شاشة الناقد: The King Lion

«ذا ليون كينغ».
«ذا ليون كينغ».
TT

شاشة الناقد: The King Lion

«ذا ليون كينغ».
«ذا ليون كينغ».

The King Lion
* إخراج: جون فافريو
* تقييم:(وسط)
حكاية معهودة تصبح معهودة أكثر
بينما كان هذا الناقد يتساءل، منذ مطلع الفيلم، عن السبب الذي من أجله علينا أن نشاهد شخصيات من الحيوانات الناطقة، كان الجمهور الكاسح يقف خلف هذا الفيلم بكل حماس متسبباً في رسم الابتسامة العريضة على وجوه كل العاملين فيه والمتعاملين معه.
ديزني تعيد طبخ أفلامها هذه الأيام فتنجز على التوالي أعمالاً سبق وأن قدمتها في الستينات والسبعينات وما بعد مثل «كتاب الغابة» و«دامبو» و«علاء الدين». لكن «الملك الأسد» السابق (1994) كان فيلم أنيميشن كما كان حال «علاء الدين» الذي سبقه للعروض هذه السنة وتم تحويله إلى فيلم من بطولة بشر أحياء. المشكلة هي أن «ذا ليون كينغ» كونه من بطولة حيوانات لا يستطيع أن يتحول إلى فيلم حي. على الأرجح ستنقلب الحيوانات المستعان بها (أسود، فيلة، غزلان، ضباع، طيور) لأكل بعضها بعضاً.
الحل الوحيد هو الاستعانة بنظام الكومبيوتر غرافيكس لتنفيذ كل شيء نراه. من الحيوانات ذاتها إلى الصخور ومنها إلى الأشجار والأنهار وحتى نسمات الريح التي تتلاعب بشعر رأس الأسد الأب (صوت جيمس إيرل جونز الذي قام بالأداء الصوتي للدور نفسه في نسخة 1994 كذلك) وهو يوصي ابنه بما هو مطلوب منه لمواجهة تحديات المستقبل.
الأسد الصغير سيمبا (صوت دونالد غلوفر) عليه أن يشق ذلك الطريق وحده. أن يواجه المخاطر. يكفي المشهد الذي يلتقي فيه لأول مرّة بالضباع. عليه أن يفرق بين الصديق والعدو وعليه أن يتصرف بحكمة تتجاوز عمره الصغير فهو لا يزال شبلاً.
وبينما يهندس مصممو ومنفذو المؤثرات الغرافيكية معظم الشخصيات الحيوانية الأخرى بقدر كبير من المعرفة، تبقى حركات سيمبا أشبه بحركات الجرو منه إلى حركات الشبل. هنا نظرت حولي وأرهفت السمع لعل أحدهم لاحظ ذلك. هذا قبل أن يتحول هذا التنفيذ الساذج إلى مجرد قبول بالأمر الواقع. أو ربما عدم معرفة معظم المشاهدين بأن تصرف الكلاب، صغيرة أو كبيرة، تختلف - في التفاصيل كلها - عن تصرفات الأسود بمختلف أعمارها.
إحدى مهام تجاوز هذه العقدة حقيقة أن الكتابة ستضع على كاهل الشبل أكثر مما يحتمله. فإلى جانب تشرده في البراري الأفريقية وبين مؤثرات الكومبيوتر، يشعر بذنب دفين كونه يعتقد بأن تسبب في مقتل أبيه، بينما الفاعل ليس سوى عمّه الشرير (شيويتل إيفيجور). لكنها ما هي إلا ساعة واحدة قبل أن يكتشف الشبل الحقيقة ويعود لاستعادة مكانته.
هذه النهاية تستطيع أن تشاهدها إذا ما وقفت على واحدة من صخور الفيلم الشاهقة ونظرت إلى اتجاه الأحداث. أحياناً هي واضحة من حيث تجلس على كرسيك أمام الشاشة.



«العواصف» و«احتفال»

«العواصف» (فيستيڤال سكوب)
«العواصف» (فيستيڤال سكوب)
TT

«العواصف» و«احتفال»

«العواصف» (فيستيڤال سكوب)
«العواصف» (فيستيڤال سكوب)

LES TEMPÊTES

(جيد)

* إخراج: دانيا ريمون-بوغنو

* فرنسا/ بلجيكا (2024)

الفيلم الثاني الذي يتعاطى حكاية موتى- أحياء، في فيلم تدور أحداثه في بلدٍ عربي من بعد «أغورا» للتونسي علاء الدين سليم («شاشة الناقد» في 23-8-2024). مثله هو ليس فيلم رعب، ومثله أيضاً الحالة المرتسمة على الشاشة هي في جانب كبير منها، حالة ميتافيزيقية حيث العائدون إلى الحياة في كِلا الفيلمين يمثّلون فكرةً أكثر ممّا يجسّدون منوالاً أو حدثاً فعلياً.

«العواصف» إنتاج فرنسي- بلجيكي للجزائرية الأصل بوغنو التي قدّمت 3 أفلام قصيرة قبل هذا الفيلم. النقلة إلى الروائي يتميّز بحسُن تشكيلٍ لعناصر الصورة (التأطير، والإضاءة، والحجم، والتصوير نفسه). لكن الفيلم يمرّ على بعض التفاصيل المكوّنة من أسئلة لا يتوقف للإجابة عليها، أبرزها أن بطل الفيلم ناصر (خالد بن عيسى)، يحفر في التراب لدفن مسدسٍ بعد أن أطلق النار على من قتل زوجته قبل 10 سنوات. لاحقاً نُدرك أنه لم يُطلق النار على ذلك الرجل بل تحاشى قتله. إذن، إن لم يقتل ناصر أحداً لماذا يحاول دفن المسدس؟

الفيلم عن الموت. 3 شخصيات تعود للحياة بعد موتها: امرأتان ورجل. لا أحد يعرف الآخر، وربما يوحي الفيلم، أنّ هناك رابعاً متمثّلاً بشخصية ياسين (مهدي رمضاني) شقيق ناصر.

ناصر هو محور الفيلم وكان فقد زوجته «فجر» (كاميليا جردانة)، عندما رفضت اعتلاء حافلة بعدما طلب منها حاجز إرهابي ذلك. منذ ذلك الحين يعيش قسوة الفراق. في ليلة ماطرة تعود «فجر» إليه. لا يصدّق أنها ما زالت حيّة. هذا يؤرقها فتتركه، ومن ثَمّ تعود إليه إذ يُحسن استقبالها هذه المرّة. الآخران امرأة ورجل عجوزان لا قرابة أو معرفة بينهما. بذا الموت الحاصد لأرواح تعود إلى الحياة من دون تفسير. الحالة نفسها تقع في نطاق اللا معقول. الفصل الأخير من الفيلم يقع في عاصفة من التراب الأصفر، اختارته المخرجة ليُلائم تصاعد الأحداث الدرامية بين البشر. تنجح في إدارة الجانبين (تصوير العاصفة ووضعها في قلب الأحداث)، كما في إدارة ممثليها على نحوٍ عام.

ما يؤذي العمل بأسره ناحيةٌ مهمّةٌ وقعت فيها أفلام سابقة. تدور الأحداث في الجزائر، وبين جزائريين، لكن المنوال الغالب للحوار هو فرنسي. النسبة تصل إلى أكثر من 70 في المائة من الحوار بينما، كما أكّد لي صديق من هناك، أن عامّة الناس، فقراء وأغنياء وبين بين، يتحدّثون اللهجة الجزائرية. هذا تبعاً لرغبة تشويق هذا الإنتاج الفرنسي- البلجيكي، لكن ما يؤدي إليه ليس مريحاً أو طبيعياً إذ يحول دون التلقائية، ويثير أسئلة حول غياب التبرير من ناحية، وغياب الواقع من ناحية أخرى.

* عروض مهرجان مراكش.

«احتفال» (كرواتيا إودڤيحوال سنتر)

CELEBRATION

(ممتاز)

* إخراج: برونو أنكوڤيتش

* كرواتيا/ قطر (2024)

«احتفال» فيلم رائع لمخرجه برونو أنكوڤيتش الذي أمضى قرابة 10 سنوات في تحقيق أفلام قصيرة. هذا هو فيلمه الطويل الأول، وهو مأخوذ عن رواية وضعها سنة 2019 دامير كاراكاش، وتدور حول رجل اسمه مِيّو (برنار توميتش)، نَطّلع على تاريخ حياته في 4 فصول. الفصل الأول يقع في خريف 1945، والثاني في صيف 1933، والثالث في شتاء 1926، والرابع في ربيع 1941. كلّ فصل فيها يؤرّخ لمرحلة من حياة بطله مع ممثلٍ مختلف في كل مرّة.

نتعرّف على مِيو في بداية الفيلم يُراقب من فوق هضبة مشرفة على الجيش النظامي، الذي يبحث عنه في قريته. يمضي مِيو يومين فوق الجبل وتحت المطر قبل أن يعود الفيلم به عندما كان لا يزال فتى صغيراً عليه أن يتخلّى عن كلبه بسبب أوامر رسمية. في مشهد لا يمكن نسيانه، يربط كلبه بجذع شجرة في الغابة ويركض بعيداً يلاحقه نباح كلب خائف، هذا قبل أن ينهار مِيو ويبكي. ينتقل الفيلم إلى شتاء 1926. هذه المرّة الحالة المعيشية لا تسمح لوالده بالاختيار، فيحمل جدُّ مِيو فوق ظهره لأعلى الجبل ليتركه ليموت هناك (نحو غير بعيد عمّا ورد في فيلم شوهاي إمامورا «موّال ناراياما» The Ballad of Narayama سنة 1988). وينتهي الفيلم بالانتقال إلى عام 1941 حيث الاحتفال الوارد في العنوان: أهالي القرى يسيرون في استعراضٍ ويرفعون أيديهم أمامهم في تحية للنازية.

«احتفال» معني أكثر بمراحل نمو بطله وعلاقاته مع الآخرين، وسط منطقة ليكا الجبلية الصعبة كما نصّت الرواية. ما يعنيه هو ما يُعانيه مِيو وعائلته وعائلة الفتاة التي يُحب من فقر مدقع. هذا على صعيد الحكاية وشخصياتها، كذلك وَضعُ مِيو وما يمرّ به من أحداث وسط تلك الطبيعة القاسية التي تُشبه قسوة وضعه. ينقل تصوير ألكسندر باڤلوڤيتش تلك الطبيعة وأجواءها الممطرة على نحوٍ فعّال. تمثيلٌ جيدٌ وناضجٌ من مجموعة ممثلين بعضُهم لم يسبق له الوقوف أمام الكاميرا، ومن بينهم كلارا فيوليتش التي تؤدي دور حبيبة مِيو، ولاحقاً، زوجته.

* عروض مهرجان زغرب (كرواتيا).