حكومة الوفاق تهدّد بمقاضاة المبعوث الأممي إلى ليبيا

السراج يسلم سلامة مذكرة احتجاج على ما ورد في إحاطته لمجلس الأمن

TT

حكومة الوفاق تهدّد بمقاضاة المبعوث الأممي إلى ليبيا

بات غسان سلامة، رئيس بعثة الأمم المتحدة إلى ليبيا، في مرمى الانتقادات السياسية لحكومة «الوفاق» التي يترأسها فائز السراج، والتي عبرت أمس رسمياً عن استيائها من الإحاطة، التي قدمها مؤخرا إلى مجلس الأمن الدولي حول حقيقة الوضع العسكري والسياسي في البلاد.
وقال السراج، بحسب بيان وزعه مكتبه، إنه استدعى أمس المبعوث الأممي، وسلمه مذكرة تتضمن احتجاجا على ما سماه بـ«مغالطات» خلال إحاطته لمجلس الأمن حول الوضع في ليبيا الاثنين الماضي.
بدوره، أعلن المجلس الأعلى للدولة، الموالي لحكومة السراج، أنه بصدد دراسة إحاطة سلامة، وقال إنه يعمل على إعداد رد كتابي يقدم للأمين العام والدول الأعضاء بمجلس الأمن، يبين ما جاء في هذه الإحاطة من «مغالطات بخصوص تقييم الوضع في ليبيا، والتي تثير كثيرا من الشكوك حول حيادية عملها، والانحراف الواضح عن الدور المنوط بها»، على حد تعبيره.
كما تحدت أمس رئاسة أركان الجيش، التابعة للسراج، المبعوث الأممي بأن يقدم قائمة بالمتطرفين، الذين قال إنهم يقاتلون ضمن صفوف قواتها، وتوعدت بملاحقته قانونياً، مشيرة إلى أنها اتخذت جميع الإجراءات لمنع التحاق أي إرهابي، أو متطرف بتصنيف دولي بعناصرها.
وتابعت في بيان لها «لا نعلم ما الشيء الذي اعتمد عليه سلامة في إحاطته، إلا إذا كان معتمدا على ما يرد على لسان مسؤولي القوات المعتدية على الحكومة الشرعية والعاصمة، الذين وصل بهم الأمر إلى اتهام السراج نفسه بالإرهاب والتطرف».
وبعدما حملت سلامة المسؤولية الكاملة لما ورد في إحاطته، حذرت من أنه في حال عدم تقديم قوائم المتطرفين والإرهابيين، حسب تصنيف الأمم المتحدة، فإنها ستعتبر ما ورد في إحاطته «محاولة لتشويه الجيش»، التابع لحكومة السراج.
من جهتها، أعربت وزارة المواصلات بحكومة السراج عن استغرابها من تصريحات سلامة بأن الحكومة تستخدم مطار معيتيقة لأغراض عسكرية، وقالت في بيان إن المطار يستخدم لحركة الملاحة الجوية المدنية، وليست العسكرية. وبعدما أكدت تعرض المطار لاستهدافات متكررة، حذرت الوزارة من تداعياتها وخطرها على سلامة الركاب والعاملين في القطاع، فضلا عن الأضرار الجسيمة.
واتهمت وزارة الداخلية بحكومة السراج المبعوث الأممي بوضع ما وصفته بـ«معلومات مغلوطة وغير صحيحة في إحاطته»، وأكدت في بيان لها أمس أنها «انحازت لتوازنات سياسية على حساب كشف الحقيقة والموضوعية، وسجلت إخفاقا من البعثة الأممية»، على حد تعبيرها.
وكان سلامة أبلغ مجلس الأمن الدولي بوجود مرتزقة أجانب وجماعات متطرفة، يشاركون بالقتال في ليبيا، ودعا حكومة السراج إلى إغلاق مراكز اعتقال المهاجرين وإطلاق سراحهم، كما طالبها بوقف استخدام مطار معيتيقة الدولي لأغراض عسكرية.
في غضون ذلك، بحث السراج أمس في طرابلس مع وفد من شركة «إيني» الإيطالية للنفط والغاز مشاريعها في ليبيا، وتطوير التعاون مع مؤسسة النفط الموالية لحكومته، بالإضافة إلى برنامج للتنسيق بين شركة «إيني» والشركة العامة للكهرباء لدعم مشاريع الطاقة الكهربائية، وتحسين كفاءة الشبكة وزيادة القدرة الإنتاجية للمحطات.
ميدانيا، أعلن المركز الإعلامي لغرفة «عمليات الكرامة»، التابع للجيش الوطني عن شن غارات جوية، وما وصفه بضربات دقيقة استهدفت ميليشيات منطقة عمليات غريان، لافتا إلى معارك جرت أول من أمس في الخلة ووادي الربيع، وعين زارة جنوب العاصمة طرابلس.
وأكد المركز في بيان له أمس أن قوات الجيش نجحت في السيطرة على تبة دفاعية، كانت تعوّل عليها الميليشيات في الدفاع كنقطة حصينة في طريق تقدم الجيش، وأصبحت الآن ضمن أماكن سيطرتها.
في المقابل، نقلت وسائل إعلام موالية لحكومة السراج عن آمر محور عين زارة يوسف الأمين، أن قواته تصدت لمحاولة تقدم لقوات (الجيش الوطني) في تقاطع العلاونة بعين زارة.
من ناحية أخرى، تعرض حقل الشرارة النفطي، الأكبر في ليبيا، إلى إغلاق جديد بعد غلق صمام على خط الأنابيب، الذي يربط الحقل بمرفأ الزاوية النفطي، وفقا لما أبلغ به مصدر مطلع لوكالة «رويترز». ولم يتضح حتى الآن موقع الصمام، في الحقل الذي كان ينتج 290 ألف برميل يوميا، وأُغلق في وقت سابق هذا الشهر، بعد أن سدت جماعة مجهولة صماما على خط الأنابيب الواصل إلى الزاوية.



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.