غانتس ينافس نتنياهو في تخليد الاحتلال والحفاظ على المستوطنات

TT

غانتس ينافس نتنياهو في تخليد الاحتلال والحفاظ على المستوطنات

قام كل من رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، ورئيس حزب الجنرالات «كحول لفان» بيني غانتس، المتنافسان على رئاسة الحكومة الإسرائيلية، أمس (الأربعاء)، بجولتين منفردتين، كلٌّ على حدة، على المستوطنات في الضفة الغربية، وراحا يتنافسان حول مَن منهما الأكثر إخلاصاً لبقائها في مكانها. وصرح كلٌّ بكلماته ولهجته، بتمسكه بالوجود الإسرائيلي في منطقة غور الأردن وبقاء المستوطنات والامتناع عن إخلاء أي مستوطنة في إطار أي تسوية.
فقد وصل نتنياهو برفقة حاشية كبيرة من قادة حزبه الليكود إلى مستوطنة «أفرات» في الكتلة الاستيطانية «غوش عتصيون»، المقامة على أراضي مدينة بيت لحم وقراها، لافتتاح متنزه جديد. وقال: «إننا نرى ماضينا ونتمسك بحاضرنا ونحب مستقبلنا، لذلك أعلن أمامكم بأنه لن يتم اقتلاع أي مستوطنة ولن يتم إخلاء أي مستوطن من هنا. لقد انتهى هذا الأمر. وما تفعلونه هنا سيبقى إلى الأبد. فهذه هي البوابة الجنوبية للقدس، العاصمة الأبدية لشعب إسرائيل».
وقال نتنياهو متباهياً: «كان من حظي أن أهتمّ بالمستوطنات أكثر من رؤساء الحكومات الذين سبقوني. في هذه المنطقة بادرت إلى مشاريع كبيرة جعلت القرب منها إلى القدس أكبر وأوثق. وهذه ليست صدفة. فأنا أعرف ماذا تفعلون هنا وكيف تحمون الوجود اليهودي فيها. وأنا أعرف كيف أوظف علاقاتي الحميمة في الإدارة الأميركية لكي لا تعترض على ما نفعله. فإسرائيل تحتاج إلى رئيس حكومة يعرف كيف يشرح مواقفها في الخارج ويقيم علاقات وثيقة تقوّي مواقفنا وليس مواقف تضعفنا. في حزب (كحول لفان) يعلنون أنهم يوافقون على إخلاء 80 – 90 ألف مستوطن. ونحن في الليكود نتمسك بالاستيطان وبكل المستوطنين».
وأما غانتس، فقد اختار لجولته الانتخابية مستوطنات غور الأردن، فقال إنه «لا يوجد وضع يمكننا فيه أن نسمح لأنفسنا بألا تكون الأغوار تحت سيطرتنا الكاملة. ومن خلال تقدير كبير للمستوطنين، علينا أن نعد الخطط الاقتصادية التي تتيح لنا تطوير الزراعة والبنية التحتية». ونفى غانتس أن يكون حزبه مؤيداً للتخلي عن الغور في التسويات المستقبلية، وقال: «حزبنا (كحول لفان) يرى في غور الأردن جزءاً لا يتجزأ من دولة إسرائيل في أي اتفاق، فهذا هو السور الواقي الشرقي لدولة إسرائيل».
وفي رده على سؤال حول الفلسطينيين الموجودين هناك، قال غانتس: «لن نحرك الفلسطينيين من الأغوار، بل سنمنحهم كل احتياجاتهم، لكننا سنحارب سرقة الماء ومخالفي القانون».
وقال المرشح الثالث في قائمة «كحول لفان»، عضو الكنيست الحالي ووزير الدفاع الأسبق الجنرال موشيه يعالون، الذي شارك في الجولة، إن رئيس الحكومة الإسرائيلية الأسبق يتسحاق رابين، «تحدث في خطابه الأخير حول الموضوع الفلسطيني عن سيطرة (إسرائيلية) كاملة في الأغوار. وكل من يفهم في الأمن يدرك أن هذا ما يجب أن يكون. يعيش هنا سكان (يقصد المستوطنين) ينتظرون التطوير، ونحن نعرف أنه توجد هنا أزمة مياه وكهرباء. وقد أهملت دولة إسرائيل الأغوار، ونحن في (كحول لفان) نعتزم الاعتناء بذلك. ونحن نتحدث عن خطط حكومية لتحويل الأغوار إلى جنة مزدهرة».



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».