إلى انتخابات عامة مبكرة في الخريف المقبل.
وكان سالفيني قد نجح، يوم الاثنين الماضي، في الحصول على الموافقة النهائية في مجلس الشيوخ على مشروع القانون الثاني الذي قدّمه لفرض المزيد من العقوبات على المنظمات الإنسانية غير الحكومية التي تساعد المهاجرين وتنقذهم في عرض البحر، إذا خالفت تعليمات وزارة الداخلية ودخلت الموانئ الإيطالية من غير إذن السلطات الرسمية.
وكانت الجلسة التي صوّت فيها مجلس الشيوخ على مشروع القانون قد أظهرت عمق الخلاف بين «الرابطة» وحركة «النجوم الخمس» التي لها ضعف مقاعد حزب سالفيني، والتي هدّد عدد من أعضائها بالاعتراض على مشروع القانون وإسقاطه، لكن تدخّل رئيس الحكومة وزعيم الحركة لويجي دي مايو أقنع الأعضاء المعترضين بالامتناع عن التصويت وتمرير المشروع بفارق صوتين، مما دفع سالفيني إلى التغريد على حسابه قائلاً: «شكراً للإيطاليين وللعذراء مريم».
وقد أثارت تغريدة وزير الداخلية عميق الاستياء في أوساط الكنيسة التي تعارض السياسة التي ينهجها سالفيني في موضوع الهجرة والتدابير، والتي قالت مصادر «الفاتيكان» أكثر من مرة إنها «تعمّق الانقسام داخل المجتمع وتنتهك أبسط القواعد الإنسانية».
وكان مسؤولون في الفاتيكان قد انتقدوا استخدام زعيم «الرابطة» للرموز الدينية في مهرجاناته الانتخابية التي هاجم فيها مواقف البابا فرنسيس من الهجرة، ودعا إلى الاقتداء بسَلَفَيه يوحنا بولس الثاني وبنديكتوس السادس عشر، كما يحيط نفسه دائماً بقيادات دينية من التيار اليميني المعارض للبابا الحالي.
وتجدر الإشارة إلى أنه في ضوء المعادلة السياسية الراهنة بإيطاليا، حيث تعجز حركة «النجوم الخمس» المتحالفة مع سالفيني عن معارضة سياسته حول الهجرة خشية سقوط الحكومة وتراجع شعبيتها، وإزاء ضعف المعارضة اليسارية، يشكّل «الفاتيكان» السدّ الوحيد المتبقّي في وجه الزعيم اليميني المتطرف الذي ترجّح كل الاستطلاعات حصوله على نسبة تتجاوز 40 في المائة في الانتخابات المقبلة، مما يتيح له، وفقاً للقانون الانتخابات الإيطالي، أن يحكم بمفرده.
وكان سالفيني قد قرّر طرح مشروع القانون ضمن إجراء طلب الثقة في الحكومة، ليحرج حلفاءه وخصومه في النجوم الخمس الذين يخشون سقوطها، ولمنع المعارضة من تقديم اقتراحات بتعديله. وبينما كان مئات المتظاهرين يحتجون خارج مبنى مجلس الشيوخ، كان العضو اليساري والرئيس السابق للمجلس بيترو غراسّو يخاطب سالفيني قائلاً: «يوماً بعد يوم تحوّل هيكل الديمقراطية إلى زنزانة مظلمة تدور فيها مناورات تذكّرنا بحقبة بغيضة عاد البعض يحنّ إليها». وكان غراسو يشير إلى الحقبة الفاشيّة بزعامة موسوليني عندما أقر مجلس الشيوخ الإيطالي تلك «القوانين العرقية» التي تجاوزت، من حيث العنصريّة والتطرّف، قوانين النازية الألمانية.
ويلحظ القانون بصيغته المعدّلة تشديد العقوبات على المنظمات الإنسانية لمنعها من إنقاذ المهاجرين، بتوصيفها متواطئةً في عمليات الاتجار بالأشخاص، رغم أن التحقيقات القضائية التي باشرتها عدة محاكم في إيطاليا بطلب من وزارة الداخلية، لم تثبت هذه التهمة على أي من المنظمات غير الحكومية. كما ينصّ القانون على عقوبة بالسجن وغرامة مالية قدرها مليون يورو للسفن التي تدخل المياه الإقليمية الإيطالية من غير إذن السلطات المعنيّة ومصادرتها.
وكان قد طالب عدة قضاة بإحالة وزير الداخلية للمحاكمة بتهمة منعه تقديم المساعدة لأشخاص يتعرّضون للخطر وانتهاكه بعض الأحكام الدستورية حول حقوق الإنسان، لكن مجلس الشيوخ رفض طلب رفع الحصانة البرلمانية عنه تمهيداً لمحاكمته.
ومع صعود شعبية حزب «الرابطة» في الاستطلاعات رغم فضائح الفساد الأخيرة التي طالت بعض قياداته والتحقيقات الجارية حول اتهامات بحصوله على تمويل من موسكو وركود الوضع الاقتصادي الإيطالي، أعلن سالفيني أنه سيبدأ، مطلع الأسبوع المقبل، ما سمّاه «عطلة جوّالة» في عدد من المناطق الجنوبية، بذريعة «متابعة الأوضاع الأمنية فيها عن كثب». لكن من الواضح أن وزير الداخلية الذي يمارس مهامه منذ تولّي صلاحياته في يونيو (حزيران) الماضي فيما يشبه الحملة الانتخابية الدائمة، يرمي إلى توسيع قاعدته الشعبية في تلك المناطق التي تشكّل الخزّان الانتخابي لحركة «النجوم الخمس»، التي حققت فيها الرابطة اختراقات كثيرة في الانتخابات الأوروبية الأخيرة.
ويتوقع المراقبون في العاصمة الإيطالية أن يبادر سالفيني بعد العطلة الصيفية إلى تفجير الخلافات الكثيرة التي تعتمل داخل الائتلاف وإسقاط الحكومة، بعد أن أيقن بأن حركة «النجوم الخمس» لم تعد تملك هامشاً للمناورة لمسايرته في تفعيل بنود العقد الذي قام عليه الائتلاف الحاكم، ومن ثمّ الذهاب إلى الانتخابات المبكرة التي تطالب بها قاعدته الشعبية منذ أشهر.



«كايسيد»: نستثمر في مستقبل أكثر سلاماً

الدكتور زهير الحارثي أمين عام المركز خلال الحفل (كايسيد)
الدكتور زهير الحارثي أمين عام المركز خلال الحفل (كايسيد)
TT

«كايسيد»: نستثمر في مستقبل أكثر سلاماً

الدكتور زهير الحارثي أمين عام المركز خلال الحفل (كايسيد)
الدكتور زهير الحارثي أمين عام المركز خلال الحفل (كايسيد)

أكد الدكتور زهير الحارثي، أمين عام مركز الملك عبد الله العالمي للحوار «كايسيد»، أن برامجهم النوعية تستثمر في مستقبل أكثر سلاماً بجمعها شخصيات دينية وثقافية لتعزيز الحوار والتفاهم وسط عالم يعاني من الانقسامات.

واحتفى المركز بتخريج دفعة جديدة من برنامج «الزمالة» من مختلف المجموعات الدولية والعربية والأفريقية في مدينة لشبونة البرتغالية، بحضور جمع من السفراء والممثلين الدبلوماسيين المعتمدين لدى جمهورية البرتغال.

وعدّ الحارثي، البرنامج، «منصة فريدة تجمع قادة من خلفيات دينية وثقافية متنوعة لتعزيز الحوار والتفاهم، وهو ليس مجرد رحلة تدريبية، بل هو استثمار في مستقبل أكثر سلاماً»، مبيناً أن منسوبيه «يمثلون الأمل في عالم يعاني من الانقسامات، ويثبتون أن الحوار يمكن أن يكون الوسيلة الأقوى لتجاوز التحديات، وتعزيز التفاهم بين المجتمعات».

جانب من حفل تخريج دفعة 2024 من برنامج «الزمالة الدولية» في لشبونة (كايسيد)

وجدَّد التزام «كايسيد» بدعم خريجيه لضمان استدامة تأثيرهم الإيجابي، مشيراً إلى أن «البرنامج يُزوّد القادة الشباب من مختلف دول العالم بالمعارف والمهارات التي يحتاجونها لبناء مجتمعات أكثر شموليةً وتسامحاً».

وأضاف الحارثي: «تخريج دفعة 2024 ليس نهاية الرحلة، بل بداية جديدة لخريجين عازمين على إحداث تغيير ملموس في مجتمعاتهم والعالم»، منوهاً بأن «الحوار ليس مجرد وسيلة للتواصل، بل هو أساس لبناء مستقبل أكثر وحدة وسلاماً، وخريجونا هم سفراء التغيير، وسنواصل دعمهم لتحقيق رؤيتهم».

بدورها، قالت ويندي فيليبس، إحدى خريجات البرنامج من كندا، «(كايسيد) لم يمنحني فقط منصة للتعلم، بل فتح أمامي آفاقاً جديدة للعمل من أجل بناء عالم أكثر عدلاً وسلاماً»، مضيفة: «لقد أصبحت مستعدة لمواجهة التحديات بدعم من شبكة متميزة من القادة».

الدكتور زهير الحارثي يتوسط خريجي «برنامج الزمالة الدولية» (كايسيد)

وحظي البرنامج، الذي يُمثل رؤية «كايسيد» لبناء جسور الحوار بين أتباع الأديان والثقافات، وتعزيز التفاهم بين الشعوب؛ إشادة من الحضور الدولي للحفل، الذين أكدوا أن الحوار هو الوسيلة المُثلى لتحقيق مستقبل أفضل للمجتمعات وأكثر شمولية.

يشار إلى أن تدريب خريجي «برنامج الزمالة الدولية» امتد عاماً كاملاً على ثلاث مراحل، شملت سان خوسيه الكوستاريكية، التي ركزت على تعزيز مبادئ الحوار عبر زيارات ميدانية لأماكن دينية متعددة، ثم ساو باولو البرازيلية وبانكوك التايلاندية، إذ تدربوا على «كيفية تصميم برامج حوار مستدامة وتطبيقها»، فيما اختُتمت بلشبونة، إذ طوّروا فيها استراتيجيات لضمان استدامة مشاريعهم وتأثيرها الإيجابي.