ثلث المصريين في قبضة الفقر

الطعام والسكن يلتهمان نصف دخل المواطنين

فتية يلهون في مسبح متنقل بإحدى المناطق العشوائية شرق العاصمة المصرية (إ.ب.أ)
فتية يلهون في مسبح متنقل بإحدى المناطق العشوائية شرق العاصمة المصرية (إ.ب.أ)
TT

ثلث المصريين في قبضة الفقر

فتية يلهون في مسبح متنقل بإحدى المناطق العشوائية شرق العاصمة المصرية (إ.ب.أ)
فتية يلهون في مسبح متنقل بإحدى المناطق العشوائية شرق العاصمة المصرية (إ.ب.أ)

سجّلت الإحصاءات الرسمية المصرية ارتفاع نسبة الفقر في مصر خلال عام 2018 إلى 32.5 في المائة، مقارنة بنسبة سابقة بلغت 27.8 في المائة في 2015
ونشر الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء تقرير «نتائج بحث الدخل والإنفاق والاستهلاك لعام 2018»، والتي تعكس صورة حقيقية لحياة المواطن المصري من جميع الأبعاد الديموغرافية والاجتماعية والاقتصادية.
ويعد البحث من قبل كثير من المراقبين أول مقارنة نوعية لأحوال المصريين قبل وبعد تنفيذ برنامج الإصلاحات الاقتصادية في نوفمبر (تشرين الثاني) 2016 الذي تضمن رفع غالبية الدعم عن المحروقات، إضافة إلى تعويم العملة، والتي أفقدت على أثرها الجنيه نحو 60 في المائة من قيمته مقابل الدولار.
ويقدر تعداد المصريين المقيمين داخل البلاد بنحو 95 مليون مواطن، بحسب ما أعلن «الإحصاء» في نتائج التعداد السكاني في عام 2017، ووفق تلك التقديرات، فإن نحو 30.8 مليون مصري يعيشون تحت خط الفقر، ويحصل الفرد منهم على دخل شهري لا يزيد على 491 جنيها شهريا، وذلك لاعتماد «الإحصاء» على حساب «خط الفقر المدقع» للفرد عند 5890 جنيهاً (355 دولاراً) في السنة.
وحدد البحث قيمة «خط الفقر» للفرد في السنة عند مستوى 8 آلاف و827 جنيها مصريا، بما يعادل 533 دولارا، بينما يقع خط الفقر العالمي بحسب البنك الدولي عند مستوى دخل يومي يقل عن 1.9 دولار يوميا، بما يعادل 693.5 دولار سنويا، أي أن الفارق السنوي يساوي نحو 160 دولارا، بما يعادل نحو 2700 جنيها مصريا.
وفي مؤتمر الإعلان عن نتائج التقرير مساء الاثنين، أشارت الدكتورة هالة السعيد، وزيرة التخطيط المصري، إلى أهمية ما يوفره هذا البحث من بيانات ومؤشرات حول متوسطات دخل وإنفاق واستهلاك الأسر والأفراد ومستويات وأنماط الإنفاق وفقاً للمعايير المختلفة سواء الاقتصادية أو الاجتماعية والديموغرافية، إضافة إلى ما يوفره البحث من بيانات حول مستويات المعيشة ومؤشرات الفقر والبيانات المطلوبة للحسابات القومية في المحافظات والمدن والقرى المصرية.
وأضافت السعيد أن «هذا البحث يضع بين أيدينا ولدى واضعي السياسات ومتخذي القرار على كافة المستويات ثروة هائلة من البيانات التي تشخص الواقع، وتساعد على الاستهداف الجغرافي للفجوات التنموية، وتوجيه بوصلة جهود الدولة لمواجهة الفقر بمفهومه الواسع، وإصلاح منظومة الدعم لتحقيق العدالة الاجتماعية، كما يوفر البحث بيانات محدّثة تفتح المجال للخبراء والباحثين للدراسة والتحليل المتخصص والمتعمق لمختلف القطاعات، لتقديم التوصيات والحلول التي تدعم جهود الدولة وسعيها لمعالجة المشكلات ولتحقيق التنمية الشاملة والمستدامة».
وقال اللواء خيرت بركات، رئيس الجهاز المركزي للإحصاء، إن «أهمية البحث تنبع من كون نتائجه تتضمن موضوعات ترتبط بظاهرة الفقر التي تؤثر سلبا على الواقع الذي يعيشه الأفراد وعلى تحقيق أهداف التنمية».
ويشير المراقبون إلى أن نتائج البحث عبرت بشكل كبير عن الأعباء التي يتحملها المصريون نتيجة سوء الأوضاع الاقتصادية المتراكمة على مدار أكثر من 50 عاما مضت، إضافة إلى تبعات برنامج الإصلاح الاقتصادي التي أضافت مزيدا من الأعباء على كاهلهم، وذلك رغم إشادة المؤسسات الدولية بنتائج الإصلاحات والإجراءات المتخذة، وفقا للأرقام الاقتصادية التي تقيس معدلات النمو والتضخم والاستثمارات؛ لكنها لا تلتفت في التفاصيل إلى أحوال المواطنين.
وكشف بركات أنه «وفقا للبحث، فقد ارتفع متوسط الدخل السنوي للأسر إلى 58.9 ألف جنيه (3.550 دولار)، مقارنة بـ44.2 ألف (2.7 ألف دولار بأسعار الصرف الحالية) في بحث عام 2015». إلا أنه بحساب سعر الدولار في ذلك الوقت عند متوسط 8.8 جنيه، سيوازي الدخل السنوي وقتها نحو 5 آلاف دولار.
وأوضح بركات أن متوسط الإنفاق الكلي السنوي للأسر ارتفع إلى 51 ألف جنيه (نحو 3 آلاف دولار)، وكان في البحث السابق يصل إلى 36.7 ألف جنيه سنويا (2.2 ألف دولار).
وأشارت وزيرة التخطيط إلى اتخاذ الكثير من إجراءات الحماية الاجتماعية ومنها زيادة مخصصات الدعم، والتوسع في برنامج تكافل وكرامة، كما اتخذت الدولة الكثير من الإجراءات تتسق في مجملها مع منظومة الحماية الاجتماعية منها رفع الحد الأدنى للمعاشات والأجور وبدء تطبيق قانون التأمين الصحي الشامل، وإنهاء قوائم الانتظار بالمستشفيات، والتوسع في خدمات الصحة الإنجابية، والتوسع في علاج فيروس سي، وإتاحة برامج إقراض متعددة وذات قواعد ميسرة، والعمل على الانتهاء من تطوير المناطق العشوائية غير الآمنة. مؤكدة أن «كل هذه المؤشرات وغيرها، تعكس اهتمام الدولة بنتائج البحث، والحرص الشديد على الاستفادة من هذه الدراسة المهمة حتى نستطيع أن نبني خططنا التنموية على أسس سليمة ونتائج آنية تحقق التنمية الشاملة التي نصبو إليها جميعا».
وكشفت نتائج البحث أن 88.5 في المائة من الأسر المصرية يتم تغطيتها في منظومة الدعم الجديدة. وأشارت إلى أن نسبة إنفاق الأسرة على الطعام والشراب تبلغ 37.1 في المائة من إجمالي الإنفاق السنوي، و18.6 في المائة على المسكن ومستلزماته، ونحو 9.9 في المائة على الخدمات والرعاية الصحية، ونحو 2.1 في المائة على الثقافة والترفيه.
وأشار التقرير إلى أن 61.6 في المائة من الأسر لديها «مسكن ملك»، أما الفئة المتبقية فموزعة على 11.5 في المائة فئة «إيجار قديم»، و6.6 في المائة فئة «إيجار جديد»، و9.4 في المائة فئة «تمليك»، و10.4 في المائة فئة «هبة»، و0.5 في المائة فئة «ميزة عينية».
وكشف التقرير أن نسبة الأسر التي تمتلك سيارات ركوب خاصة بلغت 7.6 في المائة من إجمالي عدد الأسر المصرية، وأن إجمالي الأسر التي تمتلك الموتوسيكل - فيسبا (دراجة نارية) بلغت 9.8 في المائة، فيما بلغت نسبة الأسر التي تمتلك دراجة عادية 6.1 في المائة.
وعن حيازة الأجهزة المنزلية، أظهر التقرير أن نسبة 96.5 في المائة من الأسر يمتلكون ثلاجة، كما تمتلك نسبة نحو 95.7 في المائة من الأسر تلفزيونا ملونا، ويمتلك نحو 49.1 في المائة من الأسر غسالة ملابس كهربائية عادية و28.6 في المائة يمتلكون غسالة ملابس أوتوماتيكية، بينما تمتلك نسبة 12.2 في المائة من الأسر جهاز تكييف.


مقالات ذات صلة

مصر توقع اتفاقين بقيمة 600 مليون دولار لمشروع طاقة مع «إيميا باور» الإماراتية

الاقتصاد منظر للعاصمة المصرية (الشرق الأوسط)

مصر توقع اتفاقين بقيمة 600 مليون دولار لمشروع طاقة مع «إيميا باور» الإماراتية

وقّعت مصر وشركة «إيميا باور» الإماراتية اتفاقين باستثمارات 600 مليون دولار، لتنفيذ مشروع محطة رياح، بقدرة 500 ميغاواط في خليج السويس.

الاقتصاد اجتماع وزير البترول  والثروة المعدنية المصري كريم بدوي بمسؤولي شركة «إكسون موبيل» (وزارة البترول والثروة المعدنية)

«إكسون موبيل» تستعد لحفر بئر جديدة للتنقيب عن الغاز في مصر

ستبدأ شركة «إكسون موبيل» المتخصصة في أعمال التنقيب عن البترول وصناعة البتروكيماويات يوم 15 ديسمبر (كانون الأول) المقبل بأنشطة الحفر البحري للتنقيب عن الغاز.

«الشرق الأوسط» (لندن )
العالم العربي مصريون يلجأون للمعارض لشراء احتياجاتهم مع ارتفاع الأسعار (الغرفة التجارية المصرية بالإسكندرية)

الغلاء يُخلخل الطبقة الوسطى في مصر... رغم «التنازلات»

دخلت الطبقة الوسطى في مصر مرحلة إعادة ترتيب الأولويات، بعدما لم يعد تقليص الرفاهيات كافياً لاستيعاب الزيادات المستمرة في الأسعار، فتبدلت معيشتها.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
الاقتصاد رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي خلال استقباله الشيخ محمد بن عبد الرحمن بن جاسم آل ثاني رئيس وزراء قطر في العاصمة الإدارية الجديدة (مجلس الوزراء المصري)

مصر وقطر ستتعاونان في مشروع عقاري «مهم للغاية» بالساحل الشمالي

قال مجلس الوزراء المصري، الأربعاء، إن مصر وقطر ستتعاونان خلال المرحلة المقبلة في مشروع استثماري عقاري «مهم للغاية» في منطقة الساحل الشمالي المصرية.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
الاقتصاد أبراج وشركات وبنوك على نيل القاهرة (تصوير: عبد الفتاح فرج)

تقرير أممي يحذّر من تضخم الدين العام في المنطقة العربية

حذّر تقرير أممي من زيادة نسبة خدمة الدين الخارجي في البلدان العربية، بعد أن تضخّم الدين العام المستحق من عام 2010 إلى 2023، بمقدار 880 مليار دولار في المنطقة.

«الشرق الأوسط» (بيروت)

سوق العمل في أوروبا تشهد تراجعاً بالربع الثالث

عمال يتنقلون عبر محطة لندن بريدج للسكك الحديدية ومترو الأنفاق خلال ساعة الذروة الصباحية (رويترز)
عمال يتنقلون عبر محطة لندن بريدج للسكك الحديدية ومترو الأنفاق خلال ساعة الذروة الصباحية (رويترز)
TT

سوق العمل في أوروبا تشهد تراجعاً بالربع الثالث

عمال يتنقلون عبر محطة لندن بريدج للسكك الحديدية ومترو الأنفاق خلال ساعة الذروة الصباحية (رويترز)
عمال يتنقلون عبر محطة لندن بريدج للسكك الحديدية ومترو الأنفاق خلال ساعة الذروة الصباحية (رويترز)

شهدت سوق العمل في أوروبا تراجعاً بالربع الثالث من العام، مما يشير إلى استمرار التراجع في ضغوط التضخم، وهو ما قد يبرر مزيداً من خفض أسعار الفائدة، بحسب بيانات صدرت الاثنين.

وتباطأ ارتفاع تكاليف العمالة في منطقة اليورو إلى 4.6 في المائة في الربع الثالث، مقارنة بـ5.2 في المائة في الربع السابق، في حين انخفض معدل الوظائف الشاغرة إلى 2.5 في المائة من 2.6 في المائة، وهو تراجع مستمر منذ معظم العامين الماضيين، وفقاً لبيانات «يوروستات».

وتُعزى ضغوط سوق العمل الضيقة إلى دورها الكبير في تقييد سياسة البنك المركزي الأوروبي بشأن خفض أسعار الفائدة، خوفاً من أن تؤدي زيادة الأجور بشكل سريع إلى ارتفاع تكاليف قطاع الخدمات المحلي. ومع ذلك، بدأ الاقتصاد في التباطؤ، حيث بدأ العمال في تخفيف مطالباتهم بالأجور من أجل الحفاظ على وظائفهم، وهو ما يعزز الحجة التي تقدّمها كريستين لاغارد، رئيسة البنك المركزي الأوروبي، لدعم مزيد من التيسير في السياسة النقدية.

وبينما لا تزال الشركات تحافظ على معدلات توظيف مرتفعة، فإنها أوقفت عمليات التوظيف الجديدة بشكل حاد، وذلك مع تكدس العمالة في محاولة لضمان توفر القوى العاملة الكافية للتحسن المنتظر.

وفيما يتعلق بأكبر اقتصادات منطقة اليورو، سجلت ألمانيا أكبر انخفاض في تضخم تكلفة العمالة، حيث تراجع الرقم إلى 4.2 في المائة في الربع الثالث من 6 في المائة بالربع السابق. وتشير الاتفاقيات المبرمة مع أكبر النقابات العمالية في ألمانيا إلى انخفاض أكبر في الأشهر المقبلة، حيث يُتوقع أن ينكمش أكبر اقتصاد في المنطقة للعام الثاني على التوالي في عام 2024 بسبب ضعف الطلب على الصادرات، وارتفاع تكاليف الطاقة.

وعلى الرغم من تعافي الأجور المعدلة حسب التضخم إلى حد كبير إلى مستويات ما قبل الزيادة الكبيرة في نمو الأسعار، فإن العمال لم يتلقوا زيادات ملحوظة في الأجور، حيث تدعي الشركات أن نمو الإنتاجية كان ضعيفاً للغاية، ولا يوجد ما يبرر مزيداً من الزيادة في الدخل الحقيقي. كما انخفض معدل الشواغر الوظيفية، حيث سجل أقل من 2 في المائة في قطاع التصنيع، فيما انخفض أو استقر في معظم الفئات الوظيفية الأخرى.