قلق أوروبي وروسي من زعزعة استقرار لبنان

TT

قلق أوروبي وروسي من زعزعة استقرار لبنان

تضاعف القلق لدى الدول المهتمة بالوضع الداخلي اللبناني والاستقرار السياسي، وفي مقدمها روسيا التي ستعمل شركاتها في التنقيب عن النفط وفي مجالات أخرى، وتأخذ أيضاً على عاتقها إعادة النازحين السوريين إلى ديارهم من المناطق اللبنانية المختلفة المنتشرين فيها.
كما أن دولاً أوروبية تهتم عادة بلبنان وباستقراره السياسي والأمني كفرنسا وبريطانيا وألمانيا تتشارك هذا القلق مع دول عربية مؤثرة لها استثمارات وتوظيفات لرجال أعمال وشركات، كما لها مؤيدون لسياستها من قوى سياسية صديقة.
وأفادت دوائر دبلوماسية في بيروت بأن الانطباع الذي تكوّن لدى وزارات الخارجية من التقارير التي أرسلت لها من البعثات في بيروت هو «التخوف من أن تفلت الأمور عن زمامها وتخرج عن السيطرة». وأوضحت لـ«الشرق الأوسط»، أن القلق يستند إلى عدد من المعطيات، أبرزها فشل معالجات التوتر في جبل لبنان على خلفية حادثة قبر شمون. ولفتت إلى أن «المساعي لم تنه تعطيل أعمال الحكومة الذي نشأ بقرار من رئيسها سعد الحريري تخوفاً من انفجارها من الداخل إذا ما دعاها إلى الانعقاد».
أما المعطى القانوني فهو «نشوء حوادث أمنية ذات صلة بحادثة قبر شمون» مثل محاولة اقتراب مواطن من المبنى الذي يقطنه الوزير الغريب وإطلاق نار عليه من حراس منزله؛ ما أدى إلى جرح شخص محسوب على جنبلاط ولا ينتمي إلى حزبه.
ولفتت إلى أن «تصعيد رئيس الحزب الديمقراطي اللبناني طلال أرسلان أحرج رئيس الجمهورية ميشال عون، وأغلق المسالك الممكنة للتخفيف من صعوبة الأزمة تمهيداً لإنهائها تدريجاً».
أما أبرز المعطيات، فيتمثل في تأخير البدء بتنفيذ مقررات مؤتمر «سيدر» لدعم الاقتصاد اللبناني، «والتشكك الفعلي لدى المشاركين في تمويل إعادة تأهيل البنى التحتية».
ونصحت دول السلطات اللبنانية بالإسراع في إيجاد حل لحادثة قبر شمون. واستغربت المصادر تمسك سياسيين بالمضي في التصعيد من دون الأخذ في الحسبان ما يمكن أن يقع من احتكاكات ميدانية بين المتخاصمين تتطور إلى اشتباكات واسعة تؤذي الاستقرار الأمني الذي كانت تنعم به البلاد قبل الحادثة.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».