تونس: بدء تقديم الترشيحات للانتخابات الرئاسية المبكرة

TT

تونس: بدء تقديم الترشيحات للانتخابات الرئاسية المبكرة

بدأ في تونس أمس تقديم الترشيحات للانتخابات الرئاسية المبكرة، داخل مقر «الهيئة العليا المستقلة للانتخابات»، وسط العاصمة التونسية، والذي سيستمر حتى التاسع من أغسطس (آب) الحالي.
وتقرر تنظيم الجولة الأولى من هذه الانتخابات الرئاسية المبكرة، التي كانت مرتقبة أساساً في نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل، في 15 من سبتمبر (أيلول) القادم، إثر وفاة الرئيس الباجي قائد السبسي، في 25 من يوليو (تموز) الماضي.
وتوافد أمس المرشحون للانتخابات الرئاسية، السابقة لأوانها، على مقر الهيئة العليا المستقلة للانتخابات، لتقديم ملفات ترشحهم، في ظل توقع بأن يصل عدد المترشحين إلى 30 مرشحاً.
وسجل اليوم الأول من المدة القانونية لتقديم الترشيحات وصول المنجي الرحوي، رئيس حزب الوطنيين الديمقراطيين الموحد (الوطد)، الذي كان أول مرشح يقدم ملفه، ثم توالت بعد ذلك الترشحات لتشمل نبيل القروي، رئيس حزب «قلب تونس»، الذي حظي بتزكية 13 نائباً من البرلمان، بينهم سفيان طوبال، القيادي السابق بحزب «النداء»، الملتحق بحزب «قلب تونس»، الذي أسسه القروي مؤخراً، بهدف خوض الانتخابات الرئاسية والبرلمانية، بعد منعه من الترشح؛ لأنه يرأس مؤسسة إعلامية وجمعية أهلية.
كما قدم ترشحه صباح أمس، محمد عبو، رئيس حزب «التيار الديمقراطي»، بالإضافة إلى لطفي المرايحي، رئيس «الاتحاد الشعبي الجمهوري»، الذي تمكن من جمع تزكية أكثر من 10 آلاف تونسي، ونضال كريم (مختص في القانون)، ومنير الجميعي، وهو ناشط سياسي مستقل، وحمدي علية، المستشار الدولي في شعبة القانون. كما أودعت عبير موسي، رئيسة «الحزب الدستوري الحر»، ملف ترشحها للانتخابات الرئاسية، وأكدت في تصريح إعلامي أنها حصلت على تزكية 16 ألف تونسي لدخول السباق الرئاسي.
وقالت الهيئة العليا المستقلة للانتخابات، إن توقيت قبول ملف الترشح للانتخابات الرئاسية ينعكس قانوناً على ترتيبه في ورقة الاقتراع، وهو ما يفسر إسراع المرشحين بالتوجه إلى مقر الهيئة الانتخابية لتقديم ملف ترشحهم. ومن المنتظر الإعلان عن القائمة النهائية للمترشحين للانتخابات الرئاسية في 31 من أغسطس الحالي.
في غضون ذلك، تنتظر الساحة السياسية التونسية التحاق شخصيات سياسية أخرى بحلبة التنافس، ومن بينها الصافي سعيد (ناشط سياسي)، وقيس سعيد (أستاذ القانون الدستوري)، ومهدي جمعة، رئيس الحكومة السابق، وحمة الهمامي، زعيم تحالف «الجبهة الشعبية» اليساري، وعمر منصور، وزير الداخلية السابق. بالإضافة إلى حمادي الجبالي، رئيس الحكومة السابق، ومصطفى بن جعفر، رئيس المجلس التأسيسي، وليلى الهمامي (سيدة أعمال).
في السياق ذاته، تنتظر الأحزاب السياسية الكبرى إعلان قيادات سياسية عن ترشحها للاقتراع الرئاسي، من بينهم يوسف الشاهد رئيس الحكومة الحالي، وعبد الكريم الزبيدي وزير الدفاع الوطني، ومهدي جمعة رئيس الحكومة التونسية السابق. ويرى مراقبون أن المنافسة الفعلية ستنحصر في نهاية المطاف بين الشاهد والزبيدي؛ حيث يحظى كلاهما بدعم أطراف سياسية واجتماعية ذات وزن سياسي وانتخابي مهم.
وبشأن إمكانية ترشح عبد الكريم الزبيدي، وزير دفاع حكومته، لمنصب رئاسة الجمهورية في أعقاب الحديث عن حصوله على تزكية 12 نائباً من مجلس نواب الشعب (البرلمان)، قال الشاهد: «علاقتي جيدة بالوزير الزبيدي، وهو لم يعلمني بأمر الترشح»، على حد قوله.
ويبدو أن حركة «النهضة» (إسلامية) تنوي مبدئياً دعم عبد الكريم الزبيدي كمرشح للانتخابات الرئاسية، ما لم ترشح شخصية من قياداتها لهذا الاستحقاق الانتخابي. بينما تضغط قيادات حركة «النهضة» في الجهات على القيادات المركزية من أجل ترشيح شخصية من القيادة المركزية للانتخابات الرئاسية، أو دعم حمادي الجبالي الأمين العام السابق للحركة، في هذا السباق الانتخابي.
وتلتقي حركة «النهضة» مع «الاتحاد العام التونسي للشغل» (نقابة العمال) حول التوجه نحو دعم عبد الكريم الزبيدي كمرشح للانتخابات الرئاسية، وذلك في محاولة لحسم أمر الانتخابات الرئاسية منذ الدور الأول، حتى لا تؤثر على بقية الاستحقاقات الانتخابية، وخصوصاً الانتخابات البرلمانية المقررة في السادس من أكتوبر (تشرين الأول) المقبل.
ومن المنتظر أن يدعم حزب «النداء»، الذي يتزعمه حافظ قائد السبسي نجل الرئيس التونسي الراحل الباجي قائد السبسي، ترشح عبد الكريم الزبيدي، الذي كانت تربطه علاقات وطيدة مع مؤسس حزب «النداء».



دعوات حكومية ودولية لتكثيف الاستجابة الإنسانية في اليمن

زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
TT

دعوات حكومية ودولية لتكثيف الاستجابة الإنسانية في اليمن

زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)

مع توجّه الحكومة اليمنية بطلب إلى الأمم المتحدة لعقد مؤتمر للمانحين لجهة دعم خطة الاستجابة الإنسانية في البلاد، بعد تزايد الاحتياجات الإنسانية الملحَّة، جددت منظمات دولية وأممية الدعوة إلى زيادة التمويل والتعاون الأكبر بين الجهات الفاعلة الوطنية والدولية لتقديم المساعدات الأساسية.

وفي حين تواصل الجماعة الحوثية إعاقة جهود الإغاثة في البلاد، ذكر الإعلام الرسمي أن سفير اليمن لدى الأمم المتحدة، عبد الله السعدي، أكد على ضرورة أن تظل الأزمة الإنسانية في اليمن على رأس أولويات الأمم المتحدة والمجتمع الدولي للحد من المعاناة المتزايدة، داعياً إلى تكثيف الجهود للإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المختطَفين والمعتقَلين، ومحاسبة المسؤولين عن مختلف الانتهاكات، في إشارة إلى الجماعة الحوثية.

وفي بيان اليمن أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، خلال الجلسة الخاصة بتعزيز تنسيق المساعدات الإنسانية والإغاثية، حذَّر السعدي المجتمع الدولي من خطورة تجاهل الانتهاكات التي ترتكبها الجماعة الحوثية لخدمة أجندتها السياسية، بما في ذلك استخدام المساعدات الإنسانية لخدمة أهدافها العسكرية وتحويل المناطق الخاضعة لسيطرتها إلى سجون لمن يعارضونها.

أكثر من 19 مليون يمني بحاجة إلى المساعدات خلال العام المقبل حسب تقديرات أممية (الأمم المتحدة)

وأعاد البيان اليمني التذكير بأهمية نقل مقرات الوكالات الأممية والمنظمات الدولية إلى العاصمة المؤقتة عدن لضمان سلامة العاملين في المجال الإنساني، وتوفير بيئة آمنة للعمل بعيداً عن التدخلات؛ ما يساهم في تحسين القدرة على إيصال المساعدات إلى الفئات المحتاجة في مختلف المناطق. وتتهم الحكومة اليمنية وأوساط إغاثية وحقوقية محلية وأممية ودولية الجماعة الحوثية بالاستمرار في اختطاف العاملين بالمجال الإغاثي، وتبني حملات إعلامية مسيئة للعمل الإنساني، ورفض الاستجابة لطلبات عائلات المختطفين بالسماح بزيارتهم والاطمئنان على صحتهم الجسدية والنفسية، وتقديم الرعاية لهم.

سوء التنظيم والتخطيط

وجدَّدت الحكومة اليمنية التذكير بالأضرار الكبيرة التي تسببت بها الفيضانات والسيول التي ضربت عدة مناطق يمنية هذا العام، إلى جانب مختلف التطرفات المناخية التي ضاعفت من الآثار الناجمة عن الحرب في مفاقمة الأوضاع الإنسانية والاقتصادية؛ ما زاد من أهمية وضرورة تكثيف دعم المجتمع الدولي لليمن في مواجهة هذه التحديات.

جهات دولية تتهم الجماعة الحوثية بإعاقة أعمال الإغاثة بعد اختطاف موظفي المنظمات (رويترز)

ولا يتوقع جمال بلفقيه رئيس اللجنة العليا للإغاثة في الحكومة اليمنية أن يكون الدعم كبيراً أو كافياً لمواجهة مختلف المتطلبات والاحتياجات، مشيراً إلى أن عملية حشد الأموال لا بد أن تقترن بكيفية تنظيم إدارة العمل الإنساني والإغاثي، وخلق شراكة حقيقية بين الحكومة اليمنية والقطاع الخاص، والمنظمات المحلية والجهات الإغاثية الحالية، لإيصال المساعدات.

وفي حديثه لـ«الشرق الأوسط»، يصف بلفقيه الأزمة الإنسانية في بلاده بالأشد قسوة؛ ما يجعل من غير الممكن على اليمنيين الصمود أمام متطلبات معيشتهم، في ظل استمرارها وتصاعدها، منوهاً بأن حجم الأموال التي يمكن الحصول عليها ليس مهماً إذا لم يتم تنظيم عمليات الإغاثة للوصول بكفاءة إلى كل المستحقين.

وانتقد بلفقيه، وهو أيضاً مستشار وزير الإدارة المحلية، التوجهات الأممية الموسمية لزيادة التمويل، عند نهاية عام وبداية عام جديد، مع غياب التخطيط والتنظيم الفاعلين، وعدم مراعاة الاحتياجات المحلية للمتضررين من الأزمة الإنسانية في كل محافظة.

فيضانات الصيف الماضي في اليمن فاقمت من الأزمة الإنسانية وزادت من احتياجات الإغاثة (الأمم المتحدة)

من جهتها، أكدت منظمة «هيومن رايتس ووتش» أن اليمن أصبح يعيش «واحدة من أكبر الأزمات الإنسانية في العالم»، وفقاً لبيانات الأمم المتحدة؛ ما يزيد من احتياجات التمويل والتعاون الأكبر بين الجهات الفاعلة الوطنية والدولية لتقديم المساعدات الأساسية، بما فيها الغذاء والمياه والإمدادات الطبية.

واتهمت المنظمة، في بيان حديث لها، الجماعة الحوثية، باحتجاز وإخفاء 17 شخصاً على الأقل من موظفي الأمم المتحدة، بالإضافة إلى عشرات الموظفين من المنظمات غير الحكومية ومنظمات المجتمع المدني والشركات الخاصة، ومواصلة احتجازهم دون تهم.

إيقاف التمويل

نقلت «هيومن رايتس ووتش» عن الأمم المتحدة، أن 24.1 مليون يمني، أي ما يساوي 80 في المائة من السكان، بحاجة إلى المساعدات الإنسانية والحماية».

ونبهت المنظمة الدولية إلى أن الحكومة السويدية أقرَّت، أواخر الشهر الماضي، «الإنهاء التدريجي» لمساعداتها الإنمائية لليمن، على خلفية الإجراءات التدميرية المتزايدة للجماعة الحوثية في الأجزاء الشمالية من اليمن، ومنها اختطاف موظفي الأمم المتحدة.

كما دعت الأمم المتحدة والمجتمع الدولي تصعيد مطالبة الحوثيين بالإفراج عن المعتقلين، وتنسيق جهودهما بشكل أفضل في هذا الهدف المشترك. وقالت: «يجب أن تضاعف وكالات الأمم المتحدة الجهود لحماية ودعم موظفيها المتبقين في اليمن».

رغم تراجع تمويل الإغاثة في اليمن لا تزال وكالات أممية تقدم مساعدات للنازحين والمحتاجين (الأمم المتحدة)

ويتفق الباحث الاقتصادي، عادل السامعي، مع مسؤول الإغاثة اليمني، بلفقيه، حول سوء إدارة أموال الإغاثة في اليمن، وتسبب ذلك في حلول جزئية ومؤقتة للأزمة الإنسانية في البلاد. ويوضح السامعي لـ«الشرق الأوسط» أن هناك تراجعاً ملحوظاً في تمويل خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن بسبب «الفساد» الذي أضر بالعملية الإغاثية وتجيير كثير من أوجه الدعم والمساعدات لصالح الجماعة الحوثية.

ويلفت إلى أن هناك تراكماً للفجوات بين الاحتياجات التي تفرضها الأزمة الإنسانية في اليمن والتمويل الموجَّه لها؛ فبعد أن كانت متطلبات الاستجابة الإنسانية خلال الـ12 عاماً الماضية تزيد على 33 مليار دولار، جرى تحصيل أقل من 20 مليار دولار فقط.

وخلال الأسبوع الماضي، كشفت الأمم المتحدة عن حاجتها إلى 2.5 مليار دولار لدعم خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن خلال العام المقبل (2025).

بسبب اختطاف الجماعة الحوثية موظفي الإغاثة في اليمن تراجعت عدد من الدول عن تمويل الاستجابة الإنسانية (أ.ف.ب)

وحذَّر «مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا)»، في بيان له، من أن الظروف المعيشية لمعظم اليمنيين ستظل مزرية في عام 2025. ومن المتوقَّع أن تؤدي فرص كسب العيش المحدودة وانخفاض القدرة الشرائية إلى تعميق عدم الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي.

ووفقاً للمكتب الأممي، فإن 19.54 مليون شخص في اليمن بحاجة إلى المساعدة خلال العام المقبل، من بينهم 17 مليون شخص (49 في المائة من السكان) سيواجهون انعدام الأمن الغذائي الشديد، مع معاناة 5 ملايين شخص من ظروف «الطوارئ». بينما يؤثر سوء التغذية الحاد على نحو 3.5 مليون شخص، بمن في ذلك أكثر من 500 ألف شخص يعانون من سوء التغذية الحاد الشديد.