«روح القاهرة الشعبية» في معرض تشكيلي

لوحات عن الشوارع والمقاهي

أعمال الفنان شادي فرغلي تعبر عن الروح الشعبية المصرية
أعمال الفنان شادي فرغلي تعبر عن الروح الشعبية المصرية
TT

«روح القاهرة الشعبية» في معرض تشكيلي

أعمال الفنان شادي فرغلي تعبر عن الروح الشعبية المصرية
أعمال الفنان شادي فرغلي تعبر عن الروح الشعبية المصرية

«الآيديولوجية» هي المُعتقدات والأفكار والرؤى التي تمثل قاسماً مشتركاً بين الأكثرية في مجتمع معين؛ والتعبير عن آيديولوجية المجتمع المصري هو الأسلوب الذي يتبعه التشكيلي الدكتور شادي فرغلي، آخذاً على عاتقه تقديم موضوعات تمثل الناس، وتعكس طرق معيشتهم، راسماً بأعماله الفنية ملامح من شخصية المصريين والروح والهوية الشعبية.
ففي لوحاته؛ يمكن أن نشاهد جلسات الرجال على المقاهي حول أكواب الشاي، أو وهم يقومون بتدخين الشيشة (النرجيلة)، أو نرى مشاهد من الشوارع في الحمامات الشعبية، وحول بائعي العرقسوس والفول، وفوق العربات الكارو والحنطور، أو نرى عادات وتقاليد مثل مشاركة مجموعة من الرجال في احتفال قوامه العزف على المزمار، أو يقومون بالتحطيب بالعصا، أو يلعبون بالنرد.
وهي الأعمال التي تعد بمثابة توليفة من اللوحات المعبرة بواقعية عن شوارع مصر الشعبية وسكانها ومرتاديها، الذين تعامل معهم فرغلي وراقبهم عن كثب، بحكم عمله أستاذاً بكلية التربية الفنية بجامعة حلوان المصرية، حيث يصطحب طلابه منذ سنوات طويلة للتفاعل مع هذه الأماكن وزوارها فنياً، بما يعكس ثقافتهم وعاداتهم وفكرهم ومعتقداتهم.
يقول الفنان لـ«الشرق الأوسط»: «تتلخص فكرة أعمالي ومعارضي الفنية المتتالية في الاهتمام بالتعبير عن البعد الآيديولوجي المصري الشعبي، وبخاصة الذي يهتم بالتعبير عن البعدين الإنساني والاجتماعي، بما يجعلني أنقل ملامح من أماكن بعينها أو أعبّر عن شخصية وهوية الشعب المصري، مجسداً انفعالاته ومشاعره وعواطفه وما يحملونه من معانٍ إنسانية، التي تأثرت بها نتيجة معايشتي لهم».
من أكثر الثيمات الفنية التي تنقلها لوحات فرغلي بأكثر من شكل ثيمة المقاهي الشعبية، وهو ما يعلله بقوله: «تعد المقاهي من بين الأماكن التي تعبر عن آيديولوجية المصريين، فعليها يمكن أن نستمع لكثير من الآراء والتحليلات، كما تجمع بين فئات اجتماعية وعمرية كثيرة، فالمقاهي أعتبرها جزءاً من التراث الشعبي المصري».
أما الشوارع، التاريخية والشعبية، فهي البطل الدائم في أعماله، التي ينقل منها ملامح ماضية تعود لفترتي الخمسينات والستينات من القرن الماضي أو ملامح معاصرة، محاولاً التعبير عن مدى التغير الحضاري والثقافي بين الماضي والحاضر، حيث تأخذنا اللوحات بين شوارع بعينها ذات أثر ثقافي مثل شارع المعز لدين الله، أكبر متحف مفتوح للآثار الإسلامية في العالم، أو في شوارع منطقة وسط البلد (وسط القاهرة) ذات الطرز المعمارية المميزة، وكذلك منطقة القاهرة القديمة، حيث الهوية الشعبية.
مع هذه الثيمات؛ وامتداداً للتجربة التي تتنقل بين المكان والزمان، فنحن بالطبع أمام حالة من النستولوجيا، حيث الحنين للماضي، التي تستهوي عدداً من الفنانين. عن هذه الحالة يقول الفنان: «أثّرت العولمة سواء في المجال التكنولوجي أو الفكري على الطبيعة المصرية، بعد أن تأثر بها الكثير من الطبقات والفئات، وبالأخص الأشخاص الذين اقتربتُ من مهنهم وحرفهم؛ لذا بحثت عن التعبير عن هؤلاء الشخصيات أو الصنّاع الذين يتسمون بالبساطة، قبل أن تنقرض هذه المهن أو تجهلها الأجيال الجديدة، وهو ما أضفى على أعمالي هذه الحالة من النوستالوجيا».
جاءت معارض فرغلي المتتالية لكي تعكس أفكاره الفنية، حيث قدم سابقاً معارض «مصر زمان والآن»، «وجوه مصرية»، «ليالي»، «حكايات مصرية»، «مصريات»، وأخيراً «طرق مصرية» الذي نظمه قبل أيام قليلة. وفيها يحاول التعبير عن رؤيته الفنية، مستعيناً بالاتجاه التعبيري الواقعي، محاولاً إحداث بهجة لونية عبر اللجوء إلى ألوان بعينها، ولا سيما الدافئة، التي لديها القدرة على نقل الانفعالات والمعاني الإنسانية، وبما يجعل المتلقي يحب الأماكن التي تنقلها اللوحات ويرتبط بها وجدانياً.



«مجتمع ورث» يحيي التراث السعودي برؤية عالمية

«مجتمع ورث» منصة لإحياء وتطوير الحرف اليدوية وربطها بالتصميمات الحديثة (الشرق الأوسط)
«مجتمع ورث» منصة لإحياء وتطوير الحرف اليدوية وربطها بالتصميمات الحديثة (الشرق الأوسط)
TT

«مجتمع ورث» يحيي التراث السعودي برؤية عالمية

«مجتمع ورث» منصة لإحياء وتطوير الحرف اليدوية وربطها بالتصميمات الحديثة (الشرق الأوسط)
«مجتمع ورث» منصة لإحياء وتطوير الحرف اليدوية وربطها بالتصميمات الحديثة (الشرق الأوسط)

في إطار الاهتمام المتزايد بإحياء التراث السعودي وتعزيز الهوية الثقافية الوطنية، أطلق المعهد الملكي للفنون التقليدية «وِرث» مبادرته المتميزة «مجتمع وِرث»، في يوم 4 يناير 2025، وذلك في مقره الرئيسي بمدينة الرياض. يأتي ذلك بالتزامن مع إعلان عام 2025 عاماً للحِرف اليدوية، ما يُجسد رؤية المملكة في دعم الفنون التقليدية وصونها وتطويرها لتكون جزءاً من الثقافة الحية التي تجمع بين الأصالة والحداثة.

ويهدف «مجتمع وِرث» إلى أن يكون المنصة الرائدة لإحياء وتطوير الحِرف اليدوية السعودية وربطها بالتصميم والتقنيات الحديثة. كما يسعى إلى تعزيز مشاركة المؤسسات والمجتمع المحلي في إبراز أهمية الفنون التقليدية في دعم الهوية الثقافية، إلى جانب تمكين الأفراد من استكشاف الإمكانات الكامنة في توظيف تلك الفنون عبر تقنيات معاصرة تشمل لقاءات وورش عمل تفاعلية مع نخبة من الخبراء والمختصين في مجالات الحِرف اليدوية والفنون التقليدية، مما يتيح فرصة استثنائية لتبادل الخبرات وإثراء المعارف وتطوير المهارات.

أنشطة تعليمية وحرفية يقدمها «مجتمع ورث» (الشرق الأوسط)

هذه الخطوة تمثل رؤية طموحًا تجمع بين الحفاظ على التراث وإعادة تقديمه بأساليب مبتكرة، فهي تعمل على دمج الحِرف اليدوية مع أدوات التكنولوجيا الحديثة مثل النمذجة ثلاثية الأبعاد، والطباعة الرقمية، والتصنيع الذكي، مما يسهم في تحويل المنتجات التراثية إلى أعمال عصرية تلبي متطلبات السوق المحلية والعالمية، مع الحفاظ على جذورها الأصيلة.

وتشمل فعاليات «مجتمع وِرث» مجموعة واسعة من الأنشطة التعليمية والحرفية والريادية التي تستهدف جميع المهتمين بالفنون التقليدية. ومن أبرز ورش العمل المقدمة، التدريب على تصميم المنتجات التراثية باستخدام البرامج الحديثة، وتطوير المهارات التسويقية للحرفيين عبر القنوات الرقمية، إلى جانب استراتيجيات دمج التصميم المعاصر مع الحرف اليدوية، كما يقدم المجتمع جلسات حوارية تضم خبراء ومتخصصين، وتركز على استكشاف تطورات هذا المجال وإيجاد حلول مبتكرة تحفز الإبداع والابتكار.

ويُعد المعهد الملكي للفنون التقليدية «وِرث» مؤسسة رائدة تسعى إلى الحفاظ على التراث الوطني السعودي وتعزيزه، من خلال تبنّي مشروعات وبرامج تُبرز الفنون التقليدية محلياً وعالمياً. ويسعى المعهد إلى دعم المتميزين في هذا المجال، سواء أكانوا من الحرفيين أم الممارسين أم المهتمين، من خلال توفير بيئة تعليمية وداعمة تحفز المواهب وتعمل على تطويرها. إلى جانب ذلك، يُولي المعهد اهتماماً خاصاً بتقدير الكنوز الحية التي تمثل رموزاً للإبداع الحرفي، وتشجيع الأجيال القادمة على تعلم وإتقان الحِرف التقليدية السعودية وتطويرها بما يتماشى مع روح العصر.

ويشكل إطلاق «مجتمع وِرث» جزءاً من رؤية استراتيجية تسعى لتحقيق أهداف «رؤية المملكة 2030» في مجال الثقافة والفنون، وذلك من خلال الجمع بين التراث والابتكار، حيث يسعى «المجتمع» إلى بناء جسور تربط الماضي بالحاضر والمستقبل، مما يضمن استمرار الحِرف اليدوية بوصفها عنصراً حيوياً في الهوية الثقافية السعودية يسهم في تعزيز مكانتها عالمياً.