الفلسطينيون يحذرون من تجاوزات في شروط معيشة الأسرى

TT

الفلسطينيون يحذرون من تجاوزات في شروط معيشة الأسرى

في أعقاب سلسلة سجالات بين منظمة «إم ترتسو» اليمينية المتطرفة ومصلحة السجون الإسرائيلية، حذرت هيئة شؤون الأسرى والمحررين الفلسطينية من مزيد من الإساءات لظروف معيشة ألوف الأسرى الفلسطينيين. وقالت إن الأسرى الفلسطينيين يعيشون في ظروف مأساوية والمئات منهم يعانون من ظروف صحية سيئة تتفاقم يوماً بعد آخر بسبب سياسة الإهمال الطبي المتعمدة والمنهجية من طرف إدارة سجون الاحتلال.
وقالت الهيئة إن أوضاع الأسرى لا تحتمل مزيداً من الإساءات وأي تجاوب مع رغبات اليمين الإسرائيلي سيؤدي إلى انفجار أزمة خطيرة ستنعكس على الأرض بتعميق الصراع الدامي.
وكانت منظمة «إم ترتسو» اليمينية قد أدارت معركة شعبية وقضائية زعمت فيها أن الأسرى الفلسطينيين «يحظون بامتيازات تجعلهم يعيشون في رخاء، وتشجعهم على ممارسة الإرهاب». وطالبت بالكشف عن «هذه الامتيازات»، فأصدرت مصلحة السجون تقريراً عن ظروف الأسر ومضمون الاتفاقيات التي أبرمتها مع ممثلي الأسرى الفلسطينيين في السجون، خصوصاً الاتفاقات التي أعقبت الإضراب الكبير عن الطعام الذي أعلنه الأسرى لتحقيق حقوقهم الأساسية التي ينص عليها القانون الدولي، ولوضع حد لعمليات القمع التي اشتدت منذ مطلع العام الحالي، والتي نتج عنها إصابة عشرات الأسرى، ونصب أجهزة تشويش في عدد من أقسام السجون.
وأوضحت مصلحة السجون أنها تسمح للأسرى الفلسطينيين بشكل عام باستقبال زيارة واحدة مرة كل أسبوعين، فيما يسمح لسجناء حركة «حماس» وحركة «الجهاد الإسلامي» باستقبال زيارة واحدة شهرياً، في حين يحرم أسرى «حماس» من قطاع غزة باستقبال الزيارات على الإطلاق، وفقاً لقرار الحكومة الإسرائيلية بتوصية من وزارة الأمن الداخلي. وادعت مصلحة سجون الاحتلال تزويد بعض المعتقلات الأمنية بالصالات الرياضية وأدوات ترفيهية، بما في ذلك أجهزة للجري وتمارين الليونة ومقاعد للتمارين الرياضية. جاء في رد مصلحة السجون على حركة «إم ترتسو» أنه يحق للأسرى أيضاً تسلم الصحف، ويحق لكل أسير الاشتراك في مجلة واحدة بشرط أن تصدر هذه المجلة في إسرائيل.
ورفضت هيئة شؤون الأسرى الفلسطينيين اعتبار هذه الشروط امتيازات، وأكدت أنها تعتبر بسيطة للغاية إذا قورنت بالحقوق الدولية للأسرى السياسيين. وأشارت إلى حقيقة الأوضاع في السجون، التي يتجلى فيها الإهمال الشديد للأوضاع المعيشية والتنكيل والتعذيب والقمع المتواصل. وقدمت مثلاً على الأوضاع الصحية لبعض الأسرى ممن يعانون الأمراض ولا يتلقون العلاج، مثل الأسير محمد فاروق أبو الرب (45 عاماً) من قباطية جنوب جنين، الذي يعاني من التهابات في الأذن الوسطى تسبب له آلاماً في الرأس ودوخة، ويعاني من مشاكل في عمل أحد صمامات القلب والتهابات في الركبة اليسرى، ولا يعطى العلاجات اللازمة علماً أنه معتقل منذ عام 2002 ومحكوم عليه بالسجن 30 عاماً. وقدمت مثالاً آخر عن الأسير عماد عبد الكريم أبو زينة (30 عاماً) من أريحا، الذي يعاني من إصابة في يده اليمنى بسبب مشاكل في الأوتار والأعصاب، كما يعاني من آلام في الخصيتين بسبب الدوالي وكيس ماء، إضافة إلى معاناته من انتفاخ وتهيج جلدي أسفل العينين. والأسير ساهر أبو عمر (35 عاماً) من قرية جماعين جنوب نابلس، الذي يعاني من كسر بمرفق اليد اليمنى بسبب الاعتداء عليه فترة التحقيق وجبر الكسر بطريقة غير صحيحة ما أدى إلى بروز وخلع بالمرفق، وفيما بعد وخلال نقله بسيارة البوسطة تعرض للسقوط مرة أخرى عليها، واكتفت الإدارة بإعطائه مشداً، دون تقويم الكسر أو إجراء العلاج الطبي اللازم. والأسير عبد الله خاروف (30 عاماً) من نابلس، الذي يعاني من ديسك في الفقرتين الرابعة والخامسة ولم تجرَ له الصور اللازمة أو يعطى العلاجات الضرورية لحالته الصحية، وتكتفي الإدارة بإعطائه المسكنات فقط.
وأكدت الهيئة أن إدارة سجون الاحتلال الإسرائيلية تتعمد الاستهتار بالأوضاع الصحية للأسرى المرضى في مختلف سجونها والدفع بهم لحافة الموت، حيث يقبع في سجونها أكثر من 700 معتقل مريض من بينهم حالات صعبة ومعقدة كمرضى السرطان والقلب والكلى والعظام والمقعدين وغيرهم، هذا فضلاً عن الأسرى من الأطفال والنساء والأسرى الإداريين، الذين اعتقلوا لشهور طويلة من دون أن تكون لهم تهمة أو محاكمة.



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».