كشفت تقرير لمؤسسة الأبحاث السياسية والاقتصادية التركية، عن زيادة غير مسبوقة في عدد العاطلين عن العمل خلال عام، إذ سجل زيادة سنوية في يونيو (حزيران) الماضي بنسبة 68.5 في المائة، مقارنة بالفترة ذاتها من العام الماضي. وبلغ عدد العاطلين، بحسب التقرير، 4.4 مليون شخص، بعد أن كان نحو 2.6 مليون في يونيو 2018، بزيادة تقدر بنحو 1.8 مليون عاطل عن العمل.
واعتمدت المؤسسة، في تقريرها السنوي الـ83، الذي أعدته بالتعاون مع وكالة التوظيف وهيئة الإحصاء التركيتين، على رصد البطالة المسجلة فقط، التي لا تشمل البطالة غير المسجلة للعاملين، كالذين يعملون بالأجر بشكل موسمي أو يومي.
وأوضح التقرير أنه في المرحلة العمرية ما بين 15 و64 عاماً، ازداد عدد العاطلين المسجلين بين الإناث بنسبة 66.1 في المائة، وارتفعت بالنسبة للذكور بنسبة 71.3 في المائة. وفي المرحلة ما بين 15 و24 عاماً ارتفعت أعداد العاطلين بين الإناث بنسبة 86 في المائة، وبين الذكور بنسبة 75.5 في المائة، مقارنة بشهر يونيو من العام الماضي.
وسجل الارتفاع في عدد العاطلين عن العمل بين الحاصلين على الشهادة الإعدادية فقط النسبة الأكبر، بزيادة 661 ألفاً مقارنة بالعام الماضي، يتبعهم الحاصلون على الشهادة الثانوية بـ470 ألفاً؛ بينما ازداد عدد العاطلين بين من حصلوا على درجة جامعية بواقع 172 ألفاً.
أما بالنسبة لغير المتعلمين، فارتفع عدد العاطلين بواقع 119 ألفاً، وزاد بواقع 8 آلاف بين الأشخاص الحاصلين على شهادة ماجستير، و235 بين الحاصلين على شهادة دكتوراه في تخصصات مختلفة. وارتفعت نسبة البطالة بين حملة الشهادات الجامعية بواقع 112 في المائة. وبحسب هيئة الإحصاء التركية، سجل معدل البطالة في يونيو الماضي 14.3 في المائة، مقابل 11 في المائة في يونيو 2018. وأوضحت البيانات الرسمية أن البطالة غير المرتبطة بالنشاط الزراعي ارتفعت من 3.6 في المائة إلى 15 في المائة خلال الفترة ذاتها، وانخفضت العمالة المعدلة موسمياً بمعدل 74 ألف شخص مقارنة بالفترة السابقة، وقدرت بنحو 28 مليوناً و40 ألف شخص، وارتفع عدد العاطلين المعدل موسمياً بواقع 7 آلاف شخص، ليصل العدد الإجمالي إلى 4 ملايين و487 ألف شخص.
وتراجع معدل العمالة بشكل عام بنسبة 45.8 في المائة، بارتفاع بلغ 2 في المائة، كما انخفض معدل المشاركة في القوى العاملة المعدلة موسميّاً بنسبة 2 في المائة إلى 53.1 في المائة، وانخفض عدد العاملين حسب النشاط الاقتصادي بمقدار 84 ألفاً في القطاع الزراعي، و32 ألفاً في قطاع البناء، و30 ألفاً في قطاع الخدمات، و71 ألفاً في القطاع الصناعي خلال يونيو الماضي، مقارنة بالشهر ذاته عام 2018.
وبحسب اتحاد نقابات العمال الأتراك، باتت البطالة لا تستثني أحداً؛ حتى تسبب ذلك في زيادة الفقر والجوع؛ حيث بات الحد الأدنى للأجور في تركيا لا يكفي فرداً واحداً وليس عائلة بأكملها.
وتقدر تكلفة المعيشة للموظف الأعزب بألفين و565 ليرة، وتكلفة الطعام الذي يجب أن تدفعه الأسرة المكونة من 4 أفراد شهريّاً من أجل التغذية السليمة المتوازنة ألفين و75 ليرة.
وبالنسبة للمصروفات الأخرى غير الطعام، مثل المواصلات وإيجار المسكن والملابس والتعليم والصحة وغيرها، فقد ارتفعت إلى 6 آلاف و760 ليرة للأسرة المكونة من 4 أفراد، بينما الحد الأدنى للأجور 2020 ليرة.
وزادت تكلفة المواد الغذائية بواقع 134 ليرة مقارنة مع بداية العام، و364 ليرة مقارنة مع يونيو 2018. وارتفع إجمالي النفقات اللازم للأسرة بمقدار 437 ليرة خلال أشهر النصف الأول من العام، وبقيمة 1.176 ألف ليرة خلال العام الأخير.
وتعاني تركيا أزمة اقتصادية، وصلت ذروتها في أغسطس (آب) 2018؛ حيث فقدت الليرة نحو 40 في المائة من قيمتها أمام الدولار، وارتفع معدل التضخم إلى ما فوق 25 في المائة، وارتفعت أسعار السلع الأساسية بمعدلات ما بين 15 و200 في المائة، بينما يعاني ملايين الأتراك من البطالة مع تسارع إفلاس الشركات.
وذكر اتحاد نقابات موظفي القطاع العام أن رواتب الموظفين الحكوميين تأثرت على مدار 16 عاماً؛ في الوقت الذي تضاعف فيه متوسط التضخم بنسبة 347.8 في المائة.
وقال الاتحاد، في بيان، إن متوسط راتب الموظف الحكومي انخفض في يونيو 2018 بواقع 164 ليرة شهريّاً مقارنة بالشهر ذاته من عام 2017؛ وفقاً لأبحاث أجراها عن تغيرات رواتب الموظفين.
وفي نهاية عام 2018، ارتفع متوسط راتب الموظف بمقدار 441 ليرة؛ ليصل إلى 3 آلاف و419 ليرة؛ وهو ما كان يمكن أن يحقق دفعة إيجابية لمستوى حياة الأتراك، لولا أن التضخم ارتفع بنسبة 20.3 في المائة في الفترة ذاتها؛ لتكون المحصلة فقدان الراتب ما قيمته نحو 164 ليرة شهريّاً؛ بدلاً عن الزيادة.
في السياق ذاته، أكد رئيس حزب الشعب الجمهوري، أكبر أحزاب المعارضة التركية، كمال كليتشدار أوغلو، أن البطالة هي المشكلة الأكبر التي تعانيها تركيا جراء السياسات الفاشلة لحكومة الرئيس رجب طيب إردوغان.
وقال كليتشدار أوغلو في تصريحات خلال جولة في مدن شمال تركيا، إن «حل مشكلة البطالة يكمن في العمل على جعل تركيا دولة منتجة، لا مستوردة لجميع احتياجاتها من الخارج؛ لذلك يجب أن ننتج في المصانع والحقول». وأضاف: «لكن للأسف الشديد ابتعدت تركيا كثيراً عن الإنتاج. علينا أن ننقذ هذا الوطن مما يعانيه من ضغوط وتوترات سببها السياسات الفاشلة للحكومة».
البطالة تنهش المجتمع التركي
زيادة غير مسبوقة للعاطلين... والمعارضة تدين فشل السياسات الاقتصادية
البطالة تنهش المجتمع التركي
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة