طلاب الجزائر يهددون بـ«عصيان مدني» في الأسبوع الـ24 للحراك

القضاء العسكري يصدر طلباً دولياً باعتقال وزير الدفاع الأسبق

جانب من المظاهرات التي شهدتها شوارع العاصمة الجزائرية أمس (رويترز)
جانب من المظاهرات التي شهدتها شوارع العاصمة الجزائرية أمس (رويترز)
TT

طلاب الجزائر يهددون بـ«عصيان مدني» في الأسبوع الـ24 للحراك

جانب من المظاهرات التي شهدتها شوارع العاصمة الجزائرية أمس (رويترز)
جانب من المظاهرات التي شهدتها شوارع العاصمة الجزائرية أمس (رويترز)

خرج أمس آلاف الطلاب الجزائريين في مسيرة جديدة للأسبوع الـ24 على التوالي، للتعبير عن رفضهم للحوار الذي اقترحته السلطة، مؤكدين أنه لا يمكن القيام بأي خطوة في ظل بقاء رموز النظام، ورافعين مجدداً تحدي «العصيان المدني».
وتجمع الطلاب في ساحة الشهداء أسفل حي القصبة العتيق، ثم توجهوا في مسيرة شارك فيها نحو مئات الأشخاص نحو ساحة البريد المركزي التي طوقتها قوات الشرطة، التي راقبت المسيرة دون أن تتدخل.
وردد الطلاب شعار: «يا للعار، يا للعار عصابة تقود الحوار»، كما رفعوا لافتة كبيرة كُتب عليها: «لا حوار مع العصابة»، رفضاً لاقتراح الرئيس المؤقت عبد القادر بن صالح في محاولة لإخراج البلاد من المأزق السياسي والدستوري، الذي تواجهه برعاية «هيئة وطنية للحوار والوساطة».
وعرفت الجزائر إلغاء الانتخابات الرئاسية، التي كانت مقررة في الرابع من يوليو (تموز) الماضي بسبب عدم توفر مرشحين، ما أدى إلى إبقاء بن صالح على رأس الدولة بعد انتهاء مدة الرئاسة المؤقتة كما حددها الدستور. وقد أصبح مصطلح العصابة يطلق على رموز نظام الرئيس بوتفليقة، الذي استقال في الثاني من أبريل (نيسان) الماضي، بعد 20 سنة في الحكم، وذلك تحت ضغط حركة احتجاجية غير مسبوقة بدأت منذ 22 من فبراير (شباط) الماضي.
وقال شكيب، أحد الطلاب الذين شاركوا في مظاهرات أمس لوكالة الصحافة الفرنسية: «لا نقاش في مطالبنا وهي واضحة، أولها رحيل بن صالح، ثم إن لا أحد اختار هؤلاء الذين يتحدثون باسمنا».
أما عبد الرحمن، وهو طالب لغات أجنبية بجامعة الجزائر 2، فاعتبر أن «الشعب الذي يخرج كل يوم ثلاثاء، وكل يوم جمعة، ليس غبياً حتى يقبل أن يمثله هؤلاء».
ويقود هيئة الحوار رئيس المجلس الشعبي الوطني الأسبق كريم يونس، الذي عمل في الولاية الأولى لبوتفليقة وزيراً أيضاً.
وفي ظل وجود الجامعات في عطلة الصيف، فقد اختار الطلاب الحاضرون لتعويض نقص العدد «تدعيم صفوفهم» بأفراد عائلاتهم، كما فعلت آنيا، الطالبة بالمدرسة العليا للأساتذة، التي قالت: «أقنعت والدتي بأن تخرج معي اليوم لتدعم صفوفنا. فرغم قلتنا فإننا سنواصل التظاهر رغم العطلة والحرارة».
كما عاد خلال مظاهرات أمس شعار «العصيان المدني»، الذي ظهر في الجمعة الأخير، وردده الطلاب أيضا «راهو جاي راهو جاي العصيان المدني» (العصيان المدني آت) لتحذير السلطة من إمكانية التصعيد في حال رفضها مطالب الحراك.
وخلال المسيرة التي امتدت على طول 2 كلم وتحت الشمس الحارقة، اضطر الكثير من المتظاهرين للتوقف والتزود بالمياه، بينما شاهد مراسل وكالة الصحافة الفرنسية حالتي إغماء تكفل بها المسعفون.
وعلى صعيد متصل، أصدرت المحكمة العسكرية الجزائرية، أمس، طلباً دولياً لإلقاء القبض على وزير الدفاع الأسبق خالد نزار، ونجله لطفي نزار. بالإضافة إلى مسير الشركة الجزائرية للصيدلانية العامة بلحمدين فريد بتهمة التآمر والمساس بالنظام العام. حسبما جاء في نشرة للتلفزيون الجزائري الرسمي، نقلا عن بيان أصدره القضاء العسكري أمس الثلاثاء.
وجاء في حساب على «تويتر»، منسوب لوزير الدفاع الأسبق قبل أيام أن «الحراك السلمي أرغم بوتفليقة على الاستقالة. غير أن السلطة تم الاستحواذ عليها بالقوة العسكرية، والدستور تم خرقه بواسطة تدخلات غير شرعية... والجزائر حالياً رهينة شخص فظ، فرض الولاية الرابعة، وهو من ألهم الولاية الخامسة... وينبغي أن يوضع له حد، البلد في خطر».
وكتب وزير الدفاع الأسبق أيضا أنه لن يدخل الجزائر في المرحلة الجارية لأنه تلقى معلومات تفيد بنية اعتقاله حال دخوله البلاد. كما تم تداول خبر سفر خالد نزار لإسبانيا من أجل العلاج، وقد تم تداول فيديو سابق في الجزائر، للواء المتقاعد خالد نزار وهو في مطار باريس، حيث أظهر الفيديو الوزير الأسبق وهو يحاول ضرب أحد الجزائريين بعصاه، بعد أن اتّهمه بالتورط في سفك الدماء خلال العشرية السّوداء، التي مرت بها البلاد.
من جهته، انتقد وزير الدفاع الجزائري الأسبق أمس إصدار المحكمة العسكرية الجزائرية طلبا دوليا للقبض عليه، قائلا: «أيام مظلمة تنتظر الجزائر».
وقال نزار، في تغريدة على حساب منسوب إليه بموقع التواصل الاجتماعي «تويتر» إنه «هاجم سياسة رئيس أركان الجيش الجزائري أحمد قايد صالح التي أصبحت بالنسبة إليه قضية أمن وطني». مضيفا أن هذا هو «ما يمليه عليه (الحمص الذي بداخل رأسه)»، وهي عبارة فرنسية كناية عن «محدودية التفكير» و«الغباء».
وأول من أمس أودع وزيران جزائريان سابقان، شغلا منصبيهما إبان عهد الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة، الحبس المؤقت، بعدما كانا ملاحقين بتهم فساد، بحسب ما أعلن التلفزيون الحكومي.
ويلاحق وزير الأشغال العامة السابق عبد الغني زعلان بصفته والياً سابقاً لولاية وهران (غرب)، فيما وزير العمل السابق محمد الغازي ملاحق بصفته والياً سابقاً لولاية الشلف (شمال غرب)، وذلك على خلفية «التبديد العمدي من دون وجه حق من طرف موظف عمومي، والاستعمال غير الشرعي لصالحه، أو لصالح شخص أو كيان آخر لممتلكات عمومية، عهد بها إليه بحكم وظيفته أو بسببها، وإساءة استخدام الوظيفة، واستغلال النفوذ».
وقد أصدر المستشار المحقق لدى المحكمة العليا أمراً بإيداع المتهمين الحبس المؤقت بعد الاستماع إليهما، بحسب التلفزيون الحكومي، حسب تقرير بثته وكالة الصحافة الفرنسية أمس.
ومنذ استقالة بوتفليقة في بداية أبريل الماضي، فتح القضاء الجزائري سلسلة تحقيقات في قضايا فساد، وأوقف أو أودع قيد الحبس الاحتياطي رجال أعمال نافذون ومسؤولون سابقون.



تقارير حقوقية توثّق انتهاكات الحوثيين في 3 محافظات يمنية

تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
TT

تقارير حقوقية توثّق انتهاكات الحوثيين في 3 محافظات يمنية

تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)

سلطت أحدث التقارير الحقوقية في اليمن الضوءَ على آلاف الانتهاكات التي ارتكبتها الجماعة الحوثية ضد المدنيين في 3 محافظات، هي العاصمة المختطفة صنعاء، والجوف، والحديدة، بما شملته تلك الانتهاكات من أعمال القمع والقتل والخطف والتجنيد والإخضاع القسري للتعبئة.

وفي هذا السياق، رصد مكتب حقوق الإنسان في صنعاء (حكومي) ارتكاب جماعة الحوثيين نحو 2500 انتهاك ضد المدنيين في صنعاء، خلال عامين.

بقايا منازل فجرها الحوثيون في اليمن انتقاماً من ملاكها (إكس)

وتنوّعت الانتهاكات التي طالت المدنيين في صنعاء بين القتل والاعتداء الجسدي والاختطافات والإخفاء القسري والتعذيب ونهب الممتلكات العامة والخاصة وتجنيد الأطفال والانتهاكات ضد المرأة والتهجير القسري وممارسات التطييف والتعسف الوظيفي والاعتداء على المؤسسات القضائية وانتهاك الحريات العامة والخاصة ونهب الرواتب والتضييق على الناس في سُبل العيش.

وناشد التقرير كل الهيئات والمنظمات الفاعلة المعنية بحقوق الإنسان باتخاذ مواقف حازمة، والضغط على الجماعة الحوثية لإيقاف انتهاكاتها ضد اليمنيين في صنعاء وكل المناطق تحت سيطرتها، والإفراج الفوري عن المخفيين قسراً.

11500 انتهاك

على صعيد الانتهاكات الحوثية المتكررة ضد السكان في محافظة الجوف اليمنية، وثق مكتب حقوق الإنسان في المحافظة (حكومي) ارتكاب الجماعة 11500 حالة انتهاك سُجلت خلال عام ضد سكان المحافظة، شمل بعضها 16 حالة قتل، و12 إصابة.

ورصد التقرير 7 حالات نهب حوثي لممتلكات خاصة وتجارية، و17 حالة اعتقال، و20 حالة اعتداء على أراضٍ ومنازل، و80 حالة تجنيد للقاصرين، أعمار بعضهم أقل من 15 عاماً.

عناصر حوثيون يستقلون سيارة عسكرية في صنعاء (أ.ف.ب)

وتطرق المكتب الحقوقي إلى وجود انتهاكات حوثية أخرى، تشمل حرمان الطلبة من التعليم، وتعطيل المراكز الصحية وحرمان الموظفين من حقوقهم وسرقة المساعدات الإغاثية والتلاعب بالاحتياجات الأساسية للمواطنين، وحالات تهجير ونزوح قسري، إلى جانب ارتكاب الجماعة اعتداءات متكررة ضد المناوئين لها، وأبناء القبائل بمناطق عدة في الجوف.

ودعا التقرير جميع الهيئات والمنظمات المحلية والدولية المعنية بحقوق الإنسان إلى إدانة هذه الممارسات بحق المدنيين.

وطالب المكتب الحقوقي في تقريره بضرورة تحمُّل تلك الجهات مسؤولياتها في مناصرة مثل هذه القضايا لدى المحافل الدولية، مثل مجلس حقوق الإنسان العالمي، وهيئات حقوق الإنسان المختلفة، وحشد الجهود الكفيلة باتخاذ موقف حاسم تجاه جماعة الحوثي التي تواصل انتهاكاتها بمختلف المناطق الخاضعة لسيطرتها.

انتهاكات في الحديدة

ولم يكن المدنيون في مديرية الدريهمي بمحافظة الحديدة الساحلية بمنأى عن الاستهداف الحوثي، فقد كشف مكتب حقوق الإنسان التابع للحكومة الشرعية عن تكثيف الجماعة ارتكاب مئات الانتهاكات ضد المدنيين، شمل بعضها التجنيد القسري وزراعة الألغام، والتعبئة الطائفية، والخطف، والتعذيب.

ووثق المكتب الحقوقي 609 حالات تجنيد لمراهقين دون سن 18 عاماً في الدريهمي خلال عام، مضافاً إليها عملية تجنيد آخرين من مختلف الأعمار، قبل أن تقوم الجماعة بإخضاعهم على دفعات لدورات عسكرية وتعبئة طائفية، بغية زرع أفكار تخدم أجنداتها، مستغلة بذلك ظروفهم المادية والمعيشية المتدهورة.

الجماعة الحوثية تتعمد إرهاب السكان لإخضاعهم بالقوة (إ.ب.أ)

وأشار المكتب الحكومي إلى قيام الجماعة بزراعة ألغام فردية وبحرية وعبوات خداعية على امتداد الشريط الساحلي بالمديرية، وفي مزارع المواطنين، ومراعي الأغنام، وحتى داخل البحر. لافتاً إلى تسبب الألغام العشوائية في إنهاء حياة كثير من المدنيين وممتلكاتهم، مع تداعيات طويلة الأمد ستظل تؤثر على اليمن لعقود.

وكشف التقرير عن خطف الجماعة الحوثية عدداً من السكان، وانتزاعها اعترافات منهم تحت التعذيب، بهدف نشر الخوف والرعب في أوساطهم.

ودعا مكتب حقوق الإنسان في مديرية الدريهمي المجتمع الدولي إلى التدخل العاجل لإيقاف الانتهاكات التي أنهكت المديرية وسكانها، مؤكداً استمراره في متابعة وتوثيق جميع الجرائم التي تواصل ارتكابها الجماعة.