الهوة تتسع بين القيادات الفلسطينية ووزير العمل

الوزارة تتحدث عن تأمين مئات فرص العمل للبنانيين

TT

الهوة تتسع بين القيادات الفلسطينية ووزير العمل

في ظل استمرار الأزمة السياسية التي تمنع انعقاد مجلس الوزراء، تتسع الهوة بين وزير العمل اللبناني كميل أبو سليمان والقيادات الفلسطينية مع إصرار الوزارة على أن تشمل الخطة التي وضعتها للتشدد في ملاحقة العمالة الأجنبية غير الشرعية اللاجئين الفلسطينيين. وتتواصل التحركات في المخيمات الفلسطينية، التي انتقلت من الإضراب الكلي إلى الإضراب الجزئي، وتعول الفصائل على الوعود التي تلقتها من رئيسي مجلس النواب والوزراء، ومن «حزب الله»، لتجميد تطبيق إجراءات الوزارة بحق اللاجئين الفلسطينيين.
وقال أبو سليمان، في حديث تلفزيوني يوم أمس، إنه خلال أسبوعين قام موظفو الوزارة بـ1019 عملية تفتيش على الأراضي اللبنانية، لافتاً إلى أنه عندما فتح المجال لتقديم طلبات عمل في المطاعم، تقدم نحو 20 ألف عامل لبناني للوظائف الشاغرة.
وأوضحت مصادر وزارة العمل أن الأرقام التي يعلن عنها أبو سليمان، وبالتحديد الـ1400 وظيفة التي تسلمها لبنانيون منذ الانطلاق بتطبيق الخطة، هي «أرقام تقريبية، مع تأكيدنا أن الأرقام أكبر»، لافتة في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أن الوزارة تتابع عن كثب الإجراءات والتدابير التي تتخذها الشركات الكبرى، وتعقد اجتماعات متواصلة مع القيمين عليها، متابعة: «وقد تمكنا من التوصل إلى رقم تقريبي، على أن تتضح الصورة أكثر بعد مرور 3 أو 4 أشهر، مع تسجيل الموظفين في الضمان».
وفرضت الوزارة نوعاً من الكوتا يقول بوجوب أن يعمل في أي مؤسسة أجنبي واحد مقابل 3 لبنانيين، وهو ما انتقده كثير من التجار اللبنانيين الذين اشتكوا من عدم القدرة على تأمين العمال بسرعة، لرفض العمال اللبنانيين العمل في كثير من المهن التي اعتادوا أن يقوم بها عمال أجانب.
وقاطعت القيادات الفلسطينية اجتماعاً كان مقرراً مع وزير العمل مطلع الأسبوع. واعتبر الوزير أن الضجة الفلسطينية المثارة غير بريئة، وأنه إذا كان الفلسطينيون لا يريدون حضور الاجتماعات، فلن يستمع لهم، وسيستمر تطبيق القانون. من جهتها، قالت مصادر حركة فتح لـ«الشرق الأوسط» إن التغيب عن الاجتماع الذي كان مقرراً عقده في السراي جاء بقرار موحد من القيادة السياسية الفلسطينية التي اعتبرت أنه لا يمكن الاستمرار بعقد لقاءات لمجرد اللقاء، من دون الحصول على تطمينات أو وعود بوقف تطبيق الإجراءات بحق اللاجئين الفلسطينيين.
وأوضحت مصادر فلسطينية أن الإضراب الكلي في المخيمات الذي استمر أكثر من 10 أيام تحول إلى إضرابات جزئية، لافتة في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى توافق القوى الفلسطينية على برنامج عمل للتصدي لإجراءات الوزير أبو سليمان، يشمل الاعتصام في خيم منصوبة بشكل دائم، واعتصامات أخرى تنفذ بأوقات محددة، مضيفة: «في البرنامج أنشطة مختلفة ثقافية وفنية للتعبير عن رفض الإجراءات، على أن يتم إغلاق المخيمات كل يوم جمعة، وإعلان الإضراب وخروج المسيرات، على أن تنحصر داخل المخيمات».
وتؤكد المصادر حرص القيادة السياسية والأمنية والفصائل على عدم تحول الاحتجاجات إلى فوضى أمنية. ومن هنا، كانت الإجراءات التي اتخذتها قوات الأمن الوطني والقوة الأمنية المشتركة لتفادي أي صدام مع الجيش، أو أي افتعال داخلي لإشكالات لتفجير الوضع، لافتة إلى أنه تم توزيع الورود على عناصر الجيش بالحواجز عند مداخل المخيمات، وهناك حرص على عدم وصول المسيرات الاعتراضية إلى هذه الحواجز.



دعوات حكومية ودولية لتكثيف الاستجابة الإنسانية في اليمن

زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
TT

دعوات حكومية ودولية لتكثيف الاستجابة الإنسانية في اليمن

زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)

مع توجّه الحكومة اليمنية بطلب إلى الأمم المتحدة لعقد مؤتمر للمانحين لجهة دعم خطة الاستجابة الإنسانية في البلاد، بعد تزايد الاحتياجات الإنسانية الملحَّة، جددت منظمات دولية وأممية الدعوة إلى زيادة التمويل والتعاون الأكبر بين الجهات الفاعلة الوطنية والدولية لتقديم المساعدات الأساسية.

وفي حين تواصل الجماعة الحوثية إعاقة جهود الإغاثة في البلاد، ذكر الإعلام الرسمي أن سفير اليمن لدى الأمم المتحدة، عبد الله السعدي، أكد على ضرورة أن تظل الأزمة الإنسانية في اليمن على رأس أولويات الأمم المتحدة والمجتمع الدولي للحد من المعاناة المتزايدة، داعياً إلى تكثيف الجهود للإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المختطَفين والمعتقَلين، ومحاسبة المسؤولين عن مختلف الانتهاكات، في إشارة إلى الجماعة الحوثية.

وفي بيان اليمن أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، خلال الجلسة الخاصة بتعزيز تنسيق المساعدات الإنسانية والإغاثية، حذَّر السعدي المجتمع الدولي من خطورة تجاهل الانتهاكات التي ترتكبها الجماعة الحوثية لخدمة أجندتها السياسية، بما في ذلك استخدام المساعدات الإنسانية لخدمة أهدافها العسكرية وتحويل المناطق الخاضعة لسيطرتها إلى سجون لمن يعارضونها.

أكثر من 19 مليون يمني بحاجة إلى المساعدات خلال العام المقبل حسب تقديرات أممية (الأمم المتحدة)

وأعاد البيان اليمني التذكير بأهمية نقل مقرات الوكالات الأممية والمنظمات الدولية إلى العاصمة المؤقتة عدن لضمان سلامة العاملين في المجال الإنساني، وتوفير بيئة آمنة للعمل بعيداً عن التدخلات؛ ما يساهم في تحسين القدرة على إيصال المساعدات إلى الفئات المحتاجة في مختلف المناطق. وتتهم الحكومة اليمنية وأوساط إغاثية وحقوقية محلية وأممية ودولية الجماعة الحوثية بالاستمرار في اختطاف العاملين بالمجال الإغاثي، وتبني حملات إعلامية مسيئة للعمل الإنساني، ورفض الاستجابة لطلبات عائلات المختطفين بالسماح بزيارتهم والاطمئنان على صحتهم الجسدية والنفسية، وتقديم الرعاية لهم.

سوء التنظيم والتخطيط

وجدَّدت الحكومة اليمنية التذكير بالأضرار الكبيرة التي تسببت بها الفيضانات والسيول التي ضربت عدة مناطق يمنية هذا العام، إلى جانب مختلف التطرفات المناخية التي ضاعفت من الآثار الناجمة عن الحرب في مفاقمة الأوضاع الإنسانية والاقتصادية؛ ما زاد من أهمية وضرورة تكثيف دعم المجتمع الدولي لليمن في مواجهة هذه التحديات.

جهات دولية تتهم الجماعة الحوثية بإعاقة أعمال الإغاثة بعد اختطاف موظفي المنظمات (رويترز)

ولا يتوقع جمال بلفقيه رئيس اللجنة العليا للإغاثة في الحكومة اليمنية أن يكون الدعم كبيراً أو كافياً لمواجهة مختلف المتطلبات والاحتياجات، مشيراً إلى أن عملية حشد الأموال لا بد أن تقترن بكيفية تنظيم إدارة العمل الإنساني والإغاثي، وخلق شراكة حقيقية بين الحكومة اليمنية والقطاع الخاص، والمنظمات المحلية والجهات الإغاثية الحالية، لإيصال المساعدات.

وفي حديثه لـ«الشرق الأوسط»، يصف بلفقيه الأزمة الإنسانية في بلاده بالأشد قسوة؛ ما يجعل من غير الممكن على اليمنيين الصمود أمام متطلبات معيشتهم، في ظل استمرارها وتصاعدها، منوهاً بأن حجم الأموال التي يمكن الحصول عليها ليس مهماً إذا لم يتم تنظيم عمليات الإغاثة للوصول بكفاءة إلى كل المستحقين.

وانتقد بلفقيه، وهو أيضاً مستشار وزير الإدارة المحلية، التوجهات الأممية الموسمية لزيادة التمويل، عند نهاية عام وبداية عام جديد، مع غياب التخطيط والتنظيم الفاعلين، وعدم مراعاة الاحتياجات المحلية للمتضررين من الأزمة الإنسانية في كل محافظة.

فيضانات الصيف الماضي في اليمن فاقمت من الأزمة الإنسانية وزادت من احتياجات الإغاثة (الأمم المتحدة)

من جهتها، أكدت منظمة «هيومن رايتس ووتش» أن اليمن أصبح يعيش «واحدة من أكبر الأزمات الإنسانية في العالم»، وفقاً لبيانات الأمم المتحدة؛ ما يزيد من احتياجات التمويل والتعاون الأكبر بين الجهات الفاعلة الوطنية والدولية لتقديم المساعدات الأساسية، بما فيها الغذاء والمياه والإمدادات الطبية.

واتهمت المنظمة، في بيان حديث لها، الجماعة الحوثية، باحتجاز وإخفاء 17 شخصاً على الأقل من موظفي الأمم المتحدة، بالإضافة إلى عشرات الموظفين من المنظمات غير الحكومية ومنظمات المجتمع المدني والشركات الخاصة، ومواصلة احتجازهم دون تهم.

إيقاف التمويل

نقلت «هيومن رايتس ووتش» عن الأمم المتحدة، أن 24.1 مليون يمني، أي ما يساوي 80 في المائة من السكان، بحاجة إلى المساعدات الإنسانية والحماية».

ونبهت المنظمة الدولية إلى أن الحكومة السويدية أقرَّت، أواخر الشهر الماضي، «الإنهاء التدريجي» لمساعداتها الإنمائية لليمن، على خلفية الإجراءات التدميرية المتزايدة للجماعة الحوثية في الأجزاء الشمالية من اليمن، ومنها اختطاف موظفي الأمم المتحدة.

كما دعت الأمم المتحدة والمجتمع الدولي تصعيد مطالبة الحوثيين بالإفراج عن المعتقلين، وتنسيق جهودهما بشكل أفضل في هذا الهدف المشترك. وقالت: «يجب أن تضاعف وكالات الأمم المتحدة الجهود لحماية ودعم موظفيها المتبقين في اليمن».

رغم تراجع تمويل الإغاثة في اليمن لا تزال وكالات أممية تقدم مساعدات للنازحين والمحتاجين (الأمم المتحدة)

ويتفق الباحث الاقتصادي، عادل السامعي، مع مسؤول الإغاثة اليمني، بلفقيه، حول سوء إدارة أموال الإغاثة في اليمن، وتسبب ذلك في حلول جزئية ومؤقتة للأزمة الإنسانية في البلاد. ويوضح السامعي لـ«الشرق الأوسط» أن هناك تراجعاً ملحوظاً في تمويل خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن بسبب «الفساد» الذي أضر بالعملية الإغاثية وتجيير كثير من أوجه الدعم والمساعدات لصالح الجماعة الحوثية.

ويلفت إلى أن هناك تراكماً للفجوات بين الاحتياجات التي تفرضها الأزمة الإنسانية في اليمن والتمويل الموجَّه لها؛ فبعد أن كانت متطلبات الاستجابة الإنسانية خلال الـ12 عاماً الماضية تزيد على 33 مليار دولار، جرى تحصيل أقل من 20 مليار دولار فقط.

وخلال الأسبوع الماضي، كشفت الأمم المتحدة عن حاجتها إلى 2.5 مليار دولار لدعم خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن خلال العام المقبل (2025).

بسبب اختطاف الجماعة الحوثية موظفي الإغاثة في اليمن تراجعت عدد من الدول عن تمويل الاستجابة الإنسانية (أ.ف.ب)

وحذَّر «مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا)»، في بيان له، من أن الظروف المعيشية لمعظم اليمنيين ستظل مزرية في عام 2025. ومن المتوقَّع أن تؤدي فرص كسب العيش المحدودة وانخفاض القدرة الشرائية إلى تعميق عدم الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي.

ووفقاً للمكتب الأممي، فإن 19.54 مليون شخص في اليمن بحاجة إلى المساعدة خلال العام المقبل، من بينهم 17 مليون شخص (49 في المائة من السكان) سيواجهون انعدام الأمن الغذائي الشديد، مع معاناة 5 ملايين شخص من ظروف «الطوارئ». بينما يؤثر سوء التغذية الحاد على نحو 3.5 مليون شخص، بمن في ذلك أكثر من 500 ألف شخص يعانون من سوء التغذية الحاد الشديد.