«المركزي التركي» يرضخ لضغوط إردوغان ويخفض الفائدة 425 نقطة أساس

في أول قرارات محافظه الجديد بعد عزل سلفه

متسوقون في إسطنبول (أ.ف.ب)
متسوقون في إسطنبول (أ.ف.ب)
TT

«المركزي التركي» يرضخ لضغوط إردوغان ويخفض الفائدة 425 نقطة أساس

متسوقون في إسطنبول (أ.ف.ب)
متسوقون في إسطنبول (أ.ف.ب)

في قرار متوقع؛ خفض البنك المركزي التركي سعر الفائدة الرئيسي 425 نقطة أساس، في تحول لمساره بعدما عزل الرئيس التركي رجب طيب إردوغان محافظ البنك السابق مراد شتينكايا وعين بدلاً منه نائبه مراد أويصال في 6 يوليو (تموز) الحالي.
وذكر بيان صدر عن اجتماع لجنة السياسة النقدية بالبنك، أمس الخميس، أن البنك قرر خفض سعر الفائدة على إعادة الشراء لمدة أسبوع (الريبو) من 24 في المائة إلى 19.75 في المائة. ويعني القرار خفضاً قدره 425 نقطة أساس (4.25 في المائة) بعد استمرار البنك في الإبقاء على سعر الفائدة كما هو دون تغيير منذ سبتمبر (أيلول) 2018.
وقرر البنك المركزي، في سبتمبر الماضي، زيادة سعر الفائدة إلى 24 في المائة واعتماد معدل الفائدة على عمليات إعادة الشراء لمدة أسبوع (الريبو) سعراً رئيسياً، في مسعى لمواجهة الآثار السلبية لانهيار الليرة التركية التي تراجعت بشدة في أغسطس (آب) الماضي، وفقدت 40 في المائة من قيمتها أمام الدولار بسبب المخاوف من تدخلات إردوغان في السياسة الاقتصادية والنقدية بعد تطبيق النظام الرئاسي الذي منحه صلاحيات مطلقة، والتوتر مع الولايات المتحدة بسبب قضية القس آندرو برانسون الذي اعتقل في تركيا بتهمة دعم الإرهاب.
وتسبب انهيار الليرة في ارتفاع التضخم إلى معدل غير مسبوق منذ 15 عاماً بلغت نسبته 25 في المائة، مما أجبر البنك المركزي على رفع سعر الفائدة بنسبة 11.25 في المائة، وهو ما أثار خلافات بين إردوغان وصهره وزير الخزانة والمالية برات ألبيراق، وبين محافظ البنك المركزي المقال، بعدما ضغطا عليه لخفض سعر الفائدة.
وأعلن إردوغان مراراً أنه «عدو للفائدة». وخلافاً للنظريات الاقتصادية المتعارف عليها، فإن إردوغان يرى أن خفض سعر الفائدة يؤدي تلقائياً إلى تراجع التضخم.
وقال إردوغان إنه عزل شتينكايا بموجب صلاحياته الرئاسية، نظراً لعدم استجابته لخفض سعر الفائدة وعدم تنفيذ المطلوب منه وعدم تواصله الجيد مع الأسواق.
وتوقع محللون على الفور أن يلبي رئيس البنك الجديد مطالب إردوغان بخفض سعر الفائدة، لكن جميع توقعاتهم صبت باتجاه خفض سعر الفائدة بنحو 200 نقطة أساس في اجتماع لجنة السياسات النقدية أمس. لكن إردوغان أعلن الأسبوع قبل الماضي أن سعر الفائدة سيشهد انخفاضاً حاداً وأن تخفيضه سيستمر حتى الوصول إلى المستهدف بنهاية العام وهو رقم من خانة واحدة.
وينظر الخبراء إلى قرار «المركزي» التركي بخفض سعر الفائدة، الصادر أمس، على أنه بمثابة اختبار رئيسي لمحافظه الجديد مراد أويصال.
وبحسب البيان الصادر عن لجنة السياسة النقدية، فإن البيانات الصادرة مؤخراً تشير إلى تعافٍ معتدل في النشاط الاقتصادي، كما أن توقعات التضخم تستمر في التحسن. وأكد أن أي بيانات أو معلومات جديدة قد تؤدي لتغيير لجنة السياسة النقدية موقفها.
وعلى أثر القرار سجلت الليرة التركية ارتفاعاً طفيفاً أمام الدولار، بنحو 0.03 في المائة لتسجل 5.69 ليرة أمام الدولار الواحد، من 5.71 ليرة للدولار في تعاملات أول من أمس.
ونقلت «رويترز» عن 3 مصادر أن إردوغان لم يُخفِ عداءه لمحافظ البنك المركزي المُقال، ولم يبد أي تخوف من عواقب قراره «غير المدروس» بشأن خفض أسعار الفائدة، الذي يتنافى مع النظريات الاقتصادية الراسخة، التي تؤكد أن الإجراء سيؤدي إلى ارتفاع التضخم على عكس ما يريد الرئيس.
وقالت المصادر إن إقالة شتينكايا جاءت مباشرة بعد رفضه المتكرر طلبات إردوغان بخفض أسعار الفائدة، وآخرها في يونيو (حزيران) الماضي، لافتة إلى أن إردوغان كان ناقماً على المحافظ السابق لإشرافه على رفع أسعار الفائدة سابقاً بمقدار 11.25 نقطة مئوية ليصل بها إلى 24 في المائة في شهر سبتمبر الماضي.
ولفتت المصادر، التي تحفظت على الكشف عنها، إلى أن سياسات شتينكايا ساعدت على وقف انهيار الليرة، والسيطرة على التضخم الذي ارتفع فوق 25 في المائة خلال أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، لكنها تسببت أيضاً في دخول الاقتصاد التركي حالة ركود للمرة الأولى منذ عقد تقريباً، وهذا ما فجّر الخلافات بينه وبين إردوغان الذي يركز على سياسات النمو.
وقبل إعلان الرئيس التركي طلبه من محافظ البنك المركزي التخلي عن رفع أسعار الفائدة في سبتمبر الماضي، انتقد البنك المركزي، بحدة، لاتخاذه ما وصفها بـ«خطوات خاطئة» لمعالجة التضخم، فيما قالت المصادر لـ«رويترز»، إن إردوغان أعرب بالفعل عن قلقه بشأن الزيادات السابقة في أسعار الفائدة، ويبدو أنه منذ منتصف العام الماضي أنهى الاتصال المباشر مع شتينكايا. المصدر الأول المطلع على القضية قال: «لم يكن هناك اتصال بين إردوغان وشتينكايا منذ نحو عام».

تعليق أنشطة «بنك الاستثمار الأوروبي» في تركيا
على صعيد آخر، أعلن «بنك الاستثمار الأوروبي»؛ أكبر ممول أجنبي لتركيا، تعليق جميع أنشطة الإقراض لتركيا حتى نهاية العام الحالي، فضلاً عن إعادة النظر في استراتيجيته بشكل عام تجاهها خلال هذه المدة تنفيذاً لقرارات وزراء خارجية دول الاتحاد الأوروبي، رداً على انتهاكات تركيا المتعلقة بالتنقيب عن النفط والغاز في شرق البحر المتوسط قبالة سواحل قبرص.
وقالت متحدثة باسم البنك: «سنتبع توصيات مفوضية الاتحاد الأوروبي، ونتبنى نهجاً جديداً مقيداً تجاه موضوع الإقراض في تركيا».
وجاء قرار البنك الأوروبي نوعاً من إجراءات المعاملة بالمثل، رداً على عمليات التنقيب عن النفط والغاز التي تقوم بها تركيا قبالة سواحل قبرص شرق المتوسط، وتنفيذاً لسلسلة من الإجراءات العقابية التي أعلنها الاتحاد الأوروبي.
ووافق وزراء خارجية دول الاتحاد الأوروبي، خلال اجتماع لهم في بروكسل في منتصف يوليو الحالي، على فرض سلسلة عقوبات ضد أنقرة تضمنت تقليل الدعم المالي، وتجميد مفاوضات الاتحاد معها حول اتفاقية النقل الجوي، فضلاً عن تجميد الزيارات رفيعة المستوى في الوقت الحالي، واقتطاع تمويلات تحصل عليها تركيا في إطار مفاوضاتها لنيل عضوية الاتحاد، ووقف تعاملات «بنك الاستثمار الأوروبي» معها.



بكين تتهم أوروبا بفرض «حواجز تجارية غير عادلة»

سيدة تتسوق في أحد المتاجر بمدينة ليانيونغانغ شرق الصين (أ.ف.ب)
سيدة تتسوق في أحد المتاجر بمدينة ليانيونغانغ شرق الصين (أ.ف.ب)
TT

بكين تتهم أوروبا بفرض «حواجز تجارية غير عادلة»

سيدة تتسوق في أحد المتاجر بمدينة ليانيونغانغ شرق الصين (أ.ف.ب)
سيدة تتسوق في أحد المتاجر بمدينة ليانيونغانغ شرق الصين (أ.ف.ب)

قالت الصين الخميس إن تحقيقاتها في ممارسات الاتحاد الأوروبي وجدت أن بروكسل فرضت «حواجز تجارية واستثمارية» غير عادلة على بكين، مما أضاف إلى التوترات التجارية طويلة الأمد.

وأعلنت بكين عن التحقيق في يوليو (تموز)، بعدما أطلق الاتحاد تحقيقات حول ما إذا كانت إعانات الحكومة الصينية تقوض المنافسة الأوروبية. ونفت بكين باستمرار أن تكون سياساتها الصناعية غير عادلة، وهددت باتخاذ إجراءات ضد الاتحاد الأوروبي لحماية الحقوق والمصالح القانونية للشركات الصينية.

وقالت وزارة التجارة، الخميس، إن تنفيذ الاتحاد الأوروبي للوائح الدعم الأجنبي (FSR) كان تمييزاً ضد الشركات الصينية، و«يشكل حواجز تجارية واستثمارية». ووفق الوزارة، فإن «التطبيق الانتقائي» للتدابير أدى إلى «معاملة المنتجات الصينية بشكل غير موات أثناء عملية التصدير إلى الاتحاد الأوروبي مقارنة بالمنتجات من دول أخرى».

وأضافت بكين أن النظام لديه معايير «غامضة» للتحقيق في الإعانات الأجنبية، ويفرض «عبئاً ثقيلاً» على الشركات المستهدفة، ولديه إجراءات غامضة أنشأت «حالة من عدم اليقين هائلة». ورأت أن تدابير التكتل، مثل عمليات التفتيش المفاجئة «تجاوزت بوضوح الحدود الضرورية»، في حين كان المحققون «غير موضوعيين وتعسفيين» في قضايا، مثل خلل الأسواق.

وأوضحت وزارة التجارة الصينية أن الشركات التي عدّت أنها لم تمتثل للتحقيقات واجهت أيضاً «عقوبات شديدة»، الأمر الذي فرض «ضغوطاً هائلة» على الشركات الصينية. وأكدت أن تحقيقات نظام الخدمة المالية أجبرت الشركات الصينية على التخلي عن مشاريع أو تقليصها، ما تسبب في خسائر تجاوزت 15 مليار يوان (2,05 مليار دولار).

وفي سياق منفصل، تباطأ التضخم في أسعار المستهلكين في الصين خلال شهر ديسمبر (كانون الأول) الماضي، فيما واصلت أسعار المنتجين الانكماش وسط ضعف الطلب الاقتصادي.

وألقت عوامل، تتضمن غياب الأمن الوظيفي، وأزمة قطاع العقارات المستمرة منذ فترة طويلة، وارتفاع الديون، وتهديدات الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب فيما يتعلق بالرسوم الجمركية، بظلالها على الطلب رغم جهود بكين المكثفة لتحفيز القطاع الاستهلاكي.

وأظهرت بيانات من المكتب الوطني للإحصاء، الخميس، أن مؤشر أسعار المستهلكين ارتفع 0.1 في المائة الشهر الماضي على أساس سنوي، بعد صعوده 0.2 في المائة في نوفمبر (تشرين الثاني) السابق عليه، مسجلاً أضعف وتيرة منذ أبريل (نيسان) الماضي. وجاءت البيانات متسقة مع توقعات الخبراء في استطلاع أجرته «رويترز».

وظل مؤشر أسعار المستهلكين ثابتاً على أساس شهري، مقابل انخفاض بواقع 0.6 في المائة في نوفمبر، وهو ما يتوافق أيضاً مع التوقعات. وارتفع التضخم الأساسي، الذي يستثني أسعار المواد الغذائية والوقود المتقلبة، 0.4 في المائة الشهر الماضي، مقارنة مع 0.3 في المائة في نوفمبر، وهو أعلى مستوى في خمسة أشهر.

وبالنسبة للعام ككل، ارتفع مؤشر أسعار المستهلكين 0.2 في المائة بما يتماشى مع وتيرة العام السابق، لكنه أقل من المستوى الذي تستهدفه السلطات عند نحو ثلاثة في المائة للعام الماضي، مما يعني أن التضخم أخفق في تحقيق الهدف السنوي للعام الثالث عشر على التوالي.

وانخفض مؤشر أسعار المنتجين 2.3 في المائة على أساس سنوي في ديسمبر، مقابل هبوط بواقع 2.5 في المائة في نوفمبر، فيما كانت التوقعات تشير إلى انخفاض بنسبة 2.4 في المائة. وبذلك انخفضت الأسعار عند بوابات المصانع للشهر السابع والعشرين على التوالي.

ورفع البنك الدولي في أواخر ديسمبر الماضي توقعاته للنمو الاقتصادي في الصين في عامي 2024 و2025، لكنه حذر من أن أموراً تتضمن ضعف ثقة الأسر والشركات، إلى جانب الرياح المعاكسة في قطاع العقارات، ستظل تشكل عائقاً.