استطاع الفنان المصري عمرو سعد، حجز مكان بارز لنفسه بالدراما والسينما في مصر على مدار السنوات الماضية، بسبب تريثه في اختيار الأعمال التي تعرض عليه، لكنه كشف عن عزمه تغيير هذه الطريقة لتحقيق مزيد من الانتشار الفني.
وقال سعد في حواره مع «الشرق الأوسط» إنه راضٍ عن مسيرته الفنية حتى الآن، وإنه غير نادم على أي دور قدمه بالتلفزيون والسينما، مشيراً إلى أنه نجح في تقديم أفلام الأكشن عبر فيلم «حملة فرعون». وقال إن فيلم «مولانا» أقرب الأفلام إلى قلبه؛ بسبب طبيعة وسمات دوره بالفيلم. ونفى سعد اتهامه بالغرور، وقال إن حلمه في الفترة المقبلة يكمن في تمثيل فيلم عربي مع نجوم عرب يصل للعالمية ليتعرف الأجانب من خلاله على الطبيعة والشخصية العربية.
> فيلم «حملة فرعون» حظي بنصيب وافر من التعليقات والانتقادات على مواقع التواصل الاجتماعي... لماذا؟
- كل الأعمال العظيمة في تاريخ السينما المصرية، لها ملابسات وكواليس غير معلنة، فالأزمات فقط هي التي تثار، وبخاصة في عصر السوشيال ميديا الذي يهتم بالفضائح والأخبار المثيرة، فنحن نستخدم السوشيال ميديا أكثر من الأوروبيين، كما أن البعض يسعى لبناء نجوميته على إثارة الجدل والشغب، لكني أرى أن الأهم هو الاهتمام بالمحتوى وأن أقيّم الفيلم الذي أقوم بتقديمه من خلال صلاحيته للاستمرار، حتى تتابعه الأجيال المقبلة. أما بالنسبة لـ«حملة فرعون» فإن إيراداته جيدة، لكن قضية الصراع على المركز الأول، هي التي تشغل الكثيرين حتى بين طلاب المدارس.
> هل هذا يعني أنك غير منزعج من ترتيب فيلمك بموسم عيد الفطر السينمائي؟
- لم أنزعج على الإطلاق، أنا تعلمت من ابنتي التي تدرس في مدرسة ألمانية بمصر درساً جيداً؛ فقد سألتها ذات مرة، ما هو ترتيبك في الفصل؟ أجابتني لماذا أنت مشغول بترتيبي، فالأهم هو أن أكون اليوم أفضل من ذي قبل، وهذا هو ما تعلمته من الألمان، ولو طبق كل أفراد المجتمع هذا المبدأ سنكون أفضل بكثير.
> وما هو تقييمك لأفلام موسم عيد الفطر هذا العام؟
- جميع الأفلام جيدة، وحققت إيرادات عالية، مع أن الإيرادات ليست المقياس الوحيد لجودة الفيلم، فالأهم أن يلقى الفيلم إعجاب الجمهور، وأن يستمر لفترات طويلة، فمثلاً فيلم «باب الحديد»، لم يحقق إيرادات، لكنه ناجح حتى الآن.
> ولماذا وافقت على بطولة «حملة فرعون»؟
- حاولت تغيير نوعية الأفلام التي اعتدت تقديمها في السنوات الماضية، وكان أغلبها أفلاماً اجتماعية على غرار «دكان شحاتة»، و«كارما»، و«ريجاتا» و«حين ميسرة»، واخترت تقديم شخصية البطل الخارق، وخصوصاً بعد عرض شركة الإنتاج القصة عليّ، قبل أن يتم اختيار باقي أبطال الفيلم بعد موافقتي عليه.
> البعض انتقد دخولك هذه النوعية من الأفلام، وخصوصاً بعد تميزك في الدراما الاجتماعية... ما تعليقك؟
- أحترم كل الآراء، لكني ضد تصنيف الفنان بشكل عام وحصره في أدوار محددة، وضد تصنيفي بشكل خاص بأنني فنان يقدم أعمالاً اجتماعية أو سياسية، فأنا قدمت 8 أفلام في السينما المصرية، وفيلم «حين ميسرة»، كان دوري فيه عبارة عن بطل شعبي، ونجح نجاحاً كبيراً وحقق إيرادات بلغت حينذاك نحو 21 مليون جنيه، عندما كانت قيمة تذكرة السينما 20 جنيهاً، وهذا يعني أن الفيلم نجح نجاحاً كبيراً، وكذلك فيلم «دكان شحاتة». ثم اتجهت إلى نوع آخر من الأفلام مِلت لها نفسياً، ثم توقفت عن تقديم الأفلام أثناء الثورة لمدة 3 سنوات؛ نظراً لضعف الميزانيات ثم قدمت «مولانا» و«كارما» وهي أفلام ذات أفكار قيّمة، فالشخصيات التي أقدمها مختلفة في كل فيلم عن الآخر.
فالفنان المميز يستطيع أن يقدم كل الأدوار الفنية، الفنان عادل إمام على سبيل المثال قدم في بداية حياته الفنية أفلاماً كوميدية ناجحة، ثم قدم «اللعب مع الكبار»، و«المنسي»، و«طيور الظلام»، وهي أفلام سياسية واجتماعية ناجحة حتى الآن، وليس لها علاقة بالكوميديا، على الرغم من تصنيفه فناناً كوميدياً، وهذا يعني أن الفنان يجب أن يختار الدور الذي يشعر فيه بالراحة.
> البعض يقول إن فيلم «حملة فرعون» بمثابة جزء ثانٍ من فيلم «شمس الزناتي»... ما رأيك؟
- بالطبع لا، فالفيلم مبني على قصة العظماء السبعة، وهي قصة تم تنفيذها بأشكال متنوعة في العالم كله.
> تقارير إعلامية عدة تحدثت عن عدم رضائك عن دورك بفيلم «كارما»... ما صحة ذلك؟
- لم أذكر أبداً أنني لا أحب فيلم «كارما»، بل بالعكس فأنا أحب هذا الفيلم، وقرأت السيناريو جيداً، وأحببت دوري فيه بشكل كبير، لكن حدثت مشكلة متعلقة بتسويق الفيلم، فخلافاتي متعلقة بأسباب عملية، تتعلق بجودة الأفيش، والنرجسية في الإعلانات. الفيلم لم ينجح لأن صانعه ظلمه، وقد صرحت بهذه التصريحات دون خوف أو خجل، والإعلام حرّف هذه المشكلة وأخذ بعض التصريحات وترك الأخرى، لكني أرى أن فيلم «كارما» من الأفلام التي ستستمر خلال السنوات المقبلة؛ لأنه فيلم جيد، وبشكل عام كان لا يجب إخفاء صورة البطل أو البطلة، فكلما صدرت البطل خدم الفيلم وخدم إيراداته.
> كيف ترى صناعة السينما في الأيام المقبلة؟
- صناعة السينما في العالم كله مهددة؛ لأنها تتنافس مع «البلاي ستيشن» والسوشيال ميديا، ووسائل ترفيه أخرى، فالمشاهد يبحث عن الترفيه بشكل عام، وإذا وجد مصدراً آخر أكثر ترفيهاً من السينما، سيذهب إليه، وقديماً كانت السينما فقط هي مصدر الترفيه، أما الآن فالمنافسة قوية، فالسينما في أميركا تحقق مليارات الدولارات لأنهم مدركون أن أخطر صناعة على الأرض هي صناعة السينما، ويليهم الهنود؛ فهي تعد من مصادر الدخل القومي، فالأميركان احتلوا العالم بالفن والسينما وليس بالسلاح، حتى التعليم الأميركي توغل في كل بلاد العالم وفرض نفسه، فالعرب يعلّمون أولادهم تعليماً أميركياً بسبب السينما، والسينما أهم من الإعلام كصناعة، فالإعلام مهما كانت قوته لا يقارن بقوة فيلم سينمائي، فنحن لا نهتم بالإعلام إلا عند حدوث حدث ما، والإعلام ليس عابراً للقارات، أما الفيلم فيعبر القارات بسهولة بالغة، وعلى سبيل المثال حقق فيلم لبناني 30 مليون دولار عند عرضه في الصين، وعند عرض فيلمي «مولانا» في أميركا، دفع البعض إلى التفكير في الإسلام؛ لأن الفكرة توجهت إليهم عبر فيلم، فالأفلام تؤثر في الجميع تأثيراً كبيراً سواء من جانب الثقافة أو الترفيه، فالسينما مصدر ثروات لبلادها، فهناك دول فقيرة تحتاج إلى مليار دولار لكي تنهض وهو الدخل الذي يتحقق من إيراد فيلم، قديماً كان الفنان المصري يشارك في رئاسة لجان تحكيم مهرجان «كان»، أما الآن لا يحدث ذلك، لأننا كنا ننتج في العام الواحد 200 فيلم، أما الآن فلا نتجاوز الـ40 فيلماً؛ وذلك لأن التعامل مع السينما حالياً من منطق إنقاذ السينما والحفاظ على البقاء وليس كصناعة لها قواعد.
> هل أنت راضٍ عن مشوارك الفني حتى الآن؟
- الأمر الوحيد غير المرضي بالنسبة لي، هو أن عدد الأفلام التي قدمتها ليس كبيراً، مقارنة بعدد الأفلام التي اعتذرت عنها، ولن أعتذر في الفترة المقبلة عن أي أفلام، وسأسعى لقبول كل العروض، التي تعرض عليّ بمعدل فيلمين في العام، أما الأفلام التي قدمتها فلم أندم عليها، وبخاصة أن ردود أفعال الجماهير كانت مرضية.
> مع انتشار هذا المصطلح أخيراً بالوسط الفني... من هو «نمبر ون» في مصر حالياً؟
أنا أعترض على هذا المسمى، فلا يوجد «نمبر ون»، فحب فنان معين لا يتعارض مع حب آخر، وتعلمت التركيز على تحقيق هدفي، ولا أقيس النجاح بالمسميات؛ فالحب هو المؤشر الوحيد لنجاح الفنان، مثل التقييم، فلا يوجد معيار محدد له، لكني أفضّل أن أحظى بحب الجماهير وأن ينل أدائي إعجابهم؛ فالهدف الأهم بالنسبة لي هو أن أنل احترام الجمهور وإسعاده؛ لأن الفن ينتصر للعمل الذي يحبه الجمهور، فقد قدمت مسلسل «شارع عبد العزيز» منذ 2011، وحتى الآن باقٍ في أذهان الجماهير لأنهم أحبوه، وكذلك في بعض الدول العربية مثل السعودية والمغرب، يتعرف عليّ الناس بأعمال معينة، وهذا مؤشر على نجاحها.
> البعض يتهمك بالغرور... ما تعليقك؟
- أنا بريء من هذا الاتهام، وتعليقي هو أنني «أغلب إنسان من الممكن أن تقابله».
> لكن، ما تفسيرك لهذا الادعاء؟
- لأنني خجول بطبعي، ولا أجيد التعامل مع الإعلام، وكنت أخجل من قول ذلك في السابق، وبالتالي يتهمني بعض الإعلاميين بالغرور، لكن كل ما يشغلني حالياً هو التفكير في ماذا أستطيع أن أقدمه للناس، فأنا أفضّل الذهاب إلى منطقة «السيدة زينب» أو «السيدة نفيسة» عن الذهاب إلى فندق فخم بالقاهرة، كذلك الاندماج في الوسط الفني، لا أحققه بنجاح، فأنا أعترف أن صدقاتي قليلة، وعلاقاتي محدودة، وقليل الظهور في المناسبات العامة.
> قدمت أدواراً كثيرة على مدار السنوات الماضية... ما هو العمل المقرب إلى قلبك؟
- فيلم «مولانا».
> لماذا؟
- لأنني كسبت رهانه 100 في المائة... في البداية اعتذرت عن تقديمه خوفاً من طبيعة الدور، وهو شخصية الداعية الديني، لكني وافقت لكي أستخدم منبري الفني في توصيل رسالة هادفة، بمساعدة أصحاب الفكر مثل إبراهيم عيسى، ومجدي أحمد علي، ثم وجدت رد فعل إيجابياً عنه من الجماهير سواء داخل مصر أو خارجها؛ لأننا نعيش في عصر الحرب على الفكر السيئ الذي يسيء للدين.
> ما هو حلمك الذي تسعى إلى تحقيقه في الفترة المقبلة؟
- حلمي هو تقديم فيلم عربي بأبطال عرب، يكون الأوسع انتشاراً على مستوى العالم، وأن يرانا كل شعوب العالم؛ لأن العالم لم يرنا كما يتصور البعض حتى الآن، رغم أننا نمتلك الكثير من الأعمال الجيدة، لكن لا يوجد من يسوّقه، فالمنتج الوحيد القوي الذي نستطيع تقديمه للغرب حتى يعرفونا من خلاله هو السينما.
> وما هو رأيك في تناول مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي للأحداث الفنية في مصر؟
نسبة استخدام مواقع التواصل مرتفعة في مصر والوطن العربي بسبب ارتفاع نسب البطالة، على عكس الدول الأوروبية؛ لأنهم منهمكون في أعمالهم، لكن مع الوقت ستتغير الأمور للأفضل؛ لأن كل تكنولوجيا جديدة تظهر تأخذ وقتها ثم تبعد عن الأنظار، وهذا لا ينفي مميزات هذا المواقع التي تجعلك تنفتح على العالم وتكتسب مهارات جديدة كاللغات والطبخ وتعليم المهارات. وهناك مقولة لفنان هندي سُئل عن سبب نجاح الأكشن في الأفلام الهندية، وأجاب لأننا شعب فقير، يرى أحلامه فيما يشاهده، فوقود السينما هم الفقراء، إذ يجد المواطن الهندي نفسه وذاته في الأفلام التي يراها من خلال أبطالها، كذلك السوشيال ميديا التي وجد الشباب أنفسهم فيها.
عمرو سعد: تمردت على الأدوار الاجتماعية في «حملة فرعون»
قال لـ «الشرق الأوسط» إن الإيرادات ليست مقياساً لنجاح الأفلام
عمرو سعد: تمردت على الأدوار الاجتماعية في «حملة فرعون»
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة