قاعة الصداقة... من خطابات البشير إلى توقيع «الإعلان الدستوري»

توقيع الوثيقة الدستورية في قاعة الصداقة (إ.ب.أ)
توقيع الوثيقة الدستورية في قاعة الصداقة (إ.ب.أ)
TT

قاعة الصداقة... من خطابات البشير إلى توقيع «الإعلان الدستوري»

توقيع الوثيقة الدستورية في قاعة الصداقة (إ.ب.أ)
توقيع الوثيقة الدستورية في قاعة الصداقة (إ.ب.أ)

حظيت قاعة الصداقة التي شهدت، اليوم (الأحد)، توقيع الاتفاقية على وثيقة الإعلان الدستوري في السودان، بحضور لافت على مر تاريخ البلاد السياسي، بعدما احتضنت أبرز المؤتمرات السياسية المهمة منذ عهد الرئيس جعفر النميري، وصولاً للرئيس المعزول عُمر البشير ورموز نظامه.
وتضُم القاعة التي تُطل على ضفاف نهر النيل، قاعات للمؤتمرات والاجتماعات وصالات معارض ومسرحاً وسينما مغلقة ومرافق أخرى ملحقة بها، وفقاً للموقع الرسمي لها.
واستضافت القاعة أبرز خُطب البشير على مدار سنوات حُكمه، والتي كان أبرزها مؤتمر «الوثبة»، في 27 يناير (كانون الثاني) 2014 للحوار الوطني بين مكونات الشعب السوداني السياسية المدنية والعسكرية المختلفة، فضلاً عن اختياره دوماً لمخاطبة شعبه في المناسبات الوطنية كعيد استقلال البلاد.
وتحولت القاعة، التي تأسست في نهاية حقبة السبعينيات، لحاضنة لكافة الفعاليات السياسية الترويجية لحزب المؤتمر الوطني الحاكم ورموز نظامه، وفقاً لسيبويه محمد، وهو صحافي سوداني، مُقيم في مصر.
على رأس هؤلاء الرموز كانت زوجته الثانية وداد بابكر، التي نشط ظهورها، في السنوات الأخيرة، من خلال اختيار قاعة الصداقة لكافة المؤتمرات الداعمة لحقوق المرأة، ومرافقة البشير في الاحتفالات الوطنية والزيارات الخارجية، فضلاً عن إطلاقها من القاعة عشرات الحملات التي تنوعت أهدافها بين تقديم الدعم لمنكوبي حرب دارفور، وحماية الآثار السودانية.
وكان آخر ظهور إعلامي لبابكر في التاسع من مارس (آذار)، خلال حضورها الاحتفال باليوم العالمي للمرأة داخل قاعة الصداقة في الخرطوم، إذ أكدت في الكلمة الرئيسية لها على دور البشير في مكافحة مرض الإيدز عبر إطلاقه حملات متنوعة، ورعايته المستمرة لكافة الجهود المبذولة لمواجهة هذا المرض، عبر تقديم المساعدة للمرضى.
ويُضيف محمد في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» أن القاعة تكتسب عدة مميزات أبرزها موقعها الجغرافي في وسط العاصمة، بالجهة المُقابلة لجزيرة توتي، وسعتها الكبيرة التي تستوعب آلاف الحضور، فضلاً عن أن اسمها ليس مرتبطاً بنظام البشير أو بقادة الحركة الإسلامية.
ويوضح محمد أن هناك رمزية أخرى للقاعة ترتبط بكونها مُهداة من الصين للسودان، خلال حُكم الرئيس الراحل جعفر النميري، لتصير رمزاً للعلاقات السودانية الآسيوية، فضلاً عن أن اسمها ليس له علاقة بحُكم الحركة الإسلامية، كحال قاعات أخرى تمتعت بنفس المميزات من حيث استيعاب الأعداد، وأطلق عليها البشير أسماء رموز قادة الحركة الإسلامية مثل قاعة «الشهيد الزبير محمد صالح».
وتعود وقائع تأسيس قاعة الصداقة، لعام 1977. حين زار الرئيس جعفر النميري بكين في أول زيارة رسمية لها، لتثير تصميم إحدى القاعات المُسماة «بالصداقة» إعجابه، ويكون ذلك دافعاً للحكومة الصينية للتكفل ببناء قاعة مشابهة بنفس التسمية في الخرطوم «كهدية من حكومة وشعب الصين إلى حكومة وشعب السودان»، وفقاً للموقع الرسمي للقاعة.
وحول أسباب اختيارها لاستضافة توقيع الوثيقة الدستورية وأغلب جلسات التفاوض بين قادة المجلس العسكري وقوى الحرية والتغيير، يقول محمد: «اختيارها عودة للجذور، فهي تمثل الوجدان السوداني، بعدما حضرت في كُل الأحداث السياسية المهمة، والمؤتمرات التي كانت ضد رغبة الشعب السوداني».
ويعتبر أن اختيارها، اليوم، لتوقيع اتفاقية للحكم المدني في السودان هو بمثابة «تحرير» لها من سطوة أنظمة الحكم السابقة عليها، واستخدامها سياسياً لصالح أهداف شخصية.



3 مقترحات يمنية أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
TT

3 مقترحات يمنية أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)

قدمت الحكومة اليمنية عبر سفارتها في واشنطن 3 مقترحات أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية في مواجهة الجماعة الحوثية المدعومة من إيران، في حين تحدثت الجماعة، الأحد، عن غارة ضربت موقعاً لها في جنوب محافظة الحديدة.

ووصف الإعلام الحوثي الغارة بـ«الأميركية - البريطانية»، وقال إنها استهدفت موقعاً في مديرية التحيتا الخاضعة للجماعة في جنوب محافظة الحديدة الساحلية على البحر الأحمر، دون إيراد تفاصيل عن آثار الضربة.

مقاتلات أميركية من طراز «إف 35» شاركت في ضرب الحوثيين باليمن (أ.ب)

وفي حين لم يتبنَّ الجيش الأميركي على الفور هذه الغارة، تراجعت خلال الشهر الأخير الضربات على مواقع الحوثيين، إذ لم تسجل سوى 3 غارات منذ 12 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.

وكانت واشنطن أنشأت تحالفاً بقيادتها سمّته «حارس الازدهار» وبدأت - ومعها بريطانيا في عدد من المرات - في شن ضربات على مواقع الجماعة الحوثية ابتداء من 12 يناير (كانون الثاني) 2024، في مسعى لإضعاف قدرة الجماعة على مهاجمة السفن.

وإذ بلغت الغارات أكثر من 800 غارة غربية استأثرت محافظة الحديدة الساحلية بأغلبها، كانت الجماعة تبنت مهاجمة نحو 215 سفينة منذ نوفمبر 2023، وأدت الهجمات إلى غرق سفينتين وإصابة أكثر من 35 سفينة ومقتل 3 بحارة.

وتزعم الجماعة الموالية لإيران أنها تشن هجماتها ضد السفن إلى جانب عشرات الهجمات باتجاه إسرائيل مساندة منها للفلسطينيين في غزة، في حين تقول الحكومة اليمنية إن الجماعة تنفذ أجندة طهران واستغلت الأحداث للهروب من استحقاقات السلام.

تصنيف ودعم وتفكيك

في وقت يعول فيه اليمنيون على تبدل السياسة الأميركية في عهد الرئيس المنتخب دونالد ترمب، لتصبح أكثر صرامة في مواجهة الحوثيين الذين باتوا الذراع الإيرانية الأقوى في المنطقة بعد انهيار «حزب الله» وسقوط نظام بشار الأسد، قدم السفير اليمني لدى واشنطن محمد الحضرمي 3 مقترحات أمام مجلس الشيوخ لدعم بلاده.

وتتضمن المقترحات الثلاثة إعادة تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية أجنبية، ودعم الحكومة اليمنية لتحرير الحديدة وموانئها، واستهداف قيادات الجماعة لتفكيك هيكلهم القيادي.

محمد الحضرمي سفير اليمن لدى الولايات المتحدة ووزير الخارجية الأسبق (سبأ)

وقال السفير الحضرمي إن تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية أجنبية على غرار تصنيف «حزب الله» و«الحرس الثوري» الإيراني، من شأنه أن يبعث برسالة قوية مفادها أن أفعال الحوثيين (ترويع المدنيين، واستهداف الأمن البحري، وزعزعة استقرار المنطقة) غير مقبولة.

وبخصوص دعم الحكومة اليمنية لتحرير ميناء الحديدة، أوضح الحضرمي في مداخلته أمام مجلس الشيوخ الأميركي أن تأمين هذا الميناء الحيوي على البحر الأحمر، من شأنه أن يمكن الحكومة من حماية البحر الأحمر وإجبار الحوثيين على الانخراط في السلام، وكذلك منع وصول الدعم الإيراني إليهم.

وأكد الحضرمي أن تحرير الحديدة لن يكلف الحكومة اليمنية الكثير، وقال: «كنا على مسافة قليلة جداً من تحرير الحديدة في 2018، وتم إيقافنا من قبل المجتمع الدولي. وأعتقد أنه حان الأوان لتحرير هذا الميناء».

وفيما يتعلق باستهداف قيادات الحوثيين لتفكيك هيكلهم القيادي، شدد السفير اليمني في واشنطن على أهمية هذه الخطوة، وقال إن «محاسبة قادة الميليشيات الحوثية على جرائمهم ستؤدي إلى إضعاف عملياتهم وتعطيل قدرتهم على الإفلات من العقاب».

وأضاف: «ستعمل هذه التدابير على تعزيز أمن البحر الأحمر، وحفظ دافعي الضرائب وهذا البلد (الولايات المتحدة) للكثير من المال، ومحاسبة الحوثيين على أفعالهم، وتوفير الضغط اللازم لإجبار الجماعة على الانخراط في المفاوضات، مما يمهد الطريق لسلام دائم في اليمن».

ورأى السفير اليمني أن الدبلوماسية وحدها لا تجدي نفعاً مع النظام الإيراني ووكلائه، وقال: «حاولنا ذلك معهم لسنوات عديدة. (السلام من خلال القوة) هو المجدي! وأنا واثق بأن الشعب اليمني والإيراني سيتمكنون يوماً ما من تحرير أنفسهم من طغيان النظام الإيراني ووكلائه».

اتهام إيران

أشار السفير الحضرمي في مداخلته إلى أن معاناة بلاده كانت النتيجة المتعمدة لدعم إيران للفوضى وعدم الاستقرار في المنطق، وقال: «منذ أكثر من 10 سنوات، قامت إيران بتمويل وتسليح جماعة الحوثي الإرهابية، وتزويدها بالأسلحة الفتاكة لزعزعة استقرار اليمن وتهديد خطوط الملاحة الدولية في البحر الأحمر».

وأوضح أنه من المأساوي أن الدعم الإيراني مكّن الحوثيين من أن يصبحوا خطراً ليس فقط على اليمن، بل على المنطقة والعالم، إذ يعدّ البحر الأحمر ممراً مهماً للشحن التجاري، حيث يمر منه أكثر من 10 في المائة من التجارة العالمية و30 في المائة من شحن البضائع السنوي، لافتاً إلى أن الولايات المتحدة وحدها تنفق مليارات الدولارات للتصدي لهجمات لا تكلف إيران إلا القليل.

صاروخ وهمي من صنع الحوثيين خلال تجمع في صنعاء دعا له زعيم الجماعة (إ.ب.أ)

وخاطب الحضرمي أعضاء مجلس الشيوخ الأميركي بالقول: «يجب إيقاف الحوثيين، ويمكن لليمنيين إيقافهم! فنحن نمتلك العزيمة والقوة البشرية لمواجهة الحوثيين والتهديد الإيراني في اليمن والبحر الأحمر. ولكننا لا نستطيع أن نفعل ذلك بمفردنا؛ نحن بحاجة لدعمكم».

وأشار السفير اليمني إلى أن الحوثيين يحصلون على النفط والغاز مجاناً من إيران، وباستخدام الأسلحة الإيرانية يمنعون اليمن من تصدير موارده الطبيعية، مما أعاق قدرة الحكومة على دفع الرواتب، أو تقديم الخدمات، أو شن هجوم مضاد فعال ضد الجماعة. وقال: «يمكن أن يتغير ذلك بدعم الولايات المتحدة».

وأكد الحضرمي أن اليمنيين لديهم العزيمة والقدرة على هزيمة الحوثيين واستعادة مؤسسات الدولة وإحلال السلام، واستدرك بالقول إن «وجود استراتيجية أميركية جديدة حول اليمن يعدّ أمراً بالغ الأهمية لمساعدتنا في تحقيق هذا الهدف».

ومع تشديد السفير اليمني على وجود «حاجة ماسة إلى نهج جديد لمعالجة التهديد الحوثي»، أكد أن الحوثيين «ليسوا أقوياء بطبيعتهم، وأن قوتهم تأتي فقط من إيران وحرسها الثوري، وأنه بوجود الاستراتيجية الصحيحة، يمكن تحييد هذا الدعم».