أميركا والصين تستأنفان محادثات التجارة بـ«سقف منخفض»

بكين تتهم إدارة ترمب بـ«الغطرسة»... والجميع يترقب «إنجازات صغيرة»

بسقف منخفض من التطلعات... تحتضن مدينة شنغهاي الصينية اليوم جولة جديدة من مباحثات التجارة الأميركية الصينية (رويترز)
بسقف منخفض من التطلعات... تحتضن مدينة شنغهاي الصينية اليوم جولة جديدة من مباحثات التجارة الأميركية الصينية (رويترز)
TT

أميركا والصين تستأنفان محادثات التجارة بـ«سقف منخفض»

بسقف منخفض من التطلعات... تحتضن مدينة شنغهاي الصينية اليوم جولة جديدة من مباحثات التجارة الأميركية الصينية (رويترز)
بسقف منخفض من التطلعات... تحتضن مدينة شنغهاي الصينية اليوم جولة جديدة من مباحثات التجارة الأميركية الصينية (رويترز)

في أجواء يسودها التسخين المتبادل، تنطلق اليوم الثلاثاء جولة جديدة من مفاوضات التجارة بين الصين والولايات المتحدة، وبينما تترقب الأوساط الاقتصادية أي نتائج إيجابية للاجتماعات، فإن أغلب المراقبين وضعوا «سقفاً منخفضاً» للتوقعات.
وقبل ساعات من وصول الوفد الأميركي إلى شنغهاي، وجهت بكين أمس انتقادات حادة لإدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب، بسبب تكثيفه الضغوط على منظمة التجارة العالمية بشأن تعريف الدول النامية، منتقداً الصين لحصولها على معاملة تفضيلية. واتهمت الصين الولايات المتحدة بـ«الغطرسة والأنانية» بعد تكثيف ترمب الضغوط التجارية على بكين بالضغط على منظمة التجارة العالمية للتوقف عن السماح لبعض الدول بمعاملات أكثر تساهلاً باعتبارها اقتصادات نامية.
ونقلت وكالة «أسوشيتد برس» عن هوا تشونينغ، المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية قولها أمس الاثنين، إن الصين تحتاج إلى استمرار هذا الوضع «لتحقيق عدالة تجارية حقيقية». وكان ترمب طالب منظمة التجارة العالمية يوم الجمعة الماضي بتغيير طريقة تعريفها للدولة النامية، منتقداً الصين على نحو خاص، ودولاً أخرى، لحصولها على معاملة تفضيلية غير عادلة.
ومن جانبها، علقت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية على استئناف المفاوضات التجارية بين الولايات المتحدة والصين في شنغهاي، معتبرة أنها تأتي وسط توقعات أقل بكثير بشأن الصفقة الشاملة التي بدت في متناول الطرفين الربيع الماضي، إلا أن تحقيق مكاسب متواضعة ربما يكون ممكناً.
وفي تقرير للصحيفة قالت إنه وفقاً لمصادر مقربة من المحادثات، فمن غير المرجح إحراز تقدم كبير في النقاط التي أدت إلى انهيار المفاوضات في أوائل مايو (أيار) الماضي، ومن ذلك إصرار الولايات المتحدة على التزام الصين بإجراء تغييرات قانونية لحماية الملكية الفكرية والتخلي عن الدعم الحكومي للأعمال التجارية، ومطالبات بكين بأن تتخلى الولايات المتحدة عن جميع الرسوم الجمركية كشرط للتوصل إلى اتفاق. وأشارت إلى أنه «حتى الرئيس ترمب قلل من احتمالات إحراز تقدم كبير»، إذ صرح الجمعة الماضي قائلاً: «لا أعرف ما إذا كانوا سيبرمون اتفاقاً»، «ربما سيفعلون، وربما لن يفعلوا».
وقال المراقبون المقربون إن من بين الإنجازات الأصغر التي يمكن تحقيقها التزام الصين بشراء المزيد من المنتجات الزراعية، وإجراءات من جانب الولايات المتحدة لتخفيف الحظر الذي فرضته على بيع الشركات الأميركية لشركة «هواوي»، وهو ما وافق ترمب بالفعل على القيام به بعبارات عامة.
ويمكن لإحراز تقدم نحو اتفاق صغير بشأن شركة «هواوي» والمشتريات الزراعية أن يمهد الطريق للمفاوضين لتناول قضايا أكبر في اجتماع للمتابعة في واشنطن، وفقاً لمتابعي المحادثات.
ومن المقرر أن يصل الممثل التجاري الأميركي روبرت لايتهايزر ووزير الخزانة ستيفن منوتشين إلى شنغهاي اليوم الثلاثاء للاجتماع مع كبير المفاوضين الصينيين، نائب رئيس مجلس الدولة ليو هي، وهو الاجتماع الذي تقرر عقده بناءً على طلب من الصين. وأشارت الصحيفة إلى أن الجانبين اتخذا خطوات محدودة فيما يتعلق بقضيتي «هواوي» والمشتريات الزراعية، وقد يكون من الصعب تخطي هذه التدابير.
وحدد مسؤولو الأمن القومي الأميركيون شبكات «هواوي» باعتبارها أداة محتملة للتجسس الصيني، كما أن صقور الصين في الكونغرس وغيره مستعدون للتنديد بترمب بشأن أي محاولة تجاه «هواوي» يمكن أن ينظر إليها على أنها استرضاء، بحسب الصحيفة.
وخلال محادثاتهما في بداية العام، أحرزت الولايات المتحدة والصين تقدماً مبكراً في القضايا المتعلقة بشراء السلع والخدمات الأميركية، وعملتا في إطار جدول زمني مدته 90 يوماً حدده ترمب، وخلال زيارة قام بها في يناير (كانون الثاني) الماضي إلى واشنطن من أجل المفاوضات، عرض نائب رئيس مجلس الدولة الصيني ليو هي أن تشتري بلاده خمسة ملايين طن إضافية من فول الصويا. ولكن في الوقت الحالي، يبدو أن الجانبين متريثان، حيث شددت الصين موقفها تجاه قضايا منها المشتريات الزراعية، وذكرت وزارة التجارة الصينية الخميس الماضي أن حجم وأنواع مشتريات البلاد من المنتجات الزراعية الأميركية سيكون من شأن الشركات التي تشتري البضائع.
لكن وسائل إعلام صينية ذكرت أمس أن الولايات المتحدة شحنت ملايين الأطنان من فول الصويا نحو بكين منذ لقاء رئيسي الدولتين في قمة الـ20 نهاية يونيو (حزيران) الماضي، رغم أن البيانات الأميركية أظهرت أنها أقل بكثير.
وكانت بيانات وزارة الزراعة الأميركية أظهرت أنه تم شحن 1.02 مليون طن من فول الصويا نحو الصين في الفترة التي بدأت منذ انعقاد اجتماع القمة وحتى الأسبوع المنتهي في 18 يوليو (تموز) الجاري.
وقالت هيئة الإذاعة والتلفزيون الصينية «سي سي تي في» الصينية نقلاً عن لجنة التنمية والإصلاح الوطنية الصينية ووزارة التجارة يوم الأحد، إن بكين وجهت طلبات استعلام بشأن مشتريات من فول الصويا والقطن ولحم الخنزير والذرة الرفيعة وغيرها من المنتجات الزراعية منذ 19 يوليو، وأن بعض عمليات البيع تمت. وأضافت: «طالما أن المنتجات الزراعية الأميركية بأسعار معقولة وبجودة جيدة، فإنه من المتوقع أن يتم تنفيذ عمليات شراء جديدة». وتابعت أن «الشركات المعنية بالشراء طالبت باستثناءات على المنتجات الزراعية».
وأكدت الهيئة أن تلك التحركات تظهر استعداد بكين لتعزيز المنتجات الأميركية والوفاء بتوافق الآراء الذي تم بين الرئيسين الأميركي والصيني. وكانت التقارير الصحافية أفادت في مطلع الشهر الجاري بأن الصين تدرس شراء بعض المنتجات الزراعية من الولايات المتحدة كبادرة لحسن نيتها وسط استئناف المباحثات التجارية بين الدولتين.



الساعات الأخيرة قبل إسدال الستار على مؤتمر «كوب 16» في الرياض

جلسة المفاوضات التي تعمل على حسم بنود الإعلان الختامي لمؤتمر «كوب 16» (الشرق الأوسط)
جلسة المفاوضات التي تعمل على حسم بنود الإعلان الختامي لمؤتمر «كوب 16» (الشرق الأوسط)
TT

الساعات الأخيرة قبل إسدال الستار على مؤتمر «كوب 16» في الرياض

جلسة المفاوضات التي تعمل على حسم بنود الإعلان الختامي لمؤتمر «كوب 16» (الشرق الأوسط)
جلسة المفاوضات التي تعمل على حسم بنود الإعلان الختامي لمؤتمر «كوب 16» (الشرق الأوسط)

على مدار الأسبوعين الماضيين، اجتمع قادة الدول والمنظمات الدولية، والمستثمرون، والقطاع الخاص، في العاصمة السعودية الرياض، لمناقشة قضايا المناخ، والتصحر، وتدهور الأراضي، وندرة المياه، وسط «مزاج جيد ونيات حسنة»، وفق الأمين التنفيذي لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر إبراهيم ثياو، خلال مؤتمر صحافي عُقد مساء الخميس.

وجرى جمع 12 مليار دولار تعهدات تمويل من المنظمات الدولية الكبرى. وفي المقابل، تُقدَّر الاستثمارات المطلوبة لتحقيق أهداف مكافحة التصحر وتدهور الأراضي بين 2025 و2030 بنحو 355 مليار دولار سنوياً، مما يعني أن هناك فجوة تمويلية ضخمة تُقدَّر بـ278 مليار دولار سنوياً، وهو ما يشكل عقبة كبيرة أمام تحقيق الأهداف البيئية المطلوبة.

وحتى كتابة هذا الخبر، كانت المفاوضات لا تزال جارية. وكان من المرتقب إعلان النتائج في مؤتمر صحافي عصر اليوم، إلا أنه أُلغي، و«تقرَّر إصدار بيان صحافي يوضح نتائج المؤتمر فور انتهاء الاجتماع، وذلك بدلاً من عقد المؤتمر الصحافي الذي كان مخططاً له في السابق»، وفق ما أرسلته الأمم المتحدة لممثلي وسائل الإعلام عبر البريد الإلكتروني.

التمويل

وقد تعهدت «مجموعة التنسيق العربية» بـ10 مليارات دولار، في حين قدَّم كل من «صندوق أوبك» و«البنك الإسلامي للتنمية» مليار دولار، ليصبح بذلك إجمالي التمويل 12 مليار دولار، وهو ما جرى الإعلان عنه يوم الخميس.

وكانت السعودية قد أطلقت، في أول أيام المؤتمر، «شراكة الرياض العالمية للتصدي للجفاف»، بتخصيص 150 مليون دولار على مدى السنوات العشر المقبلة.

وأشار تقرير تقييم الاحتياجات المالية لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر، إلى وجود فجوة تمويلية تبلغ 278 مليار دولار سنوياً، تهدد قدرة الدول على تحقيق أهداف مكافحة هذه الظواهر بحلول عام 2030، ما يشكل عقبة أمام استعادة الأراضي المتدهورة التي تُقدَّر مساحتها بمليار هكتار.

وتبلغ الاستثمارات المطلوبة لتحقيق هذه الأهداف بين 2025 و2030، نحو 355 مليار دولار سنوياً، في حين أن الاستثمارات المتوقعة لا تتجاوز 77 ملياراً، مما يترك فجوة تمويلية ضخمة تصل إلى 278 مليار دولار، وفق تقرير تقييم الاحتياجات المالية لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر، الذي أصدرته في اليوم الثاني من المؤتمر. وفي وقت تواجه الأرض تحديات بيئية تتعلق بتدهور الأراضي والتصحر، إذ أشارت التقارير التي جرى استعراضها، خلال المؤتمر، إلى أن 40 في المائة من أراضي العالم تعرضت للتدهور، مما يؤثر على نصف سكان العالم ويتسبب في عواقب وخيمة على المناخ والتنوع البيولوجي وسُبل العيش.

وفي الوقت نفسه، يفقد العالم أراضيه الخصبة بمعدلات مثيرة للقلق، وزادت حالات الجفاف بنسبة 29 في المائة منذ عام 2000، متأثرة بالتغير المناخي، وسوء إدارة الأراضي، مما أدى إلى معاناة ربع سكان العالم من موجات الجفاف، ومن المتوقع أن يواجه ثلاثة من كل أربعة أشخاص في العالم ندرة كبيرة في المياه بحلول عام 2050، وفقاً لبيانات اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر. وقد ارتفع الجفاف الحاد بنسبة 233 في المائة خلال خمسين عاماً، وفق آخِر تقارير «البنك الدولي».

وفي ظل هذه الظروف، جاء مؤتمر الرياض «كوب 16» لمناقشة أهمية التعاون الدولي والاستجابة الفعّالة لمجابهة هذه التحديات، وليسلّط الضوء على ضرورة استعادة 1.5 مليار هكتار من الأراضي بحلول عام 2030 لتحقيق الاستدامة البيئية.

يُذكر أن «مؤتمر كوب 16» هو الأول من نوعه الذي يُعقَد في منطقة الشرق الأوسط، وأكبر مؤتمر متعدد الأطراف تستضيفه المملكة على الإطلاق. وصادف انعقاده الذكرى الثلاثين لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر، إحدى المعاهدات البيئية الثلاث الرئيسية المعروفة باسم «اتفاقيات ريو»، إلى جانب تغير المناخ والتنوع البيولوجي.