ارتفاع حصيلة انفجار معهد الأورام المصري... والنيابة تستعجل تحليل الـ«دي إن إيه»

نائب رئيس محكمة وأسرته ضمن المصابين

رجال أمن يقفون في موقع الانفجار بالقاهرة أول من أمس (رويترز)
رجال أمن يقفون في موقع الانفجار بالقاهرة أول من أمس (رويترز)
TT

ارتفاع حصيلة انفجار معهد الأورام المصري... والنيابة تستعجل تحليل الـ«دي إن إيه»

رجال أمن يقفون في موقع الانفجار بالقاهرة أول من أمس (رويترز)
رجال أمن يقفون في موقع الانفجار بالقاهرة أول من أمس (رويترز)

ارتفعت حصيلة انفجار المعهد القومي للأورام في مصر، أمس، إلى 22 قتيلاً و46 جريحاً، في وقت استعجلت فيه نيابة جنوب القاهرة الكلية تقرير الطب الشرعي الخاص بعينات الـ«دي إن إيه» التي تم أخذها من أشلاء الضحايا.
وكانت وزارة الداخلية قد اتهمت حركة «حسم» الإخوانية بضلوعها في الحادث، وقالت إنه ناجم عن سيارة تم تجهيزها بالمتفجرات استعداداً لتنفيذ «عمل إرهابي»، لكنها انفجرت عندما كانت تسير في الاتجاه المعاكس على كورنيش النيل أمام المعهد القومي للأورام.
وأجرت نيابة حوادث جنوب القاهرة معاينة تصويرية، أمس، للجانب الآخر من نهر النيل، وتبين تهشم زجاج عدد من المحال نتيجة الموجة الهائلة للانفجار. كما انتقل فريق من النيابة للمستشفيات التي يعالج فيها المصابون لسماع أقوالهم حول الواقعة.
وأمرت النيابة بالتحفظ على كاميرات المراقبة بمحيط الانفجار، فيما انتهت مصلحة الطب الشرعي من تشريح 22 جثماناً، نقلوا من موقع حادث الانفجار الإرهابي أمام معهد الأورام. وأعلنت وزارة العدل، في بيان أمس، أن المستشار أحمد الشاذلي نائب رئيس محكمة النقض وأسرته ضمن مصابي حادث الانفجار الإرهابي، مشيرة إلى أنه تصادف قيادته لسيارته صحبة الأسرة في مكان الحادث الذي نجم عنه إصابات متفرقة نُقلت على أثرها إلى مستشفى معهد ناصر.
وصدمت الأوساط المصرية بتفاصيل الحادث المأساوي، وعبر عدد كبير من مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي عن تعاطفهم مع أهالي الضحايا، خصوصاً مع العائلات القريبة التي فقدت 15 فرداً منها في الحادث، بعد انتهاء حفل زفاف بإحدى القاعات المجاورة للمعهد، من بينهم أسرة كاملة مكونة من أب وأم وولد وبنت، وفق ما أفاد به مسؤولون بمستشفى قصر العيني، أمس. كما تحولت «زفة عروسين» على طريق كورنيش النيل إلى مأتم كبير، لا سيما بعد أن طُلب من العروس التي نجت بأعجوبة من الانفجار التعرف على جثث وأشلاء أبويها، وفق ما أفادت به وسائل إعلام محلية، أمس.
ولاقت قصة بحث شابين عن شقيقهما الأصغر (موظف أمن بمعهد الأورام) بين المصابين والضحايا بالمستشفيات المجاورة تعاطفا كبيراً، ولفت صراخهما وبكاؤهما الأنظار بعد الحادث مباشرة، في وقت كانت فيه قوات الإنقاذ النهري تجري عمليات البحث في المجرى المائي المقابل لمعهد الأورام، بحثاً عن جثث وأشلاء الضحايا في المياه.
وفي غضون ذلك، قالت دار الإفتاء المصرية إن «الجماعات الإرهابية تعادي كل مظاهر البهجة الإسلامية والمسيحية، ولديها إصرار شديد على إفساد فرحة المصريين بشكل عام قُبيل احتفالاتهم بأعيادهم المتعددة ومناسباتهم الدينية».
وذهب مرصد الفتاوى التكفيرية والآراء المتشددة التابع لدار الإفتاء المصرية، في بيان أمس، إلى أن «الأعياد والمناسبات الدينية، سواء الإسلامية أو المسيحية، أضحت مناسبة معتادة للأعمال الإرهابية، ولإظهار توحش وهمجية تلك الجماعات من سافكي دماء الأبرياء على كافة أشكالهم وتنوعاتهم وأجنداتهم».
وكان الأزهر قد استبق بيان مرصد الفتاوى بإدانة التفجير الذي وقع أمام المعهد القومي للأورام مساء الأحد الماضي، وذهب إلى أن «ارتكاب هذه الجريمة، وفي مكان مزدحم بالأبرياء من أطفال ونساء ومرضى، وقبيل أيام من عيد الأضحى، وفي هذا الشهر الحرام، يكشف الوجه الحقيقي للجماعات الإرهابية، ويكشف مدى كذبها».
واتسعت دائرة الإدانات الدولية والإقليمية للحادث. واستنكرت تونس العمل الإرهابي الذي وصفته بـ«الآثم»، وأكدت وزارة الخارجية التونسية، في بيان أمس، وقوف تونس وتضامنها مع جمهورية مصر العربية الشقيقة في جهودها لمحاربة الإرهاب بكل أشكاله ومظاهره، مقدمة تعازيها للشعب المصري الشقيق وعائلات الضحايا.
كما أدانت الجزائر بشدة الاعتداء الإرهابي، وقالت الخارجية الجزائرية، في بيان أمس، إننا «ننحني بخشوع أمام أرواح الضحايا»، متمنية الشفاء العاجل للمصابين، وأعربت عن «تضامنها مع الحكومة المصرية وشعبها الشقيق»، متقدمة بأخلص عبارات التعازي والمواساة لأسر الضحايا وذويهم.



«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
TT

«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)

ما زال حزب «الجبهة الوطنية» المصري الجديد يثير انتقادات وتساؤلات بشأن برنامجه وأهدافه وطبيعة دوره السياسي في المرحلة المقبلة، خاصة مع تأكيد مؤسسيه أنهم «لن يكونوا في معسكر الموالاة أو في جانب المعارضة».

وكان حزب «الجبهة الوطنية» مثار جدل وتساؤلات في مصر، منذ الكشف عن اجتماعات تحضيرية بشأنه منتصف الشهر الماضي، انتهت بإعلان تدشينه في 30 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وتمحورت التساؤلات حول أسباب ظهوره في هذه المرحلة، وهل سيكون بديلاً لحزب الأغلبية في البرلمان المصري (مستقبل وطن)، لا سيما أن مصر مقبلة على انتخابات برلمانية نهاية العام الجاري.

هذه التساؤلات حاول اثنان من مؤسسي الحزب الإجابة عنها في أول ظهور إعلامي مساء السبت، ضمن برنامج «الحكاية» المذاع على قناة «إم بي سي»، وقال وكيل مؤسسي حزب «الجبهة الوطنية» ووزير الإسكان المصري السابق عاصم الجزار، إن «الحزب هو بيت خبرة هدفه إثراء الفكر وإعادة بناء الوعي المصري المعاصر»، مؤكداً أن الحزب «لا يسعى للأغلبية أو المغالبة، بل يستهدف التأثير النوعي وليس الكمي».

وأضاف: «هدفنا تشكيل تحالف من الأحزاب الوطنية القائمة، إذ لن نعمل وحدنا»، معلناً استعداد الحزب الجديد، الذي لا يزال يستكمل إجراءات تأسيسه رسمياً، للتحالف مع «أحزاب الأغلبية مستقبل وطن وحماة وطن والمعارضة والمستقلين أيضاً بهدف خدمة المصلحة الوطنية»، مستطرداً: «لن نكون أداة لتمرير قرارات، بل أداة للإقناع بها».

وشدد الجزار على أن «الحزب لا ينتمي لمعسكر الموالاة أو للمعارضة»، وإنما «نعمل لمصلحة الوطن».

وهو ما أكده رئيس «الهيئة العامة للاستعلامات» بمصر وعضو الهيئة التأسيسية لحزب «الجبهة الوطنية»، ضياء رشوان، الذي قال: «سنشكر الحكومة عندما تصيب ونعارضها عندما تخطئ»، مشيراً إلى أن «مصر ليس لها حزب حاكم حتى يكون هناك حديث عن موالاة ومعارضة».

الانتقادات الموجهة للحزب ارتبطت بتساؤلات حول دوره في ظل وجود نحو 87 حزباً سياسياً، وفق «الهيئة العامة للاستعلامات»، منها 14 حزباً ممثلاً في البرلمان الحالي، يتصدرها حزب «مستقبل وطن» بأغلبية 320 مقعداً، يليه حزب «الشعب الجمهور» بـ50 مقعداً، ثم حزب «الوفد» بـ39 مقعداً، وحزب «حماة الوطن» بـ27 مقعداً، وحزب «النور» الإسلامي بـ11 مقعداً، وحزب «المؤتمر» بـ8 مقاعد.

ورداً على سؤال للإعلامي عمرو أديب، خلال برنامج «الحكاية»، بشأن ما إذا كان الحزب «طامحاً للحكم ويأتي بوصفه بديلاً لحزب الأغلبية»، قال رشوان: «أي حزب سياسي يسعى للحكم، لكن من السذاجة أن نقول إن حزباً يعمل على إجراءات تأسيسه اليوم سيحصد الأغلبية بعد 8 أو 10 أشهر»، مشيراً إلى أن «الحزب لن يعيد تجارب (الهابطين من السماء)». واستطرد: «لن نسعى للأغلبية غداً، لكن قد يكون بعد غد».

وأضاف رشوان أن «الحزب يستهدف في الأساس إعادة بناء الحياة السياسية في مصر بعد فشل تجربة نظام الحزب الواحد في مصر منذ عام 1952»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إحياء تحالف 30 يونيو (حزيران)»، لافتاً إلى أن «التفكير فيه هو ثمرة للحوار الوطني الذي أثار زخماً سياسياً».

طوال ما يزيد على ساعة ونصف الساعة حاول الجزار ورشوان الإجابة عن التساؤلات المختلفة التي أثارها إعلان تدشين الحزب، والتأكيد على أنه «ليس سُلمة للوصول إلى البرلمان أو الوزارة»، وليس «بوابة للصعود»، كما شددا على أن «حزب الجبهة يضم أطيافاً متعددة وليس مقصوراً على لون سياسي واحد، وأنه يضم بين جنباته المعارضة».

وعقد حزب «الجبهة الوطنية» نحو 8 اجتماعات تحضيرية على مدار الأسابيع الماضي، وتعمل هيئته التأسيسية، التي تضم وزراء ونواباً ومسؤولين سابقين، حالياً على جمع التوكيلات الشعبية اللازمة لإطلاقه رسمياً.

ويستهدف الحزب، بحسب إفادة رسمية «تدشين أكبر تحالف سياسي لخوض الانتخابات البرلمانية المقبلة، عبر صياغة تفاهمات سياسية واسعة مع الأحزاب الموجودة»، إضافة إلى «لمّ الشمل السياسي في فترة لا تحتمل التشتت».

ومنذ إطلاق الحزب تم ربطه بـ«اتحاد القبائل والعائلات المصرية» ورئيسه رجل الأعمال إبراهيم العرجاني، حتى إن البعض قال إن «الحزب هو الأداة السياسية لاتحاد القبائل». وعزز هذه الأحاديث إعلان الهيئة التأسيسية التي ضمت رجل الأعمال عصام إبراهيم العرجاني.

وأرجع الجزار الربط بين الحزب والعرجاني إلى أن «الاجتماعات التحضيرية الأولى للحزب كانت تجري في مكتبه بمقر اتحاد القبائل؛ كونه أميناً عاماً للاتحاد»، مؤكداً أن «الحزب لا علاقة له باتحاد القبائل». وقال: «العرجاني واحد من عشرة رجال أعمال ساهموا في تمويل اللقاءات التحضيرية للحزب». وأضاف: «الحزب لا ينتمي لشخص أو لجهة بل لفكرة».

وحول انضمام عصام العرجاني للهيئة التأسيسية، قال رشوان إنه «موجود بصفته ممثلاً لسيناء، ووجوده جاء بترشيح من أهل سيناء أنفسهم».

وأكد رشوان أن «البعض قد يرى في الحزب اختراعاً لكتالوج جديد في الحياة السياسية، وهو كذلك»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إعادة بناء الحياة السياسية في مصر التي يقول الجميع إنها ليست على المستوى المأمول».

بينما قال الجزار: «نحن بيت خبرة يسعى لتقديم أفكار وحلول وكوادر للدولة، ونحتاج لكل من لديه القدرة على طرح حلول ولو جزئية لمشاكل المجتمع».

وأثارت تصريحات الجزار ورشوان ردود فعل متباينة، وسط تساؤلات مستمرة عن رؤية الحزب السياسية، التي أشار البعض إلى أنها «غير واضحة»، وهي تساؤلات يرى مراقبون أن حسمها مرتبط بالانتخابات البرلمانية المقبلة.

كما رأى آخرون أن الحزب لم يكن مستعداً بعد للظهور الإعلامي.

بينما أشار البعض إلى أن «الحزب ولد بمشاكل تتعلق بشعبية داعميه»، وأنه «لم يفلح في إقناع الناس بأنه ليس حزب موالاة».

وقال مستشار مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية الدكتور عمرو الشوبكي لـ«الشرق الأوسط» إن «الحزب قدم حتى الآن كلاماً عاماً دون تصور أو رؤية واضحة للإصلاح التدريجي»، موضحاً أنه «من حيث المبدأ من حق أي جماعة تأسيس حزب جديد».

وبينما أكد الشوبكي أن ما عرضه المسؤولون عن الحزب الجديد بشأن «عدم طموحه للحكم لا يختلف عن واقع الحياة السياسية في مصر الذي يترك للدولة تشكيل الحكومة»، مطالباً «بتفعيل دور الأحزاب في الحياة السياسية»، فالمشكلة على حد تعبيره «ليست في إنشاء حزب جديد، بل في المساحة المتاحة للأحزاب».