مصر لزيادة القيمة الاقتصادية لعقارات وسط القاهرة

عبر مشروعات تطوير الأسواق والمباني التاريخية

مشروع تطوير القاهرة التاريخية يستهدف رفع قيمة المنطقة عقارياً واقتصادياً (تصوير: عبد الفتاح فرج)
مشروع تطوير القاهرة التاريخية يستهدف رفع قيمة المنطقة عقارياً واقتصادياً (تصوير: عبد الفتاح فرج)
TT

مصر لزيادة القيمة الاقتصادية لعقارات وسط القاهرة

مشروع تطوير القاهرة التاريخية يستهدف رفع قيمة المنطقة عقارياً واقتصادياً (تصوير: عبد الفتاح فرج)
مشروع تطوير القاهرة التاريخية يستهدف رفع قيمة المنطقة عقارياً واقتصادياً (تصوير: عبد الفتاح فرج)

في محاولة منها لزيادة القيمة الاقتصادية لعقارات منطقة القاهرة التاريخية والخديوية، بدأت الحكومة المصرية تنفيذ عدة مشروعات لتطوير الأسواق والمباني التاريخية بالعاصمة، لاستعادة وجهها الحضاري، تمهيداً لتحويلها إلى منطقة سياحية واقتصادية، وتوقع خبراء العقارات أن تساهم المشروعات الحالية في زيادة قيمة العقارات في منطقة وسط القاهرة، في أعقاب ترميم المباني التاريخية، وإزالة المناطق العشوائية.
وتعكف لجنة تطوير القاهرة التاريخية التابعة لرئاسة الجمهورية على إعداد مشروعات لتطوير المنطقة وإعادة الوجه الحضاري لها، ورفع قيمتها العمرانية والاقتصادية، ومن بينها مشروع لتطوير مناطق مسجد الرفاعي وسوق السلاح وباب زويلة والخيامية، وسوق الخضار بالعتبة، وباب زويلة، وحديقة الأزبكية، وسور مجرى العيون، إضافة إلى مشروعات تطوير المباني التاريخية بوسط البلد.
وقال مصدر بلجنة تطوير القاهرة التاريخية، فضل عدم ذكر اسمه، لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك تغيرا في مفهوم تطوير المباني الأثرية والتاريخية، فالمسألة لم تعد قاصرة على إعادة الشكل الحضاري للمنطقة، وهو أمر مهم، لكنه مكلف جداً»، موضحاً أنه «نتيجة لارتفاع التكلفة تعرقلت وتأخرت مشروعات الترميم والتطوير على مدى سنوات طويلة».
وأضاف أن «المفهوم الجديد لتطوير منطقة القاهرة التاريخية بدأ يضع العوائد الاقتصادية في الاعتبار»، موضحاً أن «إعادة تطوير هذه المناطق سيرفع من قيمتها الاقتصادية، مما سيوفر المزيد من الموارد للدولة، ومن هنا ربما يشهد مشروع تطوير القاهرة التاريخية حراكاً سريعاً في الفترة المقبلة نظرا للعائدات الاقتصادية الكبيرة المتوقعة، خاصة في أعقاب نقل المقرات الحكومية من منطقة وسط البلد إلى العاصمة الإدارية الجديدة».
بدوره، أكد الخبير العقاري والاقتصادي تامر ممتاز لـ«الشرق الأوسط» أن «زيادة القيمة الاقتصادية للعقارات في منطقة القاهرة التاريخية ووسط البلد، مرتبطة بزيادة الطلب على هذه المناطق، وهذا يمكن أن يحدث عبر عمل خرائط استثمارية توضح الأماكن التي يمكن استغلالها اقتصاديا في المنطقة، ضمن خطة واضحة ومعلنة من الدولة لتحويل القاهرة التاريخية إلى منطقة سياحية»، مشيراً إلى أن «الإعلان عن المناطق الاستثمارية المحتملة وعن مشروعات التطوير والترميم سيجذب المستثمرين للمنطقة، وبالتالي يزيد الطلب وترتفع القيمة الاقتصادية للعقارات».
وتعتزم مصر نقل مقراتها الحكومية من منطقة وسط القاهرة إلى العاصمة الإدارية الجديدة العام المقبل، وهو ما سيوفر كثيرا من المباني الأثرية أو ذات الطابع المعماري المميز لاستغلالها في مشروعات سياحية أو اقتصادية، وربما كان هذا أحد الأدوار الرئيسية للصندوق السيادي الذي أنشأته مصر مؤخراً، والذي يجري العمل على اختيار قياداته.
وقال ممتاز إنه رغم عدم الإعلان حتى الآن عن مخطط كيفية استغلال مقرات الحكومة بمنطقة وسط البلد، فإن الاتجاه العام هو استغلالها في الخدمات السياحية، سواء كانت فنادق أو حدائق ومتنزهات، مشيرا إلى أن «الصندوق السيادي سيكون المسؤول عن وضع تصور لاستغلال وإدارة هذه المقرات».
وأكد ممتاز أن «هناك اهتماما واضحا من جانب الدولة بتطوير منطقة القاهرة التاريخية ورفع قيمتها الاقتصادية، يتضح ذلك من المشروعات التي يتم الإعلان عنها باستمرار لإزالة العشوائيات، وتطوير الأسواق الشعبية، مثل تطوير سور مجرى العيون، وسوق الخضار بالعتبة».
من جانبه، قال المهندس محمد أبو سعدة، رئيس صندوق التنسيق الحضاري، وعضو لجنة تطوير القاهرة التاريخية، لـ«الشرق الأوسط»، إن «اللجنة تعمل على تطوير عدة مناطق بمنطقة القاهرة التاريخية والخديوية، بشكل تدريجي بهدف استعادة الوجه الحضاري لها»، مشيرا إلى أن «هذه المنطقة كبيرة جداً، ولا يمكن العمل فيها مرة واحدة، حيث تحتاج إلى ميزانيات ضخمة، لذلك يتم العمل فيها بشكل تدريجي، وفقا لأولويات الحكومة».
وأضاف أن «هناك عدة مشروعات يجري الإعداد لها حاليا مثل مشروع تطوير ميدان العتبة، وسوق الخضار، والمسرح القومي، وجراج الأوبرا، وفندق الكونتيننتال، وحديقة الأزبكية، والذي يتكامل مع مشروعات تطوير المباني الأثرية في القاهرة التاريخية في منطقة الأزهر وشارع المعز، بهدف الحفاظ على الطابع الأثري والتاريخي للمنطقة كلها».
ووفقا للدكتور محمود عبد الباسط، مدير عام مشروع تطوير القاهرة التاريخية بوزارة الآثار المصرية، فإن «منطقة القاهرة التاريخية تضم نحو 622 مبنى أثرياً إسلامياً ومسيحياً ويهودياً، وهي مسجلة على قائمة التراث العالمي منذ عام 1979»، مشيرا إلى أن «مشروع تطوير القاهرة التاريخية لا يقتصر على ترميم الأثر والحفاظ عليه، بل يمتد إلى البيئة المحيطة، والمناطق السكنية المجاورة للآثار».
وتعد تجربة ترميم شارع المعز لدين الله الفاطمي أحد النماذج على الاهتمام بالبيئة المحيطة، حيث تم العمل على تطوير واجهات المنازل المطلة على الشارع والمباني الأثرية، لمنح الشارع طابعا تاريخيا، وعلى غرار شارع المعز، بدأ العمل على إعداد مشروع لتطوير منطقة باب زويلة، كما تم وضع مخطط لتطوير منطقة القصبة الجنوبية للقاهرة التاريخية بجوار مسجد الرفاعي، يتضمن رفع كفاءة المنازل القديمة بالمنطقة، وتطوير واجهاتها لتتناسب مع طبيعة المنطقة التاريخية، كما بدأت الحكومة المصرية إعداد دراسة لتطوير منطقة سوق الخضار بالعتبة.
وتتضمن خطة تطوير القاهرة التاريخية دراسة سياحية واقتصادية للمنطقة للاستفادة من الحرف والصناعات التقليدية بها، والعمل على دمج السكان في المشروع، من خلال تعريفهم بالفرص الاستثمارية والسياحية في المنطقة، وفائدة التطوير على حياتهم اقتصادياً واجتماعياً، إذا ما تحولت المنطقة إلى مزار سياحي.
وقال أبو سعدة إن «تطوير منطقة القاهرة التاريخية يختلف عن أي مبنى آخر، نظرا لأن المباني التاريخية أو الأثرية في المنطقة محاطة بالسكان، لذلك يجب أن يكون السكان شركاء في مشروع التطوير من بدايته، حتى لا يضر المشروع بمصالحهم».
وأضاف أبو سعدة أن «إشراك المجتمع في عملية التطوير يؤدي إلى استدامة المشروع»، مشيرا إلى أنه «عند تطوير شارعي البورصة والألفي بمنطقة وسط البلد، تم تكوين اتحاد لشاغلي الشارع، وإشراكهم في عملية التطوير، وفي التصميمات فهم أصحاب مصلحة».
وترجع القاهرة التاريخية إلى الفترة ما بين العصر الروماني وعصر أسرة محمد علي، وبدأ مشروع تطوير القاهرة التاريخية عام 1998، بالتعاون مع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، ووفقا للموقع الإلكتروني لوزارة الآثار فإن «المشروع ينقسم إلى أربع مراحل، لترميم وصيانة وإعادة توظيف 149 أثرا بمناطق الجمالية، والأزهر، والغوري، والدرب الأحمر، وباب الوزير، ومسجد أحمد بن طولون، وبيت السادات، وقصر الأمير طاز، وقصر محمد علي بشبرا، وسور مجرى العيون، وشارع المعز وشارع الجمالية، ومشروع إعادة تأهيل حارة الدرب الأصفر، ومشروع إعادة تأهيل مصر القديمة ومجمع الأديان، ومشروع إحياء منطقة السيدة زينب، وغيرها»، و «في عام 2010 تم الاتفاق مع منظمة اليونيسكو ومركز التراث العالمي بباريس على إطلاق مشروع الإحياء العمراني للقاهرة التاريخية بتمويل من الحكومة المصرية».



تأثيرات «كورونا» تظهر على العقارات المصرية

سوق العقارات المصرية تأثرت بالمخاوف من انشار الفيروس
سوق العقارات المصرية تأثرت بالمخاوف من انشار الفيروس
TT

تأثيرات «كورونا» تظهر على العقارات المصرية

سوق العقارات المصرية تأثرت بالمخاوف من انشار الفيروس
سوق العقارات المصرية تأثرت بالمخاوف من انشار الفيروس

بعد الانتشار المتزايد لفيروس «كورونا المستجد» في معظم أنحاء العالم، يحذّر خبراء الاقتصاد من التداعيات السلبية التي يشهدها الاقتصاد العالمي خصوصاً بعد الإجراءات الاحترازية التي اتخذتها الدول ومن بينها إغلاق الحدود وتعليق الرحلات الجوية والبحرية، وهو ما امتد بدوره إلى قطاع العقارات في مصر، حيث تشهد السوق العقارية في البلاد حالياً تراجعاً في نسب المبيعات، بالإضافة إلى إلغاء فعاليات ومؤتمرات تسويقية عقارية.
ويؤكد مستثمرون عقاريون مصريون من بينهم المهندس ممدوح بدر الدين، رئيس مجلس إدارة شعبة الاستثمار العقاري بالاتحاد العام للغرف التجارية، أن «القطاعات الاقتصادية تشهد تباطؤاً وجموداً حاداً في الآونة الأخيرة، وهذا سيكون له تبعاته على سوق العقار»، ويقول لـ«الشرق الأوسط»: «أتوقع أن تخرج مصر من الأزمة سريعاً، وبأقل الخسائر نتيجة للإجراءات الاحترازية التي اتخذتها أخيراً للحد من انتشار المرض».
وشهدت سوق مبيعات العقارات في مصر «تراجعاً نسبياً منذ بداية أزمة كورونا»، وفق الخبير والمسوق العقاري محمود سامي، الذي قدّر «نسبة التراجع في مستويات البيع والشراء، بنسبة تتراوح من 20 إلى 30%، في بداية الأزمة، لتصل إلى 50% مع نهاية الأسبوع الماضي، مع اتخاذ مصر وعدد من الدول العربية إجراءات احترازية جريئة للحد من انتشار المرض».
ورغم أن مؤشرات الطلب على شراء العقارات التي تقاس وفق حجم الطلب على المواقع الإلكترونية المخصصة لبيع وشراء العقارات، لم تعكس هذا التراجع في شهر فبراير (شباط) الماضي، وفقاً لمؤشر موقع «عقار ماب» المتخصص في السوق العقارية، بعدما سجل ثبات مستوى الطلب على العقارات في شهري يناير (كانون الثاني) وفبراير الماضيين، لكن المؤشر أوضح أنه «كان هناك تزايد في الطلب في النصف الأول من شهر فبراير، إلا أن هذا التزايد تراجع في الأسبوعين الأخيرين ليستقر المؤشر عند نفس معدل الشهر السابق»، ولا توجد إحصائيات واضحة عن شهر مارس (آذار) الجاري، والذي تفاقمت فيه أزمة «كورونا».
وعكس ما يؤكده المسوق العقاري محمود سامي، من وجود تراجع في نسب مبيعات العقارات في مصر، يقول الدكتور ماجد عبد العظيم، أستاذ الاقتصاد والخبير العقاري، أن «السوق العقارية في مصر لم تتأثر حتى الآن بأزمة (كورونا)»، وأضاف لـ«الشرق الأوسط»: «لا يوجد ارتباط بين فيروس (كورونا) والعقارات، فمن يريد شراء شقة سيفعل ذلك»، مشيراً إلى أن «السوق العقارية المصرية تعاني من حالة ركود بدأت منذ نحو أربعة أشهر، وتظهر ملامحها في العروض التسويقية التي تقدمها شركات العقارات، ومن بينها زيادة عمولة المسوقين العقاريين، والإعلان عن تسهيلات في السداد تصل إلى عشر سنوات من دون مقدم، والدفعة الأولى بعد التسلم»، لافتاً إلى أن «حالة الركود هذه سببها الرئيسي زيادة المعروض، وارتفاع الأسعار بشكل مبالغ فيه».
ورغم أن العاملين في التسويق العقاري لا ينكرون وجود حالة ركود في السوق، فإنهم يرون أن المسألة تزايدت مع الخوف من انتشار «كورونا»، حتى حدث «انكماش في السوق العقارية»، على حد تعبير سامي الذي أوضح أن «شركات التسويق العقاري تأقلمت مع حالة الركود، ونفّذت عمليات إعادة هيكلة وتقليص لعدد الموظفين والمقرات»، مضيفاً: «ما نشهده الآن مختلف، فهناك حالة شلل لم نشهدها من قبل إلا مع ثورتي 30 يونيو (حزيران) 2013، و25 يناير 2011. وإن كان ما نشهده حالياً أكثر حدة، فهناك إلغاء لحجوزات ومواعيد معاينات للوحدات العقارية، وتأجيل لقرارات الشراء بشكل عام حتى انتهاء الأزمة واتضاح الرؤية».
ولا يقتصر تأثير انتشار «كورونا» على حركة البيع والشراء في قطاع العقارات، بل من المتوقع أن «ينعكس التأثير على اقتصاد الشركات العقارية واستثماراتها» حسب بدر الدين، الذي أشار إلى أن «قطاع النفط تأثر بصورة كبيرة خصوصاً بعد إصرار منظمة (أوبك) على عدم تقليل إنتاجها، ليهبط سعر البرميل إلى أقل من 30 دولاراً، ما سبب خسائر للمستثمرين والصناديق العالمية، وترتبت على ذلك انخفاضات في أسعار مواد البناء وبالتالي فإن أي مستثمر لديه مخزون من هذه السلع، سيحقق خسائر بلا شك».
وتماشياً مع قرارات الحكومة المصرية إلغاء التجمعات، تم تأجيل مؤتمر ومعرض «سيتي سكيب مصر للتسويق العقاري»، الذي يعده الخبراء أحد أكبر معارض التسويق العقاري في مصر، والذي كان من المقرر عقده في منتصف الشهر الجاري، لتكتفي الشركات العقارية بالعروض التسويقية التي تقدمها وتعلن عنها إلكترونياً أو تلفزيونياً.
والتأجيل يحمي شركات العقارات من خسائر متوقعة، نظراً لصعوبة حضور العملاء، مما سيؤثر بشكل سلبي على صورة القطاع العقاري، حسب بدر الدين.
ويخشى العاملون في السوق العقارية من استمرار الأزمة فترة طويلة، وهو ما سيؤدي إلى خسائر كبيرة في القطاع، قد تضطر الشركات إلى عمليات إعادة هيكلة وتخفيض عمالة -على حد تعبير سامي- الذي قال إن «الشركات تأقلمت مع انخفاض المبيعات خلال الشهور الماضية، لكن لو استمر الوضع الحالي لمدة شهر، فالمسألة ستكون صعبة وقد تؤدي إلى إغلاق شركات وتسريح موظفين، حيث ستحتاج كل شركة إلى تخفيض نفقاتها بنسبة 40% على الأقل».
ورغم تأكيدات عبد العظيم أنه لا يوجد تأثير لأزمة «كورونا» على السوق العقارية حتى الآن، فإنه يقول: «إذا تفاقمت أزمة (كورونا) فستكون لها تأثيرات على جوانب الحياة كافة، ومنها العقارات»، وهو ما يؤكده بدر الدين بقوله إن «العالم كله سيشهد تراجعاً في معدلات النمو الاقتصادي».