المانح | The Giver
إخراج: فيليب نويس
تقييم الناقد: (3*)
حسب رواية لويس لاوري المنشورة سنة 1993، تحت العنوان نفسه، عالم مستقبلي يعيش فيه الناس سواسية في كل شيء. لكي يجري ذلك، تقول الرواية، عليهم أن يقلعوا عما أدّى لانهيار العالم الذي نعرفه، مثل العواطف والمشاعر والفرص لتحقيق الثروة والتسابق على كل شيء. «السواسية» تعني ألا يتميّز أحد عن أحد في شيء. يعيشون تحت سقف نظام يؤمن للجميع جوّا مسالما ينزع منه كل ما يمكن أن يؤدي إلى شعور أحد بالحب أو بالغيرة أو بالاضطهاد أو بالتفوّق، لأنه لا أحد يحب ولا أحد يغار وليس هناك من هو مضطهد ولا من هو متفوّق. كل هذه مشاعر وتبعا لذلك فالمشاعر محجوبة. تعيش بما تعرف فقط.
على السطح يبدو ذلك نوعا من النعيم، إلى أن يكتشف بطل الفيلم الشاب جوناس (برنتون ثوايتس) الوجه الآخر. فيلم المخرج الذي مارس سينما التشويق طويلا، فيليب نوريس، منجزا أعمالا مشهورة مثل «ألعاب وطنية» و«جامع العظام» و«سولت» من بين أخرى كثيرة، يدور تحديدا حول هذا الشخص.
النظام اختار ذلك الشاب لكي يحفظ التاريخ. هذه المهمّة سيقوم بها العجوز المعروف باسم «المانح» أو «العاطي» الذي آلت إليه كل المعرفة. وطريقة التواصل ومنح المعلومات لن تأخذ وقتا طويلا، «لكنها ستكون موجعة»، كما يقول المانح للممنوح لأنها ستريه عالما كان سعيدا بما اكتسب من معرفة ورائعا فيما أنجزته ثقافته من اطلاع وبما وفّرته فنونه من رقي. هذا كله اختفى من حياة شخصيات الحياة الحاضرة على الشاشة. لم يبق منها شيء ولا يجوز أن يعود، كما تقرر رئيسة هذا النظام (ميريل ستريب).
يرسم المخرج فيليب نويس عالمين متناقضين: واحد بسعادة مفتعلة وآخر واقعي. يصوّر الأول بالأبيض والأسود غالبا لأنه مزيّف، وعندما تتفتح الحقائق أمام الشاب الذي سوف يكون عاملا في التغيير المرتقب، تنقلب الصور إلى الألوان. صحيح أنها ليست تفعيلة جديدة من نوعها، إلا أنها معبّرة خصوصا أن المشاهد المنتقاة لكي تعكس ألوانا هي مشاهد جميلة لغابات وأشجار ومنازل وحياة تختلف في طبيعتها عن تلك المركّبة التي لم يعرف أحد من أهل ذلك المكان النائي شيئا عنها.
التصاميم الإنتاجية لا تحفل، لحسن الحظ، بابتكارات ميكانيكية، كما أن استخدام الدجيتال يبقى محصورا. الرواية بحد ذاتها ارتبطت بذلك الصنف من الأعمال الأدبية التي تحاول أن تقرأ في المستقبل تحت شريعة نظام «شمولي» كما حال أعمال جورج أوروَل وألدوس هكسلي لكن بنبرة شبابية (مثل «ألعاب الجوع»). الفيلم لا يحاول تغيير تلك السمات، لكنه لا يتمتّع بعمق فلسفي كاف مكتفيا بمعاداة ذلك النظام المستقبلي إياه. معالجة نويس تميل إلى وتيرة هادئة مبتعدا عن الإثارة طويلا حتى إذا ما شارف الفيلم على نهايته رفع سقف التوقّعات بمشاهد سريعة ولو متأخرة.
8:56 دقيقه
شاشة الناقد: من وسط العاصفة إلى نزاع حول المائدة
https://aawsat.com/home/article/184351
شاشة الناقد: من وسط العاصفة إلى نزاع حول المائدة
لقطة من فيلم المانح
شاشة الناقد: من وسط العاصفة إلى نزاع حول المائدة
لقطة من فيلم المانح
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة






