أوكرانيا تقر الحكم الذاتي لمناطق «الانفصال» وتوقع اتفاق الشراكة مع أوروبا

انتخابات مبكرة في مقاطعتي دونيتسك ولوغانسك.. وعفو عن المقاتلين مقابل تسليم أسلحتهم

بوروشينكو يعرض وثيقة المصادقة على اتفاقية الشراكة  مع الاتحاد الأوروبي داخل مبنى البرلمان في كييف أمس (أ.ف.ب)
بوروشينكو يعرض وثيقة المصادقة على اتفاقية الشراكة مع الاتحاد الأوروبي داخل مبنى البرلمان في كييف أمس (أ.ف.ب)
TT

أوكرانيا تقر الحكم الذاتي لمناطق «الانفصال» وتوقع اتفاق الشراكة مع أوروبا

بوروشينكو يعرض وثيقة المصادقة على اتفاقية الشراكة  مع الاتحاد الأوروبي داخل مبنى البرلمان في كييف أمس (أ.ف.ب)
بوروشينكو يعرض وثيقة المصادقة على اتفاقية الشراكة مع الاتحاد الأوروبي داخل مبنى البرلمان في كييف أمس (أ.ف.ب)

تلبية لطلب الرئيس الأوكراني بيترو بوروشينكو حول إقرار «وضعية خاصة» لعدد من مناطق جنوب شرقي أوكرانيا، وتنفيذا لمقتضيات الاتفاق الذي كانت توصلت إليه مجموعة الاتصال الثلاثية في مينسك، أقر البرلمان الأوكراني (مجلس الرادا)، أمس، قانونا يقضي بمنح بعض أراضي مقاطعتي لوغانسك ودونيتسك الواقعتين شرق البلاد، واللتين أعلنتا استقلالهما من جانب واحد منذ مطلع العام الحالي «وضعية خاصة» تسمح بالموافقة على حكم ذاتي «خاص» لمدة ثلاثة أعوام، إلى جانب حق سكانها باستخدام لغتهم الوطنية إلى جانب اللغة الأوكرانية.
ويتضمن المشروع الذي كان الرئيس الأوكراني تقدم به كذلك منح «مواطني هذه المناطق الحق في عقد اتفاقيات اقتصادية واجتماعية وثقافية بين الحكومة الأوكرانية وغيرها من أجهزة السلطة مع المناطق الذاتية الحكم». أما الدعم الحكومي لها فيتلخص في «التركيز على إنعاش المنشآت الصناعية والبنى التحتية والمساكن، إلى جانب خلق فرص عمل جديدة، وغيرها من إجراءات تنمية المناطق المتضررة من النزاع المسلح».
وحول ردود فعل هذه المناطق، أشارت صحيفة «ريا نوفوستي» الروسية إلى تصريحات قيادات «جمهورية دونيتسك الشعبية» غير المعترف بها حول أن مشروع القانون المطروح من قبل بوروشينكو لا يعنيها. وقال أندريه بورغين، أحد قادة الجمهورية، إنه «مشروع لأوكرانيا، أما جمهورية دونيتسك الشعبية فلها برلمانها المناط به إقرار القوانين الخاصة بها». غير أن بورغين عاد ليقول «إن ما اقترحه بوروشينكو يمكن أن يكون نقطة التقاء في مفاوضات مستقبلية، لا أكثر». وشددت على اعتراض قيادات «جمهوريتي لوغانسك ودونيتسك» على مجمل تناول كييف لمشاكل جنوب شرقي أوكرانيا، فيما كشفت عن احتجاجها وعدم قبولها قصر القوانين الجديدة على المناطق الواقعة تحت سيطرتهم، ووجوب أن تشمل كل أراضي لوغانسك ودونيتسك في إطار حدودهما المعترف بها من جانب كييف.
وأقر البرلمان الأوكراني أيضا إجراء انتخابات محلية مبكرة في هذه المناطق قبل السابع من ديسمبر (كانون الأول) المقبل، إلى جانب قانون آخر حول العفو عن المشاركين في العمليات المسلحة التي جرت في مقاطعتي دونيتسك ولوغانسك، شريطة إفراجهم عن الأسرى المحتجزين وتسليم ما في حوزتهم من أسلحة والتعهد بعدم الحيلولة دون نشاط أجهزة السلطة وعمل المؤسسات الرسمية في غضون شهر من موعد سريان مفعول هذا القانون. لكن القانون استثنى من هؤلاء المقاتلين كل من يثبت تورطه في حادث إسقاط طائرة الركاب الماليزية فوق أوكرانيا في يوليو (تموز) الماضي.
وصدق البرلمان الأوكراني، أمس أيضا، على اتفاقية الشراكة التي وقعها الرئيس بوروشينكو مع الاتحاد الأوروبي، وهي الاتفاقية التي كانت عمليا المقدمة الحقيقية والسبب الرئيس لاشتعال النزاع في أوكرانيا نهاية العام الماضي. وتقضي هذه الاتفاقية بإنشاء منطقة تجارة حرة، وهو ما سارعت موسكو الرسمية إلى الاعتراض عليه، وكان موضوعا للمكالمات الهاتفية التي جرت بين الرئيس فلاديمير بوتين وكل من المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل ورئيس المفوضية الأوروبية المنتهية ولايته خوسيه مانويل باروسو. وقالت المصادر الروسية إن الرئيس بوتين حذر من سرعة التصديق على هذه الاتفاقية.
ومن جانبها، كشفت السلطات الروسية الرسمية عن أن «أوكرانيا قد تفقد السوق الروسية في حال تنفيذ بنود هذه الشراكة في شقها الذي يتناول إقامة منطقة التجارة الحرة، وهو ما كان محور مناقشات الرئيس بوتين مع المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، وجوزيه باروسو رئيس المفوضية الأوروبية».
وذكرت وكالة أنباء «إنترفاكس» أن القرار الذي تم التوصل إليه في الاجتماع الروسي الأوكراني الأوروبي في بروكسل في 12 سبتمبر (أيلول) الحالي، ينص على تأجيل تنفيذ اتفاقية الشراكة في شقها الاقتصادي بين أوكرانيا والاتحاد الأوروبي إلى أول يناير (كانون الثاني) 2016، وذلك من أجل الحيلولة دون إلحاق الضرر باقتصاد أوكرانيا، وتجارتها مع روسيا وشريكتيها في الاتحاد الجمركي بيلاروسيا وكازاخستان. وأشارت «إنترفاكس» إلى أن حجم هروب الأموال من روسيا في النصف الأول من هذا العام بلغ ما يقرب من عشرين مليار دولار، فيما من المتوقع أن تسجل الأشهر الأخيرة من هذا العام نسبة مماثلة، بسبب تدهور الأوضاع الاقتصادية وتصعيد العقوبات الغربية ضد روسيا.
ووافق البرلمان الأوروبي على اتفاقية الشراكة مع أوكرانيا بعد تصويت 535 عضوا مقابل اعتراض 127 وامتناع 35 آخرين عن التصويت. وفي تعليق على هذا الأمر، قال البرلماني البولندي جاسيك فولكسي، من حزب الشعب الأوروبي وصاحب التقرير الذي صوت عليه النواب بشأن الاتفاقية، إن «الاتحاد الأوروبي يعطي أوكرانيا إشارة واضحة على الدعم على الرغم من اقتراح مؤسف تقدمت به المفوضية الأوروبية لتأخير تنفيذ الاتفاق حتى نهاية 2015، ولكن الآن أصبح هناك مستقبل مشترك لأوكرانيا والاتحاد الأوروبي، ويجب حمايته من العدوان الروسي».
وقال بيان صادر عن البرلمان الأوروبي في بروكسل إن الاتفاقية تهدف لتعميق التعاون السياسي والتكامل الاقتصادي بين الجانبين وتوفير الوصول المتبادل إلى السوق الحرة. ونقل البيان عن رئيس البرلمان الأوروبي مارتن شولتز قوله «إنها لحظة تاريخية بعد أن جرى التصويت في اللحظة نفسها بين البرلمانيين الأوروبيين والأوكرانيين على هذه الاتفاقية. إنها الديمقراطية الحرة المختلفة عن الديمقراطية الموجهة». وتعهد شولتز باستمرار دور البرلمان الأوروبي في الدفاع عن سلامة أراضي أوكرانيا وسيادتها.
وفي موسكو، نقلت وكالة «إنترفاكس» عن وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو قوله إن احتدام وتوتر الأوضاع في أوكرانيا وزيادة الوجود الأجنبي هناك على مقربة مباشرة من الحدود الروسية دفع موسكو إلى إدخال بعض التعديلات في إطار عمل قيادة المنطقة العسكرية الروسية الجنوبية. وأشار شويغو في حديثه إلى قيادات وزارة الدفاع، أمس، إلى تعزيز قوات الوحدات العسكرية الموجودة في شبه جزيرة القرم. وعزا وزير الدفاع الروسي هذه التغييرات إلى تغير الأوضاع السياسية والعسكرية في جنوب غربي البلاد. وكانت كييف أعلنت عن مناورات عسكرية مشتركة «رابيد ترايدنت 2014»، مع الولايات المتحدة و14 دولة أخرى منها بريطانيا وكندا وبولندا وأذربيجان ورومانيا في غرب أوكرانيا.
وفي شأن ذي صلة، أعلنت اللجان الانتخابية المحلية أمس أن الحزب الحاكم في روسيا فاز من دون مفاجأة في الانتخابات الإقليمية في شبه جزيرة القرم الأوكرانية التي ضمتها موسكو في مارس (آذار) الماضي. وبحسب المعطيات الرسمية حصل حزب الكرملين «روسيا الموحدة» على 70 مقعدا من أصل 75 في برلمان القرم مع نسبة مشاركة بلغت 53.61 في المائة. وفي مدينة سيباستوبول ذات الوضع الفيدرالي حصل الحزب على 22 مقعدا من أصل 24. أما الحزب الليبرالي الديمقراطي الروسي القومي المتطرف، الحزب الوحيد الذي تجاوز عتبة الـ5 في المائة من الأصوات مع روسيا الموحدة، فكان نصيبه 5 مقاعد في برلمان القرم، ومقعدين في سيباستوبول.
وقد صوت سكان شبه الجزيرة حيث يرسو الأسطول الروسي في البحر الأسود، لانتخاب نواب البرلمان في القرم وسيباستوبول، ولاختيار المستشارين البلديين المحليين. وستكون مهمة البرلمانيين بعد ذلك انتخاب حكام المنطقة. ودانت أوكرانيا هذا الاقتراع الأول الذي نظم في القرم منذ ضم شبه الجزيرة إلى روسيا وعدته غير شرعي. كما أعلنت الولايات المتحدة أمس أنها لا تعترف بشرعية الاقتراع.
وأعرب رئيس الوزراء الروسي ديمتري ميدفيديف الذي يترأس أيضا حزب روسيا الموحدة عن ارتياحه لنتيجة التصويت «التي أكدت لنا، لنا ولجيراننا، أن الحكم في روسيا يرتكز على إجراءات قانونية».
وقد جرت انتخابات محلية الأحد في روسيا لانتخاب الحكام أو المجالس المحلية في 84 منطقة. وأدت النتائج في غالبيتها العظمى إلى فوز المرشحين المدعومين من الكرملين.



الكرملين: التحول في السياسة الخارجية الأميركية يتوافق إلى حد كبير مع رؤيتنا

ترمب وبوتين في لقاء سابق (د.ب.أ)
ترمب وبوتين في لقاء سابق (د.ب.أ)
TT

الكرملين: التحول في السياسة الخارجية الأميركية يتوافق إلى حد كبير مع رؤيتنا

ترمب وبوتين في لقاء سابق (د.ب.أ)
ترمب وبوتين في لقاء سابق (د.ب.أ)

قال الكرملين في تصريحات بثت اليوم (الأحد)، إن التحول الكبير الذي شهدته السياسة الخارجية الأميركية تجاه روسيا يتماشى إلى حد كبير مع رؤيته.

وأكد المتحدث باسم الكرملين دميتري بيسكوف لمراسل من التلفزيون الرسمي في مقابلة مسجلة الأربعاء: «الإدارة الجديدة تغير بسرعة جميع إعدادات السياسة الخارجية. وهذا يتوافق إلى حد كبير مع رؤيتنا»، وفقاً لما ذكرته «وكالة الصحافة الفرنسية».

وأضاف بيسكوف: «لا يزال الطريق طويلا، لأن هناك أضرارا جسيمة لحقت بالعلاقات الثنائية بأكملها. لكن إذا تواصلت الإرادة السياسية، للرئيس بوتين والرئيس ترمب، فإن هذا المسار يمكن أن يكون سريعا وناجحا للغاية».

وقال المتحدث إنه يجب تحديد مجالات محتملة للتعاون الاقتصادي بين روسيا والولايات المتحدة، «لكن دون توقع نتائج سريعة». وأشار إلى أنه كان من غير الممكن تخيل أن روسيا والولايات المتحدة ستصوتان معاً لصالح قرار أممي واحد بشأن أوكرانيا.

وانحاز ترمب مؤحراً إلى موسكو بشكل أكبر، حيث انتقد بشكل لاذع الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في مشادة كلامية حادة في البيت الأبيض الجمعة.

وكانت موسكو التي باشرت هجوماً عسكرياً واسع النطاق ضد جارتها في فبراير (شباط) 2022، قد انتقدت بشدة دعم الرئيس الأميركي السابق جو بايدن غير المشروط لأوكرانيا.