إردوغان: سندفع ثمناً باهظاً إذا لم نتحرك شرق الفرات

جولة ثانية من المفاوضات الأميركية ـ التركية حول «المنطقة الآمنة»

TT

إردوغان: سندفع ثمناً باهظاً إذا لم نتحرك شرق الفرات

في الوقت الذي استمرت فيه المباحثات العسكرية في أنقرة بين الجانبين التركي والأميركي بشأن إقامة المنطقة الآمنة في شمال سوريا، اعتبر الرئيس التركي رجب طيب إردوغان، أن تركيا «ستدفع الثمن غالياً إذا لم تفعل ما هو لازم في شمال سوريا».
وقال إردوغان، في خطاب أمام المؤتمر الحادي عشر لسفراء تركيا بالخارج، أمس (الثلاثاء)، إن هذه العملية (إقامة المنطقة الآمنة شمال شرقي سوريا) ستنتقل إلى مرحلة «مختلفة قريباً جداً. سنستخدم القوة إذا ما تطلب الأمر الدفاع عن مصالحنا القومية».
وأكد إردوغان أنه لا يمكن لتركيا أن تشعر بالأمان ما لم يتم القضاء على تلك المنظمة (في إشارة إلى حزب العمال الكردستاني ووحدات حماية الشعب الكردية التي تعتبرها أنقرة ذراعها السورية)، والتي قال إنها «تنمو كالخلايا السرطانية على حدودنا الجنوبية عبر الأسلحة الثقيلة المقدمة إليها من قبل حلفائنا».
وأضاف: «ننتظر من الولايات المتحدة، حليفتنا في حلف شمال الأطلسي (ناتو) وشريكتنا الاستراتيجية، اتخاذ خطوة في الملف السوري تليق بالحليف الحقيقي».
وكان إردوغان قد تعهّد، الأحد الماضي، بتنفيذ عملية عسكرية في المنطقة التي يسيطر عليها الأكراد في شرق الفرات، قائلاً إن بلاده أبلغت الولايات المتحدة وروسيا بأنها لن تقف صامتة إزاء التهديدات التي تأتيها من هذه المنطقة.
وقال إردوغان أيضاً إن تركيا «مصممة على اجتثاث جذور (العمال الكردستاني) من الأراضي العراقية»، معتبراً أن أمن تركيا بمثابة أمن حلف الناتو والمنطقة برمتها.
وأضاف أن شراء تركيا منظومة الدفاع الجوية الروسية «إس 400» لم يكن خياراً استراتيجياً بل «تجاري بحت، دفعها إليه موقف حلفائها المتعنت». وعبّر عن أمله أن يواصل الرئيس الأميركي دونالد ترمب موقفه الصائب بخصوص موضوع المنظومة الروسية وعدم السماح بتأثير هذه المسألة على علاقات تركيا بالولايات المتحدة. وأشار إلى أنه لا يوجد أي دليل ملموس على أن منظومة «إس 400» ستضر بحلف «الناتو» وبمقاتلات «إف 35» أميركية الصنع. وبينما تحدث إردوغان عن تطورات مختلفة بشأن المنطقة الآمنة، تواصلت المباحثات المتعلقة بها لليوم الثاني بين مسؤولين عسكريين أميركيين وأتراك، أمس، في أنقرة.
وتجري المباحثات وسط تصعيد في لهجة التهديدات التركية باللجوء إلى العمل العسكري لإنهاء وجود وحدات حماية الشعب الكردية (العمود الفقري لقوات سوريا الديمقراطية «قسد» حليفة الولايات المتحدة في الحرب على «داعش» في سوريا). وقال مصدر عسكري تركي، أول من أمس، إن العملية العسكرية التركية شرق الفرات «قد تنطلق بعد عيد الأضحى أو ربما يتم تنفيذها في أي لحظة وفقاً للتطورات».
ونقلت وكالة «سبوتنيك» عن المصدر أن: «الجيش التركي قد يطلق العملية العسكرية بعد عيد الأضحى كما هو مخطط لها، أو ربما يتم تنفيذها في أي لحظة وفقاً للتطورات»، متابعاً: «قد يطلق الجيش التركي العملية في أي لحظة في حال تعرض الأراضي التركية لهجوم من الأراضي السورية، كما حدث في العملية العسكرية بمدينة عفرين شمال سوريا».
وأضاف: «لم تتوصل أنقرة وواشنطن حتى الآن إلى تفاهم حول عمق المنطقة الآمنة شرق الفرات، حيث اقترحت الولايات المتحدة أن يتم تنفيذ العملية العسكرية التركية بعمق 7 إلى 8 كم»، مشيراً إلى أنه «لا معنى لتنفيذ عملية عسكرية بهذا العمق، لذلك فإن أنقرة تصر على تنفيذ العملية بعمق 30 كلم وهي لن تتراجع عن موقفها».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».