انتهاء العمل بمعاهدة حظر الانتشار النووي بين موسكو وواشنطن

انتهاء العمل بمعاهدة حظر الانتشار النووي بين موسكو وواشنطن
TT

انتهاء العمل بمعاهدة حظر الانتشار النووي بين موسكو وواشنطن

انتهاء العمل بمعاهدة حظر الانتشار النووي بين موسكو وواشنطن

تنتهي اليوم المهلة المحددة لـ«إنقاذ» معاهدة حظر الانتشار النووي بين موسكو وواشنطن، كما كان متوقعاً بعدما باشر الرئيس الأميركي دونالد ترمب انسحابه منها، بسبب الانتهاكات الروسية لبنودها.
وسادت حالة من القلق والترقب الأوساط الأوروبية، أمس، عشية دخول موعد انسحاب موسكو وواشنطن من معاهدة حظر الصواريخ النووية متوسطة المدى حيز التنفيذ. ومعلوم أن هذه المعاهدة كانت حجر الزاوية لأمن أوروبا خلال العقود الثلاثة الماضية.
وكان ترمب أعلن، في فبراير (شباط) 2019، بدء عملية الانسحاب من هذه المعاهدة الخاصة بالصواريخ النووية المتوسطة المدى (بين 500 و5500 كلم)، وانتهت مفاعيل المعاهدة من دون أن تُدمّر موسكو، كما طلبت واشنطن، الأسلحة التي اعتبرتها الولايات المتحدة انتهاكاً للمعاهدة.
على عكس ذلك، صادق الرئيس الروسي فلاديمير بوتين على قرار تعليق انضمام روسيا لهذه المعاهدة، الذي كان قد أُعلن حال إعلان قرار ترمب في بداية العام، ثم أيده البرلمان الروسي في يونيو (حزيران).
وتنتقد واشنطن منذ 2014 تطوير موسكو أنظمة اعتبرت أنها تشكل انتهاكاً للمعاهدة. والصاروخ المعني هو «9 إم 729» ومداه نحو 1500 كلم، بحسب الحلف الأطلسي، في حين تؤكد موسكو أن مداه لا يزيد على 480 كلم.
واعتبر المحلل العسكري ألكسندر غولتس أن «روسيا تمارس الخداع، أولاً من خلال نفيها وجود الصاروخ، ثم باعترافها بوجوده مع القول إنه يحترم المعاهدة»، كما نقلت «وكالة الصحافة الفرنسية». وعندما انتقلت الولايات المتحدة من التهديد إلى التنفيذ، وأكد ترمب نيته التخلي عن المعاهدة في أكتوبر (تشرين الأول) 2018، لم تفعل روسيا شيئاً لثنيه عن الأمر.
وعملياً، كان كبار القادة الروس ينتقدون منذ سنوات هذه المعاهدة التي يعتبرون أنها تخدم مصلحة واشنطن أكثر، وبات هناك اقتناع لدى الرئاسة الروسية بأن موسكو لا تحتاج إليها.
وذكر الخبير بافيل فيلغنهاور أنه «منذ 2007 عندما انسحبت روسيا من معاهدة الأسلحة التقليدية في أوروبا، كان الجيش الروسي والكرملين يقولان إن معاهدة الصواريخ النووية المتوسطة المدى ليست معاهدة جيدة ولا منصفة».
وكان الجدل يندلع في موسكو، كلما تم الإعلان عن انتشار جديد لنظام دفاع صاروخي أميركي لدى حلفاء واشنطن في أوروبا أو آسيا. وتعتبر الولايات المتحدة أن هذه الأنظمة محض دفاعية، لكن روسيا تعتبرها تهديداً على أبوابها ولمنشآتها النووية.
لم يكن مستغرباً بالتالي أن تعلن الرئاسة الروسية أنها جاهزة للإعلان عن صواريخ جديدة حالما يصبح القرار الأميركي بالانسحاب من المعاهدة رسمياً. وأكد المحلل فيلغنهاور: «الآن مع انتهاء المعاهدة، سنشهد تطوير ونشر أسلحة جديدة»، مضيفاً: «روسيا مستعدة أصلاً» لذلك.
وبعد أن أشار إليها بوتين لأول مرة في ديسمبر (كانون الأول) 2018 أمام كبار ضباط الجيش، تم الحديث بالتفصيل عن هذه الأسلحة الجديدة في فبراير 2019 خلال اجتماع لبوتين مع وزير الخارجية سيرغي لافروف ووزير الدفاع سيرغي شويغو.
وعلاوةً على استحداث صاروخ بري متوسط المدى، تنوي روسيا خصوصاً تطوير نسخة برية من صواريخ «كاليبر» المستخدمة من البحرية، التي اختُبِرت بنجاح في سوريا. لكن روسيا تواجه ضغوط أزمة اقتصادية تعانيها منذ 2014. كما أن ميزانيتها العسكرية أقل بعشرة أضعاف من ميزانية الجيش الأميركي.
بيد أن بوتين أوضح لوزير دفاعه الذي عبّر مراراً عن معارضته سباقاً «محموماً» للتسلح، أن تطوير هذه الأسلحة الجديدة سيكون «من دون زيادة ميزانية الدفاع». وبعد انتهاء مفاعيل معاهدة منع الصواريخ النووية المتوسطة المدى، لا تبقى إلا معاهدة نووية ثنائية واحدة بين موسكو وواشنطن، هي معاهدة «ستارت» التي تتعلق بإبقاء ترسانتي البلدين من الأسلحة النووية دون مستواها خلال الحرب الباردة، وتنتهي فترة سريان هذه المعاهدة في 2021.
وتوقع الباحث ألكسندر سافلييف أن تكون «حظوظ تمديدها (ستارت) ضعيفة. ففي هذه الظروف لا شيء سيوقف سباقاً جديداً للتسلح النووي بين الولايات المتحدة وروسيا».



روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

TT

روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)
صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)

وجّه الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (الناتو) مارك روته، الخميس، تحذيراً قوياً بشأن ضرورة «زيادة» الإنفاق الدفاعي، قائلاً إن الدول الأوروبية في حاجة إلى بذل مزيد من الجهود «لمنع الحرب الكبرى التالية» مع تنامي التهديد الروسي، وقال إن الحلف يحتاج إلى التحول إلى «عقلية الحرب» في مواجهة العدوان المتزايد من روسيا والتهديدات الجديدة من الصين.

وقال روته في كلمة ألقاها في بروكسل: «نحن لسنا مستعدين لما ينتظرنا خلال أربع أو خمس سنوات»، مضيفاً: «الخطر يتجه نحونا بسرعة كبيرة»، وفق «وكالة الصحافة الفرنسية».

وتحدّث روته في فعالية نظمها مركز بحثي في بروكسل تهدف إلى إطلاق نقاش حول الاستثمار العسكري.

جنود أميركيون من حلف «الناتو» في منطقة قريبة من أورزيسز في بولندا 13 أبريل 2017 (رويترز)

ويتعين على حلفاء «الناتو» استثمار ما لا يقل عن 2 في المائة من إجمالي ناتجهم المحلي في مجال الدفاع، لكن الأعضاء الأوروبيين وكندا لم يصلوا غالباً في الماضي إلى هذه النسبة.

وقد انتقدت الولايات المتحدة مراراً الحلفاء الذين لم يستثمروا بما يكفي، وهي قضية تم طرحها بشكل خاص خلال الإدارة الأولى للرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب.

وأضاف روته أن الاقتصاد الروسي في «حالة حرب»، مشيراً إلى أنه في عام 2025، سيبلغ إجمالي الإنفاق العسكري 7 - 8 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد - وهو أعلى مستوى له منذ الحرب الباردة.

وبينما أشار روته إلى أن الإنفاق الدفاعي ارتفع عما كان عليه قبل 10 سنوات، عندما تحرك «الناتو» لأول مرة لزيادة الاستثمار بعد ضم روسيا شبه جزيرة القرم من طرف واحد، غير أنه قال إن الحلفاء ما زالوا ينفقون أقل مما كانوا ينفقونه خلال الحرب الباردة، رغم أن المخاطر التي يواجهها حلف شمال الأطلسي هي «بالقدر نفسه من الضخامة إن لم تكن أكبر» (من مرحلة الحرب الباردة). واعتبر أن النسبة الحالية من الإنفاق الدفاعي من الناتج المحلي الإجمالي والتي تبلغ 2 في المائة ليست كافية على الإطلاق.

خلال تحليق لمقاتلات تابعة للـ«ناتو» فوق رومانيا 11 يونيو 2024 (رويترز)

وذكر روته أنه خلال الحرب الباردة مع الاتحاد السوفياتي، أنفق الأوروبيون أكثر من 3 في المائة من ناتجهم المحلي الإجمالي على الدفاع، غير أنه رفض اقتراح هذا الرقم هدفاً جديداً.

وسلَّط روته الضوء على الإنفاق الحكومي الأوروبي الحالي على معاشات التقاعد وأنظمة الرعاية الصحية وخدمات الرعاية الاجتماعية مصدراً محتملاً للتمويل.

واستطرد: «نحن في حاجة إلى جزء صغير من هذه الأموال لجعل دفاعاتنا أقوى بكثير، وللحفاظ على أسلوب حياتنا».