أنقرة تلوح مجدداً بـ «منطقة آمنة» شرق سوريا

TT

أنقرة تلوح مجدداً بـ «منطقة آمنة» شرق سوريا

لوحت تركيا مجدداً بإقامة منطقة آمنة في شمال سوريا بمفردها حال عدم التوصل إلى اتفاق مع الولايات المتحدة بشأن إقامتها بموجب مقترح الرئيس الأميركي دونالد ترمب في ديسمبر (كانون الأول) الماضي، حيث تعثرت المفاوضات المستمرة بين الجانبين حول هذا المقترح بسبب التباين الكبير حول عمق وأبعاد المنطقة والسيطرة عليها وإخراج وحدات حماية الشعب الكردية منها. وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية التركية، حامي أكصوي، إن بلاده «ستضطر إلى إنشاء منطقة آمنة بمفردها في سوريا حال عدم التوصل لاتفاق مع الولايات المتحدة في هذا الشأن». وقال أكصوي، في مؤتمر صحافي في أنقرة، أمس (الجمعة)، إن وفداً عسكرياً أميركياً سيزور تركيا بعد غد (الاثنين)، كما أن المبعوث الأميركي الخاص إلى سوريا، جيمس جيفري، سيزورها أيضاً لعقد لقاءات ومباحثات مع الجانب التركي، حول المنطقة الآمنة والشأن السوري بجميع تفاصيله. والأسبوع الماضي، زار جيفري أنقرة على رأس وفد أميركي لمباحثات حول المنطقة الآمنة التي ترغب تركيا في فرض سيطرتها عليها، لكن وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو أعلن أن ما عرضه جيفري خلال مباحثاته في أنقرة لم يرضها، سواء من حيث عمق المنطقة أو أبعادها أو لمن تكون له السيطرة عليها، وكذلك إخراج وحدات حماية الشعب الكردية (الحليفة لواشنطن في الحرب على «داعش») منها، واعتبر أن واشنطن تماطل بشأن المنطقة الآمنة مثلما ماطلت وتماطل في تنفيذ اتفاق خريطة الطريق في منبج الموقع مع بلاده في 4 يونيو (حزيران) 2018، حيث لم تلتزم واشنطن بسحب عناصر وحدات حماية الشعب الكردية من منبج إلى شرق الفرات بموجب الاتفاق. وقال المتحدث باسم الخارجية التركية، إن تركيا نقلت إلى جيفري تطلعاتها حول المنطقة الآمنة في سوريا، وضرورة أن تمتد هذه المنطقة بعمق 32 كلم من الحدود التركية باتجاه الأراضي السورية، وأن تتولي أنقرة السيطرة عليها، وإخراج عناصر الوحدات الكردية منها. وأضاف أكصوي: «إذا لم نتمكن من الاتفاق مع الولايات المتحدة، عندها سنضطر لإنشاء منطقة آمنة بمفردنا، ونحن ننقل هذا الشأن إلى نظرائنا في الولايات المتحدة على جميع المستويات». وتابع أن تركيا لن تسمح بتحويل المباحثات المتعلقة بالمنطقة الآمنة إلى ذريعة للمماطلة، و«إذا لم تتم تلبية تطلعاتنا، فإننا نمتلك القدرة على اتخاذ جميع أنواع التدابير لضمان أمننا القومي». وذكر أكصوي أن بلاده ترغب في تطهير المنطقة من جميع ما سماه «التنظيمات الإرهابية»، وتأسيس ما سماه «حزام سلام»، مشيراً إلى أن المفاوضات حول المنطقة الآمنة ستستمر مع الوفد العسكري الأميركي الذي سيأتي إلى تركيا بعد غد. في السياق ذاته، قال جيمس جيفري، مبعوث الرئيس الأميركي إلى سوريا، إن المحادثات مع الجانب التركي حول إنشاء المنطقة الآمنة في سوريا لا تزال مستمرة، لكن بعض الخلافات أعاقت تأسيس المنطقة. وأضاف جيفري، في مؤتمر صحافي مشترك عقده في مقر وزارة الخارجية الأميركية في واشنطن مع منسق مكافحة الإرهاب في الوزارة ناثان سيلز ليل الخميس - الجمعة، إن بلاده ملتزمة بحماية من يقاتلون إلى جانبها (في إشارة إلى الوحدات الكردية التي تشكل القوام الرئيس لتحالف قوات سوريا الديمقراطية (قسد) الحليف الوثيق لواشنطن في الحرب على «داعش» في سوريا)، وألا يتعرضوا للأذى أو لهجوم من طرف ثالث.
وأوضح أن تنظيم «داعش» الإرهابي لا يزال يشنّ عمليات إرهابية في سوريا والعراق وأفريقيا. وقال إن «قسد» لا تزال تعمل على مكافحة تنظيم» «داعش»، مشيراً إلى أن المحادثات المستمرة مع الجانب التركي بشأن إنشاء «منطقة آمنة» في سوريا لا تزال مستمرة، لكن لم يتم التوصل بعد إلى نتائج واضحة في هذا الصدد.
ولفت إلى أن الولايات المتحدة تدرك وجود أكراد في تركيا، نافياً أن يكون لدى أنقرة خطة «لاحتلال مناطق» شمال سوريا، أو أن يكون الطرفان الأميركي والتركي توصلا إلى اتفاق لإنشاء منطقة آمنة.
ولفت جيفري إلى أن وزير الدفاع التركي خلوصي أكار، يتبنى مواقف حاسمة وخشنة، وأن تركيا تطالب بإبعاد جميع الأسلحة الثقيلة مسافة من 5 إلى 14 كيلومتراً عن حدودها باتجاه الداخل السوري.
وكان أكار أجرى اتصالاً هاتفياً مع نظيره الأميركي مارك إسبر، مساء الثلاثاء الماضي، أكد فيه أن تركيا ستضطر إلى إنشاء منطقة آمنة في سوريا بمفردها إذا لم تتوصل إلى تفاهم مشترك مع الولايات المتحدة في هذا الشأن. وهو ما سبق قاله الرئيس التركي رجب طيب إردوغان، الجمعة قبل الماضي، حيث ذكر أن تركيا «مصممة على تدمير ما سماه (الممر الإرهابي) شرق الفرات في سوريا، مهما كانت نتيجة المحادثات مع الولايات المتحدة حول إنشاء منطقة آمنة».
وطالب أكار خلال الاتصال، بحسب بيان لوزارة الدفاع التركية، بأن يتم سحب جميع الأسلحة الثقيلة وغيرها التي حصل عليها مسلحو الوحدات الكردية، وأكد أن تركيا قادرة بمفردها، وهي الدولة الأنسب التي يمكنها السيطرة على المنطقة الآمنة.
وغداة الاتصال، أكد مجلس الأمن القومي التركي، في اجتماع برئاسة إردوغان مساء الأربعاء، تصميم أنقرة على بذل كل الجهود لإقامة منطقة آمنة في سوريا، وتطهير المنطقة من «العناصر الإرهابية» كافة على طول الحدود مع سوريا وإنشاء ما سماه البيان الصادر عن الاجتماع «ممر السلام».
وعقب الاجتماع أرسل الجيش التركي تعزيزات عسكرية ضخمة ضمت آليات وناقلات جنود مدرعة إلى بلدة أكجا قلعة التابعة لولاية شانلي أورفا المواجهة لمدينة تل أبيض على الجانب الآخر من الحدود السورية التركية، أول من أمس، سبقتها فجر الأربعاء تعزيزات عسكرية جديدة إلى وحدات الجيش التركي وقواته المنتشرة على الحدود مع سوريا بعد ساعات من اجتماع المجلس.
وأعلنت تركيا خلال الأسابيع الأخيرة، أنها تحضّر لعملية عسكرية في شرق الفرات ستنفذها حال عدم الاتفاق مع الولايات المتحدة بشأن المنطقة الآمنة المقترحة في شمال شرقي سوريا، والتي ترغب تركيا في امتدادها إلى مسافة تتراوح ما بين 30 و40 كيلومتراً بعمق الأراضي السورية وبطول 460 كيلومتراً، بينما عرضت واشنطن خلال زيارة مبعوثها إلى سوريا جيمس جيفري إلى أنقرة الأسبوع الماضي خطة لإقامة المنطقة بأبعاد وحدود مختلفة، أعلنت تركيا «أنها لم تكن مرضية».



وفد إسرائيلي بالقاهرة... توقعات بـ«اتفاق وشيك» للتهدئة في غزة

طفل يحمل أشياء تم انتشالها من مكب النفايات في خان يونس جنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)
طفل يحمل أشياء تم انتشالها من مكب النفايات في خان يونس جنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)
TT

وفد إسرائيلي بالقاهرة... توقعات بـ«اتفاق وشيك» للتهدئة في غزة

طفل يحمل أشياء تم انتشالها من مكب النفايات في خان يونس جنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)
طفل يحمل أشياء تم انتشالها من مكب النفايات في خان يونس جنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)

زار وفد إسرائيلي رفيع المستوى القاهرة، الثلاثاء، لبحث التوصل لتهدئة في قطاع غزة، وسط حراك يتواصل منذ فوز الرئيس الأميركي دونالد ترمب لإنجاز صفقة لإطلاق سراح الرهائن ووقف إطلاق النار بالقطاع المستمر منذ أكثر من عام.

وأفاد مصدر مصري مسؤول لـ«الشرق الأوسط» بأن «وفداً إسرائيلياً رفيع المستوى زار القاهرة في إطار سعي مصر للوصول إلى تهدئة في قطاع غزة، ودعم دخول المساعدات، ومتابعة تدهور الأوضاع في المنطقة».

وأكد مصدر فلسطيني مطلع، تحدث لـ«الشرق الأوسط»، أن لقاء الوفد الإسرائيلي «دام لعدة ساعات» بالقاهرة، وشمل تسلم قائمة بأسماء الرهائن الأحياء تضم 30 حالة، لافتاً إلى أن «هذه الزيارة تعني أننا اقتربنا أكثر من إبرام هدنة قريبة»، وقد نسمع عن قبول المقترح المصري، نهاية الأسبوع الحالي، أو بحد أقصى منتصف الشهر الحالي.

ووفق المصدر، فإن هناك حديثاً عن هدنة تصل إلى 60 يوماً، بمعدل يومين لكل أسير إسرائيلي، فيما ستبقي «حماس» على الضباط والأسرى الأكثر أهمية لجولات أخرى.

ويأتي وصول الوفد الإسرائيلي غداة حديث رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو في كلمة، الاثنين، عن وجود «تقدم (بمفاوضات غزة) فيها لكنها لم تنضج بعد».

وكشفت وسائل إعلام إسرائيلية، الثلاثاء، عن عودة وفد إسرائيل ضم رئيس أركان الجيش الإسرائيلي هرتسي هاليفي، ورئيس جهاز الأمن العام «الشاباك» رونين بار، من القاهرة.

وأفادت هيئة البث الإسرائيلية بأنه عادت طائرة من القاهرة، الثلاثاء، تقلّ رئيس الأركان هرتسي هاليفي، ورئيس الشاباك رونين بار، لافتة إلى أن ذلك على «خلفية تقارير عن تقدم في المحادثات حول اتفاق لإطلاق سراح الرهائن في غزة».

وكشف موقع «واللا» الإخباري الإسرائيلي عن أن هاليفي وبار التقيا رئيس المخابرات المصرية اللواء حسن رشاد، وكبار المسؤولين العسكريين المصريين.

وبحسب المصدر ذاته، فإن «إسرائيل متفائلة بحذر بشأن قدرتها على المضي قدماً في صفقة جزئية للإفراج عن الرهائن، النساء والرجال فوق سن الخمسين، والرهائن الذين يعانون من حالة طبية خطيرة».

كما أفادت القناة الـ12 الإسرائيلية بأنه جرت مناقشات حول أسماء الأسرى التي يتوقع إدراجها في المرحلة الأولى من الاتفاقية والبنود المدرجة على جدول الأعمال، بما في ذلك المرور عبر معبر رفح خلال فترة الاتفاق والترتيبات الأمنية على الحدود بين مصر وقطاع غزة.

والأسبوع الماضي، قال ترمب على وسائل التواصل الاجتماعي، إن الشرق الأوسط سيواجه «مشكلة خطيرة» إذا لم يتم إطلاق سراح الرهائن قبل تنصيبه في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وأكد مبعوثه إلى الشرق الأوسط، ستيف ويتكوف، الاثنين، أنه «لن يكون من الجيد عدم إطلاق سراح» الرهائن المحتجزين في غزة قبل المهلة التي كررها، آملاً في التوصل إلى اتفاق قبل ذلك الموعد، وفق «رويترز».

ويتوقع أن تستضيف القاهرة، الأسبوع المقبل، جولة جديدة من المفاوضات سعياً للتوصل إلى هدنة بين إسرائيل و«حماس» في قطاع غزة، حسبما نقلت «وكالة الصحافة الفرنسية» عن مصدر مقرّب من الحركة، السبت.

وقال المصدر: «بناء على الاتصالات مع الوسطاء، نتوقع بدء جولة من المفاوضات على الأغلب خلال الأسبوع... للبحث في أفكار واقتراحات بشأن وقف إطلاق النار وتبادل الأسرى». وأضاف أنّ «الوسطاء المصريين والقطريين والأتراك وأطرافاً أخرى يبذلون جهوداً مثمّنة من أجل وقف الحرب».

وخلال الأشهر الماضية، قادت قطر ومصر والولايات المتحدة مفاوضات لم تكلّل بالنجاح للتوصل إلى هدنة وإطلاق سراح الرهائن في الحرب المتواصلة منذ 14 شهراً.

وقال رئيس الوزراء القطري الشيخ محمد بن عبد الرحمن بن جاسم آل ثاني، السبت، إن الزخم عاد إلى هذه المحادثات بعد فوز دونالد ترمب بالانتخابات الرئاسية الأميركية، الشهر الماضي. وأوضح أنّه في حين كانت هناك «بعض الاختلافات» في النهج المتبع في التعامل مع الاتفاق بين الإدارتين الأميركية المنتهية ولايتها والمقبلة، «لم نر أو ندرك أي خلاف حول الهدف ذاته لإنهاء الحرب».

وثمنت حركة «فتح» الفلسطينية، في بيان صحافي، الاثنين، بـ«الحوار الإيجابي والمثمر الجاري مع الأشقاء في مصر حول حشد الجهود الإقليمية والدولية لوقف إطلاق النار في قطاع غزة، والإسراع بإدخال الإغاثة الإنسانية إلى القطاع».

وأشار المصدر الفلسطيني إلى زيارة مرتقبة لحركة «فتح» إلى القاهرة ستكون معنية بمناقشات حول «لجنة الإسناد المجتمعي» لإدارة قطاع غزة التي أعلنت «حماس» موافقتها عليها.