حتى الآن اعتبرت بكين مسؤولية السيطرة على الوضع الأمني في المستعمرة البريطانية السابقة هونغ كونغ هي من اختصاص جهاز الشرطة المحلي، إلا أنها نبهت بأن قوى الجيش الشعبي الصيني في حالة استعداد للتدخل والإمساك بزمام الأمور التي بدأت تخرج عن مسارها يوما بعد يوم. وحذر مسؤول كبير في الحكومة الصينية، الثلاثاء، المتظاهرين في هونغ كونغ الذين يحتجون منذ شهرين ضد النظام الشيوعي في بكين من أنه «من يلعب بالنار تحرقه». وقال الناطق باسم مكتب شؤون هونغ كونغ وماكاو يانغ غوانغ التابع للحكومة الصينية «لا تقللوا أبدا من شأن التصميم الحازم والقوة الهائلة لدى الحكومة الصينية»، وذلك غداة إضراب عام ومظاهرة جديدة انتهت بأعمال عنف في المستعمرة البريطانية السابقة.
ورفض النظام الصيني، الذي لا يتسامح مع حركات الاحتجاج في الصين القارية، حتى الآن، التدخل تاركا لقوات هونغ كونغ حرية إدارة الوضع. الجيش الصيني نشر الأسبوع الماضي شريط فيديو يتضمن تهديدا ويظهر مناورة عسكرية لجنود يقومون بقمع مظاهرة في هونغ كونغ التي عادت إلى سيادة الصين في 1997. وأضاف المكتب أنه ينبغي على المحتجين الثوريين ألا يخطئوا فهم ضبط النفس الصيني على أنه ضعف، متوعدا بمحاكمة «المجرمين الذين ينتهجون العنف» ويدفعون بالمدينة صوب «جحيم خطير». وقالت وثيقة صادرة عن المكتب خلال إفادة مقتضبة في بكين: «نود تحذير كل المجرمين... لا تخطئوا تقدير الموقف وتسيئوا فهم ضبطنا للنفس على أنه ضعف». وأضاف: «نود التوضيح للمجموعة الصغيرة من المجرمين معدومي الضمير الذين ينتهجون العنف والقوى القذرة التي تقف وراءهم أن من يلعب بالنار تهلكه».
وقال المتحدث باسم المكتب يانغ جوانغ في مؤتمر صحافي في بكين: «نريد أن نحذر حفنة من العناصر الوقحة العنيفة والإجرامية والأيدي المتطفلة وراء المشهد، من أن أي محاولة للعب بالنار لن تؤدي إلا إلى نتائج عكسية... بالنسبة للعقاب، فهي مسألة وقت فقط». وأضاف يانغ أن المتظاهرين العنيفين سوف «تتم محاسبتهم»، فيما أصدر تحذيرات لأولئك الذين «وراء الكواليس»، في إشارة محتملة إلى الولايات المتحدة، والتي اتهمتها وسائل الإعلام الحكومية الصينية بتأجيج الاحتجاجات المدنية.
وفي هذا الصدد تجمع أكثر من 12 ألفا من أفراد الشرطة في مدينة شينزين بإقليم غوانغدونغ جنوب الصين أمس الثلاثاء، للمشاركة في تدريبات تتضمن اتخاذ إجراءات لمكافحة الشغب، مشابهة لتلك التي شوهدت في شوارع هونغ كونغ. ونقلت صحيفة «ساوث تشاينا مورنينغ بوست» عن شرطة شينزين القول إن التدريبات تأتي جزءا من استعدادات أمنية، بمناسبة الذكرى السبعين لجمهورية الصين الشعبية، والتي تحل في الأول من أكتوبر (تشرين الأول). وقالت الشرطة: «سيُجرى تدريب لزيادة الروح المعنوية للقوات، والاستعداد لأمن الاحتفالات، والحفاظ على الأمن السياسي الوطني والاستقرار الاجتماعي». وتتضمن تدريبات أخرى إجراءات لمكافحة التهريب، والبحث والإنقاذ، يشارك فيها أفراد من جيش التحرير الشعبي، بحسب ما ذكرته الصحيفة.
ويعد المؤتمر الصحافي ثاني مرة خلال أسبوعين تتحدث فيها بكين عن حركة الاحتجاج في هونغ كونغ التي دخلت أسبوعها التاسع يوم الأحد. ورفضت الصين حتى الآن التدخل في الاحتجاجات، لكن تعليقات يانغ هي إشارة محتملة على أن صبرها بدأ ينفد. وفي الوقت نفسه، رفضت الرئيسة التنفيذية لهونغ كونغ، كاري لام، تلبية أي مطالب للاحتجاج حتى مع استمرار تصاعد اشتباكات الشرطة والمتظاهرين. وبدأت حركة الاحتجاج في 9 يونيو (حزيران) عندما حاولت لام دون جدوى تمرير مشروع قانون من خلال المجلس التشريعي الذي تسيطر عليه بكين من شأنه أن يمهد الطريق لتسليم المطلوبين الجنائيين للصين. وتتمتع هونغ كونغ بنظام قانوني منفصل وحقوق مدنية غير موجودة في البر الرئيسي، وهو نظام من المفترض أن يستمر حتى عام 2047.
وعقد عدد من نشطاء هونغ كونغ مؤتمرا صحافيا أمس الثلاثاء نقلته قنوات تلفزيونية على نطاق واسع وحثوا من خلاله الرئيسة التنفيذية للمدينة كاري لام على «إعادة السلطة للشعب». وظهر ثلاثة نشطاء لم يكشفوا عن أسمائهم في المؤتمر الصحافي بحي مونغ كوك. ولم يسبق أن أجرى ممثلون لحركة الاحتجاج أي مؤتمرات صحافية منذ بدء المظاهرات قبل شهرين. وقال أحد النشطاء الثلاثة: «ندعو الحكومة إلى إعادة السلطة للشعب وتلبية مطالب مواطني هونغ كونغ». تأتي التصريحات بعد يوم من إطلاق الشرطة الغاز المسيل للدموع على محتجين في أنحاء عدة من المدينة في أكبر أعمال عنف وأوسعها نطاقا منذ عقود.
وقال النشطاء إن مبادرتهم بإجراء مؤتمر صحافي جاء بدافع من إعلان لام عن مؤتمرات صحافية يومية للشرطة. وأضافوا أن الهدف هو توفير منصة لتعبير مواطني هونغ كونغ عن استيائهم من الحكومة والشرطة. وأشارت وكالة «بلومبرغ» للأنباء إلى أن البيان الصحافي الأخير الذي أصدرته السلطات الصينية بشأن الاحتجاجات الشعبية تبنى لهجة أكثر تشددا من البيان الصادر في الأسبوع الماضي، الأمر الذي يثير المخاوف حول مستقبل أصول الشركات العاملة في هونغ كونغ.
ونقلت «بلومبرغ» عن مكتب شؤون هونغ كونغ وماكاو القول إن طبيعة الاحتجاجات تغيرت مع إعلان بعض المحتجين رفضهم لأساس العلاقة القائمة بين الصين وهونغ كونغ، وهو مبدأ «دولة واحدة ونظامان» المعمول به منذ عودة هونغ كونغ إلى السيادة الصينية من الاحتلال البريطاني، ويعطي هونغ كونغ وضعا خاصا كإقليم تابع للدولة الصينية.
وذكرت «بلومبرغ» أن المستثمرين قد لا يرغبون في التفكير في إمكانية استخدام الصين لقواتها العسكرية لإنهاء الاحتجاجات في هونغ كونغ، لكن يبدو أنه لم يعد هذا الاحتمال بعيدا كثيرا.
7:57 دقيقة
بكين تكشر عن أنيابها في هونغ كونغ
https://aawsat.com/home/article/1847101/%D8%A8%D9%83%D9%8A%D9%86-%D8%AA%D9%83%D8%B4%D8%B1-%D8%B9%D9%86-%D8%A3%D9%86%D9%8A%D8%A7%D8%A8%D9%87%D8%A7-%D9%81%D9%8A-%D9%87%D9%88%D9%86%D8%BA-%D9%83%D9%88%D9%86%D8%BA
بكين تكشر عن أنيابها في هونغ كونغ
أثارت تساؤلات حول نهاية نظام «دولة واحدة ونظامان»
بكين تكشر عن أنيابها في هونغ كونغ
مواضيع
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة