تحرك في الكونغرس الأميركي لتمرير قانون «منع زعزعة استقرار العراق»

يستهدف النفوذ الإيراني... وصمت حكومي في بغداد

دورية من قوات الأمن العراقية تقوم بعملية تمشط في منطقة الطارمية شمال بغداد  (أ.ب)
دورية من قوات الأمن العراقية تقوم بعملية تمشط في منطقة الطارمية شمال بغداد (أ.ب)
TT

تحرك في الكونغرس الأميركي لتمرير قانون «منع زعزعة استقرار العراق»

دورية من قوات الأمن العراقية تقوم بعملية تمشط في منطقة الطارمية شمال بغداد  (أ.ب)
دورية من قوات الأمن العراقية تقوم بعملية تمشط في منطقة الطارمية شمال بغداد (أ.ب)

منذ أسبوعين، تواصل الولايات المتحدة الأميركية إصدار القرارات والقوانين التي تستهدف محاصرة النفوذ الإيراني في العراق.
قبل أيام، أصدرت وزارة الخزانة الأميركية قراراً بفرض عقوبات على 4 شخصيات عراقية، بينهم قياديان بالحشد الشعبي (ريان الكلداني ووعد قدو)، والآخران محافظان سابقان لنينوى (نوفل العاكوب) وصلاح الدين (أحمد الجبوري). وأول من أمس، وافق مجلس النواب الأميركي بالأغلبية على تجديد قانون «منع زعزعة استقرار العراق».
وفي وقت شكلت فيه بغداد لجنة خاصة لم يعلن عنها للنظر في قرار وزارة الخزانة الأميركية، خصوصاً أن هناك عشرات الشخصيات التي يعتقد أنها باتت مشمولة بإجراءات وزارة الخزانة لأميركية، فإن البنك المركزي العراقي، وفي إشارة ضمنية من الحكومة على الموافقة على تلك العقوبات، سارع إلى تجميد أرصدة هذه الشخصيات الأربع الآنفة الذكر.
وبشأن موافقة الكونغرس على تجديد قانون «منع زعزعة استقرار العراق»، تساءل النائب الحالي في البرلمان العراقي الوزير السابق للعمل والشؤون الاجتماعية محمد شياع السوداني، في تغريدة على «تويتر»، عما إذا كان هذا القرار «وصاية بشكل جديد، أم أقر لجعل العراق ساحة اشتباك مع دول الجوار». واعتبر السوداني القرار «كلمة حق يراد بها باطل».
وينص القانون على أنه يحق للرئيس الأميركي «فرض عقوبات على أي أجنبي ينوي القيام متعمداً بأي شكل من أعمال العنف، له غرض أو تأثير مباشر على تهديد السلام والاستقرار في العراق، أو حكومة العراق وتقويض العملية الديمقراطية فيه، أو تقويض الجهود الكبيرة لتعزيز البناء الاقتصادي والإصلاح السياسي، أو تقديم المساعدات الإنسانية إلى الشعب العراقي».
كما يضع القانون على وزير الخارجية الأميركي «مسؤولية الإعداد والتجديد سنوياً، بإنشاء والحفاظ ونشر قائمة الجماعات المسلحة والميليشيات أو القوات بالوكالة في العراق، التي تتلقى مساعدة لوجيستية أو عسكرية أو مالية من الحرس الثوري الإيراني، فضلاً عن ممارسة الإرهاب داخل العراق، وتحديد ما إذا كان ينبغي معاقبة الأفراد المدرجين في القائمة، وإذا كان ينبغي عد الأشخاص المرتبطين بتنظيمات معينة إرهابيين ومعاقبتهم».
«الشرق الأوسط» استطلعت آراء مجموعة من المعنيين بالشؤون السياسية والأمنية حول طبيعة هذا القانون، والتداعيات المحتملة له. وفي هذا السياق، يقول الدكتور حسين علاوي، أستاذ الأمن الوطني في كلية النهرين، لـ«الشرق الأوسط» إن «القانون يأتي كالتزام من قبل الدولة الأميركية، بقيادة الكونغرس والأحزاب والرئيس ونائب الرئيس في الولايات المتحدة الأميركية، بدعم الدولة العراقية، والحفاظ على الأمن والاستقرار، كمسؤولية أخلاقية وتحالف سياسي مع الدولة العراقية، والتزام سياسي بالحفاظ على الأمن والاستقرار بعد دحر كيان (داعش) الإرهابي».
ويضيف علاوي أن «الولايات المتحدة الأميركية تريد أن تجعل العراق بعيداً عن الصراع الأميركي - الإيراني، وعمليات التصعيد الجارية، ولذلك ستقف مع الحكومة العراقية والشعب العراقي»، موضحاً أن «هنالك استراتيجية أميركية جديدة في عهد الرئيس دونالد ترمب، تقوم على فلسفة الارتباط الصلب، وهي المرة الأولى منذ سياسة الرئيس الأسبق جورج بوش الابن التي تعود فيها الولايات المتحدة الأميركية إلى اتباع استراتيجية الارتباط الصلب، بدل المرن التي اتبعت في عهد الرئيس باراك أوباما، والتي أثرت كثيراً في مكانة العراق في القرار الأميركي»، وأشار إلى أن «المصالح الأميركية كبيرة في العراق، وجزء أكبر منها هو التزام الولايات المتحدة باستقرار العراق، سياسياً وأمنياً واجتماعياً».
من جهته، يرى الخبير الأمني سعيد الجياشي، في حديثه لـ«الشرق الأوسط»، أن «قانون منع زعزعة استقرار العراق يعيد العراق إلى التأثير الأميركي المباشر في هيكلية النظام السياسي، مع قدرة محاسبة واضحة». وأضاف الجياشي أنه «إذا اكتملت دورة إقرار القانون من مجلس الشيوخ والبيت الأبيض، نكون أمام وضع جديد تماماً، من خلال مراحل تنفيذه التي تكمن في طياتها خطورة أكثر من قانون تحرير العراق الذي شرعه الكونغرس عام 1998».
وأوضح الجياشي: «من المتوقع أنه سيكون لهذا القانون وصلاحياته قدرة عالية في إزالة من تريد الولايات المتحدة من الشخصيات وتقويضها، أو تجميد الشركات والحسابات وإيقافها ومصادرة أموال، مع تقويض مستمر لما تراه بمثابة تهديد لاستقرار العراق، وفق هذا القانون الذي معاييره غير واضحة». وأشار إلى أنه «من المهم أن تهتم الحكومة وقنوات الدولة في مراجعة وبحث أسباب تحريك القانون حالياً، رغم مرور فترة سنتين على الشروع بتشريعه، إذ ربما يكون هناك ربط واضح في التوتر المتصاعد بين إيران وأميركا وعلاقة العراق، وإمكانية أن يكون منطقة اشتباك لهم، والقادم وفق هذا القانون ينذر بتصعيد متعدد الاتجاهات والمجالات».
أما رئيس مركز التفكير السياسي الدكتور إحسان الشمري، فيرى من جانبه، في حديثه لـ«الشرق الأوسط»، أن «هذا القانون، وبعد التصويت عليه من قبل مجلس الشيوخ الأميركي، عقب إقراره من قبل مجلس النواب، سوف يفتح الباب أمام الرئيس الأميركي لاتخاذ إجراءات عقابية إضافية بحق إيران»، وأشار إلى أن «هذا القانون بمثابة تحد ليس فقط للحكومة الحالية، وإنما هو تحدٍ ماثل للقوى السياسية لاعتماد موقف يتماهى مع مصلحة العراق، وتحد حقيقي للفصائل المسلحة التي أشار لها هذا القانون، وشكل علاقتها مع إيران»، مبيناً أن «القانون يتيح للرئيس الأميركي التدخل عسكرياً في العراق، لحمايته من أي مؤثرات تقوض العملية الديمقراطية»، مبيناً أن «هذا القانون يتماشى مع الاتفاقية الاستراتيجية بين العراق والولايات المتحدة، التي يكفل أحد بنودها للقوات الأميركية الحق في التدخل عسكرياً تجاه كل ما يزعزع الحكم الديمقراطي في العراق».
وأشار إلى أن «القانون مر بمراحل طويلة، حيث يبدو أن هناك قلقاً أميركياً حيال الجهات التي تمتلك السلاح في العراق، وبالتالي فإنه سيترتب عليه أمور كثيرة، وذلك لجهة إدراج الجهات المقربة من إيران على لائحة الإرهاب الأميركية، ولا أستبعد أن يتم تخادم بين هذا القانون والاتفاق الاستراتيجي الذي يتيح للولايات المتحدة الأميركية التدخل عسكرياً، إذا ما وجدت أن الديمقراطية في العراق مهددة، وبالتالي احتمالية التدخل العسكري قد تكون واردة، في حال حولت بعض الجهات العراق إلى أرض احتكاك، أو هددت العملية السياسية، أو حاولت خرق سيادة العراق أو نظامه الديمقراطي».



15 ألف طالب يمني في تعز تسربوا خلال فصل دراسي واحد

المعلمون في تعز يواصلون احتجاجاتهم المطالبة بزيادة الأجور (إعلام محلي)
المعلمون في تعز يواصلون احتجاجاتهم المطالبة بزيادة الأجور (إعلام محلي)
TT

15 ألف طالب يمني في تعز تسربوا خلال فصل دراسي واحد

المعلمون في تعز يواصلون احتجاجاتهم المطالبة بزيادة الأجور (إعلام محلي)
المعلمون في تعز يواصلون احتجاجاتهم المطالبة بزيادة الأجور (إعلام محلي)

في حين يواصل المعلمون في محافظة تعز اليمنية (جنوب غرب) الإضراب الشامل للمطالبة بزيادة رواتبهم، كشفت إحصائية حديثة أن أكثر من 15 ألف طالب تسربوا من مراحل التعليم المختلفة في هذه المحافظة خلال النصف الأول من العام الدراسي الحالي.

وعلى الرغم من قيام الحكومة بصرف الرواتب المتأخرة للمعلمين عن شهري نوفمبر (تشرين الثاني) وديسمبر (كانون الأول)، فإن العملية التعليمية لا تزال متوقفة في عاصمة المحافظة والمناطق الريفية الخاضعة لسيطرة الحكومة الشرعية بسبب الإضراب.

ويطالب المعلمون بإعادة النظر في رواتبهم، التي تساوي حالياً أقل من 50 دولاراً، حيث يُراعى في ذلك الزيادة الكبيرة في أسعار السلع، وتراجع قيمة العملة المحلية أمام الدولار. كما يطالبون بصرف بدل الغلاء الذي صُرف في بعض المحافظات.

الأحزاب السياسية في تعز أعلنت دعمها لمطالب المعلمين (إعلام محلي)

ووفق ما ذكرته مصادر عاملة في قطاع التعليم لـ«الشرق الأوسط»، فإن محافظتي عدن ومأرب أقرتا صرف حافز شهري لجميع المعلمين يقارب الراتب الشهري الذي يُصرف لهم، إلا أن هذه المبادرة لم تُعمم على محافظة تعز ولا بقية المحافظات التي لا تمتلك موارد محلية كافية، وهو أمر من شأنه - وفق مصادر نقابية - أن يعمق الأزمة بين الحكومة ونقابة التعليم في تلك المحافظات، وفي طليعتها محافظة تعز.

ظروف صعبة

وفق بيانات وزعتها مؤسسة «ألف» لدعم وحماية التعليم، فإنه وفي ظل الظروف الصعبة التي يمر بها قطاع التعليم في مدينة تعز وعموم مناطق سيطرة الحكومة الشرعية المعترف بها دولياً، ازدادت تداعيات انقطاع الرواتب والإضراب المفتوح الذي دعت إليه نقابة المعلمين، مع إحصاء تسرب أكثر من 15 ألفاً و300 حالة من المدارس خلال النصف الأول من العام الدراسي الحالي.

وقال نجيب الكمالي، رئيس المؤسسة، إن هذا الرقم سُجل قبل بدء الإضراب المفتوح في جميع المدارس، وتعذر استئناف الفصل الدراسي الثاني حتى اليوم، معلناً عن تنظيم فعالية خاصة لمناقشة هذه الأزمة بهدف إيجاد حلول عملية تسهم في استمرار العملية التعليمية، ودعم الكادر التربوي، حيث ستركز النقاشات في الفعالية على الأسباب الجذرية لانقطاع الرواتب، وتأثيرها على المعلمين والمؤسسات التعليمية، وتداعيات الإضراب على الطلاب، ومستقبل العملية التعليمية، ودور المجتمع المدني والمنظمات المحلية والدولية في دعم قطاع التعليم.

المعلمون في عدن يقودون وقفة احتجاجية للمطالبة بتحسين الأجور (إعلام محلي)

وإلى جانب ذلك، يتطلع القائمون على الفعالية إلى الخروج بحلول مستدامة لضمان استمرارية التعليم في ظل الأزمات، ومعالجة الأسباب التي تقف وراء تسرب الأطفال من المدارس.

ووجهت الدعوة إلى الأطراف المعنية كافة للمشاركة في هذه الفعالية، بما في ذلك نقابة المعلمين اليمنيين، والجهات الحكومية المعنية بقطاع التعليم، ومنظمات المجتمع المدني المحلية والدولية.

آثار مدمرة

كانت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسيف) قد ذكرت منتصف عام 2024، أن أكثر من 4.5 مليون طفل في اليمن خارج المدرسة بسبب تداعيات سنوات من الصراع المسلح. وأفادت بأن شركاء التعليم يعيدون تأهيل وبناء الفصول الدراسية، ويقدمون المساعدة التعليمية للملايين، ويعملون على إعادة الآخرين إلى المدارس، وعدّت أن الاستثمار في التعليم هو استثمار في مستقبل الأجيال.

وتقول المنظمة إنه منذ بداية الحرب عقب انقلاب الحوثيين على السلطة الشرعية، خلفت الهجمات التي تعرض لها أطفال المدارس والمعلمون والبنية التحتية التعليمية آثاراً مدمرة على النظام التعليمي في البلاد، وعلى فرص الملايين من الأطفال في الحصول على التعليم.

1.3 مليون طفل يمني يتلقون تعليمهم في فصول دراسية مكتظة (الأمم المتحدة)

وأكدت المنظمة الأممية أن للنزاع والتعطيل المستمر للعملية التعليمية في جميع أنحاء البلاد، وتجزئة نظام التعليم شبه المنهار أصلاً، تأثيراً بالغاً على التعلم والنمو الإدراكي والعاطفي العام والصحة العقلية للأطفال كافة في سن الدراسة البالغ عددهم 10.6 مليون طالب وطالبة في اليمن.

ووفق إحصاءات «اليونيسيف»، فإن 2,916 مدرسة (واحدة على الأقل من بين كل أربع مدارس) قد دمرت أو تضررت جزئياً أو تم استخدامها لأغراض غير تعليمية نتيجة سنوات من النزاع الذي شهده اليمن.

كما يواجه الهيكل التعليمي مزيداً من العوائق، تتمثل في عدم حصول أكثر من ثلثي المعلمين (ما يقرب من 172 ألف معلم ومعلمة) على رواتبهم بشكل غير منتظم منذ عام 2016، أو انقطاعهم عن التدريس بحثاً عن أنشطة أخرى مدرة للدخل.