رئيس موريتانيا يجري تعديلات في الحكومة والسلك الدبلوماسي

TT

رئيس موريتانيا يجري تعديلات في الحكومة والسلك الدبلوماسي

أقال الرئيس الموريتاني المنتهية ولايته محمد ولد عبد العزيز، أمس، وزير الصحة كان بابكر وعينه سفيراً لدى المملكة الإسبانية، وذلك ضمن تعديلات في الحكومة والسلك الدبلوماسي، تأتي قبل أيام قليلة من نهاية حكم ولد عبد العزيز.
وأصدرت رئاسة الجمهورية الموريتانية مرسوماً صباح أمس، أعلنت فيه أنه تم «تكليف وزير التجهيز والنقل بمهام وزير الصحة»، ليصدر قرار بعد ذلك بساعات يقضي بتعيين الوزير المقال سفيراً لدى المملكة الإسبانية.
وجاءت إقالة الوزير وتعيينه سفيراً بعد ساعات من ظهوره إلى جانب الرئيس خلال نشاط رسمي لتدشين منشآت صحية في العاصمة نواكشوط، وقد أثار ذلك جدلاً واسعاً بين الموريتانيين، الذين استغربوا هذا التعديل، الذي يأتي قبل أيام قليلة من نهاية حكم ولد عبد العزيز.
لكن مصادر مطلعة تتحدث عن أسباب أخرى تقف وراء هذا القرار، من أبرزها ما تداولته مصادر شبه رسمية ووسائل إعلام قريبة من السلطة، قالت إن وزير الصحة السابق هو من طلب الإعفاء من مهامه لأنه يعاني من مرض السرطان، وكان يتلقى العلاج منذ أكثر من شهر خارج البلاد، وإن إعفاءه من مهامه وتعيينه سفيراً لدى دولة أوروبية يأتي لتمكينه من مواصلة علاجه هناك.
واستبعدت هذه المصادر أن تكون هنالك أي مشاكل أو خلاف بين الوزير والرئيس، إذ إنه هو الطبيب الشخصي لولد عبد العزيز، وأحد المقربين منه، وظل يشغل منصب وزير الصحة لأكثر من خمس سنوات، وهو طبيب مرموق في موريتانيا، وتخرج من الجامعات التونسية ثمانينات القرن الماضي.
ويرى مراقبون أن قرب موعد استقالة الحكومة بعد تنصيب الرئيس الجديد محمد ولد الغزواني، نهاية الأسبوع المقبل (بداية أغسطس «آب» المقبل)، كان السبب وراء عدم تعيين وزير جديد للصحة، والاكتفاء بتكليف وزير التجهيز والنقل بمهامه، وهو الإجراء نفسه الذي تم اتخاذه بعد استقالة وزير الثقافة قبل أسبوعين، حين كلف بمهامه وزير الوظيفة العمومية وعصرنة الإدارة. وتوصف الحكومة الحالية بأنها «حكومة تصريف أعمال» في انتظار تنصيب الرئيس الجديد، الذي سيختار شخصية جديدة يكلفها بمهمة تشكيل حكومة جديدة. فيما يتوقع أن تظهر وجوه جديدة في الحكومة المقبلة، وذلك بناء على الخريطة السياسية الجديدة، التي أفرزتها الانتخابات الرئاسية الأخيرة.
من جهة أخرى، أقالت الحكومة الموريتانية أمس (الجمعة) سفيرها لدى المملكة العربية السعودية محمد الأمين ولد الشيخ، وعينت محله السفير السابق لدى إسبانيا الذي ترك منصبه لصالح وزير الصحة المُقال. ولم تكشف بشكل رسمي عن أسباب إقالة ولد الشيخ من منصبه سفيراً في الرياض. لكن الإعلام المحلي تحدث عن تصريحات سياسية للرجل خلال الحملة الانتخابية الأخيرة أثارت غضب الحكومة، حيث وجه انتقادات لاذعة لنظام الرئيس محمد ولد عبد العزيز، وهي تصريحات كانت محل استغراب واسع، وتفاعل معها الموريتانيون بكثير من النقد، خاصة أن ولد الشيخ سبق أن شغل منصب وزير الثقافة والصناعة التقليدية، الناطق باسم الحكومة لسنوات كثيرة، قبل تعيينه سفيراً في الرياض.
وكان ولد الشيخ أحد المدافعين الأقوياء عن نظام ولد عبد العزيز طوال السنوات الماضية، واشتهر بتصريحاته المثيرة للجدل، خاصة حينما كان يدعو ولد عبد العزيز إلى البقاء في الحكم لولاية رئاسية ثالثة، ويصف الدستور بأنه «ليس قرآنا». وتستعد موريتانيا يوم الخميس المقبل لتنصيب الرئيس المنتخب محمد ولد الغزواني، في لحظة يترقبها الموريتانيون بقوة، ذلك أنه لأول مرة في تاريخ البلاد يسلم رئيس منتخب السلطة لرئيس آخر منتخب، رغم الشكوك التي تثيرها المعارضة حول نتائج الانتخابات.



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».