السلطات الليبية تتهم السودان وقطر بدعم المتطرفين.. والدوحة تنفي

وكيل وزارة الدفاع في طرابلس ينفي اتهامات الثني

ليبيون يتظاهرون في شوارع طرابلس مرددين شعارات مؤيدة لـ «فجر ليبيا» (أ.ف.ب)
ليبيون يتظاهرون في شوارع طرابلس مرددين شعارات مؤيدة لـ «فجر ليبيا» (أ.ف.ب)
TT

السلطات الليبية تتهم السودان وقطر بدعم المتطرفين.. والدوحة تنفي

ليبيون يتظاهرون في شوارع طرابلس مرددين شعارات مؤيدة لـ «فجر ليبيا» (أ.ف.ب)
ليبيون يتظاهرون في شوارع طرابلس مرددين شعارات مؤيدة لـ «فجر ليبيا» (أ.ف.ب)

تمسكت السلطات الليبية باتهاماتها إلى السودان وقطر بدعم المتطرفين وإرسال شحنات أسلحة إليهم، على الرغم من نفي قطر اتهامات وجهها لها أول من أمس رئيس الحكومة الانتقالية عبد الله الثني بأنها أرسلت ثلاث طائرات عسكرية محملة بالأسلحة إلى مطار في طرابلس تسيطر عليه جماعة معارضة مسلحة.
وقال مسؤول بالحكومة الليبية إن لدى حكومته ما يكفي من الأدلة والمستندات التي تؤكد ضلوع الحكومتين السودانية والقطرية فيما وصفه بأعمال عدائية وأنشطة مريبة ضد الشعب الليبي.
وكان مساعد وزير الخارجية القطرية للشؤون الخارجية محمد بن عبد الله الرميحي قد عد أن هذه المزاعم مضللة ولا أساس لها من الصحة، بحسب بيان بثته الأنباء القطرية.
وقال الرميحي «هذه المزاعم والادعاءات مضللة وليس لها أساس من الصحة، وسياسة دولة قطر تقوم على مرتكزات واضحة وثابتة، وهي الاحترام المتبادل، وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول الأخرى»، وعد أنه على الثني التحقق من صحة المعلومات قبل أن يدلي بتصريحات عامة، وقال بهذا الخصوص «كان من الأجدر بالسيد الثني تحري الدقة قبل إطلاق مثل هذه التصريحات، لا سيما أنه لم ينبس ببنت شفة ضد قصف بلده ومواطنيه بالطائرات مؤخرا».
وكان يشير بذلك إلى ما أكدته الولايات المتحدة عن قيام دولة الإمارات العربية المتحدة المناهضة للإسلاميين بقصف مواقع تسيطر عليها المعارضة المسلحة في ليبيا قبل أيام من سيطرة تلك القوات على العاصمة الشهر الماضي.
ونفى رئيس الحكومة الليبية الثني هذه الاتهامات، وقال دون تفاصيل إن دولة الإمارات تدعم ليبيا.
ويقول محللون إن ليبيا أصبحت منطقة صراع على النفوذ بين القوى الإقليمية مع احتمال تحولها إلى دولة فاشلة أو حتى سقوطها في حرب أهلية بعد ثلاث سنوات من الإطاحة بمعمر القذافي.
ومولت قطر المعارضة المسلحة التي ساعدت على سقوط القذافي، وهي حليف لجماعة الإخوان المسلمين التي تملك أتباعا في الكثير من الدول الإسلامية، وأيضا لها صلات بجماعة مسلحة معارضة تسيطر الآن على طرابلس.
من جهة ثانية، نفت مصادر ليبية لـ«الشرق الأوسط» ما تردد عن مصرع سيف الإسلام، الابن الثاني للعقيد الراحل معمر القذافي والذي يقبع منذ نحو ثلاث سنوات في سجن شديد الحراسة في مدينة الزنتان الجبلية غرب ليبيا. كما نفى المكتب الإعلامي لعملية فجر ليبيا قيام القوات، التي تضم ميلشيات من مصراتة وحلفائها المتشددين، باقتحام مصرف ليبيا المركزي والاستيلاء على أموال وسبائك ذهبية بداخله، وذلك بتزامن مع بدء وفد من جماعة الإخوان المسلمين الليبية زيارة مفاجئة إلى تشاد.
وقال المكتب في بيان مقتضب إنه ينفي نفيا قاطعا صلته بالخبر المتداول على صفحات التواصل الاجتماعي، والذي يفيد بمقتل سيف الإسلام القذافي منذ ثلاثة أشهر، وأوضح أنه «يتعامل مع هذا الخبر على أنه إشاعة مسيسة حتى يثبت بالدليل صدقها».
من جهته، أكد مساعد مقرب من نجل القذافي لـ«الشرق الأوسط» أن هذه الشائعات غير صحيحة، مشيرا إلى أنه لا يوجد أي جديد فيما يتعلق بسيف الإسلام الذي يخضع لحراسة أمنية مشددة في مدينة الزنتان، منذ اعتقاله عقب انهيار نظام والده القذافي في أكتوبر (تشرين الأول) عام 2011.
وحضر نجل القذافي جلسة محاكمته عبر دائرة تلفزيونية مغلقة قبل بضعة أشهر، لكنه لم يظهر علانية منذ ذلك الوقت، فيما تقول مصادر في الزنتان لـ«الشرق الأوسط» إنه يتلقى معاملة جيدة من حراسه.
إلى ذلك، عد المكتب الإعلامي لعملية فجر ليبيا أن ما أشيع عن مقتل رئيس غرفة عمليات ثوار ليبيا السابق شعبان هدية، الملقب بأبو عبيدة غير صحيح، مشيرا إلى أن هدية ترك منصب رئاسة الغرفة منذ أن أصدر المؤتمر الوطني العام (البرلمان) السابق والمنتهية ولايته قرارا بحل الغرفة، وضمها لرئاسة الأركان قبل نحو عشرة أشهر تقريبا.
من جهة ثانية، بدأ وفد يضم قياديين من جماعة الإخوان المسلمين الليبية زيارة مفاجئة إلى تشاد، حيث التقى أمس مع الرئيس التشادي إدريس ديبي، عقب زيارة مماثلة قام بها نوري أبو سهمين، رئيس البرلمان السابق إلى هناك. وضم الوفد، حسب التلفزيون الرسمي التشادي، عضو تنظيم الإخوان المسلمين علي الصلابي، ونزار كعوان عضو البرلمان السابق المحسوب على الإخوان أيضا، بالإضافة إلى أحمد الزوي، عضو المجلس الانتقالي السابق عن مدينة الكفرة.
ويعتقد حسب مراقبين أن هذه الزيارة تستهدف استمالة دول الجوار الجغرافي لليبيا بهدف اتخاذ مواقف داعمة للبرلمان السابق وحكومته الموازية، برئاسة عمر الحاسي التي لا تحظى بأي تأييد إقليمي أو دولي.
ومن جهة اخرى نفى خالد الشريف، وكيل وزارة الدفاع الليبي المقال، ما ورد في تصريحات مندوب ليبيا لدى الأمم المتحدة إبراهيم الدباشي، ورئيس حكومة تسيير الأعمال عبد الله الثني حول وصول طائرات محملة بالسلاح من دولتي قطر والسودان عبر مطاري معيتيقة ومصراتة.
وحسب وكالة الصحافة الألمانية فقد أوضح الشريف، أمس، أنه من الصعب اختراق الأجواء الدولية من قبل أي طائرات عسكرية محملة بالسلاح دون علم جهات دولية أخرى.
وطالب الشريف إبراهيم الدباشي وعبد الله الثني بإثبات أقوالهما والاستدلال من مصادر دولية مختصة، قبل الإدلاء بأي تصريحات دون التأكد منها، مشيرا إلى أن الأسلحة التي وردت من السودان خلال أحداث المنطقة الجنوبية كانت ضمن اتفاقيات رسمية.
من جهتها، نفت الخارجية السودانية اتهام رئيس الوزراء الليبي للسودان بدعم بعض الفصائل الليبية، واستنكرت بشدة التصريحات الواردة بهذا الشأن، مؤكدة حرصها الكامل على أمن واستقرار ليبيا، والتزامها بمقررات مؤتمر دول الجوار الليبي الذي انعقد في القاهرة نهاية أغسطس (آب) الماضي.
يذكر أن الحكومة الليبية المكلفة من قبل مجلس النواب قد استنكرت دخول طائرات نقل عسكري للمجال الجوي الليبي محملة بالأسلحة، من دون إذن أو طلب رسمي من مصلحة الطيران المدني الليبي، وعدته خرقا للسيادة الليبية، ودعما لطرف من أقطاب النزاع المسلح في البلاد.



«الرئاسي اليمني» يُطلق حرباً على الفساد في المؤسسات الحكومية

مجلس القيادة الرئاسي في اليمن يبدأ حملة واسعة لمكافحة الفساد وحماية المال العام (سبأ)
مجلس القيادة الرئاسي في اليمن يبدأ حملة واسعة لمكافحة الفساد وحماية المال العام (سبأ)
TT

«الرئاسي اليمني» يُطلق حرباً على الفساد في المؤسسات الحكومية

مجلس القيادة الرئاسي في اليمن يبدأ حملة واسعة لمكافحة الفساد وحماية المال العام (سبأ)
مجلس القيادة الرئاسي في اليمن يبدأ حملة واسعة لمكافحة الفساد وحماية المال العام (سبأ)

في خطوة غير مسبوقة تهدف إلى مواجهة الفساد المستشري في المؤسسات الحكومية وحماية المال العام، أعلن مجلس القيادة الرئاسي في اليمن حزمة من الإجراءات المنسقة لمكافحة الفساد وغسل الأموال وتمويل الإرهاب، وتعزيز المركز القانوني للدولة، وذلك بعد تلقي المجلس تقارير من الأجهزة الرقابية والقضائية حول قضايا فساد كبرى وقعت في الأعوام الأخيرة.

وأفاد الإعلام الرسمي بأنه، بناءً على توصيات من رئيس مجلس القيادة الرئاسي رشاد العليمي، صدرت توجيهات مستعجلة لاستكمال إجراءات التحقيق في القضايا قيد النظر، مع متابعة الجهات المتخلفة عن التعاون مع الأجهزة الرقابية.

وشدد مجلس الحكم اليمني على إحالة القضايا المتعلقة بالفساد إلى السلطة القضائية، مع توجيهات صريحة بملاحقة المتهمين داخل البلاد وخارجها عبر «الإنتربول» الدولي.

رئيس مجلس القيادة الرئاسي في اليمن رشاد العليمي (سبأ)

وأمر العليمي -حسب المصادر الرسمية- بتشكيل فريق لتقييم أداء هيئة أراضي الدولة وعقاراتها، التي تواجه اتهامات بتسهيل الاستيلاء على أراضيها من قِبل شخصيات نافذة. كما شدد على إلغاء جميع التصرفات المخالفة للقانون وملاحقة المتورطين.

وبينما تشير هذه الخطوات الجادة من مجلس القيادة الرئاسي إلى التزام الحكومة اليمنية بمكافحة الفساد، وتحسين الأداء المؤسسي، وتعزيز الشفافية، يتطلّع الشارع اليمني إلى رؤية تأثير ملموس لهذه الإجراءات في بناء دولة القانون، وحماية موارد البلاد من العبث والاستغلال.

النيابة تحرّك 20 قضية

ووفقاً لتقرير النائب العام اليمني، تم تحريك الدعوى الجزائية في أكثر من 20 قضية تشمل جرائم الفساد المالي، وغسل الأموال، وتمويل الإرهاب، والتهرب الضريبي. ومن بين القضايا التي أُحيلت إلى محاكم الأموال العامة، هناك قضايا تتعلّق بعدم التزام بنوك وشركات صرافة بالقوانين المالية؛ مما أدى إلى إدانات قضائية وغرامات بملايين الريالات.

كما تناولت النيابة العامة ملفات فساد في عقود تنفيذ مشروعات حيوية، وعقود إيجار لتوليد الطاقة، والتعدي على أراضي الدولة، وقضايا تتعلق بمحاولة الاستيلاء على مشتقات نفطية بطرق غير مشروعة.

مبنى المجمع القضائي في العاصمة اليمنية المؤقتة عدن (سبأ)

ومع ذلك، اشتكت النيابة من عدم تجاوب بعض الجهات الحكومية مع طلبات توفير الأدلة والوثائق، مما أدى إلى تعثر التصرف في قضايا مهمة.

وأوردت النيابة العامة مثالاً على ذلك بقضية الإضرار بمصلحة الدولة والتهرب الجمركي من قبل محافظ سابق قالت إنه لا يزال يرفض المثول أمام القضاء حتى اليوم، بعد أن تمّ تجميد نحو 27 مليار ريال يمني من أرصدته مع استمرار ملاحقته لتوريد عشرات المليارات المختلسة من الأموال العامة. (الدولار يساوي نحو 2000 ريال في مناطق سيطرة الحكومة اليمنية).

وعلى صعيد التعاون الدولي، أوضحت النيابة العامة أنها تلقت طلبات لتجميد أرصدة أشخاص وكيانات متورطين في غسل الأموال وتمويل الإرهاب. وبينما أصدرت النيابة قرارات تجميد لبعض الحسابات المرتبطة بميليشيات الحوثي، طلبت أدلة إضافية من وزارة الخزانة الأميركية لتعزيز قراراتها.

تجاوزات مالية وإدارية

وكشف الجهاز المركزي اليمني للرقابة والمحاسبة، في تقريره المقدم إلى مجلس القيادة الرئاسي، عن خروقات جسيمة في أداء البنك المركزي منذ نقله إلى عدن في 2016 وحتى نهاية 2021. وتضمنت التجاوزات التلاعب في الموارد المالية، والتحصيل غير القانوني للرسوم القنصلية، وتوريد إيرادات غير مكتملة في القنصلية العامة بجدة وسفارتي اليمن في مصر والأردن.

وأفاد الجهاز الرقابي بأن التجاوزات في القنصلية اليمنية في جدة بلغت 156 مليون ريال سعودي، تم توريد 12 مليون ريال فقط منها إيرادات عامة، في حين استولت جهات أخرى على الفارق. أما في مصر فتم الكشف عن استيلاء موظفين في السفارة على 268 ألف دولار من إيرادات الدخل القنصلي باستخدام وثائق مزورة.

وفي قطاع الكهرباء، كشف تقرير الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة عن مخالفات جسيمة في عقود توفير المشتقات النفطية، تضمّنت تضخيم تكلفة التعاقدات وإهدار المال العام بقيمة تزيد على 285 مليون دولار. كما أشار التقرير إلى اختلالات في عقود السفينة العائمة لتوليد الطاقة التي تضمنت بنوداً مجحفة وإعفاءات ضريبية وجمركية للشركة المتعاقد معها.

وتحدّث الجهاز الرقابي اليمني عن اعتداءات ممنهجة على أراضي الدولة، تشمل مساحة تزيد على 476 مليون متر مربع، وقال إن هذه الاعتداءات نُفّذت بواسطة مجاميع مسلحة وشخصيات نافذة استغلّت ظروف الحرب لنهب ممتلكات الدولة. كما تم تسليم أراضٍ لمستثمرين غير جادين تحت ذرائع قانونية؛ مما تسبّب في إهدار أصول حكومية ضخمة.

وحسب التقارير الرقابية، تواجه شركة «بترومسيلة» التي أُنشئت لتشغيل قطاع 14 النفطي في حضرموت (شرق اليمن)، اتهامات بتجاوز نطاق عملها الأساسي نحو مشروعات أخرى دون شفافية، إلى جانب اتهامها بتحويل أكثر من مليار دولار إلى حساباتها الخارجية، مع غياب الرقابة من وزارة النفط والجهاز المركزي.