في 10 أغسطس (آب) عام 2001. لعب فيليب كوكو على أرض استاد برايد بارك في مباراة ودية روتينية قبل انطلاق الموسم الجديد، وانتهت بفوز فريقه برشلونة الإسباني على ديربي كاونتي بهدفين سجلهما المهاجم باتريك كلايفرت. وبعد نحو عقدين، أصبح هذا الاستاد الآن بمثابة بيت الهولندي كوكو بعدما حل مكان فرانك لامبارد في تدريب ديربي كاونتي.
داخل آيندهوفن، فاز كوكو بسبعة بطولات دوري (أربعة منها كان يرتدي خلالها شارة قائد الفريق وثلاثة منها خلال توليه منصب مدرب الفريق لمدة خمس سنوات). ومع هذا، فإن سمعته الصاعدة كمدرب كفء تضررت بشدة بسبب الفترة الكارثية التي قضاها في فناربغشة التركي العام الماضي واستمرت 98 يوماً فقط. ومع هذا، تعتبر هذه الفترة استثناءً في سيرة ذاتية يمثل النجاح الطابع العام لها، تماماً مثلما الحال مع سلفه.
جدير بالذكر أن آيندهوفن ظل بعيداً عن الفوز ببطولة الدوري ست سنوات حتى تولى كوكو قيادته إلى عدد من الانتصارات المتتالية، بعدما احتمل الموسم العصيب الأول له عام 2013 - 2014 والذي أنهى خلاله آيندهوفن الدوري في المركز الرابع، متأخراً عن أياكس الند العتيد بفارق 12 نقطة. ومضى كوكو دونما هزيمة في أول سبعة مباريات له، وفاز في الثلاثة الأولى، لكن استمر آيندهوفن بعد ذلك شهرين في بطولة الدوري دون فوز وخرج من دور المجموعات ببطولة دوري أوروبا. بحلول وقت الهزيمة التي مني بها على أرضه أمام فيتيسه آرنهيم بنتيجة 6 - 2 قبل العطلة الشتوية، وهي مباراة سجل خلالها ديفي بروبر هدفين، كان آيندهوفن في المركز الـ10 وسادت صفوف جماهيره موجة قلق عارم.
في هذا الصدد، قال بروبر الذي لعب لاحقاً تحت قيادة كوكو في آيندهوفن على مدار موسمين قبل انتقاله إلى برايتون عام 2017: «كانت الجماهير غاضبة للغاية، وكانوا على وشك اقتحام الملعب. وبالنسبة لنا، بدا الأمر جنونياً أن نفوز بعيداً عن أرضنا أمام آيندهوفن بنتيجة 6 - 2. مر النصف الأول من الموسم بشكل خاطئ تماماً لنا. وكانوا هم قد خسروا كثيراً من المباريات وعندما تأتي فرق صغيرة إلى أرضك وتفوز عليك بهذا الفارق الكبير يصبح الوضع شديد الصعوبة. في العادة، هناك ثلاثة أندية كبيرة في هولندا ـ فيينورد وأياكس وآيندهوفن ـ وهي بحاجة للبقاء قريبة من بعضها البعض في الترتيب بجدول أندية الدوري، ولذلك، فإن فارق 12 نقطة يعتبر ضخماً للغاية».
في مطلع ذلك العام، اكتشف الأطباء وجود ورم، اتضح لاحقاً أنه حميد، في الجزء الأسفل من ظهر كوكو، لكنه اضطر للخضوع لجراحة أبعدته عن الفريق ثلاثة أشهر. وتولى إرنست فيبر المسؤولية، وكان فرانك دي بوير، أحد زملاء كوكو سابقاً في النادي والمنتخب، من بين من زاروه في المستشفى قبل أن يعود لمهامه السابقة في شهر يونيو (حزيران) لتبدأ مرحلة انطلاق آيندهوفن.
بمرور الوقت أصبح واضحاً أن الفريق صغير السن الذي يفتقر معظم لاعبيه إلى الخبرة وواجه صعوبة بالغة في التأقلم مع رحيل كيفين ستروتمان ودريز ميرتينز، قد نضج ونجح في إثبات أنه كان جديراً بصبر الجماهير عليه. انطلق آيندهوفن بقوة نحو اللقب وحصد عدداً قياسياً من النقاط في تاريخ النادي بلغ 88 نقطة. وبعد 12 شهراً، توج الفريق من جديد بطلاً لهولندا ونجح في ترك بصمة مميزة على بطولة دوري أبطال أوروبا بعد وصوله دور الـ16. إلا أن الكثيرين يرون أن أفضل مواسم كوكو كان الأخير عندما تفوق آيندهوفن على أياكس وفاز باللقب بموسم 2017 - 2018.
وقال بوبر: «أثناء عمله بالتدريب، كان كوكو يأخذ في اعتباره تكرار الأسلوب الذي تعلمه عندما كان لاعباً. باستطاعته رؤية المباراة بسرعة كبيرة وكان من السهل عليه للغاية إيجاد مساحات وكان هذا تحديداً ما يحاول عمله مع الفرق التي تولى مسؤوليتها».
وأضاف: «يتميز كوكو بشخصية هادئة للغاية ولا يظهر كثيراً من التوتر. وبمقدوره أن يخبر لاعبيه الأسلوب الذي يرغب في تطبيقه ولا يجد صعوبة في توصيل أفكاره لهم».
جدير بالذكر أن كوكو الذي يعتبر غوس هيدينك وديك أدفوكات من بين معلميه، نال شهادة التدريب بجانب دينيس بيرجكامب وجاءت أولى خطواته مع فريق آيندهوفن لأقل من 19 عاماً، وعاون في البداية فيبر قبل أن يتولى منصب المدرب الأول.
ونجح كوكو في تصعيد ممفيس ديباي إلى الفريق الأول لآيندهوفن عام 2012. بجانب نجاحه في تحسين أداء جورجينهو فينالدوم، الأمر الذي أثار إعجاب ميل موريس، مالك نادي ديربي الذي وجه استثمارات كبيرة إلى قطاع الناشئين. ولدى ديربي العديد من المهارات الناشئة التي يمكن لكوكو أن يطورها، أمثال جيسون نايت وماكس لوي وماكس بيرد ولوي سيبلي والظهير الأيمن جايدن بوغل الذي تألق تحت قيادة لامبارد.
من ناحيته، قال كوكو: «تكمن ميزة التعامل مع لاعبين قادمين من أكاديمية ديربي كاونتي ويشاركون في النادي بالفعل منذ خمس أو ست سنوات، إنهم يحملون معهم قيم الفريق. أما إذا استعنت بلاعبين من مناطق مختلفة، فإنه بإمكانهم إضافة دعم للفريق، لكن يتعين عليم التكيف مع كيفية عمل النادي وأسلوب التفكير السائد فيه وأهدافه. أما اللاعبون الناشئون القادمون من الأكاديمية، فلديهم هذه العناصر بالفعل».
في تركيا، مني كوكو بحالة من الفوضى، فقد كان فناربغشة مديوناً بما يصل إلى 600 مليون يورو وانتهت الأوضاع بداخله إلى فوضى كبيرة. وكان النادي الذي قضى كامل تاريخه في الدوري الممتاز من بطولة الدوري في وضع شديد الخطورة وبفارق نقطة واحدة عن منطقة الهبوط عندما تعرض المدرب الهولندي للطرد في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي.
كان من المفترض أن يشكل قدوم كوكو بداية حقبة جديدة في تاريخ النادي في ظل قيادة رئيس جديد، لكن الأمور لم يحالفها النجاح. وجرى النظر إلى أسلوب لعب المدرب باعتباره مملاً ويفتقر إلى الإثارة وشكل حاجز اللغة مشكلة كبيرة (عمل كوكو من خلال مترجم) ولم تفلح جهوده في التقرب إلى الجماهير.
وقال كوكو: «تمر المواسم بسرعة كبيرة والآن مر 11 عاماً على دخولي مجال التدريب. أنا لست من نمط الأشخاص الذين يخططون لعام قادم وربما أتوقف وأحصل على استراحة لمدة عام، لكن عندما يحصل أمر ما وبعد بضعة أشهر تجد نفسك مطروداً، يمكنك حينها إما التشبث بأول فرصة جديدة تتاح أمامك أو الحصول على إجازة. في هذه الحالة، أفضل الحصول على إجازة».
وأضاف: «أحياناً يكون من الجيد الخروج من عالم كرة القدم المستمر طوال 24 ساعة يومياً، وهذا أمر إيجابي لأن الجميع يملكون شغفاً كبيراً تجاه اللعبة. إلا أنه من الجيد إعادة شحن تركيز الإنسان وحصوله على قسط من الراحة. ولا ينبغي أن يسارع المرء لالتقاط أول فرصة تحين له فحسب، وإنما ينبغي أن تكون مناسبة وتتوافق مع فلسفته المرتبطة بكرة القدم. واليوم، أنا هنا وأشعر بالإثارة تجاه هذه البداية».
من ناحية أخرى، من الممكن أن يحمل تعيين كوكو تداعيات تتجاوز ديربي كاونتي بكثير، مع تسلط الأنظار على المدربين الهولنديين. ورغم أن تجربة زميلة دي بوير القصيرة في كريستال بالاس، وموسم يابستام الثاني مع ريدينغ أضرت بسمعة المدربين الهولنديين داخل إنجلترا، إلا أن هناك فرصة أمام كوكو اليوم لاستعادة بريقها.
وقال بروبر عنه: «أتمنى أن يبلي بلاءً عظيماً في ديربي. لم تكن رحلته الأخيرة خارج هولندا ناجحة، لكنه في الواقع مدرب جيد للغاية».
ماذا يحمل فيليب كوكو إلى ديربي كاونتي؟
مشوار خليفة لامبارد كان كارثياً في فناربغشة لكن سجله مع آيندهوفن يؤكد امتلاكه لمؤهلات النجاح
ماذا يحمل فيليب كوكو إلى ديربي كاونتي؟
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة