باريس تنفي خبر دعوة روحاني إلى «قمة السبع»

ماكرون مثابر على محاولة لعب دور الوسيط بين واشنطن وطهران

 الرئيس حسن روحاني
الرئيس حسن روحاني
TT

باريس تنفي خبر دعوة روحاني إلى «قمة السبع»

 الرئيس حسن روحاني
الرئيس حسن روحاني

بعد الانعطافة البريطانية باتجاه الالتحاق بالولايات المتحدة الأميركية في سياستها تجاه إيران؛ الأمر الذي برز بوضوح مع انضمام لندن إلى المبادرة العسكرية الأميركية لحفظ حرية الملاحة في مياه الخليج، أخذت باريس تحتل الحيز الأكبر في رهانات طهران على الطرف الأوروبي من أجل مساعدتها في الالتفاف على العقوبات الأميركية وتخفيف وقعها على الاقتصاد الإيراني.
وبدا ذلك بوضوح من خلال ما جاء على موقع الرئاسة الإيرانية أو نقلته عنها وكالة «فارس» الرسمية. وجاء في خبر مختص للوكالة المشار إليها أول من أمس أن الرئيس حسن روحاني أبلغ الرئيس الفرنسي بمناسبة مكالمة هاتفية هي الرابعة بينهما في الأسابيع الأخيرة، أنه «بإمكان فرنسا، بوصفها أحد أقدم شركاء إيران، أن تلعب دوراً في تهدئة الأجواء بالمنطقة والعالم».
وفي حين لم يصدر أي بيان أو تعليق عن الرئاسة الفرنسية بشأن هذا الاتصال الذي حصل وفق الرواية الإيرانية بمبادرة من إيمانويل ماكرون، فإنه يبين أن الرئيس الفرنسي ما زال ماضياً في جهوده لخفض التصعيد في المنطقة و«توفير الظروف والشروط التي تمكن من العودة إلى طاولة المفاوضات» وفق مصادر رسمية في العاصمة الفرنسية.
وفي المقابل، فإن الرئاسة الفرنسية نفت أمس الخبر الذي نشره موقع «المونيتور» وفيه تأكيد على أن ماكرون، خلال اتصال هاتفي مطول جرى في 30 يوليو (تموز) الماضي، دعا روحاني إلى المجيء إلى منتجع «بياريتز» بمناسبة انعقاد «قمة مجموعة الدول السبع» الأكثر تصنيعاً فيما بين 24 و26 من الشهر الحالي، وذلك للقاء الرئيس الأميركي دونالد ترمب والتداول بشأن النزاع القائم بين واشنطن وطهران. وبحسب رواية «المونيتور»، فإن روحاني رفض اقتراح ماكرون كما سبق لطهران أن رفضت الدعوة الموجهة لوزير الخارجية محمد جواد ظريف للقاء ترمب في البيت الأبيض بمناسبة وجوده في نيويورك أواسط الشهر الماضي. وزعم ظريف لاحقاً أن العقوبات التي فرضتها واشنطن بحقه سببها رفض مقترح البيت الأبيض الذي نقل إليه عبر عضو مجلس الشيوخ الجمهوري راند بول.
حقيقة الأمر أن باريس ترغب فعلاً في أن تلعب دور الوسيط الذي يمسك العصا من وسطها بين واشنطن وطهران. وبرز ذلك مجدداً من خلال المواقف التي التزمت بها فرنسا إزاء المقترح الأميركي لإقامة «تحالف بحري» الذي رفضته كما رفضت السير بالمقترح البريطاني الذي قدمه وزير الخارجية السابق جيريمي هانت والداعي إلى قيام «مهمة حماية أوروبية» في الخليج.
يضاف إلى ذلك أن باريس ما زالت، رغم إقدام طهران على التخلي عن الالتزام ببنود أساسية من الاتفاق النووي، من أشد المدافعين عنه والساعين إلى إنقاذه والدافعين إلى تفعيل الآلية المالية الأوروبية المسماة «إينستكس» والتي غرضها تمكين طهران من الالتفاف جزئياً على العقوبات الأميركية. يضاف إلى ذلك كله أن باريس طرحت مجموعة «أفكار» على واشنطن وطهران عنوانها «التجميد مقابل التجميد» أي تجميد واشنطن بعض العقوبات خصوصاً النفطية، مقابل تجميد طهران انتهاكاتها الحاصلة للاتفاق النووي والامتناع عن اتخاذ خطوات إضافية سيحين أجلها بعد شهر من الآن.
وفي المقابل، تسعى باريس لتبريد الوضع في الخليج والحيلولة دون حصول أحداث واحتكاكات «يصعب التحكم بها».
خلاصة القول إن فرنسا تريد العودة بالملف إلى أساسه؛ أي إلى الاتفاق النووي ومصيره وإمكانية إعادة فتح باب التفاوض مع إيران.
وترى باريس في كلام روحاني قبل 3 أيام الذي أعرب فيه عن استعداده للتفاوض مع واشنطن دون اشتراط عودتها للالتزام بالاتفاق وإنما شرط التخلي عن العقوبات؛ عاملاً مشجعاً.
وهذه العناصر هي التي تدفع بروحاني إلى الإشادة بالجهود الفرنسية وإلى وصف التواصل معها بأنه «إيجابي ويشكل خطوة إلى الأمام». من هنا، دعوة باريس لـ«لعب دور بناء» في إطار توسيع التعاون بين إيران وأوروبا وضمان المصالح الإيرانية التي تدعمها باريس والإشادة بدعوة ماكرون، كما نقل موقع الرئاسة الإيرانية، لمواصلة المشاورات بين خبراء ومسؤولي البلدين.
ليس سراً أن ترمب وروحاني طلبا سابقاً؛ الواحد بعد الآخر، من ماكرون أن يلعب دور الوسيط لترتيب لقاءات بينهما على هامش أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة في 2017 و2018. وفي الحالتين، لم يحصل اللقاء لأسباب تتعلق بالدرجة الأولى بالسياسات الداخلية في كل بلد من البلدين.
لكن المحاولات السابقة لا تبرر مزاعم الجانب الإيراني بأن ماكرون اقترح مجيء روحاني إلى بياريتز رغم أنه رئيس «مجموعة السبع» للعام الحالي وأنه الجهة الداعية إلى القمة. ذلك أن مجيء روحاني، لو حدث، سيحيد بالقمة عن غرضها الأصلي وسيهمش كل التحضيرات والمناقشات التي سبقت من أجل أن تكون قمة ناجحة.
وتضيف مصادر سياسية في باريس أنه «في حال قدوم روحاني وفشل محادثاته مع ترمب، فإنه سيكون على باريس أن تتحمل مسؤولية الفشل الذي ستكون له تداعيات سياسية؛ وربما أمنية وعسكرية». وفي أي حال، فإن ماكرون يستطيع أن يلعب مباشرة دور الوسيط والمسهل خلال لقاءاته مع القادة الحاضرين، خصوصاً مع الرئيس الأميركي، في البحث عن عناصر توافقية عنوانها خطوات متوازية إيرانياً وأميركياً شرط ألا يحدث تصعيد إضافي في الفترة الفاصلة عن «قمة بياريتز».



عراقجي: هزيمة الجيش السوري جرس إنذار لنا

عراقجي يلقي خطاباً في مؤتمر لـ«الحرس الثوري» حول قاسم سليماني في طهران اليوم (تسنيم)
عراقجي يلقي خطاباً في مؤتمر لـ«الحرس الثوري» حول قاسم سليماني في طهران اليوم (تسنيم)
TT

عراقجي: هزيمة الجيش السوري جرس إنذار لنا

عراقجي يلقي خطاباً في مؤتمر لـ«الحرس الثوري» حول قاسم سليماني في طهران اليوم (تسنيم)
عراقجي يلقي خطاباً في مؤتمر لـ«الحرس الثوري» حول قاسم سليماني في طهران اليوم (تسنيم)

عدّ وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي «هزيمة» الجيش السوري والإطاحة بنظام بشار الأسد «جرس إنذار» لبلاده وقواتها المسلحة، مشدداً على ضرورة التركيز على العمل الإعلامي بموازاة العمل الدبلوماسي والميداني.

ودعا عراقجي في مؤتمر لقوات «الحرس الثوري» إلى التنسيق بين الأنشطة الميدانية لـ«الحرس» والمهام الدبلوماسية لوزارة الخارجية، وهي المرة الثانية التي يتحدث فيها عن ذلك في غضون أسبوع.

وقال إن جزءاً من نهج المقاومة هو «دبلوماسية المقاومة»، وأضاف في السياق نفسه: «الميدان والمقاومة يكملان بعضهما، ولا يمكن فصلهما عن بعض».

وأعرب عراقجي عن دعمه لأنشطة «الحرس الثوري» الإقليمية، قائلاً إن «الميدان بقوته يفتح الطريق للدبلوماسية»، وأضاف: «لقد شاهدنا تجسيداً عملياً للتعاون بين الميدان والدبلوماسية في الساحة السياسية للبلاد في الأشهر الأخيرة»، حسبما أوردت وسائل إعلام «الحرس الثوري».

وتعرَّض نفوذ إيران في الشرق الأوسط لانتكاسات، بعد الهجمات الإسرائيلية على حليفتيها؛ حركة «حماس» الفلسطينية، وجماعة «حزب الله» اللبنانية، وما أعقب ذلك من سقوط نظام الرئيس بشار الأسد في سوريا.

وكان قائد «الحرس الثوري» حسين سلامي قد قال، الاثنين، إن «حزب الله» تمكّن من «فرض إرادته» على إسرائيل. وأضاف أن «جبهة المقاومة» اليوم في ذروة «قوتها»، وأردف في خطابه: «العدو منهك، ولا يعرف ماذا يفعل؛ لم يعد لديه مكان للهروب».

وتطرق عراقجي إلى دور الجنرال قاسم سليماني، مسؤول العمليات الخارجية لـ«الحرس الثوري»، في توسيع أنشطة «الميدان»، خصوصاً دعم «جبهة المقاومة»، قبل مقتله في غارة جوية أمر بها الرئيس الأميركي دونالد ترمب.

وقال عراقجي إنه «قام بتحويل مدرسة المقاومة إلى حركة وجبهة مقاومة، وهذه الحركة لا تزال قوية ومشرّفة في المنطقة وتواصل نضالها ضد الكيان الصهيوني والاستكبار».

وقال عراقجي: «لقد شهدت جبهة المقاومة خلال حياتها تطوراً مستمراً، ولا ينبغي لأعدائنا أن يعتقدوا أنه مع الضربات الأخيرة التي تلقوها، ستظهر ضعفاً في هذه الجبهة، بل على العكس، سيصبح هذا النهج أقوى وأكبر».

وأشار بذلك إلى مقتل قيادات جماعات «محور المقاومة»، على رأسهم حسن نصر الله، قائلاً إن مقتله سيجعل من حركة «حزب الله» في لبنان «أقوى وأكثر ثمراً».

وقال عراقجي إن «الضربة التي وُجهت للجيش السوري كانت إعلامية ونفسية قبل أن تكون عسكرية، وفي الواقع، الجيش السوري هُزم قبل أن يخوض المعركة ولم يتمكن من الصمود».

صورة نشرها عراقجي من تناوله العشاء في مطعم بدمشق على منصة «إكس» مطلع الشهر الحالي

وأضاف: «يجب أن تكون هذه الحادثة جرس إنذار لنا، وأن نكون حذرين من البيئة التي يسعى أعداؤنا لخلقها، وألا نسمح لهم بنشر الإحباط واليأس في البلاد».

ولفت إلى أهمية وسائل الإعلام في الحفاظ على السردية الإيرانية، وقال: «إلى جانب الميدان والدبلوماسية، يوجد محور ثالث يسمى الإعلام».

ودفع مسؤولون إيرانيون وقادة «الحرس الثوري» بروايات متباينة، حول دوافع حضورهم العسكري في سوريا، بعد سقوط بشار الأسد.

وأنفقت إيران مليارات الدولارات لدعم الأسد خلال الحرب، وأرسلت قوات من «الحرس الثوري» إلى سوريا؛ لمساعدة حليفها على البقاء في السلطة.

كان عراقجي آخر مسؤول إيراني كبير التقى الأسد علناً، قبل أيام من سقوطه، بينما كانت فصائل المعارضة السورية تتقدم من حلب باتجاه حمص ومدن سورية أخرى.

وبعد اللقاء، توجه عراقجي إلى مطعم قريب من السفارة الإيرانية في منطقة المزة، لتوجيه رسالة «أمان» من العاصمة السورية، في مسعى للتقليل من أهمية التقارير بشأن احتمال سقوط الأسد.

في منتصف ديسمبر (كانون الأول) الماضي، دعا قائد «الحرس الثوري» إلى استخلاص العبر مما حدث في سوريا، وقال إن سوريا تمثل «درساً مريراً لإيران»، وذلك بعدما تعرضت منشآت عسكرية في سوريا لضربات إسرائيلية متتالية.

وفي نهاية ديسمبر، توقع المرشد الإيراني علي خامنئي ظهور «قوة شريفة في سوريا»، قائلاً إن «الشباب الشجعان والغيارى في سوريا سيقومون بطرد إسرائيل».