باسيل يعرقل تعيين 900 موظف في القطاع العام

بحجة عدم مراعاة التوازن الطائفي

TT

باسيل يعرقل تعيين 900 موظف في القطاع العام

تتعرض الموازنة التي أقرها البرلمان اللبناني إلى أزمة جديدة، بعد اعتراض «تكتل لبنان القوي» على فقرة أضيفت إلى المادة 79 المتعلقة بوقف التوظيف في القطاع العام، تحفظ حق الناجحين في المباريات التي أجراها مجلس الخدمة المدنية بناءً على قرار مجلس الوزراء وأعلنت نتائجها. وذلك بعد مناقشتها في لجنة المال والموازنة وفي الهيئة العامة للمجلس النيابي.
ويبدو أن تولي رئيس لجنة المال وعضو «تكتل لبنان القوي» إبراهيم كنعان دراسة المواد لم يشفع للموازنة التي استغرقت رحلتها بين مجلسي الوزراء والنواب نحو ثلاثة أشهر، أشبعت خلالها درساً وتمحيصاً وشهدت خلافات حادة. ولكنها اليوم مهددة بالتعطيل نتيجة رفض التكتل ورئيسه وزير الخارجية جبران باسيل هذه الفقرة، ما يضيِّع مستقبل نحو 900 موظف فازوا في المباريات منذ العام 2016 ولم يتم تعيينهم في مراكزهم، رغم أن قسماً منهم ترك عمله الخاص بعد صدور النتائج. أما الحجة التي يتمسك بها باسيل فهي افتقار هذه التعيينات إلى التوازن الطائفي. رغم أن المادة 95 من الدستور تحصر التوازن الطائفي في وظائف الفئة الأولى.
ويحتاج تفعيل الاعتراض على التوظيف امتناع رئيس الجمهورية ميشال عون عن توقيع قانون الموازنة، بعد أن وقعه رئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس الحكومة سعد الحريري، الذي أحاله على رئاسة الجمهورية.
ويوضح النائب أيوب حميد لـ«الشرق الأوسط» أن «المادة المتعلقة بحفظ حق الناجحين في مجلس الخدمة دخلت إلى نص الموازنة وأقرت، حتى لا يسقط هذا الحق بمرور الزمن، أي بعد سنتين من نجاحهم إذا لم يتم إلحاقهم بالوظائف التي تقدموا إليها. وبالتالي يلزم الجهات المعنية في مجلس الوزراء والوزارات توقيع المراسيم وإلحاقهم حيث يجب». ويضيف: «يمكن الطعن بهذا البند من خلال مجموعة من النواب، كما هو معروف. ووزير العدل قال خلال مناقشة الموازنة إن تعيين المساعدين القضائيين الذين نجحوا في امتحاناتهم قد سقط بعد مرور أكثر من عامين. لذا بادرنا إلى تضمين الموازنة هذا البند حتى نحفظ حقوق الناجحين الذين لم يتم تعيينهم لأسباب لا علاقة لها بالقانون. وكأن الكفاءة لم تعد معياراً».
وعن مصير الاعتراض يقول حميد: «يحق لرئيس الجمهورية خلال مهلة 40 يوماً أن يعترض على الموازنة ويردها كلها أو يرد إحدى موادها، فيعلن نيته بذلك في مجلس الوزراء، ثم يرسل الرد إلى مجلس النواب، لتعاد مناقشته، وإذا صوت أكثر من ثلثي أعضاء المجلس على رفض الاعتراض والرد يبقى المجلس على قراره السابق».
أما النائب في تكتل «لبنان القوي» ماريو عون فيقول إن «قضية الناجحين نوقشت في مجلس النواب من دون التوصل إلى أي قرار. وعلى أي حال ليست أولوية في خضم التحديات التي نواجهها للخروج من الأزمات الراهنة. بالمبدأ من ينجح يستحق التعيين بغض النظر عن أي معيار آخر. لكن في لبنان كثير من الأمور غير المحقة، وإن كانت بديهية في غيره من الدول. فالموضوع دقيق في التركيبة اللبنانية لارتباطه بخصوصيات تتعلق بالتوازنات الطائفية التي يجب احترامها. وإن كان رأيي الشخصي يقضي باحترام الكفاءة في التعيينات، لكن لا يمكن إغفال الاتفاقات التي قد يحيكها بعض أصحاب القرار، فالبلد كله محاصصة».
لكن النائب محمد نصر الله من كتلة «التنمية والتحرير» يقول لـ«الشرق الأوسط»: «مؤسف أن يكون السبب لعدم تعيين هؤلاء هو طائفتهم. والمفارقة هي في عدم احترام القوانين بدءاً من الحكومة. فهناك 52 قانوناً أقرها مجلس النواب ولا تنفذها الحكومة». ويشير إلى أن «مجلس النواب مدد صلاحية تعيين الناجحين لحفظ حقوقهم. لكن يستمر الإصرار على عدم التعيين وليس بيدنا إلا أن نصبر ونحاور الفريق الذي يعرقل ذلك».
ويحذر نصر الله من أن «لبنان ذاهب إلى كارثة اجتماعية. فالتوظيف ممنوع لثلاث سنوات ويتراوح عدد المتخرجين من الجامعات بين 90 إلى 100 ألف متخرج، لا مجال لتوظيفهم في القطاع العام، مع الإشارة إلى صعوبة الحصول على عمل في القطاع الخاص».



انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
TT

انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)

بموازاة استمرار الجماعة الحوثية في تصعيد هجماتها على إسرائيل، واستهداف الملاحة في البحر الأحمر، وتراجع قدرات المواني؛ نتيجة الردِّ على تلك الهجمات، أظهرت بيانات حديثة وزَّعتها الأمم المتحدة تراجعَ مستوى الدخل الرئيسي لثُلثَي اليمنيين خلال الشهر الأخير من عام 2024 مقارنة بالشهر الذي سبقه، لكن هذا الانخفاض كان شديداً في مناطق سيطرة الجماعة المدعومة من إيران.

ووفق مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، فقد واجهت العمالة المؤقتة خارج المزارع تحديات؛ بسبب طقس الشتاء البارد، ونتيجة لذلك، أفاد 65 في المائة من الأسر التي شملها الاستطلاع بانخفاض في دخلها الرئيسي مقارنة بشهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي والفترة نفسها من العام الماضي، وأكد أن هذا الانخفاض كان شديداً بشكل غير متناسب في مناطق الحوثيين.

وطبقاً لهذه البيانات، فإن انعدام الأمن الغذائي لم يتغيَّر في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية، بينما انخفض بشكل طفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين؛ نتيجة استئناف توزيع المساعدات الغذائية هناك.

الوضع الإنساني في مناطق الحوثيين لا يزال مزرياً (الأمم المتحدة)

وأظهرت مؤشرات نتائج انعدام الأمن الغذائي هناك انخفاضاً طفيفاً في صنعاء مقارنة بالشهر السابق، وعلى وجه التحديد، انخفض الاستهلاك غير الكافي للغذاء من 46.9 في المائة في نوفمبر إلى 43 في المائة في ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وضع متدهور

على النقيض من ذلك، ظلَّ انعدام الأمن الغذائي في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية دون تغيير إلى حد كبير، حيث ظلَّ الاستهلاك غير الكافي للغذاء عند مستوى مرتفع بلغ 52 في المائة، مما يشير إلى أن نحو أسرة واحدة من كل أسرتين في تلك المناطق تعاني من انعدام الأمن الغذائي.

ونبّه المكتب الأممي إلى أنه وعلى الرغم من التحسُّن الطفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين، فإن الوضع لا يزال مزرياً، على غرار المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة، حيث يعاني نحو نصف الأسر من انعدام الأمن الغذائي (20 في المائية من السكان) مع حرمان شديد من الغذاء، كما يتضح من درجة استهلاك الغذاء.

نصف الأسر اليمنية يعاني من انعدام الأمن الغذائي في مختلف المحافظات (إعلام محلي)

وبحسب هذه البيانات، لم يتمكَّن دخل الأسر من مواكبة ارتفاع تكاليف سلال الغذاء الدنيا، مما أدى إلى تآكل القدرة الشرائية، حيث أفاد نحو ربع الأسر التي شملها الاستطلاع في مناطق الحكومة بارتفاع أسعار المواد الغذائية كصدمة كبرى، مما يؤكد ارتفاع أسعار المواد الغذائية الاسمية بشكل مستمر في هذه المناطق.

وذكر المكتب الأممي أنه وبعد ذروة الدخول الزراعية خلال موسم الحصاد في أكتوبر (تشرين الأول) ونوفمبر، الماضيين، شهد شهر ديسمبر أنشطةً زراعيةً محدودةً، مما قلل من فرص العمل في المزارع.

ولا يتوقع المكتب المسؤول عن تنسيق العمليات الإنسانية في اليمن حدوث تحسُّن كبير في ملف انعدام الأمن الغذائي خلال الشهرين المقبلين، بل رجّح أن يزداد الوضع سوءاً مع التقدم في الموسم.

وقال إن هذا التوقع يستمر ما لم يتم توسيع نطاق المساعدات الإنسانية المستهدفة في المناطق الأكثر عرضة لانعدام الأمن الغذائي الشديد.

تحديات هائلة

بدوره، أكد المكتب الإنمائي للأمم المتحدة أن اليمن استمرَّ في مواجهة تحديات إنسانية هائلة خلال عام 2024؛ نتيجة للصراع المسلح والكوارث الطبيعية الناجمة عن تغير المناخ.

وذكر أن التقديرات تشير إلى نزوح 531 ألف شخص منذ بداية عام 2024، منهم 93 في المائة (492877 فرداً) نزحوا بسبب الأزمات المرتبطة بالمناخ، بينما نزح 7 في المائة (38129 فرداً) بسبب الصراع المسلح.

نحو مليون يمني تضرروا جراء الفيضانات منتصف العام الماضي (الأمم المتحدة)

ولعبت آلية الاستجابة السريعة متعددة القطاعات التابعة للأمم المتحدة، بقيادة صندوق الأمم المتحدة للسكان، وبالشراكة مع برنامج الأغذية العالمي و«اليونيسيف» وشركاء إنسانيين آخرين، دوراً محورياً في معالجة الاحتياجات الإنسانية العاجلة الناتجة عن هذه الأزمات، وتوفير المساعدة الفورية المنقذة للحياة للأشخاص المتضررين.

وطوال عام 2024، وصلت آلية الاستجابة السريعة إلى 463204 أفراد، يمثلون 87 في المائة من المسجلين للحصول على المساعدة في 21 محافظة يمنية، بمَن في ذلك الفئات الأكثر ضعفاً، الذين كان 22 في المائة منهم من الأسر التي تعولها نساء، و21 في المائة من كبار السن، و10 في المائة من ذوي الإعاقة.

وبالإضافة إلى ذلك، تقول البيانات الأممية إن آلية الاستجابة السريعة في اليمن تسهم في تعزيز التنسيق وكفاءة تقديم المساعدات من خلال المشاركة النشطة للبيانات التي تم جمعها من خلال عملية الآلية وتقييم الاحتياجات.