وزير الدفاع العراقي يعلن تبرئة ضابط كبير من تهمة التخابر

الشمري أكد أن قائد عمليات الأنبار لم يعمل للاستخبارات الأميركية

وزير الدفاع العراقي نجاح الشمري (إ.ب.أ)
وزير الدفاع العراقي نجاح الشمري (إ.ب.أ)
TT

وزير الدفاع العراقي يعلن تبرئة ضابط كبير من تهمة التخابر

وزير الدفاع العراقي نجاح الشمري (إ.ب.أ)
وزير الدفاع العراقي نجاح الشمري (إ.ب.أ)

أعلن وزير الدفاع العراقي نجاح الشمري انتهاء التحقيقات بشأن التهم المنسوبة إلى قائد عمليات الأنبار السابق اللواء الركن محمود الفلاحي بـ«التخابر» مع الولايات المتحدة الأميركية طبقا لتسجيل صوتي مؤخرا أظهره يتحدث مع ما قيل إنه عميل لوكالة الاستخبارات المركزية الأميركية «سي آي إيه».
وقال الشمري في مؤتمر صحافي مشترك مع محافظ كربلاء نصيف الخطابي أمس إن «هناك لجنة شكلت وانتهت التحقيقات وانتهى الأمر، ولا يوجد لدينا قائد خائن في الجيش».
وكانت وزارة الدفاع العراقية شكلت لجنة تحقيق بعد تداول مقطع صوتي نسب لقائد عمليات الأنبار تزعم تخابره مع الـ«سي آي إيه». وفي أول مهمة له بعد توليه منصبه الجديد وزيرا للدفاع أمر الشمري بتشكيل تلك اللجنة التي باشرت عملها فيما تم سحب يد الفلاحي ونقله من مقره كقائد عمليات للأنبار إلى بغداد لحين إكمال التحقيقات.
وكان التسجيل المنسوب للفلاحي انتشر في وسائل إعلام تابعة لأحد الفصائل المسلحة وذلك عبارة عن تسجيل صوتي يُقال إنه محادثة هاتفية بينه وبين شخص آخر قيل إنه «عميل» أميركي، عراقي الجنسية. ويظهر في التسجيل المزعوم مطالبة عنصر «سي آي إيه» من قائد عمليات الأنبار بتزويده بإحداثيات مواقع الجيش العراقي والقوى الأمنية والحشد الشعبي، مشددا وبالاسم على مواقع «كتائب (حزب الله)» في مدينة القائم الحدودية بشكل خاص وفي قاطع عملياته بصورة عامة، بحسب ما ذكرته «شبكة الإعلام المقاوم».
وكان الخبير القانوني العراقي طارق حرب قد أكد خلال الضجة التي أثيرت حول قضية التخابر أن من حق ذوي الشهداء إقامة دعوى قضائية ضد الفلاحي في حال صدر الحكم بإدانته فيما نسب إليه.
من جهته، أكد عضو البرلمان العراقي عن محافظة الأنبار عبد الله الخربيط في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «التسجيل كان واضحا لجهة فبركته وكانت الفبركة بدائية إلى حد كبير وبالتالي ما كان ينبغي إثارة كل هذه الضجة التي رافقت عملية الإعلان عن القضية وكأنها فتح الفتوح بينما كان ينبغي انتظار نتائج التحقيق». وأضاف الخربيط أن «اللجنة التي تم تشكيلها من قبل الجهات المعنية والتي تضم مستويات مختلفة في المؤسسة الأمنية أعلنت أن التسجيل مفبرك»، مبينا أن «الهدف من وراء مثل هذا التسجيل كان ابتزاز الحكومة والجيش بطريقة سافرة للأسف وهو أمر تسجل عليه كثير من الملاحظات لجهة الأسباب التي قادت الجهات التي تولت عملية فبركة التسجيل».
وحول الإعلان من قبل وزير الدفاع عن تبرئة الفلاحي مع التأكيد أنه لا يوجد خائن في الجيش العراقي، يقول الخربيط إن «الحكم جاء لصالح هذا القائد العسكري المشهود له بالمهنية والكفاءة لكن الغريب هو تأخر النتائج المترتبة على هذا التزوير حيث إنه لو كان التسجيل صحيحا لتم الحكم عليه بالإعدام بينما ثبت بالدليل والاعتراف أن التسجيل باطل وعليه فينبغي اتخاذ إجراء بحق من قام بعملية التزوير لأن التهمة مست كل المؤسسة الأمنية العسكرية العراقية».



القطن المصري... محاولة حكومية لاستعادة «عصره الذهبي» تواجه تحديات

مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
TT

القطن المصري... محاولة حكومية لاستعادة «عصره الذهبي» تواجه تحديات

مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)

تراهن الحكومة المصرية على القطن المشهور بجودته، لاستنهاض صناعة الغزل والنسيج وتصدير منتجاتها إلى الخارج، لكن رهانها يواجه تحديات عدة في ظل تراجع المساحات المزروعة من «الذهب الأبيض»، وانخفاض مؤشرات زيادتها قريباً.

ويمتاز القطن المصري بأنه طويل التيلة، وتزرعه دول محدودة حول العالم، حيث يُستخدم في صناعة الأقمشة الفاخرة. وقد ذاع صيته عالمياً منذ القرن التاسع عشر، حتى أن بعض دور الأزياء السويسرية كانت تعتمد عليه بشكل أساسي، حسب كتاب «سبع خواجات - سير رواد الصناعة الأجانب في مصر»، للكاتب مصطفى عبيد.

ولم يكن القطن بالنسبة لمصر مجرد محصول، بل «وقود» لصناعة الغزل والنسيج، «التي مثلت 40 في المائة من قوة الاقتصاد المصري في مرحلة ما، قبل أن تتهاوى وتصل إلى ما بين 2.5 و3 في المائة حالياً»، حسب رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، الذي أكد عناية الدولة باستنهاض هذه الصناعة مجدداً، خلال مؤتمر صحافي من داخل مصنع غزل «1» في مدينة المحلة 28 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

أشار مدبولي، حسب ما نقله بيان مجلس الوزراء، إلى أن مشروع «إحياء الأصول» في الغزل والنسيج يتكلف 56 مليار جنيه (الدولار يعادل 50.7 جنيها مصري)، ويبدأ من حلج القطن، ثم تحويله غزلاً فنسيجاً أو قماشاً، ثم صبغه وتطويره حتى يصل إلى مُنتج سواء ملابس أو منسوجات، متطلعاً إلى أن ينتهي المشروع نهاية 2025 أو بداية 2026 على الأكثر.

وتكمن أهمية المشروع لمصر باعتباره مصدراً للدولار الذي تعاني الدولة من نقصه منذ سنوات؛ ما تسبب في أزمة اقتصادية دفعت الحكومة إلى الاقتراض من صندوق النقد الدولي؛ مرتين أولاهما عام 2016 ثم في 2023.

وبينما دعا مدبولي المزارعين إلى زيادة المساحة المزروعة من القطن، أراد أن يطمئن الذين خسروا من زراعته، أو هجروه لزراعة الذرة والموالح، قائلاً: «مع انتهاء تطوير هذه القلعة الصناعية العام المقبل، فسوف نحتاج إلى كل ما تتم زراعته في مصر لتشغيل تلك المصانع».

وتراجعت زراعة القطن في مصر خلال الفترة من 2000 إلى عام 2021 بنسبة 54 في المائة، من 518 ألفاً و33 فداناً، إلى 237 ألفاً و72 فداناً، حسب دراسة صادرة عن مركز البحوث الزراعية في أبريل (نيسان) الماضي.

وأرجعت الدراسة انكماش مساحته إلى مشكلات خاصة بمدخلات الإنتاج من بذور وتقاوٍ وأسمدة، بالإضافة إلى أزمات مرتبطة بالتسويق.

أزمات الفلاحين

سمع المزارع الستيني محمد سعد، وعود رئيس الوزراء من شاشة تليفزيون منزله في محافظة الغربية (دلتا النيل)، لكنه ما زال قلقاً من زراعة القطن الموسم المقبل، الذي يبدأ في غضون 3 أشهر، تحديداً مارس (آذار) كل عام.

يقول لـ«الشرق الأوسط»: «زرعت قطناً الموسم الماضي، لكن التقاوي لم تثمر كما ينبغي... لو كنت أجَّرت الأرض لكسبت أكثر دون عناء». وأشار إلى أنه قرر الموسم المقبل زراعة ذرة أو موالح بدلاً منه.

نقيب الفلاحين المصري حسين أبو صدام (صفحته بفيسبوك)

على بعد مئات الكيلومترات، في محافظة المنيا (جنوب مصر)، زرع نقيب الفلاحين حسين أبو صدام، القطن وكان أفضل حظاً من سعد، فأزهر محصوله، وحصده مع غيره من المزارعين بقريته في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، لكن أزمة أخرى خيَّبت أملهم، متوقعاً أن تتراجع زراعة القطن الموسم المقبل مقارنة بالماضي (2024)، الذي بلغت المساحة المزروعة فيه 311 ألف فدان.

تتلخص الأزمة التي شرحها أبو صدام لـ«الشرق الأوسط» في التسويق، قائلاً إن «المحصول تراكم لدى الفلاحين شهوراً عدة؛ لرفض التجار شراءه وفق سعر الضمان الذي سبق وحدَّدته الحكومة لتشجيع الفلاح على زراعة القطن وزيادة المحصول».

ويوضح أن سعر الضمان هو سعر متغير تحدده الحكومة للفلاح قبل أو خلال الموسم الزراعي، وتضمن به ألا يبيع القنطار (وحدة قياس تساوي 100 كيلوغرام) بأقل منه، ويمكن أن يزيد السعر حسب المزايدات التي تقيمها الحكومة لعرض القطن على التجار.

وكان سعر الضمان الموسم الماضي 10 آلاف جنيه، لمحصول القطن من الوجه القبلي، و12 ألف جنيه للمحصول من الوجه البحري «الأعلى جودة». لكن رياح القطن لم تجرِ كما تشتهي سفن الحكومة، حيث انخفضت قيمة القطن المصري عالمياً في السوق، وأرجع نقيب الفلاحين ذلك إلى «الأزمات الإقليمية وتراجع الطلب عليه».

ويحدّد رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية في معهد بحوث القطن التابع لوزارة الزراعة، الدكتور مصطفى عمارة، فارق سعر الضمان عن سعر السوق بنحو ألفي جنيه؛ ما نتج منه عزوف من التجار عن الشراء.

وأكد عمارة أن الدولة تدخلت واشترت جزءاً من المحصول، وحاولت التيسير على التجار لشراء الجزء المتبقي، مقابل أن تعوض هي الفلاح عن الفارق، لكن التجار تراجعوا؛ ما عمق الأزمة في السوق.

يتفق معه نقيب الفلاحين، مؤكداً أن مزارعي القطن يتعرضون لخسارة مستمرة «سواء في المحصول نفسه أو في عدم حصول الفلاح على أمواله؛ ما جعل كثيرين يسخطون وينون عدم تكرار التجربة».

د. مصطفى عمارة رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية (مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار المصري)

فرصة ثانية

يتفق المزارع ونقيب الفلاحين والمسؤول في مركز أبحاث القطن، على أن الحكومة أمامها تحدٍ صعب، لكنه ليس مستحيلاً كي تحافظ على مساحة القطن المزروعة وزيادتها.

أول مفاتيح الحل سرعة استيعاب أزمة الموسم الماضي وشراء المحصول من الفلاحين، ثم إعلان سعر ضمان مجزٍ قبل موسم الزراعة بفترة كافية، وتوفير التقاوي والأسمدة، والأهم الذي أكد عليه المزارع من الغربية محمد سعد، هو عودة نظام الإشراف والمراقبة والعناية بمنظومة زراعة القطن.

ويحذر رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية في معهد بحوث القطن من هجران الفلاحين لزراعة القطن، قائلاً: «لو فلاح القطن هجره فـلن نعوضه».

أنواع جديدة

يشير رئيس غرفة الصناعات النسيجية في اتحاد الصناعات محمد المرشدي، إلى حاجة مصر ليس فقط إلى إقناع الفلاحين بزراعة القطن، لكن أيضاً إلى تعدد أنواعه، موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أن القطن طويل التيلة رغم تميزه الشديد، لكن نسبة دخوله في المنسوجات عالمياً قليلة ولا تقارن بالقطن قصير التيلة.

ويؤكد المسؤول في معهد بحوث القطن أنهم استنبطوا بالفعل الكثير من الأنواع الجديدة، وأن خطة الدولة للنهوض بصناعة القطن تبدأ من الزراعة، متمنياً أن يقتنع الفلاح ويساعدهم فيها.