نائب رئيس الحكومة يشكك في إجراءات الموازنة إذا لم ترافقها إصلاحات

غسان حاصباني تحدث إلى «الشرق الأوسط» عن قلق الدول المانحة حيال جدية لبنان

غسان حاصباني
غسان حاصباني
TT

نائب رئيس الحكومة يشكك في إجراءات الموازنة إذا لم ترافقها إصلاحات

غسان حاصباني
غسان حاصباني

لا يبدي نائب رئيس الحكومة غسان حاصباني تفاؤلاً حيال تنفيذ إجراءات موازنة عام 2019 التي يرى أنها لا تعدو كونها خطوة دستورية لن يكون لها أي نتائج إذا لم تترافق مع إصلاحات فعلية، ويعتبر أن هناك خطوات أساسية إذا تم اعتمادها يمكن أن تساعد في سد العجز وفي تفادي الانهيار المالي.
ويردّ حاصباني في حديثه لـ«الشرق الأوسط» على من يعتبر أن الموازنة خطوة أولى نحو الإصلاح قائلا: «يتم التعاطي مع الموازنة التي صوتنا ضدّها في حزب القوات اللبنانية كخطوة دستورية ملزمة في الوقت الذي يفترض أن تكون نتيجة إصلاحات وبالتالي الأهم اليوم هو التركيز على ما سيلي إقرارها والتوقيع عليها من قبل رئيس الجمهورية». ويؤكد أن «الأهم يبقى عدم اللجوء إلى سياسة التعطيل في كل مرة يقع خلاف سياسي، وهو ما يحول دون تحقيق أي إصلاح بل على العكس يزيد الوضع سوءا».
ويسأل حاصباني ملمحا إلى مسؤولية «حزب الله» عن التعطيل بالقول: «من يأخذ لبنان إلى تلك الهاوية؟ وهل هذا هو الوقت المناسب للكباش السياسي أم أن البعض وجد أن بإمكانه أن يرمي مسؤولية الانهيار على الأزمة ويبعد هذا الكأس عنه أو أن ثمة من يدفع بلبنان في هذا الاتجاه كرد على ما يحصل من تضييق عليه؟». وفيما يتعلق بالاستحقاقات المقبلة ولا سيما مؤتمر سيدر الذي وعد بإطلاق ورشة مشروعات للبنى التحتية والاستثمارات تقدّر بـ11.8 مليار دولار، شرط تطبيق الإصلاحات، يقول حاصباني إن الديون لن تكفي إذا لم يطلق لبنان ورشة إصلاحات وفي غياب الاستثمارات. من هنا لا ينفي أن الدول المانحة أرسلت إشارات قلقة حيال جدية الدولة اللبنانية في التعاطي مع الإصلاحات المطلوبة.
ومع تحذيره من عدم السير بالإصلاحات وتقليص العجز الذي وصل عام 2018 إلى 11.5 في المائة قبل أن يقرّ مشروع موازنة 2019 بخفضه إلى نحو 7 في المائة، يذكّر حاصباني بالانهيار المالي الذي حصل في اليونان عام 2010، ويؤكد: «من يجعل من الحكومة رهينة المواقف السياسية سيحمل تبعية التدهور المالي والاقتصادي».
ويؤكد حاصباني أن أمام لبنان الفرصة لإصلاح الوضع قبل الوصول إلى الانهيار، وذلك عبر إجراءات محددة تطال قطاعات مختلفة من شأنها أن تعيد الثقة بالدولة اللبنانية من قبل المواطنين والمستثمرين والمانحين ومؤسسات التصنيف. ويرى أن للبنان ميزات كثيرة تساعده على منع الانهيار ريثما تطبق الحلول، وأهمها، حجم الودائع في المصارف اللبنانية وتحويلات المغتربين اللبنانيين إضافة إلى ميزات لبنان في السياحة والثقافة والتعليم والصحة والتجارة وغيرها والتي يمكن تفعيلها والاستفادة منها، ويذكّر أن عددا من البلدان الصديقة أبدت استعدادها المستعدة للمساعدة إذا بدأ لبنان بمساعدة نفسه.
أما فيما يتعلق بالإصلاحات فيبرز حاصباني خطوات عملية من عشرة بنود، هي، إقفال المعابر غير الشرعية ووقف التهرب الجمركي الذي يقدّر بـ500 مليون دولار. إضافة إلى الإسراع في التنفيذ السليم والكامل لخطة الكهرباء، بدءا بتعيين مجلس إدارة كهرباء لبنان والهيئة الناظمة ووصولا إلى القضاء على الهدر في هذا القطاع.
كذلك خصخصة قطاع الكهرباء بدءا بإعادة تفعيل الهيئة الناظمة وتطبيق القانون 431 وبيع أصول شركات الخليوي.
ويشدد نائب رئيس الحكومة على ضرورة إلغاء عقود التوظيف التي حصلت خلافا لقانون سلسلة الرتب والرواتب بعد عام 2017، وتطوير هيكلية الإدارة والمؤسسات العامة ووضع آلية شفافة للتقاعد المبكر والتعيين في الفئة الأولى كما توحيد التقديمات الاجتماعية والصحية لكافة الصناديق.



«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
TT

«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)

ما زال حزب «الجبهة الوطنية» المصري الجديد يثير انتقادات وتساؤلات بشأن برنامجه وأهدافه وطبيعة دوره السياسي في المرحلة المقبلة، خاصة مع تأكيد مؤسسيه أنهم «لن يكونوا في معسكر الموالاة أو في جانب المعارضة».

وكان حزب «الجبهة الوطنية» مثار جدل وتساؤلات في مصر، منذ الكشف عن اجتماعات تحضيرية بشأنه منتصف الشهر الماضي، انتهت بإعلان تدشينه في 30 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وتمحورت التساؤلات حول أسباب ظهوره في هذه المرحلة، وهل سيكون بديلاً لحزب الأغلبية في البرلمان المصري (مستقبل وطن)، لا سيما أن مصر مقبلة على انتخابات برلمانية نهاية العام الجاري.

هذه التساؤلات حاول اثنان من مؤسسي الحزب الإجابة عنها في أول ظهور إعلامي مساء السبت، ضمن برنامج «الحكاية» المذاع على قناة «إم بي سي»، وقال وكيل مؤسسي حزب «الجبهة الوطنية» ووزير الإسكان المصري السابق عاصم الجزار، إن «الحزب هو بيت خبرة هدفه إثراء الفكر وإعادة بناء الوعي المصري المعاصر»، مؤكداً أن الحزب «لا يسعى للأغلبية أو المغالبة، بل يستهدف التأثير النوعي وليس الكمي».

وأضاف: «هدفنا تشكيل تحالف من الأحزاب الوطنية القائمة، إذ لن نعمل وحدنا»، معلناً استعداد الحزب الجديد، الذي لا يزال يستكمل إجراءات تأسيسه رسمياً، للتحالف مع «أحزاب الأغلبية مستقبل وطن وحماة وطن والمعارضة والمستقلين أيضاً بهدف خدمة المصلحة الوطنية»، مستطرداً: «لن نكون أداة لتمرير قرارات، بل أداة للإقناع بها».

وشدد الجزار على أن «الحزب لا ينتمي لمعسكر الموالاة أو للمعارضة»، وإنما «نعمل لمصلحة الوطن».

وهو ما أكده رئيس «الهيئة العامة للاستعلامات» بمصر وعضو الهيئة التأسيسية لحزب «الجبهة الوطنية»، ضياء رشوان، الذي قال: «سنشكر الحكومة عندما تصيب ونعارضها عندما تخطئ»، مشيراً إلى أن «مصر ليس لها حزب حاكم حتى يكون هناك حديث عن موالاة ومعارضة».

الانتقادات الموجهة للحزب ارتبطت بتساؤلات حول دوره في ظل وجود نحو 87 حزباً سياسياً، وفق «الهيئة العامة للاستعلامات»، منها 14 حزباً ممثلاً في البرلمان الحالي، يتصدرها حزب «مستقبل وطن» بأغلبية 320 مقعداً، يليه حزب «الشعب الجمهور» بـ50 مقعداً، ثم حزب «الوفد» بـ39 مقعداً، وحزب «حماة الوطن» بـ27 مقعداً، وحزب «النور» الإسلامي بـ11 مقعداً، وحزب «المؤتمر» بـ8 مقاعد.

ورداً على سؤال للإعلامي عمرو أديب، خلال برنامج «الحكاية»، بشأن ما إذا كان الحزب «طامحاً للحكم ويأتي بوصفه بديلاً لحزب الأغلبية»، قال رشوان: «أي حزب سياسي يسعى للحكم، لكن من السذاجة أن نقول إن حزباً يعمل على إجراءات تأسيسه اليوم سيحصد الأغلبية بعد 8 أو 10 أشهر»، مشيراً إلى أن «الحزب لن يعيد تجارب (الهابطين من السماء)». واستطرد: «لن نسعى للأغلبية غداً، لكن قد يكون بعد غد».

وأضاف رشوان أن «الحزب يستهدف في الأساس إعادة بناء الحياة السياسية في مصر بعد فشل تجربة نظام الحزب الواحد في مصر منذ عام 1952»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إحياء تحالف 30 يونيو (حزيران)»، لافتاً إلى أن «التفكير فيه هو ثمرة للحوار الوطني الذي أثار زخماً سياسياً».

طوال ما يزيد على ساعة ونصف الساعة حاول الجزار ورشوان الإجابة عن التساؤلات المختلفة التي أثارها إعلان تدشين الحزب، والتأكيد على أنه «ليس سُلمة للوصول إلى البرلمان أو الوزارة»، وليس «بوابة للصعود»، كما شددا على أن «حزب الجبهة يضم أطيافاً متعددة وليس مقصوراً على لون سياسي واحد، وأنه يضم بين جنباته المعارضة».

وعقد حزب «الجبهة الوطنية» نحو 8 اجتماعات تحضيرية على مدار الأسابيع الماضي، وتعمل هيئته التأسيسية، التي تضم وزراء ونواباً ومسؤولين سابقين، حالياً على جمع التوكيلات الشعبية اللازمة لإطلاقه رسمياً.

ويستهدف الحزب، بحسب إفادة رسمية «تدشين أكبر تحالف سياسي لخوض الانتخابات البرلمانية المقبلة، عبر صياغة تفاهمات سياسية واسعة مع الأحزاب الموجودة»، إضافة إلى «لمّ الشمل السياسي في فترة لا تحتمل التشتت».

ومنذ إطلاق الحزب تم ربطه بـ«اتحاد القبائل والعائلات المصرية» ورئيسه رجل الأعمال إبراهيم العرجاني، حتى إن البعض قال إن «الحزب هو الأداة السياسية لاتحاد القبائل». وعزز هذه الأحاديث إعلان الهيئة التأسيسية التي ضمت رجل الأعمال عصام إبراهيم العرجاني.

وأرجع الجزار الربط بين الحزب والعرجاني إلى أن «الاجتماعات التحضيرية الأولى للحزب كانت تجري في مكتبه بمقر اتحاد القبائل؛ كونه أميناً عاماً للاتحاد»، مؤكداً أن «الحزب لا علاقة له باتحاد القبائل». وقال: «العرجاني واحد من عشرة رجال أعمال ساهموا في تمويل اللقاءات التحضيرية للحزب». وأضاف: «الحزب لا ينتمي لشخص أو لجهة بل لفكرة».

وحول انضمام عصام العرجاني للهيئة التأسيسية، قال رشوان إنه «موجود بصفته ممثلاً لسيناء، ووجوده جاء بترشيح من أهل سيناء أنفسهم».

وأكد رشوان أن «البعض قد يرى في الحزب اختراعاً لكتالوج جديد في الحياة السياسية، وهو كذلك»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إعادة بناء الحياة السياسية في مصر التي يقول الجميع إنها ليست على المستوى المأمول».

بينما قال الجزار: «نحن بيت خبرة يسعى لتقديم أفكار وحلول وكوادر للدولة، ونحتاج لكل من لديه القدرة على طرح حلول ولو جزئية لمشاكل المجتمع».

وأثارت تصريحات الجزار ورشوان ردود فعل متباينة، وسط تساؤلات مستمرة عن رؤية الحزب السياسية، التي أشار البعض إلى أنها «غير واضحة»، وهي تساؤلات يرى مراقبون أن حسمها مرتبط بالانتخابات البرلمانية المقبلة.

كما رأى آخرون أن الحزب لم يكن مستعداً بعد للظهور الإعلامي.

بينما أشار البعض إلى أن «الحزب ولد بمشاكل تتعلق بشعبية داعميه»، وأنه «لم يفلح في إقناع الناس بأنه ليس حزب موالاة».

وقال مستشار مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية الدكتور عمرو الشوبكي لـ«الشرق الأوسط» إن «الحزب قدم حتى الآن كلاماً عاماً دون تصور أو رؤية واضحة للإصلاح التدريجي»، موضحاً أنه «من حيث المبدأ من حق أي جماعة تأسيس حزب جديد».

وبينما أكد الشوبكي أن ما عرضه المسؤولون عن الحزب الجديد بشأن «عدم طموحه للحكم لا يختلف عن واقع الحياة السياسية في مصر الذي يترك للدولة تشكيل الحكومة»، مطالباً «بتفعيل دور الأحزاب في الحياة السياسية»، فالمشكلة على حد تعبيره «ليست في إنشاء حزب جديد، بل في المساحة المتاحة للأحزاب».