نواب البرلمان الليبي «المنقسم» يبحثون عن تضامن خارجي مع مواقفهم

TT

نواب البرلمان الليبي «المنقسم» يبحثون عن تضامن خارجي مع مواقفهم

نقل أعضاء مجلس النواب الليبي، المنقسمون إلى جبهتين، تأثيرات وتداعيات معركة طرابلس إلى قاعات الكونغرس الأميركي، ووزارة الخارجية الروسية خلال زيارتين متعاقبتين، فيما تشهد العاصمة قتالاً مستعراً بين «الجيش الوطني» وقوات «الوفاق»، التي أعلنت أن سلاحها الجوي استهدف مواقع عسكرية ومخازن ذخيرة لـ«القوات المعتدية».
وبعد يومين من زيارة وفد البرلمان الليبي في طبرق (شرق) برئاسة طلال الميهوب، رئيس لجنة الدفاع والأمن القومي، والنائب الثاني لرئيس مجلس النواب أحميد حومة، للولايات المتحدة الأميركية، ولقاء المسؤولين في الكونغرس، سارع أعضاء مجلس النواب عن طرابلس (غرب)، إلى روسيا، في زيارة تستهدف هي الأخرى إطلاع الجانب الروسي على «حقيقة ما يجري في معركة طرابلس».
والتقى وفد النواب الذي ضم خمسة أعضاء، من بينهم عضو لجنة العلاقات الخارجية النائب جلال الشويهدي، مساعد وزير الخارجية الروسي ميخائيل بوغدانوف في مكتبه بوزارة الخارجية الروسية. ونقل النواب المنقسمون، في بيان مساء أول من أمس، عن ميخائيل بوغدانوف، المبعوث الخاص للرئيس الروسي إلى الشرق الأوسط ودول أفريقيا، نائب وزير الخارجية الروسي، «رفض بلاده العدوان على العاصمة». وكان البرلمان نشر تفاصيل زيارة وفده لأميركا، وقال إن برنامجها يتضمن لقاء عدد من المسؤولين بالإدارة الأميركية لإيضاح صورة ما يحدث في ليبيا، وتوضيح «شرعية الحرب على الإرهاب والتطرف والميليشيات المسلحة الخارجة عن القانون، التي تنفذها قواتنا المسلحة على طرابلس».
وكان بوغدانوف قد التقى رئيس التجمع الوطني الليبي التباوي آدم كركي لبحث الوضع في ليبيا. وقالت وزارة الخارجية الروسية في بيان، نقلته وكالة «سبوتنيك» الروسية، مساء أول من أمس، إن هذا اللقاء يأتي في إطار «اهتمام موسكو بمواصلة تطوير علاقات الصداقة التقليدية الروسية - الليبية»، لافتة إلى أنه تم خلال اللقاء مناقشة الوضع في ليبيا بالتفصيل، مع التركيز على ضرورة وقف الاقتتال الداخلي بأسرع ما يمكن، وإقامة حوار وطني شامل من أجل ضمان تسوية ثابتة وطويلة الأمد للأزمة الليبية.
ميدانياً، شهدت المعارك العسكرية بالمحيط الجنوبي للعاصمة، أمس، اشتباكات دامية بين «الجيش الوطني»، والقوات الموالية لحكومة «الوفاق» في قصف متبادل.
وقال مكتب الإعلام الحربي لعملية «بركان الغضب» الموالية للسراج، أمس، إن قواته استهدفت قاعدة الجفرة، وتمكنت من تدمير طائرتي شحن «يوشن»، ومنظومة دفاع جوي، ورادار ومخازن ذخيرة (دُشم) وبعض الآليات المسلحة التابعة لـ(العدو)، مشيرة إلى أن «ألسنة اللهب ما زالت تتصاعد وأصوات الانفجارات تُسمع في أغلب أحياء المنطقة». لكن قوات «الجيش الوطني» تنفي حدوث ذلك. ونقلت وسائل إعلام محلية عن قيادات عسكرية في «الجيش الوطني» أن القوات «تتقدم نحو قلب العاصمة بخطى ثابتة، وأنها مجرد أيام ويتم حسم المعركة».
في شأن آخر، اطلعت قيادات محلية من مدينة صرمان (غرب طرابلس) الدكتور غسان سلامة، الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة لدى ليبيا، على تردي الأوضاع المعيشية في مدينتهم. واستمع سلامة لشرح مطول عن الأوضاع التي وصفت بـ«الصعبة» في المدينة. وركز الاجتماع، بحسب بيان للبعثة، على سبل تعزيز دعم وكالات الأمم المتحدة لتلبية الاحتياجات الملحة للمدينة، وخاصة في قطاعي الصحة والمياه. إضافة إلى مساعدة الأسر النازحة من جنوب طرابلس إلى صرمان.
في شأن آخر يتعلق بغرق أكثر من مائة مهاجر غير نظامي أمام الساحل الليبي، أول من أمس، قال فيليبو غراندي، المفوض الأعلى للاجئين في الأمم المتحدة، عبر حسابه على «تويتر» أمس: «أسوأ مأساة في البحر المتوسط هذا العام حصلت للتو. لقد فقدنا أكثر من 100 مهاجر بعد غرق زورقهم قبالة ليبيا».
وكانت البحرية الليبية قالت إن «خفر السواحل التابع لها أنقذ 145 مهاجراً، وأعادوهم إلى مدينة الخُمس، (120 كيلومتراً شرق العاصمة)، ونقلت عن بعض الناجين أن زورقهم غرق، وعلى متنه نحو 150 مهاجراً».



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم