الصعود والسقوط المأساوي لأريلد بيرغ

الموهبة الفذة للنجم النرويجي تحولت إلى سر لعنته

الجماهير النرويجية صدمت لرحيل أريلد بيرغ
الجماهير النرويجية صدمت لرحيل أريلد بيرغ
TT

الصعود والسقوط المأساوي لأريلد بيرغ

الجماهير النرويجية صدمت لرحيل أريلد بيرغ
الجماهير النرويجية صدمت لرحيل أريلد بيرغ

ذات مرة، أخبر شخص يقدم نفسه كمعالج روحاني اللاعب النرويجي أريلد بيرغ: «تعاني من روح مزدوجة. لقد ضلت روح رجل متوفى طريقها وسكنت جسدك. والآن أصبح عليك رعاية روحين ومن الطبيعي أن يتركك ذلك منهك القوى. إذا أزلت هذه الروح، ستصبح الأمور على ما يرام». وهنا أجاب بيرغ مبتسماً: «روحه؟ إذا كنت ستزيل روحاً هنا، أفضل أن تكون روحي أنا، فأنا سئمت منها بشدة».
تحمل مسألة استمرار قدرة بيرغ على إظهار روح الدعابة في حديثه عن نفسه دلالات عميقة، بالنظر إلى أنه في هذه المرحلة من حياته كان يبحث عن حل لحالة طبية لازمته لما يزيد على 12 عاماً. وتحول بيرغ من لاعب كرة القدم النرويجي الأفضل موهبة على مستوى جيله إلى رجل لا يملك سوى هدف واحد: اكتشاف حقيقة ما ألم به.
ولد بيرغ في أسرة كروية عام 1975. كان والده، هارالد بيرغ، قد شارك في 43 مباراة دولية مع المنتخب النرويجي بين عامي 1964 و1974 ولعب إلى جوار ديك أدفوكات تحت قيادة دين هاغ في هولندا. وشارك شقيق أريلد الأكبر منه، أوريان ورونار، في صفوف المنتخب أيضاً وكانت لهما مسيرة كروية مميزة داخل النرويج وخارجها.
ومع هذا، كان أريلد الأكثر موهبة بينهم جميعاً. وقال المعلق الرياضي بقناة «تي في 2»، بير إنغيل بيرنستين عنه: «كان أريلد بيرغ قد اشتهر بكونه ظاهرة رياضية فريدة قبل انتقاله إلى صفوف الفريق الأول بنادي بودو - غليمت».
وقال ستيان هوغلاند من صحيفة «أفيزا نوردلاند» التي يوجد مقرها في مدينة بودو: «امتلك أريلد أسلوباً مذهلاً ورؤية عظيمة. ودائماً ما بدا وكأنه يحظى بوقت أكبر عن غيره من اللاعبين داخل الملعب. من الممكن مقارنة أسلوبه بأسلوب الإسباني أندريس إنييستا».
وتحدث زميل هوغلاند، فريدي توريسين عن بيرغ قائلاً: «كانت قدمه اليسرى مذهلة للغاية ـ وكانت خطيرة من أي مسافة. ربما يكون أريلد قد ترك الواجب الدفاعي لزملائه، لكن مهاراته الهجومية كانت فريدة من نوعها».
بالنسبة لمن لا يعرفون بيرغ جيداً، هناك مقطع عبر موقع «يوتيوب» له داخل صالة رياضية صغيرة ولا يظهر في الصالة سواه مع كرة تنس صغيرة. وخلال المقطع، يستعرض بيرغ مهاراته اللافتة. في عمر الـ17. شارك بيرغ للمرة الأولى في صفوف الفريق الأول لبودو - غليمت في الدوري الممتاز النرويجي وارتدى نظارات شبيهة بتلك الخاصة بشخصية هاري بوتر السينمائية، وسرعان ما أصبح واحداً من أفضل لاعبي بطولة الدوري على مدار السنوات الثلاثة التالية. سعت جميع الأندية النرويجية الكبرى لضمه، لكنه اعتزل فجأة عام 1996. وبدا الأمر وكأن نجماً خارقاً مثل مايكل أوين أو أي لاعب بارز آخر قد أعلن اعتزاله فجأة في ذروة تألقه في سن الـ20 دون سبب واضح. على مدار فترة طويلة، قال بيرغ إنه بحاجة لاستعادة شغفه بكرة القدم والتعرف على ما إذا كانت عشقه الحقيقي. ودفعه هذا السعي للتعرف على شغفه الحقيقي نحو تجريب نحو 15 رياضة مختلفة منها الغطس والتزلج على الجليد. إلا أنه بعد عام كان على استعداد للعودة. وقال في تصريحات صحافية عام 2018: «سئمت من الهزيمة في التنس في كل مباراة أخوضها، ورغبت في تذوق حلاوة الفوز من جديد».
ومع هذا، لم تخل عودته من المفاجأة، فقد انضم إلى صفوف نادي غيفير بودو في نوردلاند المشارك في دوري الدرجة الثالثة. وخلال ذلك الموسم، سحر بيرغ السكان المحليين بمهاراته الغريبة عليهم وبدا سعيداً من جديد، لكن خلال العام ذاته، 1997 ـ أدرك أن ثمة شيئاً ليس على ما يرام. وفي تصريحات لـ«ريكفري نورواي»، قال: «أتذكر أنني جلست في غرفة تبديل الملابس بعد المباراة الأخيرة من الموسم. كنا قد فزنا وجلست في زاوية ولم يهبط معدل ضربات قلبي، وإنما استمر عند مستوى 160 وكانت تلك البداية».
في العام التالي، عاود بيرغ الانضمام إلى بودو - غليمت عام 1998، لكن جسده بدأ في التداعي ووجد نفسه مضطراً للتدريب بمعدل أقل فأقل. وفي العام التالي، لم يخض عملياً أي تدريبات، وكان يظهر قبل المباريات فحسب ليشارك فيها مباشرة. ومع هذا، كانت موهبته فريدة لدرجة أنه ظل يجري النظر إليه على نطاق واسع باعتباره أفضل لاعب بالدوري النرويجي الممتاز. ومثلما قال بيرنستين: «كان من اللافت للغاية أن يحصد أريلد لقب أفضل لاعب في النرويج خلال موسم 1999 لأنه كان يلعب في صفوف نادي في منتصف جدول ترتيب الأندية، بينما كان فريق روزنبرغ في ذروة تألقه وهيمن على الكرة النرويجية وقدموا أداءً جيداً في بطولة دوري أبطال أوروبا. لقد حقق ذلك رغم أنه كان مريضاً ولا يشارك في التدريبات».
تدهورت حالة بيرغ في تلك الفترة، رغم أنها ظلت دونما تشخيص. وفي إحدى الفترات، فقد 15 كيلوغراماً من وزنه، حيث تراجع من 75 إلى 60 كيلوغراماً. وانضم إلى نادي لين، الذي فاز والده معه في وقت مضى ببطولة الدوري سعياً وراء بداية جديدة، لكنه أجبر على الاعتزال في سن الـ25. في تلك المرحلة، انطلق في جولة حول العالم بحثاً عن شخص يحاول تشخيص ما ألم به. واتضح خطأ التكهنات بأنه يعاني من تسمم زئبقي. وقال بيرغ في تصريحات العام الماضي: «أنفقت نحو 2 مليون كرونكر (أكثر عن 180 ألف جنيه إسترلينية) على أطباء ومعالجين مختلفين لأكثر من عقد». على مدار فترة طويلة، ظل الأمل يراوده في العودة إلى كرة القدم، لكن بمجرد التعرف على السبب وراء معاناته أخيراً تحطمت أحلامه بقسوة. اتضح أن كرة القدم ذاتها أحد الأسباب الرئيسية وراء ما يعانيه. عام 2005، جرى تشخيص حالة بيرغ باعتباره يعاني عرض الإرهاق المزمن. ويمكن أن ينجم هذا العرض عن أسباب مختلفة، لكن في حالة بيرغ كان واضحاً أن كرة القدم وما يصاحبها من توتر السبب الرئيسي وراء الحالة.
وكانت المفارقة أنه رغم أنه جاب العالم بحثاً عن تفسير لحالته، فإن طبيباً محلياً يدعى أرني ستينستروم هو الذي تمكن من تحديد المشكلة. وكان ستينستروم نفسه يعاني هذا العرض وتمكن من التعرف على حقيقة المشكلات التي كان يواجهها بيرغ وبعد عدة لقاءات أخبر لاعب الكرة السابق عام 2009 أنه يتعين عليه قطع كل صلة له بكرة القدم.
بالنسبة لبيرغ، بدت الأمور واضحة أخيراً. وقال في تصريحات لـ«ريكفري نورواي»: «ودعت كرة القدم. وحذفت كل ما يتعلق بها من قاموسي. ابتعدت عن كل ما يخص كرة القدم في وسائل الإعلام والأصدقاء الذين يكتبون عن الكرة عبر (فيسبوك). وفي صيف 2010. حاولت مشاهدة مباراة ببطولة كأس العالم، وعندما فعلت ذلك عاودني شعور قوي بالضغط العصبي وعاودتني الأعراض القديمة، لكن هذه المرة كنت مدركاً للسبب وراء شعوري على هذا النحو. لم يكن هناك غموض. كنت مدركاً لما علي فعله وسرعان ما تلاشى».
وشرح بيرغ السبب وراء معاناته هذا العرض بينما لم يتعرض له أي من شقيقيه، وقال: «منذ أن كنت طفلاً كنت أتدرب ضعف أي فرد آخر. ونظراً للإنجازات الكبيرة التي حققها والدي وشقيقاي ربما شعرت بضغط شديد دوماً كي أنجز الكثير داخل الملعب. إلا أنه حسب ما استوعبت، فإن جزءاً كبيراً من الضغط العصبي كان بسبب مشاعر الإثارة والحماس، والتوقعات بما يمكنني تحقيقه. إن ما حدث معي أنني لم يحدث وأن هدأت وتيرة نشاطي قط».
تدريجياً، تمكن بيرغ من إعادة بناء حياته. وأصبح أكثر سعادة وتمكن من معاودة التدريب والأهم عن ذلك معاونة آخرين يعانون عرض الإرهاق المزمن بفضل تجاربه. إلا أن عانى مشكلات أخرى، وفي يونيو (حزيران) أقدم على الانتحار في سن الـ43.
ويأتي رحيله ليذكرنا جميعاً بموهبة عظيمة تعرضت لضغوط هائلة وجدت استحالة في التعامل معها. وكتب بيرنستين بعد رحيل بيرغ: «نرغب جميعاً في أن نكون موهوبين، لكن هذا لا يناسب الجميع. بالنسبة لأريلد بيرغ، كانت موهبته المذهلة سر لعنته. من الأسهل بكثير أن يكون المرء عادياً لأنه لن يتعين عليه حينها التعايش مع توقعات كبرى ـ ليس فقط من الآخرين، ولكن أولاً وقبل أي شيء من نفسه».



«مخاوف أمنية» تهدد بنقل المباريات الآسيوية إلى خارج إيران

ملعب الاستقلال في طهران سيستضيف مباراة النصر المقررة 22 اكتوبر المقبل (الشرق الأوسط)
ملعب الاستقلال في طهران سيستضيف مباراة النصر المقررة 22 اكتوبر المقبل (الشرق الأوسط)
TT

«مخاوف أمنية» تهدد بنقل المباريات الآسيوية إلى خارج إيران

ملعب الاستقلال في طهران سيستضيف مباراة النصر المقررة 22 اكتوبر المقبل (الشرق الأوسط)
ملعب الاستقلال في طهران سيستضيف مباراة النصر المقررة 22 اكتوبر المقبل (الشرق الأوسط)

كشفت مصادر مطلعة لـ«الشرق الأوسط»، الأربعاء، عن فتح الاتحاد الآسيوي لكرة القدم ملفاً طارئاً لمتابعة الوضع الحالي المتعلق بالمباريات التي ستقام في إيران في الفترة المقبلة، وذلك بسبب الأحداث الأخيرة التي شهدتها المنطقة.

ويتابع الاتحاد الآسيوي، الأمر من كثب لتحديد مصير المباريات الآسيوية سواء المتعلقة بالمنتخب الإيراني أو الأندية المحلية في بطولات آسيا المختلفة.

ومن المتوقع أن يصدر الاتحاد الآسيوي بياناً رسمياً خلال الأيام القليلة المقبلة بشأن هذا الموضوع، لتوضيح الوضع الراهن والموقف النهائي من إقامة المباريات في إيران.

وحاولت «الشرق الأوسط» الاتصال بالاتحاد الآسيوي للرد على السيناريوهات المتوقعة لكنه لم يرد.

وفي هذا السياق، يترقب نادي النصر السعودي موقف الاتحاد الآسيوي بشأن مصير مباراته مع فريق استقلال طهران الإيراني، التي من المقرر إقامتها في إيران ضمن منافسات الجولة الثالثة من دور المجموعات في دوري أبطال آسيا النخبة.

ومن المقرر أن تقام مباراة النصر الثالثة أمام نادي الاستقلال في معقله بالعاصمة الإيرانية طهران في الثاني والعشرين من الشهر الحالي فيما سيستضيف باختاكور الأوزبكي في 25 من الشهر المقبل.

ومن حسن حظ ناديي الهلال والأهلي أن مباراتيهما أمام الاستقلال الإيراني ستكونان في الرياض وجدة يومي 4 نوفمبر (تشرين الثاني) و2 ديسمبر (كانون الأول) المقبلين كما سيواجه الغرافة القطري مأزقاً أيضاً حينما يواجه بيرسبوليس الإيراني في طهران يوم 4 نوفمبر المقبل كما سيستضيف النصر السعودي يوم 17 فبراير (شباط) من العام المقبل في طهران.

وتبدو مباراة إيران وقطر ضمن تصفيات الجولة الثالثة من تصفيات آسيا المؤهلة لكأس العالم 2026 المقررة في طهران مهددة بالنقل في حال قرر الاتحاد الدولي لكرة القدم باعتباره المسؤول عن التصفيات نقلها لمخاوف أمنية بسبب هجمات الصواريخ المضادة بين إسرائيل وإيران وسيلتقي المنتخبان الإيراني والقطري في منتصف الشهر الحالي.

ويدور الجدل حول إمكانية إقامة المباراة في إيران أو نقلها إلى أرض محايدة، وذلك بناءً على المستجدات الأمنية والرياضية التي تتابعها لجنة الطوارئ في الاتحاد الآسيوي لكرة القدم.

في الوقت ذاته، علمت مصادر «الشرق الأوسط» أن الطاقم التحكيمي المكلف بإدارة مباراة تركتور سازي تبريز الإيراني ونظيره موهون بوغان الهندي، التي كان من المفترض أن تقام أمس (الأربعاء)، ضمن مباريات دوري آسيا 2 لا يزال عالقاً في إيران بسبب توقف حركة الطيران في البلاد.

الاتحاد الآسيوي يراقب الأوضاع في المنطقة (الاتحاد الآسيوي)

الاتحاد الآسيوي يعمل بجهد لإخراج الطاقم التحكيمي من الأراضي الإيرانية بعد تعثر محاولات السفر بسبب الوضع الأمني.

وكان الاتحاد الآسيوي لكرة القدم قد ذكر، الثلاثاء، أن فريق موهون باجان سوبر جاينت الهندي لن يسافر إلى إيران لخوض مباراته أمام تراكتور في دوري أبطال آسيا 2 لكرة القدم، بسبب مخاوف أمنية في المنطقة.

وكان من المقرر أن يلتقي الفريق الهندي مع تراكتور الإيراني في استاد ياديجار إمام في تبريز ضمن المجموعة الأولى أمس (الأربعاء).

وقال الاتحاد الآسيوي عبر موقعه الرسمي: «ستتم إحالة الأمر إلى اللجان المختصة في الاتحاد الآسيوي لكرة القدم؛ حيث سيتم الإعلان عن تحديثات إضافية حول هذا الأمر في الوقت المناسب».

وذكرت وسائل إعلام هندية أن الفريق قد يواجه غرامة مالية وربما المنع من المشاركة في دوري أبطال آسيا 2. وذكرت تقارير أن اللاعبين والمدربين أبدوا مخاوفهم بشأن الجوانب الأمنية.

وأطلقت إيران وابلاً من الصواريخ الباليستية على إسرائيل، الثلاثاء، ثأراً من حملة إسرائيل على جماعة «حزب الله» المتحالفة مع طهران، وتوعدت إسرائيل بالرد على الهجوم الصاروخي خلال الأيام المقبلة.

وكان الاتحاد الآسيوي لكرة القدم، قد أعلن في سبتمبر (أيلول) 2023 الماضي، أن جميع المباريات بين المنتخبات الوطنية والأندية التابعة للاتحادين السعودي والإيراني لكرة القدم، ستقام على أساس نظام الذهاب والإياب بدلاً من نظام الملاعب المحايدة الذي بدأ عام 2016 واستمر حتى النسخة الماضية من دوري أبطال آسيا.